من أروع قصائد أبو فراس الحمداني

أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ، أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ ، ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ !
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ ، والموتُ دونهُ ، إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!
حفظتُ وضَيعْتِ المودة َ بيننا و أحسنَ ، منْ بعضِ الوفاءِ لكِ ، العذرُ

وفيتُ ، وفي بعضِ الوفاءِ مذلة ٌ لآنسة ٍ في الحي شيمتها الغدرُ
وَقُورٌ، وَرَيْعَانُ الصِّبَا يَسْتَفِزّها، فتأرنُ ، أحياناً ، كما يأرنُ المهرُ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا، لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا، و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
أعزُّ بني الدنيا ، وأعلى ذوي العلا ، وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَخْرُ

من أروع قصائد أبو فراس الحمداني إبن عم الأمير سيف الدولة الحمداني
-القرن الرابع للهجرة- تتمثل روعة القصيدة في الأضداد التي إستنزفها الشاعر
للتعبير عن نفسيته فهو يعلن صراحة عن قوة شكيمة فاتنته في الهوى بحيث لا
نهي ولا أمر للهوى عليها في حين يعترف الشاعر علنا بأنه مشتاق وبه لوعة
ليتدارك ذلك بالتأكيد على أن الأمر يظل سرا.. لا تقف الأضداد هنا فحسب بل
يتعدى ذلك إلى لفظي -أذللتُ- و -الكبرُ- وكذلك مفردات وفيتُ و الغدرُ وهو
إلى هذا كله كأنما أحس ضمنيا بأنه قد أنزل ذاته منزلة دونية من فرط هواه
لمحبوبته فيستنجد بالفخر وتمجيد ذاته لإعادة الإعتبار لها بعد أن أنهكها في
أول القصيدة خاصة في قوله: وفيت وفي بعض الوفاء مذلة... وقد أدت هذه
القصيدة كوكب الشرق أم كلثوم بصوتها الشجي فزادتها رونقا وبهاء..

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من أروع قصائد أبو فراس الحمداني

من أروع قصائد أبو فراس الحمداني

رد: من أروع قصائد أبو فراس الحمداني