بريق الكلمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Ehab فمرحبا به
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Pl6sppqunumg
ادخل هنا
المواضيع الأخيرة
» عند الدخول والخروج من المنتدى
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالثلاثاء فبراير 20, 2024 11:24 pm من طرف azzouzekadi

» لحدود ( المقدرة شرعاً )
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi

» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi

» لا اله الا الله
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi

» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi

» عيدكم مبارك
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi

» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالسبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi

» لاتغمض عينيك عند السجود
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالسبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi

» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Emptyالخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية 56303210
جرائد وطنية
أهم الصحف الوطنية
 
 
 
أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:
الساعة
Place holder for NS4 only
عدد زوار المنتدى

 


أكثر من 20.000  وثيقة
آلاف الكتب في جميع المجالات
أحدث الدراسات
و أروع البرامج المنتقاة


المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Image


المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 9:24 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

علم المرابطون













مقدمة


نتحدث عن دولة المرابطين السُّنيَّة منذ نشأتها وحتى سقوطها، فيُعطِى نبذة تاريخيّة عن أصول القبائل التى قامت عليها دولة المرابطين، فيتكلم عن مواطنها, ومواقعها, وحياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية قبل دخول الإمام عبد الله بن ياسين فى قلب الصحراء الكبرى لدعوة قبائل صنهاجة إلى الإسلام, وكيف تعامل ذلك الإمام مع تلك القبائل، وجعل منها أمَّةً تحمل الإسلام عقيدةً ودعوةً ومنهجًا، كما تسلط الأضواء على زعماء دولة المرابطين مِن أمثال الأمير يحيى بن إبراهيم، والأمير أبى بكر ابن عمر، ويوسف بن تاشفين, ويتكلم عن خط سَيْر المرابطين فى توحيد المغرب الأقصى، وتوغُّلِهم الدَّعَوِى فى جنوب المغرب نحو غانا ومالى وغيرها من دِوَل إفريقيا, ويتحدث عن دفاع المرابطين عن مسلمى الأَنْدَلُس .
ويتحدث عن علاقة دولة المرابطين بالخلافة العباسية، ودولة بنى حماد وملوك الطوائف والإسبان والنصارى، ويعطى نبذة مختصرة عن أنظمة الدولة المرابطية، كنظام الحكم والإدارة, والنظام القضائي, والنظام المالي, ويدافع عن دولة المرابطين ويبين مآثرها الحضارية من أعمال معمارية وحياة أدبيَّة علمية وفقهية وتاريخيّة وجغرافية.
وهذا الجهد المتواضع أ حاول أن أسلط الأضواء على فترة مشرقة من فترات التاريخ الأسلامى .


أولا: بناء دولة المرابطين


-- الجذور التاريخية للمرابطين


-- الأمير يحيى بن إبراهيم


-- أبو عمران الفاسي


-- الزَّعِيم الدينى عبد الله بن ياسين


-- التوسع لدولة المرابطين والقائد الربانى يوسف بن تاشفين


ثانيا : المرابطون ودفاعاتهم عن مسلمى الأَنْدَلُس


-- الصراع بين طُلَيْطِلَة وقُرْطُبَة


- الأَنْدَلُس بعد الزلاقة


-- العبور الثالث للأمير يوسف بن تاشفين


-- العبور الرابع


ثالثا : السياسة الدَّاخليَّة والخارِجيَّة فى دولة المرابطين


-- حقوق الرعية الذين يعيشون فى الدولة


-- موقف الرعية فى دولة المرابطين


-- موقف المرابطين من الخلافة العباسية


-- علاقة الأمير يوسف مع بنى حماد


-- علاقة المرابطين مع ملوك الطوائف


رابعا: سياسة المرابطين فى دولتهم المجيدة



-- نظام الحكم والإدارة


-- النظام القضائي


-- النظام المالي


خامسا: أهم أعمال دولة المرابطين الحضارية


-- الآثار المعمارية فى المغرب والأَنْدَلُس


-- علوم التَّارِيخ والجغرافيا


-- علوم الطب فى عصر المرابطين


-- أسباب السقوط

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 9:57 pm

الجذور التاريخية
للمرابطين


تمهيد

تعتبر قبائلُ صنهاجة أقوى قبائل البربر وأشدها
وأمنعها, واشتهرت بقُوَّة شكيمتها, وكثرة رجالها الذين ملأوا الشَّمَال الإفريقى
وسكنوا جباله، وسهوله وخصوصًا من المغرب الأوسط إلى المغرب
الأقصى.

واعتبرَ بعضُ المؤرخين
قبائل صنهاجة مثلت شعبًا انضوتْ تحت لوائه أكثر من سبعين قبيلة بربرية، ومِن أهم
هذه القبائل وأشهرها لمتونة، وجدالة، ولمطة، ومسوفة، وهى التى تكوَّنت منها دولة
المرابطين السُّنيَّة. وبعض المؤرخين يجعل القبائل الصنهاجية لها أصل من حمير بن
سبأ أ
ى: إن
أصلَهم يمانيِّون.

والبعض الآخر يذهب إلى أنهم برابرة لا علاقة لهم
بالعرب.

تسمية
الملثمين

اشتهرتْ القبائل الصنهاجية فى التَّارِيخ باسم
المُلَثَّمين، وأصبح اللثام شعارًا عُرفوا به إلى أن تسمَّوا بالمرابطين، ويرى بعض
المؤرخين إن المُلَثَّمين ينتسبون إلى قبيلة لمتونة إحدى بطون صنهاجة, وكانت لمتونة
تتولى رئاسة سائر قبائل مسوفة، ومسراته، ومداسة, وجدالة، ولمطة، وغيرها، ثم آلت
الرئاسة إلى قبيلة جدالة على عهد الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي.

ويبدو أن إطلاق اسم المُلَثَّمين
فى بدايته كان خاصًّا بقبيلة لمتونة ثم توسع وأصبح شعارًا لكل من حالف لمتونة ودخل
تحت اسم سيادتها.

سبب
تسميتهم

وأمَّا سبب تسميتهم فقد وردت أقوال كثيرة فى سبب
تسميتهم بذلك، منها: إن أجدادهم مِن حِمْيَر كانوا يتلثمون لشدة الحرِّ، ويذهب إلى
هذا الرأى مََن ظنَّ إن أصل قبائل صنهاجة يرجع إلى الهجرات القديمة من المشرق
لأسباب متعددة، منها
اقتصادية, وسياسية.

وقيل: إن طائفة منهم أغارت
على عدو لهم فخالفهم إلى مواطنهم وهى خالية إلا مِن النساء والأطفال والشيوخ، فأمر
الشيوخُ النساءَ بأن يرتدين لباسَ الحرب ويتلثَّمَنَ، ففر الأعداء وهكذا اتخذوا
اللثام سنة يلازمونه وارتقى عندهم إلى مستوى رفيع فى حياتهم وأعرافهم
.

موطن
الملثمين

سكن المُلَثَّمون الصحراء الكبرى الممتدة من غدامس
شرقًا إلى المحيط الأطلسى غربًا، ومِن جبال درن شمالاً إلى أواسط الصحراء الكبرى
جنوبًا.

ولم تكن هذه الأماكن
والمواطن تجرى بها أنهار دائمة, وكانت قليلة الأمطار وأحيانًا تُحبَسُ عنها الأمطار
لسنوات عديدة؛ فيتعرض سكانها للمجاعة فيرتحلون لطلب الماء والكلأ، فتفرقوا حول
الواحات الصغيرة فى تلك الصحارى الممتدة الأطراف، وكوَّنوا قرى بدائية تتماشى مع
ظروف حياتهم الرعوية.

حياتُهم
الاقتصادية

توزَّع المُلَثَّمون حول الواحات بحثًا عن المياه
وعملوا فى الزراعة وخاصَّة زراعة الشعير الذى ينبت فى الأرض الفقيرة ويكفيه قليل من
الماء، وقد ازدهرت زراعته فى منطقة أزكى التى تسكنها قبيلة لمتونة.

وكان النخيلُ مِن أهم
أشجارهم، وكانت مدينة سجلماسة من أهم واحات الصحراء عمرانًا بشجر
النخيل
,
واستفاد المُلَثَّمون من ظل أشجار النخيل؛ فزرعوا البطيخ والقرع والكوسى والقثاء،
وشهدت بعض الواحات زراعة الذرة، وازدهرت فى واحة س
جلماسة زراعة القطن وقصب
السُّكَّر. وكانت وسيلة الزراعة فى تلك الواحات الصحراوية المحراث البدائى الذى
تجرُّه الجمال.

وكانت تلك القبائل تهتم بتربية الحيوانات للحصول
على قوتهم ولكى يستعملوها فى تنقلاتهم، ومن أهم الحيوانات التى اهتَمُّوا بها
الإبل، والتى كانوا يشربون ألبانها ويأكلون لحومها ويستفيدون من أوبارها وجلودها
لصناعة العباءات والألبسة والنعال و
أسقف البيوت الصغيرة.

وازدهرت الصناعات المحلية
للاكتفاء الذاتي، وتطوَّرت فى الكم والنوع الصناعات المنزلية, وكذلك الأدوات
الحربية التى ازدهرت بسبب الحروب المستمرَّة بين المُلَثَّمين وجيرانهم الوثنيين من
السودان وغانا, واهتَمُّوا بصناعة السروج ولجم الخيل، وازدهرت الصناعات الغذائية
فاستخرجوا الزيت من ثمر الفرتى وذلك بعصر قشره، واستعملوه فى طهى الطعام وإنارة
السُّرج ليلاً، وكانوا يمزجونه بالرمل ويطلون به أسطح المنازل فيخفف من شدة الحر،
ويمنع تسرُّب الماء، واشتهرت مدينة تارودانت بصناعة قصب السكر، والمنسوجات والألبسة
من الصوف والقطن والوبر, وكانوا يصنعون من ثمار القرع أوانى يضعون فيها الملح والبهارات.

ومِن أهم المعادن فى بلاد المُلَثَّمين؛ الملح ويكثر فى أوليل وتفاري، والأخيرة تضم معظم
مناجمه وهى على شكل ألواح يُقطِّعُهَا العبيد وتحملُها الجمال إلى بلاد السودان
وغانا، وكان الحمل الواحد يُباع فى أيوالاتن بعشرة مثاقيل مِن الذهب، أما فى مالى
فكان يُباع بعشرين مثقالاً، وربما ارتفع إلى الثلاثين. كان للملح أهمية فى حياتهم الاقتصادية، إذ كانوا يقطعونه قطعًا
صغيرة يقايضون به كالذهب والفضة، وكان الفائض من إنتاجهم الزراعى والصناعى يُصدَّر
إلى خارج بلادهم .

أهمية موقع
الملثمين

كانت بلاد المُلَثَّمين الممرَّ الوحيد بين
الأَنْدَلُس وأواسط إفريقية؛ فكانت تسلكه القوافل على ثلاث طرق، فالطريق الأول وهو
الطريق الساحلى على المحيط الأطلسى ينطلق من أغادير مارًا بنواكشوط حتى مصبِّ نهر
السنغال
,
يقابله طريق داخلى غير بعيد عنه لجهة الشرق هو طريق تارودانت أويل، أما الطريق
الثَّانِى وهو الأوسط فيمتد من أواسط المغرب إلى قلب الصحراء حيث بلدان مالى
والنيجر,يبدأ هذا الطريق من سجلماسة ويمر بأزكى حتى أودغشت فى بلاد النيجر.

والطريق الثالث والأخير وهو
طريق الصحراء يمتد من السودان الغربى إلى أواسط الصحراء شرقًا, ولا تخلو هذه
الطُّرُق مِن صعوبات طبيعية، فتحرك الرمال يمحى معا
لمها وتتعرض القوافل
المارة بها إلى مخاطر لا
تُحمد عقباها، ولذلك احتاجت هذه القوافل للقُصّاص من
المُلَثَّمين لكى يقودوا القوافل فى تلك الصحارى حتى تصل إلى بر أمانها مقابل مبالغ
مالية على المجهود الرائع العظيم.

ونشطت حركة التجارة بين إفريقيا الغربية وبلاد المغرب
والأَنْدَلُس بسبب الدور الريادى الذى قامت به قبائل لمتونة ومسوفة وجدالة التى
كوَّنت حلقة الاتصال الناجحة والمثمرة للأطراف المشاركة, وكثُرت الأسواق التجارية
التى تعرض فيها بضائع بلاد الأَنْدَلُس والمغرب الأقصى وبلاد السودان الغربى حيث
يتم التبادل بالتقايض,أو بالذهب والفضة على حسب الاتفاق بين المتبايعين،
ومن أشهر تلك
الأسواق التى اشتهرت فى تاريخ البلاد: أوغشت، أغمات، أسيلا.

الحياة الاجتماعية فى بلاد
الملـثمين

وأدى ازدهار التجارة فى بلاد المُلَثَّمين إلى
ظهور طبقة من الأثرياء تجمعت لديهم أموال عظيمة بسبب نشاطهم التجاري، وعلى رأس هذه
الطبقة الأمراء الذين استأثروا بالحكم وحافظوا على مصالحهم، وكانت هذه الطبقة
مستعدة لمقاومة مَن يُهدِّدُ مصالحها,أو يحاول انتزاع مكانتها وثروتها وجاهها،
مستخدمين من أجل تلك
الأهداف الأساليب المشروعة
والمُحرَّمة، ويساندهم فى ذلك الفقهاء المحليون الذين ارتبطت مصالحهم بهم وأصبحت
أطماعهم والسعى لتحقيقها فوق أحكام الله.

واحتكرت هذه الطبقة الأراضى الزراعية فى الواحات، وكذلك مناجم
الملح وقطعان الماشية، أى جميع مصادر الثروة, وكانت تبنى
بيوتها بطريقة تدل على ترفعها عن سائر النَّاس, ومعلوم لدى الدارسين والباحثين فى
تاريخ المُجْتَمَعات البشرية أنه عندما تظهر طبقة ذات ثراء مفرط ينتج عنه ظهور طبقة
من الفقراء المدقعين فى فقرهم, وهذا ما حدث فى المُجْتَمَع المُلَثَّم، حيث نجد
أن عامة
النَّاس أصابهم الفقر واضطروا إلى الاشتغال برعى المواشى وبالعمل فى الأراضى
الزراعية، ويؤدون الضرائب للأمراء والأعيان الذين استغلوهم استغلالاً مشينًا، وكانت
طبقة الفقراء تتعرض للمجاعة فى سنوات الجفاف وكانت منازلهم من أغصان الأشجار
ومُغطاة
بالجلود كالأكواخ.

وظهرت فى المُجْتَمَع المُلَثَّم كثرة العبيد
الذين استُخدموا وسُخروا للعمل فى مناجم الملح، وجلُّهم كانوا أسرى فى الحروب التى نشبت بين
المُلَثَّمين والوثنيين، وارتفع شأن العبيد فيما بعد؛فكانوا فرقة خاصة فى جيش
المرابطين، واشتهرت المرأة المُلَثَّمة بالجمال، وهى سمراء اللون, وبعض نساء الطبقة
العليا كانت لهنَّ منزلة رفيعة فاقت منزلة الرجال فى بعض الأحيان.

واشتهرَ مِن ملوك المُلَثَّمين بحرصهم على نشر الإسلام
وكسر شوكة من يعاديه الملك «تيولوثان بن تيكلان اللمتوني» الذى حارب القبائل
الوثنية ونشر بينها الإسلام، وبعد وفاته سنة 222هـ خلفه حفيده الآثر الذى دام حكمه
حتى وفاته عام 287هـ، فخلفه ابنه تميم الذى قتل عام 306هـ/ 920م على يد مشايخ
صنهاجة.

وبعد ذلك افترقت كلمة المُلَثَّمين, وضاعت كثير
من تعاليم الدين واستمرَّ شتاتهم مدة م
ائة وعشرين سنة الى أن قام
بالأمر الأمير محمد بن تيفاوت اللمتوني الذى وحَّدَهم، وقد استشهد هذا الأمير بعد
ثلاث سنوات من حُكمِه على يد الوثنيين، فقام بالأمر بعده صهره الأمير يحيى بن
إبراهيم الجدالى الذى قاد قَومه نحو دين الله بعد رجوعه مِن حِجِّه ورحلته
المشهورة.


الأمير يحيى بن إبراهيم (الزعيم
السياسي)



كان الأمير يحيى بن إبراهيم سيدًا مطاعًا فى
قَومه لِما عُرفَ عنه مِن شجاعة وكرم وجود ومقدرة قيادية عالية, واشتهر برجاحة عقلة
ونفاذ بصيرته وسداد رأيه وحرصه على هداية قَومه.

خرج هذا الأمير الجليل من
ديار المُلَثَّمين قاصدًا بيت الله الحرام, لأداء فريضة الحج تاركًا الحكم لابنه
إبراهيم عام 427هـ - 1035م.

وكانت العادة أن يقترنَ الحج بطلب العلم، وبعد أداء
الفريضة، انطلق الأمير يحيى يبحث عن المعرفة فى مدارس المغرب الفقهية طالبًا للعلم
لإرواء روحه الظمأى إلى نور المعرفة الإسلامية التى اندرست معالمها فى بلاده, ورمتْ
به أقدارُ الله فى حَلَقَةِ إمام المغرب فى زمانه فى مدينة القيروان «الإمام أبو
عمران الفاسي» الذى تعلَّقت نفسُ الأمير يحيى بتعاليمه وفقهه, وعرض نفسه على الإمام
أبى عمران الفاسى الذى ورث زعامة المدرسة المالكية التى انتصرت على الهيمنة
الإسماعيلية العبيدية الباطنية الرافضية، واستردَّت حريتها كاملة بعد جهادهم المرير
الذى أصبح مَعْلَمًا من معالم أهل السنة فى الشَّمَال الإفريقي.

وأُعجِبَ الشيخ أبو عمران
بالأمير يحيى لما لمسه فيه من حبه للخير وحرصه على التعلم، وتحدث إليه الأمير عن
سوء الأحوال الاجتماعية فى بلاده، وجهل قبائلها بأصول الدين وفروع الشريعة، وطلب من
أبى عمران أن يبعث معه أحد طلبته ليعلم قَومه أصول الفقه والشريعة الإسلامية.

وكان يحيى بن إبراهيم حريصًا على أخذ فقيه وعالم
معه إلى قَومه، ورأى أبو عمران الفاسى مِن أجل تحقيق الأهداف التى
رسموها
, أنه
لابُدَّ من المرور بمراحل ضرورية فى بناء الدولة المنشودة
, من مرحلة التعريف
بالمنهج وتكوين أفراده وتربيتهم عليه, وتنفيذ السياسة المرسومة بعد التكوين للوصول
إلى مرحلة القُوَّة والتَّمكين.

فأحال أبو عمران أمير المُلَثَّمين على تلميذ له فى بلاد
السوس فى أقصى المغرب، وهو الفقيه وجاج بن زلوا اللمطي، الذى كان يقيم فى رباط هناك
بمدينة نفيس يسمى دار المرابطين، ومن هذا الرِّبَاط أرسل وجاج صحبة هذا الأمير
الفقيه عبد الله بن ياسين الجزولى ليفقه هؤلاء الصحراويين فى أمور دينهم.

وكان يحيى بن إبراهيم بجانب تفكيره فى إخراج
قَومه من الظُّلُمَات إلى النُّور يفكر فى إنقاذ قَومه من الهيمنة الزناتية
الظالمة
,
التى كانت قبائل صنهاجة المُلَثَّمة تعانى من جورها وقسوتها وإذلالها وإهانتها.

لقد رأى الأمير يحيى
أن طريق عزة
قَومه فى تمسكهم بالإسلام الصحيح، وقد لاحظ الأمير يحيى بن إبراهيم أن كلَّ مَن
حرَّكوا القبائل البربرية وهيأوها لإنشاء الدول، كانوا جميعًا من المتحمسين مِن
علماء الدين، أو أصحاب الدعوات الدينية سواء كانت خارجية بدعية، أو إسماعيلية
كفرية، أو إدريسية مالكية، مِن أمثال: أبى الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافرى
الخارجي، وأبى عبد الله الشيعى الباطني، وإدريس بن عبد الله بن الحسن
ابن على بن أبى طالب, حتى
برغواطة ذات الديانة الشركية المجوسية اليهودية تزعَّمَها رجل يدَّعى أنه مِن أهل
العلم، وهو ميسرة الفقير، وحتى قبيلة غمارة تزعمها صالح البرغواطى الذى زعم أنه
«صالح المؤمنين» الذى ورد ذكره فى القرآن.

كما كان الأمير يحيى بن إبراهيم يخشى من خطر الجنوب ويهتمُ
بدعوة القبائل الوثنية للأسلام .

وبدأ الأمير يحيى فى شق طريقه المليء بالأشواك من أجل إنقاذ قَومه
وإعزازهم فى الدنيا والآخرة، ورجع إلى أهله وعشيرته ومعه الرجل الربَّانى والفقيه
المالكى والمربى الصبور والزَّعِيم الدينى الإمام عبد الله ياسين، وقبل الدخول فى
سيرته نترجم للإمام السنى المالكى سيد القيروان فى زمانه.


ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 9:58 pm

أبو عمران
الفاسي
مهندس الخطوط العريضة

لدولة المرابطين (368 هـ -
430 هـ)


ذكر القاضى عياض فى
«ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك» ترجمة أبى عمران الفاسى
فقال: «هو موسى بن عيسى بن أبى حاج بن وليم بن الخير الغَفَجُومي، وغَفَجُوم فخذ من
زناتة من هوارة, وأصله من فاس، وبيته بها بيت مشهور، يعرفون ببنى أبى حاج، ولهم
عقب، وفيهم نباهة إلى الآن».


شيوخه

تفقَّه بالقيروان عند أبى الحسن القابسي، وسمع
بها من أبى بكر الدويلي، وعلى بن أحمد اللواتى السوسي، ورحل إلى قُرْطُبَة، فتفقَّه
بها عند أبى محمد الأصيلي، وسمع الحديث من أبى عثمان سعيد بن نصر، وعبد الوارث بن
سفيان، وأحمد بن قاسم، وغيرهم، ثم رحل إلى المشرق، فحج ودخل العراق، فسمع من أبى
الفتح ابن أبى الفوارس، وأبى الحسن على بن إبراهيم المستملي، وأبى الحسن الخضر،
وغيرهم من العراقيين، ودرس الأصول على القاضى أبى بكر الباقلاني، وسمع بالحجاز من
أبى الحسن بن أبى فراس، وأبى القاسم السقطي، وبمصر من أبى الحسن ابن أبى جدار،
وأحمد بن نور القاضي، ثم رجع إلى القيروان، وسكنها، وأصبح سيدها المطاع، وأقبل عليه
طلاب العلم من كل صوب.

أثره
وتلاميذه

ابتدأ نشاطه العلمى سنة 402هـ، حين عاد من
المشرق، فقد جلس للطلبة فى المسجد، وفى داره أيضًا، وسرعان ما عُرف قدره، واشتهرت
إمامته، وطار ذكره فى الآفاق، وقد خلف الإمام القابسى المتوفى سنة 403هـ، فى نشر
علوم السنة فى إفريقية ورئاسة العلم بها, ورحل إليه النَّاس من الأقطار لسماع
مروياته واستجازه من لم يستطع الاجتماع به.

وكان يجلس فى حلقته العِلمِيَّة من بعد صلاة الصبح إلى صلاة
الظهر، يحدثهم ويملى عليهم، ويقرأ لهم، «فلا يتكلم بشيء إلا كُتب عنه إلى أن مات».

وكان يحدثُ بصحيح البُخارى و
«التَّارِيخ الكبير» له أيضًا،
و«تصحيف المُحَدِّثِين» للدارقطني، وكان يحدّث كذلك بمصنفاته
فى الحديث والرجال والفقه، وقد انتشرت روايتها فى الأَنْدَلُس أيضًا عن طريق
تلاميذه من أهلها.

وكان متضلعًا فى كلام الرواة جرحًا وتعديلاً، ومعرفة سيرهم
ووفياتهم وغير ذلك.

وكان العامة من أهل القيروان خصوصًا يرجعون إليه فيما يلم
به
م
ويستفتونه.

كما كان الموفدون
فى مهمات سياسية إلى القيروان يسألونه ويستفتونه ويستفيدون من علمه.

وكان له اهتمام بالبلاد البعيدة
ويرسل إليها من يقَوم بنشر العلم كما حدث فى اهتمامه بصحراء المغرب، وما نتج عن ذلك
الاهتمام من قيام دولة المرابطين فى تلك المناطق النائية.

وقد تتلمذ عليه عدد
كبير من النَّاس من أهل إفريقية والمغرب، والأَنْدَلُس، وصقلية، قال الذهبي:
«تخرَّج بهذا الإمام خلق من الفقهاء والعلماء».

شعره

عندما كتب محمد بن على الطبنى
أبياتًا من الشعر وأرسلها إلى أبى عمران الفاسى بمناسبة العزم على الذهاب إلى بيت
الله الحرام، أجاب أبو عمران الفاسى بهذه الأبيات:

حيَّاك ربُّك مِن خلٍّ أخى ثقة
وصان نفسك بالتكريم مولاها

مِن كلِّ غم وشان لا
يوفقها

فهو العليم بما يبديه
مولاها


ولا أضاع لها الرَّحمن
حرمتها

وقولها إن تسر ودعتك
الله


الله يجمعنا من بعد
أوبتنا

ويؤتنا من وجوه البر
أسناها

هذه ترجمة موجزة لواضع الخطوط العريضة لدولة المرابطين.

وتُوفى - رحمه الله - سنة ثلاثين
وأربعمائة من الهجرة.

الزعيم الدينى لدولة
المرابطين

عبد الله بن
ياسين

هو عبد الله بن ياسين
بن مكوك بن سير بن على الجزولي, أصله من قرية «تماماناوت» فى طرف صحراء غانة.

درس على فقيه السوس وجاج بن زلوا،
رحل إلى الأَنْدَلُس فى عهد ملوك الطوائف وأقام بها سبع سنين, واجتهد فى تحصيل
العلوم الإسلامية, ثم أصبح مِن خيرة طلاب الفقيه وجاج بن زلوا فعندما طلب أبو عمران
الفاسى مِن تلميذه وجاج
ابن زلوا أن يرسل مع يحيى بن إبراهيم فقيهًا عالمًا دينًا
تقيًا مربيًا فاضلاً وقع الاختيار على عبد الله بن ياسين الصنهاجى الذى كان عالمًا
بتقاليد قَومه وأعرافهم وبيئتهم وأحوالهم.

ودخل عبدُ الله بن ياسين مع يحيى بن إبراهيم فى
مضارب ومواطن ومساكن المُلَثَّمين من قبيلة جدالة فى عام 430 هـ/ 1038م فاستقبله
أهلُها واستمعوا له، وأخذ يعلمهم، فكان تعليمُه باللغة العربية لطلبة العلم،
والإرشاد الدينى للعامة بلهجة أهل الصحراء البربرية.

لاقى عبد الله بن ياسين كثيرًا من
الصعوبات، فقد وجد أكثر المُلَثَّمين لا يصلون ولا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، وعم
الجهل عليهم، وانحرفوا عن معالم العقيدة الصحيحة وتلوثت أخلاقُهم وأحكام دينهم،
واصطدمت تعاليمه بمصالح الأمراء والأشراف، فثاروا عليه، وكادوا يقتلوه، إلا أنه ترك
قبيلة جدالة، وانتقل إلى قبيلة لمتونة، ومِن ثمَّ اختار رباطه المشهور على مصب نهر
السنغال، بعد انتشار صيته، وتعلُّق النَّاس به، فهرعوا إليه ليربيهم وينظمهم
ويعلمهم.

ومِن خلال كُتب التَّارِيخ نستطيع أن نقول: إن
عبد الله بن ياسين – رحمه الله- نجح فى رسالته الدعوية لأسباب مُهمَّة يجب أن
يعرفَها الدعاةُ إلى الله, ألا وهى ما وهبه الله مِن صفات فطرية, وما اكتسبه فى
حياته من صفات عقلية, وصفات حركية.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 9:59 pm

التوسع لدولة المرابطين
و
القائد الربانى يوسف بن
تاشفين

400 - 500
هـ / 1009- 1106م


نسبه

يوسف بن تاشفين بن إبراهيم اللمتونى
الصنهاجي, وأُمُّه بنت عم أبيه فاطمة بنت سير بن يحيى بن وجاج بن وارتقين، وكانت
قبيلته قد سيطرت بسيادتها وقيادتها على صنهاجة، واحتفظت بالرئاسة منذ أن جعلها
الإمام ابن ياسين فيها بعد وفاة الأمير يحيى
ابن إبراهيم الجدالى ،
فنما عزيزًا كريمًا فى قَومه.

كان يوسف أسمر اللون نقيُّه, معتدل القامة، نحيف الجسم، خفيف العارضين،
رقيق الصوت، أكحل العينين، أقنى الأنف، له
وفرة تبلغ شحمة الأذن،
مقرون الحاجبين, أجعد الشعر.

كان يجمع بين جمال الطلعة وجمال الجسم،
وبين أبدع المواهب، كان بطلاً شجاعًا، نجدًا حاذقًا، جوَّادًا كريمًا، زاهدًا فى
زينة الدنيا، عادلاً متورعًا, متقشفًا, لباسه الصوف، وطعامه خبز الشعير، ولحوم
الإبل وألبانها كان عزيز النَّفس كثير الخوف من الله.

كان يجمع الصفح والعفو عن الذنوب مهما كبرت
ما عدا الذين يرتكبون الخيانة فى حق الدِّين فلا مجال للعفو عنهم.

تلقَّى يوسف تعاليمه الأولى فى قلب الصحراء من أفواه
المُحَدِّثِين والفقهاء، ونما وترعرع وتربَّى على تعاليم الإمام الفقيه ابن ياسين،
ونبغ فى فنون رجال الحرب، وفى السياسة الشرعية التى تتلمذ على الفقهاء فيها .

وتزوَّج الأمير يوسف من سيدة أندلسية
تُدعَى قمر ولا تذكر كتب التَّارِيخ عنها شيئًا، ويقال: هى التى أنجبت الأمير
عل
ي ولى
العهد، وأمير الأَنْدَلُس والمغرب بعد والده.

وتزوَّج يوسف امرأة تسمى عائشة, وأنجبت له
الأمير محمد الذى نسب إليها فصار يدعى محمد
ابن عائشة، وَرُزِق يوسف
مجموعة من الذكور والإناث بكرهم تميم الذى توفى غداة معركة الزلاقة وكان واليًا على
سبتة، وعليٌّ الذى تولى الإمارة بعده، وإبراهيم
, ومحمد الذى كان أحد
القادة البارزين فى جيش والده وأمَّا بناته فهما: كونة ورقيَّة.

المراحل العسكرية التى مر بها
يوسف فى جيش المرابطين:

1- 448-452هـ / 1056-1060م

كان فى هذه المرحلة مجرد قائد من قواد المرابطين يتلقَّى
الأوامر وينفِذُها بكل نجاح، وكانت هذه المرحلة غنية بالتجارب والخبرات التى شحذت
ذهنه وأهَّلته للمرحلة التالية، فكأنَّها كانت ممارسة للسلطة، والاطلاع على خفاياها
دون تحمُّل المسئولية، استطاع بعدها تسلُّم الإمارة بكل الأوامر التى وكِّلت إليه
بكل همة ونشاط ودون تردد، وقاد المرابطين إلى النصر فى ميادين الجهاد والعزة
والكرامة والشرف.

وظهر نجم يوسف للمرابطين فى معركة الواحات 448هـ - 1056م التى كان فيها
قائدًا لمقدمة جيش المرابطين المهاجم، وبعد فتح مدينة سجلماسة عيَّنه الأمير أبو
بكر واليًا عليها، فأظهر مهارة إدارية فى تنظيمها، ثم غزا بلاد جزولة وفتح ماسة ثم
سار إلى تارودانت قاعدة بلاد السوس وفتحها, وكان بها طائفة من الشيعة البجليين نسبة
إلى مؤسسها على بن عبد الله البجلي، وقتل المرابطون أولئك الشيعة, وتحوَّل مَن بقى
منهم على قيد الحياة إلى السنة.

ثم جاء دور أغمات، كانت مدينة مزدهرة
حضاري
ًّا إذ
كانت أحد مراكز النصرانية القديمة, ومقرًا للبربر المتهودين، كان يحكمها الأمير
لقوط بن يوسف بن على المغراوي.

تلقَّى يوسفُ التعليمات من الأمير أبى بكر بالزحف نحوها,
ومهاجمتها, ودكِّها، ودخل المرابطون المدينة (449هـ/ 1057م).

وسار المرابطون وفى جملتهم يوسف نحو دولة
برغواطة «الدولة الكافرة الملحدة» ونشبت المعارك بين الفريقين، وأصيب خلالها الإمام
ابن ياسين بجراح بالغة توفى على أثرها كما علمتَ فى 451هـ / 1059م.

كان استشهاد الإمام الفقيه
عبد الله بن ياسين البداية الأولى فى دفع يوسف إلى رئاسة الدولة الناشئة.

وعندما دخل أبو بكر بن عمر بجيوشه إلى الصحراء, وأناب ابن
عمه يوسف على المغرب, ظهرت خلالها مواهب يوسف العسكرية والإدارية والتنظيمية
والحركية والدعوية، وسلم النَّاسُ بزعامته, وبدأ فى تأسيس دولته بالحزم والعلم
والجد والمثابرة والبذل والعطاء.

وعندما رجع أبو بكر من الصحراء جمع أشياخ المرابطين من لمتونة
وأعيان الدولة، والكُتَّاب والشهود، وأشهدهم على نفسه بالتخلى ليوسف عن الإمارة،
وعلَّل الأمير أبو بكر هذا التنازل لابن عمه يوسف لدينه وفضله وشجاعته وحزمه ونجدته
وعدله وورعه وسداد رأيه ويمن نقيبته، وأوصاه الوصية التالية «يا يوسف إنِّى قد
ولَّيتُك هذا الأمر وإنِّى مسئول عنه؛ فاتق الله فى المُسْلِمين, وأعتقنى وأعتق
نفسك من النار، ولا تُضيِّع من أمر رعيتك شيئًا؛ فإنَّك مسئول عنهم، والله تعالى
يصلحك ويمدك ويوفقك للعمل الصالح والعدل فى رعيتك, وهو خليفتى عليك
وعليهم
».

ويحلو لبعض الكُتَّاب من
المؤرخين أن يُفَسِّرَ هذا الإيثار والتنازل عن المُلك بإن أبا بكر خشى من سطوة
يوسف الذى أظهر له عدم استعداده التنازل عن الملك؛ وسيرة الرجُلين من الصلاح
والتقوى تنافى ادعاءهم الباطل.

فتح المَغْرِب الأقصى
الشَّمَالى 454هـ - 477هـ

قام يوسف بن تاشفين نحو المغرب الشَّمَالى
لينتزعه من أيدى الزناتيين, واستخدم من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود إرسال الجيوش
للقضاء على جيوش المخالفين مستفيدًا من الخلافات السياسية بين قادة المدن، فحالف
بعضها من أجل قتال الباقي، واستطاع أن يدخُلَ مدينة فاس صلحًا عام 455هـ، ثم تمرَّد
أهلها عليه إلا أنه استطاع إخماد جميع الثورات التى قامت ضد المرابطين بجهاده،
وكفاحه المستمرِّ، حتى تمَّ له فتح جميع البلاد من الريف إلى طنجة عام 460هـ /
1067م.

وأعاد فتح فاس عنوة بحصار ضربه عليها بجيش
قوامه م
ائة
ألف جندى عام 462هـ
/ 1069م, فقضى على شوكة مغراوة وبنى يقرن وسائر زناتة، ونظم
المساجد والفنادق وأصلح الأسواق، وخرج من فاس عام 463هـ إلى بلاد ملوية وفتحها
واستولى على حصون وطاط من بلاد طنجة
.

لقب
الأمارة

بعد هذه الانتصارات الناجحة استدعى شيوخ
وأمراء المغرب من قبائل زناتة ومصمودة وغمارة، وأكرمهم وبذل لهم العطاء وأحسن
إليهم، وبايعوه على الإمارة وخرج بهم يطوف فى أقاليم المغرب يتابع الأمراء ويحاسب
الولاة، وينشر العدل ويرفع المظالم فهابته النفوس، واقتنعت أنها أمام رجل دولة
عبقرى فذ.

وبعد أن رجع من تلك الجولَة التفقدية
الإصلاحية سار بجيوشه عام (465هـ/1072م) لغزو الدمنة من بلاد طنجة وفتح جبل علودان
، وفى عام (467هـ/1074م) استولى على جبل غياثة وبنى مكود وبنى رهينة من أحواز تازا,
وجعلها حد
ًّا
فاصلاً بينه وبين زناتة الهاربة إلى الشرق، وأبعد عن المغرب كلَّ مَن ظنَّ فيه أنه
من أهل العصيان، فأصبح خالصًا له مرتاحًا إلى طاعته مطمئنًا إلى خلوده إلى السكينة
والهدوء غير تواق للثورة عليه.

وأصبحت منطقة تازا ثغرًا منيعًا بينه وبين
زناتة؛ ولذلك اعتبر المُؤَرِّخُون عام 467هـ
/ 1074م فاصلاً فى تاريخ
الدولة المرابطية إذ بسط يوسف نفوذه على سائر المغرب الأقصى الشَّمَالى باستثناء
طنجة وسبتة.

وسيَّر يوسف بن تاشفين إلى
طنجة جيشًا من اثنى عشر ألف فارس مرابطى وعشرين ألفًا من سائر القبائل, وأسند
قيادته إلى صالح بن عمران عام 470هـ، وعندما اقتربت جيوش المرابطين من طنجة برز
إليهم الحاجب بن سكوت على رأس جيش وهو شيخ يناهز التسعين، وانتصر المرابطون وفتحوا
طنجة وقتل فى تلك المعارك الحاجب بن سكوت وبعد فتح طنجة استأنف الأمير يوسف
توسُّعَه نحو الشرق لمطاردة زناتة التى لجأت إلى تلمسان، وكان هدفه القضاء على أى
مقاومة تُهَدِّد دولة المرابطين فى المستقبل، وبدأت عمليات الهجوم الوقائى التى
استطاعت أن تحقق أهدافها وتهزم جيش تلمسان المعادى وتأسر قائده معلى بن يعلى
المغراوى الذى قُتل على الفور، ورجعت كتائب المرابطين إلى مراكش, ثم عاد يوسف نحو
الريف، وغزا تلك الأراضى وضم مدينة تكرور ولم تعمر بعد ذلك.

ثم رجع بجيوشه نحو وهران وتنس وجبال
وانشريش ووادى الشلف حتى دخل مدينة الجزائر, وتوقف عند حدود مملكة بجاية التى حكمها
بنو حمَّاد
-فرع من صنهاجة.

وبنى يوسف فى مدينة الجزائر جامعًا لا يزال إلى اليوم ويُعرف
بالجامع الكبير
وعاد إلى مراكش عام
475هـ/1081م وبذلك توحَّد المغرب الأقصى بعد جهاد استمرَّ ثلاثين عامًا، وأصبحت
دولة المرابطين فى مرحلة التَّمكين الفعلية, وفى عام 476هـ / 1083م وجَّه الأمير
يوسف ابنه المُعزَّ فى جيش إلى سبتة لفتحها إذ كانت المدينة الوحيدة التى لم تخضع
له, كان يحكُمُها بعد وفاة الحاجب بن سكوت ابنه ضياء الدولة يحيى, فحاصرها المعزُّ
برًا وبحرًا, ودارت معركة بحرية طاحنة، وفى نهاية المطاف استطاع المرابطون أن
يفتحوا سبتة، وقتل ضياء الدولة بعد أن ألقى القبض عليه، وكان ذلك عام 477هـ/
1084م.

بعد هذه الجولة الجهادية
الموفَّقَة تم توحيد المغرب الأقصى بجميع نواحيه بعد عمل جادٍّ مستمرٍّ، وأصبحت
الدولة المرابطية قُوَّة لا يُستهان بها تُشكل خطرًا على النصارى فى الأندلس،
وملجأً وحصنًا للمسلمين فى الأندلس، حيث إن النصارى استفحل خطرهم فى الأَنْدَلُس،
حيث قامت دويلات فى كل مدينة وصلت إلى ثلاث وعشرين دويلة تناحرت فيما بينها، وعُرف
حكامها بملوك الطوائف وتلقَّبوا بالألقاب الخلافية كالمأمون والمعتمد والمستعين
والمعتصم والمتوكل إلى غير ذلك من الألقاب
.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:00 pm

المرابطون ودفاعهم عن مسلمى
الأندلس


تمهيد:

استطاع عبدُ الرحمن الداخل أن
يُؤسِّسَ إمارة أموية فى الأَنْدَلُس سنة 138هـ، وبدأ عصر الخلافة الأموية فى
الأَنْدَلُس سنة (316هـ/929م) عندما أعلنها عبد الرحمن الناصر، الذى اشتهر بالحزم
والذكاء والعدل، والعقل والشَّجَاعَة وحبه للإصلاح وحرصه عليه.

ووحَّد الأَنْدَلُس بالقُوَّة والسياسة وأعاد وحدتها وقوتها ومكانتها,
وحارب المتمردين من حكام الشَّمَال الإسبانى وأخضعهم لشروطه.

وكان سبب إعلانه الخلافة فى الأَنْدَلُس ضعف الخلافة العباسية، وظهور
الدولة العُبيدية فى الشَّمَال الإفريقي، فأعلن الخلافة، وتلقَّب بأمير المؤمنين
الناصر لدين الله وفى عام 400هـ / 1009م بدأ ظهور عصر الطوائف فى الأَنْدَلُس، الذى
دام حتى عام 484هـ/ 1091م.

وكان ذلك بسبب سقوط الخلافة
الأموية التى نخرتها الأطماع والأحقاد والصراعات الدَّاخليَّة على الحكم، وسعيُ بعض
الشخصيات للمجد الشخصى متناسيًا فى ذلك مصالح الأمة وضرورة وحدتها لتقف صفًا واحدًا
أمام أعدائها.


لقد انقسمت الأَنْدَلُس إلى دويلات, واتخذ حكامها ألقابهم
تبعًا لحجم دويلاتهم فأحدهم: ملك أو أمير، أو والٍ أو قاض.

ونظرًا لاختلاف القوى والرياسات، فقد أخذ القوى يبطش بالأضعف، والأضعفُ
يدرأ الخطر بالتحالف مع جاره القوي، وأحيانًا يستنجد بأمراء النصارى مقابل ثمن
باهظ.

وتكوَّنت من هذه الدويلات العديدة أربع دِوَل رئيسية:


- فى جنوب الأَنْدَلُس، حكم الأدارسة الإفريقيون أو بنو حمود أصحاب
مالقة، وحالفهم أمير غرناطة وقرمونة، وألبيرة وجيان وأستجة، فضلاً عن حكمهم مليلة
وطنجة وسبتة فى شمال المغرب.

- بنو عباد أمراء إشبيلية، أقوى ملوك الطوائف، ومن حلفائهم بنو جهور فى
قُرْطُبَة، وبنو الأفطس أصحاب بطليوس فى جنوب وغرب الأَنْدَلُس.

- بنو ذى النون أمراء طُلَيْطِلَة، الذين حكموا أواسط إسبانيا، والذين
وقفوا فى وجه بنى عباد، وكلفهم ذلك دفع جزية لملك قشتالة النصرانى التماسًا لعونه
ضد خصومهم.

- بنو عامر فى بلنسية ومرسية الذين حكموا فى
شرقى إسبانيا، وطبقًا لظروفهم، فقد كانوا يحالفون الأدارسة تارة أو بنى عباد، أو
بنى ذى النون تارة أخرى. . . بسط بنو عامر نفوذهم على الثغور الممتدة من مرية حتى
مصبِّ نهر أبرة سنة 1051م.
1


الصراع بين طليطلة
وقرطبة

عندما تولى المأمون يحيى بن ذى النُّون عام 1043م، إمارة
طُلَيْطِلَة اغتنم عون حليفه القوى عبد العزيز بن أبى عامر، واستأجر الفرسان
النصارى من القشتاليين ليبطش بمحمد بن جهور أمير قُرْطُبَة، فتدخل بنو عباد أصحاب
إشبيلية، وبنو الأفطس أصحاب بطليوس للوقوف ضد صاحب طُلَيْطِلَة الذى كان يهددهم
جميعًا، وسار أمراء لبلة وولبة وجزيرة شليطش للانضمام إلى الحلف الذى تزعمه صاحب
لبلة عبد العزيز اليحصبى ليعقد محالفة مع قُرْطُبَة.


تحرَّك الجميع تطبيقًا لهذا التحالف لإنجاد قُرْطُبَة، فانتهز ابن عباد
أمير إشبيلية هذه الفرصة واكتفى بإرسال خمسمائة فارس إلى ابن جهور، وزحف فى جيش قوى
على لبلة، وولبة وجزيرة شليطش وأكسونية واستولى عليها، ثم فتح قرمونة سنة 1053م,
طالت الحرب بين طُلَيْطِلَة وقُرْطُبَة، ودامت أعوامًا، وكانت سجالاً، وأراد
المأمون صاحب طُلَيْطِلَة حسم الموقف، فأوقع بقوات قُرْطُبَة وحليفاتها هزيمة
شديدة، واستطاع الوصول إلى قُرْطُبَة فحاصرها، فبادرت إشبيلية إلى إغاثتها، فأرسل
ابن عباد ابنه محمدًا على رأس جيش قوى فيه وزيره أبو بكر محمد بن عمار الموصوف
برجاحة عقله، وشدة ذكائه, وزوَّدهما بخطة وأوامر سرية خاصَّة.


واستطاع جيش ابن عباد أن يفك الحصار عن قُرْطُبَة، واضطرَّ الطليطليون
لرفع الحصار, وارتدوا عنها، وخرج القرطبيون ليطاردوا أعداءهم فأتموا بذلك هزيمة
الطليطليين.

ونُفِّذَتْ خُطَّةُ ابن عباد السرية وكان محتواها دخول
قُرْطُبَة عندما يخرج منها أهلها خلف الطليطليين، ودخلتها قوات ابن عباد دون
معارضة، واحتلت مراكزها الحصينة قبل أن يفطن القرطبيون إلى أن مَن جاء لنُصرَتِهم
غدرَ بهم، وبذلك سقطت دولة بنى جهور فى قُرْطُبَة ولم يمض على قيامها ثلاثون عامًا
فى محنة محزنة وخيانة فظيعة، وأصبح ابن عباد أمير إشبيلية أقوى أمراء الأَنْدَلُس
المُسْلِمة، تخوَّف المأمون أمير طُلَيْطِلَة من قُوَّة ابن عباد أمير إشبيلية التى
نمت نموًا سريعًا، وبخاصَّة بعد أن حالفه العامريون أمراء قسطلون ومربيطر وشاطبة
المرية ودانية، فحاول التحالف مع صهره زوج ابنته عبد الملك المظفر حاكم بلنسية الذى
رفض ذلك مُحتَجًّا بأن وقوف العامريين إلى جانب إشبيلية يجعل إقدامه على هذا
التحالف خطرًا على بلنسية، فما كان من المأمون إلا أن عقد حلفًا مع فرديناند الأول
صاحب قشتالة.


وهجمت القوات المشتركة المتحالفة «قوات المأمون وفرديناند
الأول» على بلنسية، فسقطت ولاية بلنسية كلُّها فى يد المأمون فى تشرين الأول سنة
1065م, عاد بعدها إلى طُلَيْطِلَة ليجهز قواته لقتال ابن عباد، وحال بينه وبين ما
أراد وفاة فرديناند الأول، ونشوب حرب ضروس بين أولاده، فنقض المأمون عهده مع
قشتالة، وامتنع عن دفع الجزية، مما أدى إلى حرمانه من معونة النصارى، وهى المعونة
التى لم يستطع أن يحارب أمير إشبيلية بدونها، فلما تمَّ أمر الحكم لسانشو ابن
فرديناند سنة 1070م, هرب أخوه ألفونسو إلى المأمون صاحب طُلَيْطِلَة والتجأ أخوه
الثَّانِى جارسية إلى المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية، وفى سنة 461هـ/ 1069م توفى
المعتضد بن عباد أمير إشبيلية، فخلفه ابنه المُلقَّب بالمعتمد على الله، ولم يكن
أمام الأمير الجديد ما يخشاه إلا أمير طُلَيْطِلَة الذى ملك بلنسية فى الوقت نفسه،
أما بقيَّة ملوك الطوائف فقد انكسرت شوكتهم وتزعزع كيانهم فى حروبهم الدَّاخليَّة
من غزوات النصارى المتتابعة عليهم.


واستطاع المأمون حاكم
طُلَيْطِلَة أن يتوسَّعَ ويحقق انتصارات واسعة سنة 1073م على مرسية وأريولة وعدة
مدن أخرى، وبهذا أصبح الأمير الأقوى الذى يسيطر على أواسط إسبانيا كلِّها، وبخاصة
بعد أن فاز ألفونسو بحكم قشتالة بعد وفاة «شانجة» وتحالف مع المأمون الذى رعاه
وحماه عند محنته وتعاهد الأميران على أن يرتبطا معًا برباط الصداقة الوثيق.

وأصبح أمير إشبيلية فى خوفٍ من توسُّع أمير طُلَيْطِلَة الذى فاجأ
المعتمد بتحالفه مع بنى هود أصحاب سرقسطة وبنى الأفطس أصحاب بطليوس، وهاجم خصمه من
ثلاث جهات لكى يُحكِمَ تسديد الضربة إلى قُرْطُبَة؛ فسقطت دون مقاومة تُذكَر سنة
468هـ, ولكن المأمون تُوفى بعد دخولها بأيام قلائل؛ فرجع جنده عنها إلى
طُلَيْطِلَة، واسترد ابن عباد قُرْطُبَة، وبقيت إشبيلية تحت حكم ابن عباد حتى
استولى عليها المرابطون سنة 474م.


وأرسل ابن عباد سفيره ووزيره
البارع ابن عمار إلى عاصمة قشتالة يومئذٍ, وتحالف مع ألفونسو، وتعهَّد بها ملك
قشتالة بمعاونة أمير إشبيلية بالجند والمرتزقة ضد جميع المُسْلِمين، ويتعهَّدُ ابن
عباد مقابل ذلك أن يدفع إلى ملك قشتالة جزية كبيرة، وتعهَّدَ بألا يتعرض لمشروع
ألفونسو فى افتتاح طُلَيْطِلَة، وهكذا ضحى ابن عباد بمعقل المُسْلِمين إسبانيا
المُسْلِمة، لكى يفوز ببسط سيادته على الإمارات التى لم تخضع له بعد، وهى إمارات
غرناطة وبطليوس وسرقسطة.

واستفاد ألفونسو من هذه
الاتفاقية وأعلنها حربًا لا هوادة فيها على طُلَيْطِلَة التى حمته من مطاردة أخيه
سانشو, ونسى الأمير الطموح للتوسُّع كلَّ عهوده ومواثيقه, وشرع فى غدره بِمَن أحسن
إليه.


وتحرَّك المعتمد بن عباد بجيشه نحو غرناطة ليضُمَّها إلى
سلطانه وكان حاكمها عبد الله بلكين بن باديس، وكان ابن هود أمير سرقسطة يرى الخطر
يشتدُّ عليه يومًا فيومًا من شانشو الأول ملك أرجون، فلم يستطع إنجاد طُلَيْطِلَة
سوى أمير بطليوس يحيى بن الأفطس المُلَقَّب بالمنصور، فجمع قواته وسار إلى لقاء
ألفونسو، ولكن ألفونسو الذى كان قد أثخن فى ولاية طُلَيْطِلَة، حتى صيرها قفرًا
بلقعًا، شعر باقتراب المنصور، فانسحب, ولكنَّه كرَّر الرجعة فى العام التالي؛ فعاث
فى بسائط طُلَيْطِلَة وخرَّبها مرة أخرى، وزحف المعتمد على بطليوس، وبهذا استطاع أن
يُحول دون معاونة بنى الأفطس لطُلَيْطِلَة حيث القادر بن ذى النون، ولم يستطع أمير
سرقسطة من بنى هود «المؤتمن» معاونة القادر معاونة قوية خشية أن تقع سرقسطة ذاتها
فريسة لابن عباد أو النصارى، وهو فى جهاد ضد أرجون وبرشلونة، واستمرَّت الحرب
أعوامًا، وألفونسو يفسد فى بلاد المُسْلِمين «طُلَيْطِلَة» ومَن حولها فسادًا.


وفى السابع والعشرين من المحرم سنة 478هـ - الخامس والعشرين من آيار
«مايو» سنة 1085م استطاع أن يدخل طُلَيْطِلَة «عاصمة القوط القديمة» ودخلت
طُلَيْطِلَة بذلك إلى حظيرة النصرانية بعد أن حكمها المُسْلِمون ثلاثمائة واثنين
وسبعين عامًا، واتخذها ملك قشتالة حاضرة ملكه من ذلك الحين، وأصبحت بذلك عاصمة
إسبانيا النصرانية.

وهكذا انتهت دولة ذى النون فى طُلَيْطِلَة لتستمرَّ فى
بلنسية

تأثَّر المُسْلِمون بسقوط طُلَيْطِلَة تأثُّرًا عميقًا على مختلف الساحة
الإسلامية فى الأَنْدَلُس، وتفجَّرت قريحة الشعراء فى استثارة الهمم والتحريض على
الجهاد، والتحذير من تفاقم الخطر لقد كانت روما تقف بكل ما تملك من قُوَّة معنوية
ومادية خلف ألفونسو وجنوده للقضاء على المُسْلِمين، وأسبغوا على قتال المُسْلِمين
صفة الحروب الصليبية المقدسة وأصبح البابوات لهم دور فى توجيهها.


وندم المعتمد بن عبَّاد على فعلته خصوصًا عندما رأى ألفونسو يتوسَّع فى ضمِّ
ممالك المُسْلِمين إليه، وأيقن إن الدائرة عليه قادمة، واجتمع أمراء المُسْلِمين
عندما رأوا إن شبح السقوط ماثلاً أمام أعينهم، فاتحدوا لأول مرة واجتمعت كلمتهم على
أن يضعوا حدًا لفتوح ألفونسو, وإذا كانت قواتهم مُجْتَمَعة لا تكفى لرد عدوانه، فقد
اتفقت كلمتهم على الاستنجاد بالمرابطين فى إفريقية واستدعائهم إلى الأَنْدَلُس،
علمًا بإن ملوك الأَنْدَلُس كانت ترهِ
بُ الفرنج بإظهار
موالاتهم لمَلِكِ المغرب يوسف بن تاشفين، وكان له شهرة تطايرت فى الآفاق لما حققه
من ضمِّ دِوَل إلى دولته وقضائه عليها, واشتهر بين النَّاس أن لأبطال المُلَثَّمين
فى المعارك ضربات بالسيوف تقد الفارس, وطعنات تنظم الكلى، فكان لهم بذلك ناموس ورعب
فى قلوب المنتدبين لقتالهم.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:01 pm

الأندلـــــس بعد
الزلاقــــــة

بعد رجوع يوسف بن تاشفين إلى المغرب
للأسباب التى ذكرتها تولى قيادة المرابطين القائد الميدانى سير بن أبى
بكر
, الذى
واصل غاراته الناجحة مع أمير بطليوس على أواسط البرتغال الحالية مما يلى تاجة، وقد
أثخنتْ قواتُه مع قوات المرابطين فى تلك البقاع.

كما وجَّه المُعْتَمِد بن عَبَّاد ضربات
موفقة بقيادته
إلى عدة مُدُن حول طُلَيْطِلَة, ثم اتجه نحو أرض مرسية، حيث
استقرَّت جموع الفرسان النصارى بقيادة الكنبيطور فى أحد الحصون القريبة التى تشن
غاراتها على مُدُن المسلمين
, خاصة مدينة المرية, إلا أن المُعْتَمِد انهزم
واضطرَّ أن يلتجئ إلى قلعة لورقة فى كنف واليها مُحَمَّد بن ليون
, ثم توجه نحو قرطبة
تاركًا مرسية لمصيرها.

وبدأت قوات النصارى تتجمع حول ألفونسو
الذى أربك مُدُن شرق الأَنْدَلُس
, متخذين من حِصن لييط المنيع الواقع على مسيرة يوم من لورقة
مركزًا لشنِّ الغارات على أراضى المُسْلِمِين.

فلم يمض عام واحد على هزيمة ألفونسو حتى
عاد نشاطه وجيشه
, ونقل مقر العمليات إلى شرق الأَنْدَلُس الذى
خيمت عليه الفرقة السياسية
, بعكس غرب الأَنْدَلُس الذى كانت تحكمه مملكتان قويتان هما
مملكة إشبيلية وبطليوس
, تعضدهما فرقة من المرابطين قوامها ثلاثة آلاف رجل على رأسها
القائد العظيم سير بن أبى بكر­.

تأذى أهل غرب الأَنْدَلُس من النصارى
الحاقدين فتوافدت وفودهم على الأمير يوسف
, وخصوصًا أهل بلنسية
ومرسية ولورقة
, يصفون للأمير يوسف ما نزل بهم على أيدى النصارى الذى يتحكمون
فى حصن لييط.

وعبر المُعْتَمِد المجاز إلى
المغرب وطلب من يوسف العبور، فاستجاب يوسف لرغبته، تمَّ جواز يوسف إلى الجزيرة
الخضراء فى ربيع الأول سنة 481هـ
/ 1088م, ومن هناك كتب الأمير يوسف إلى جميع أمراء الأَنْدَلُس يدعوهم
إلى الجهاد، ثم تحرَّك الأمير يوسف
إلى مالقة فى صحبة أميرها
تميم بن بلقين، كما لحق الأمير عبد الله بن بلقين صاحب غرناطة, والمعتصم بن صمادح،
فضلاً
عن
المُعْتَمِد بن عَبَّاد، بالإضافة إلى أمراء مرسية وشقورة وبسطة وجيان، ولم يتخلف
من ملوك الطوائف سوى ابن الأفطس صاحب بطليوس.

وتوجهت تلك الجموع لضرب الحصار على حصن لييط الذى كان يسكنه
ألف فارس واثنا عشر ألفًا من المشاة من جنود النصارى الحاقدين أصحاب النزعة
الصليبية الانتقامية، واستبسل النصارى فى الدفاع عن الحصن وكانوا يخرجون ليلاً
للانقضاض على المُسْلِمِين وإلحاق الخسائر بهم.

واستمرَّ الحصار بدون جدوى
وظهرت صراعات ملوك الطوائف فيما بينهم ووصلت للأمير يوسف الذى ساءه ذلك كثيرًا.

وشكى المُعْتَمِد بن عَبَّاد للأمير يوسف خروج ابن رشيق
صاحب مرسية عن الطاعة ودفعه الأموال لألفونسو السادس تقربًا إليه، وظهرت المشاكل
بين أبناء بلكين
عبد الله وتميم للأمير يوسف،
وكأن لا عمل له إلا حل المشاكل والمنازعات بين
الأطراف
المتنازعة

وتضايق الأمير يوسف من
خيانة ابن رشيق الذى دفع أموالاً طائلة لألفونسو, وعرض الأمر على الفقهاء والعلماء
الذين أفتوا بإزاحته من حكمه وتسليمه للمُعْتَمِد، واستغاث ابن رشيق بالأمير يوسف
الذى أجابه بأنَّها أَحكام الدِّين ولا يستطيع مخالفتها
وأمر القائد سير بن أبى
بكر باعتقاله وتسليمه للمُعْتَمِد مشترطًا عليه إبقاءه حيًّا.

وكانت لفتوى الفقهاء عند
قادة المرابطين مكانة عظيمة يضعونها فوق كل اعتبار.

وفرَّ جيش ابن رشيق من المعركة، ومنع
الزاد على جيش المرابطين ومَن معه من الأَنْدَلُسيين الذين يحاصرون الحصن، فارتفعت
الأسعار، ووقع الغلاء واضطربت الأحوال، وعندما علم ألفونسو بالخلافات التى وقعت حشد
جيشًا من أجل فك الحصار
عن أتباعه فى حصن لييط، فاضطرَّ الأمير يوسف إلى فك الحصار
خوفًا من معركة خاسرة غير مأمونة النتائج خاصة بعد الذى رآه من حُكَّام الأَنْدَلُس
وتآمرهم واتصالهم بالعدو، ورجع الأمير يوسف إلى لورقة وترك أربعة آلاف مرابطى
بقيادة داود
ابن عائشة للمحافظة على منطقة مرسية وبعث بجنود إلى بلنسية
بقيادة مُحَمَّد بن تاشفين­.

واستطاع ألفونسو الوصول للحصن وأخرج من نجا من الموت، ورأى أن
لا فائدة من الاحتفاظ بالحصن
, لأنَّه يتطلب حماية كبيرة معرضة لمصير سابقاتها فقرَّر
إخلاءه وتدميره
, واسترجع ابن عَبَّاد الحصن بعد أن أصبح أطلالاً.

لقد أيقن الأمير يوسف إن أمراء
الأَنْدَلُس لا يصلحون للحكم ولا يعتمد عليهم فى جهاد، وبعد رجوع الأمير يوسف فى
عام 482هـ/
1089م عرض الأمر على الفقهاء والعلماء فأفتوا له بضم الأَنْدَلُس
للمغرب.

وكان فقهاء وعلماء
الأَنْدَلُس يؤيدون ذلك، وكذلك فقهاء وعلماء المغرب والمشرق، وأرسل الإمام الغزالى
وأبو بكر الطرطوشي فتوى تؤيد عمله الجليل من أجل توحيد صفوف المُسْلِمِين.

يقول الغزالي فى شأن أمراء الطوائف: فيجب على الأمير
وأشياعه قتال هؤلاء المتمردة ولا سيما وقد استنجددوا بالنصارى، فقد أفتاه العلماء
بجواز خلعهم وإزاحتهم، وبأنه فى حل مما تعهد لهم به من الإبقاء عليهم في جوازه
الأول، لأنهم خانوا الله بمعاهدتهم ألفونس على محاربة المسلمين؛ وبالتالي فإن عليه
أن يبادر إلى خلعهم جميعًا، فإنك إن تركتهم وأنت قادر عليهم، أغاروا بقية بلاد
المسلمين إلى الروم وكنت أنت المحاسب بين يدي الله، وكان ممن استفتى في هذا الموضوع
الفقيه يوسف بن عيسى المعروف بأبي الملجوم.

وطلب القضاة والفقهاء من يوسف أن يرجع ويوحد البلاد بالقوة،
لتدخل تحت الخلافة الإسلاميَّة فى بغداد.

لقد كان ملوك الطوائف يهتمون بمصالحهم الخاصة لا ينظرون
إلى عزة أمتهم حتى وصفهم ابن حزم بقوله: «لو وجدوا فى اعتناق النصرانية وسيلة
لتحقيق أهوائهم ومصالحهم لما ترددوا ».

وكان المُسْلِمُون فى الأَنْدَلُس يتمنون أن ينضموا إلى دولة
المرابطين
,
وعبَّر عن ذلك فقهاؤهم وعلماؤهم وبرز الفقيه القاضى ابن القلاعى «قاضى
غرناطة»
,
الذى توطدت العلاقة بينه وبين يوسف بن تاشفين منذ ذهاب أول بعثة إلى المغرب لطلب
النجدة، إذ كان أحد أعضائها
, وكان يرى فى الأمير يوسف صلاحًا وعدلاً وحزمًا.

حاول الأمير عبد الله ابن ملك غرناطة أن
يتخلص منه فاعتقله, ثم اضطر
إلى إطلاق سراحه، فهرب إلى قرطبة، ومن هناك اتصل بالأمير يوسف وأطلعه
على خفايا من الأمور، وأفتى بخلع ملوك الطوائف
,
وتفاعل مسلمو الأَنْدَلُس مع هذه الفتوى الموفَّقَة­.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:01 pm

العبور الثالث للأمير يوسف بن تاشفين
للأندلس


بعد طلب العلماء والفقهاء في الأَنْدَلُس والمغرب
والمشرق من الأمير يوسف أن يضُمَّ الأَنْدَلُس إلى دولة المرابطين الفتية التابعة
للخلافة العباسية السُّنيَّة، عبر الأمير يوسف بقوة ضخمة
,عبرت من سبتة إلى الجزيرة
الخضراء وسار على رأس جيشه إلى طُلَيْطِلَة وأرسل فرقاً من جيشه نحو مختلف المدن،
وسار بنفسه نحو مدينة غرناطة.

واستطاع أن يفتحَ غرناطة بعد شهرين من
حصارها واعتقل أميرها، عبد الله بن بلكين الصنهاجى الذى تحالف مع النصارى من أجل
أملاكه، ثم أرسله أسيرًا إلى المغرب، واستقرَّ فى أغمات بالقرب من مراكش­.

وحاول المُعْتَمِد بن
عَبَّاد والأفطس أن يثنيا الأمير يوسف عن عزمه، ولكنَّه رفض مقابلتهما, وأيقنا أن
زوالهما قريب.

وألقى المرابطون القبض على
تميم بن بلكين والى مالقة وأرسل إلى إفريقية، ثم رجع الأمير يوسف إلى سبتة، وتولَّى
القيادة السياسية والعسكرية القائد المحنك سير بن أبى بكر، وبدأ الأمير يوسف فى
إرسال الجيوش من المغرب إلى الأَنْدَلُس للقضاء الكلى على ملوك الطوائف، وأصبحت
القوة المرابطة فى الأَنْدَلُس قوة ضاربة لا يستطيع أحد الصمود أمامها، وقسم الأمير
يوسف جيش المرابطين إلى أربعة أقسام:

1- جيش بقيادة سير بن أبى بكر توجَّه إلى إشبيلية.

2- وجيش سار إلى قرطبة بقيادة أبى عبد الله بن الحاج وواليها،
آنذاك، ولد المُعْتَمِد الفتح أبو النصر.

3- وسار جرور اللمتونى
إلى أرض رندة بجيش ثالث، وفيها ولد آخر للمُعْتَمِد وهو يزيد الراضى بالله.

4-
وسار أبو
زكريا بن واسندوا إلى المرية التى فيها المعتصم بن صمادح، صديق المُعْتَمِد
الحميم.

وبقى يوسف بن تاشفين فى سبتة على رأس جيش احتياطى لكى
يقوم عند الحاجة بإنجاد هذا الجيش أو ذاك­.

وسقطت قرطبة فى يد المرابطين فى صفر 484هـ/1091م بعد مقاومة
عنيفة من
ابنى المُعْتَمِد اللذين قتلا «المأمون ويزيد الراضي» ووصل
المرابطون إلى ضواحى طُلَيْطِلَة مهددين ملوك النصارى، واستولوا على قلعة رباح التى
فتحت الطريق أمامهم إلى قشتالة، واشتدَّ الخوف بالمُعْتَمِد بن عَبَّاد الذى أرسل
إلى ألفونسو يستنجده ضد المرابطين، وعقد الخطر المشترك أواصر الصداقة بينهم.

وسقطت قومونة بعد حصار قصير فى ربيع الأول
484/1091م، وأصبح أمير إشبيلية فى خطر عظيم، وجاءته إمدادات النصارى التى أرسلها
ألفونسو بقيادة الكونت جومز، وعدتها أربعون ألف رجل مرتجل، وعشرون ألف فارس، ووصلت
إلى مقربة من قرطبة وتصدَّى لهم القائد الشجاع إبراهيم بن إسحاق فى جند الشجعان،
ونشبت بين الفريقين معركة حاسمة، أصاب فيها المرابطون بالرغم من خسائرهم نصرًا
كبيرًا مبينًا، وغدت إشبيلية بعد فرار النصارى تحت رحمة المرابطين
.

وكانوا قد ضربوا حولها الحصار، وكان سير بن
أبى أبكر يقود الجيش المحاصِر، وفتحت إشبيلية عنوة فى رجب 484هـ/1091م، وكانت خاتمة
المُعْتَمِد بن عَبَّاد مأساة حزينة، وكانت عبرة لتقلُّب الدهر، وذلك أن الرجل الذى
لبث زهاء ربع قرن يقبض بيديه على مصاير إسباني
ا، والذى كان يحكم سواد
النصف الجنوبى لشبه الجزيرة، والذى يرجع إليه سبب استيلاء ألفونسو السادس على
طُلَيْطِلَة، والذى استدعى المرابطين إلى الأَنْدَلُس، اختتم حياته الحافلة
بالأحداث فى غمرة البؤس والحزن فى أغمات المغرب فقد قبض عليه بعد سقوط إشبيلية،
لقد كانت محنة المُعْتَمِد بن عَبَّاد عظيمة،
وتعاطف معه كثير من المؤرخين والأدباء والشعراء، واتهموا يوسف بن تاشفين بالقسوة
والغلظة وأنَّه صحراوى بدوى نزعت الرحمة من قلبه، واستدلُّوا أنه ذو نزعة توسعية
دنيوية، ولذلك أنزل العقوبة المؤلمة على من استطاع من ملوك الأَنْدَلُس وتخلَّص
منهم.

والواقع يقول: إن ابن تاشفين لم يطمع فى
الأَنْدَلُس، وتردد كثيرًا قبل العبور، وعفَّ عن الغنائم بعد الزِّلاقَة وتركها
للمُعْتَمِد ولأمراء الأَنْدَلُس، ولم يأخذ منها شيئًا، وكانت عودته, ثم عاد فى
الجواز الثانى بسبب اختلافات ملوك الطوائف الهزلي، وتحالُفِ بعضهم مع ملوك النصارى،
ولما اشتد الخطب على أهل الأَنْدَلُس, وأفتى العلماء بخلع ملوك الطوائف حرصًا على
سلامة الدِّين والعقيدة؛ قرَّر الأمير يوسف أن يضع حدًا لمهزلة ملوك الطوائف, لقد
آنَ - من أجل الشريعة والمصلحة العظمى للأمة- لهذه الدويلات الهزيلة الضعيفة
المتناحرة المتحالف بعضها مع الأعداء أن تنتهي
.

وبسقوط إشبيلية تزعزعت باقى
المُدُن والحصون، وأصبحت غرناطة ومالقة وجيان وقرطبة وإشبيلية والمرية تحت حكم
المرابطين فى وقت لم يتجاوز ثمانية عشر شهرًا.

ولما سقطتْ المرية بيد داود ابن عائشة، هذا القائد
المجاهد المرابط فى سبيل الله، المنصور بإسلامه ودينه وصفاء عقيدته وحفظه للعهود،
واصل سيره الموفق مع جنوده البواسل, وافتتح مرابيطر وبلنسية وشنتمرية، ولم تغن
أمراءهم معاونة الكمبيادور وفرسانه، فبلنسية كان بها يحيى بن ذى النون «القادر»،
وعلى الرغم من أنه كان منضويًا تحت حماية ملك قشتالة، وقد خفت لإنجاده فرقة كبيرة
منهم، وقوة من المرتزقة المسلمِين من مرسية بقيادة ابن طاهر على الرغم من كل هذا
سقطت بلنسية بيد المرابطين أصحاب الأيادى المتوضئة، والقلوب الطاهرة، والضربات
الفتاكة لكل جبار عنيد.

واستمرَّ داود ابن عائشة فى فتح حصون
وقلاع مُدُن شرق إسبانية تحفُّه العناية الإلهية، وتنزل عليه الفتوحات الربَّانية,
ويخط للمغاربة وللأمة الإسلاميَّة تاريخًا مجيدًا باقيًا على مر العصور والأزمان،
واضحة معالم العقيدة والإيمان فى نحته وكتبه بماء الذهب الصافي.

أمَّا القائد الربَّانى
والفارس الميدانى سير بن أبى بكر فكان جهاده الميمون فى غرب الأَنْدَلُس؛ حيث زحف
إلى بطليوس وأميرها يومئذٍ مُحَمَّد بن الأفطس «المُتَوَكِّل» بعد أن فتح إشبيلية
كما سلف، فاستولى على شلب ويابرة, ثم احتلَّ بطليوس فى صفر 487هـ - آذار (مارس)
1094م.

وفى الوقت الذى سقطت فيه بطليوس، استطاع
المرابطون أن يفتحوا جزر البليار، التى كان واليها يومئذٍ من بنى شهيد أتباع أمراء
بلنسية ودانية، وأحسن المرابطون صنعًا بفتح الجزر الشرقية «بليار» فى الوقت
الملائم، فقد كانت منعزلة تعيش تحت هيمنة الأسطول النصراني، وقد تم الفتح على يد
القائد البحرى ابن تافرطست.

بذلك أصبحت إسبانيا المسلمة تحت قبضة دولة المرابطين الفتية سنة487هـ
/1094م، ونستثنى من ذلك ولاية سَرْقُسْطَة التى كان واليها أحمد بن هود «المستعين
بالله» الذى أبلى بلاءً حسنًا فى جهاد النصارى, وظهرت فيه شهامة ورجولة أقنعت
الأمير يوسف على إبقائه فى مُلكِه، وتحالف ابن هود مع إخوانه فى العقيدة ضدَّ
أعدائهم فى الدِّين، وكان سدًا منيعًا فى الثغور الشمالية وقد كلف النصارى خسائر
هائلة فى الأموال والأرواح.

واستطاع النصارى أن يحتلُّوا مدينة «بلنسية» عام 487هـ
بقيادة القائد
النصرانى الكمبيادور الذى
أمن قاضيها «ابن جحاف» ثم أحرقه بالنار، وعمل المرابطون على إرجاع بلنسية والحصون
التى وقعت فى يد النصارى، وتمكَّنوا من تحرير بلنسية عام 495هـ.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:02 pm

العبور الرابع للأمير يوسف فى
الأندلس


لما أصبحت إسبانيا المسلمة تحت حكم
المرابطين بما فى ذلك سَرْقُسْطَة التى حكمها بنو هود، عبر أبو يعقوب يوسف بن
تاشفين العبور الرابع سنة 496هـ/ 1103م بعد استرداد بلنسية بعام واحد، يبتغى تنظيم
شئونها، وليطلع على حسن سير الإدارة، ودعا القادة والولاة وزعماء الأَنْدَلُس،
وشيوخ القبائل المغربية التى تدين بالطاعة له إلى الاجتماع فى قرطبة، وعيَّن ولده
الأصغر عليًًّا «أبا الحسن» وليًّا للعهد؛ فقد ظهرت مواهبه ونجابته ورجاحة عقله
ولمس والده فيه الخصال اللازمة لحكم شعوب وأمم كثيرة .


نص ولاية
العهد للأمير على بن يوسف :


عهد الأمير يوسف إلى كاتبه الفقيه أبى مُحَمَّد بن عبد الغفور
أن يكتب نص ولاية العهد وكان مشهورًا ببلاغته، وهذا هو النص: «الحمد لله الذى رحم
عباده بالاستخلاف، وجعل الإمامة سبب الائتلاف، وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد نبيه
الكريم الذى ألف القلوب المتنافرة، وأذل لتواضعه عزة الملوك الجبابرة.


أما بعد: فإن أمير
المُسْلِمِين وناصر الدِّين أبا يعقوب بن تاشفين لما استرعاه على كثير من عباده
المؤمنين، خاف أن يسأله الله غدًا عما استرعاه كيف تركه هملاً لم يستنب فيه سواه،
وقد أمر الله بالوصية فيما دون هذه العظمة، وجعلها من آكد الأشياء الكريمة، كيف فى
هذه الأمور العائدة فى المصلحة الخاصة والجمهور، وإن أمير المُسْلِمِين بما لزمه من
هذه الوظيفة وحضه الله بها من النظر فى الأمور الدِّينية الشريفة، قد أعزّ الله
رماحه وأحد سلاحه، فوجد ابنه الأمير الأجل أبا الحسن أكثرها ارتياحًا إلى المعالى
واهتزازًا، وأكرمها سجية وأنفسها اعتزازًا، فاستنابه فيما استرعي، ودعاه لما كان
إليه ودعا، بعد استشارة أهل الرأى على القرب والنأي، فرضوه لما رضيه، واصطفوه لما
اصطفاه، ورأوه أهلاً أن يسترعى فيما استرعاه، فأحضره مشترطًا عليه الشروط الجامعة
بينهما وبين المشروط قبل، وأجاب حين دُعي، بعد استخارة الله الذى بيده الخيرة
والاستعانة بحول الله الذى من آمن به شكره، وبعد ذلك مواعظ ووصية بلغت النصيحة
مرامى قصية، يقول فى ختامه شروطها وتوثيق ربوطها، كتب شهادته على النائب والمستنيب
من رضى إمامتها على البعيد والقريب، وعلم علمًا يقينًا بما وصاه فى هذا الترتيب
وذلك فى عام 495هـ / 1101م­.

- وأوصى يوسف بن تاشفين ابنه عليًّا بما يلي:


ألا يُعَيّن فى مناصب
الحُكَّام والقضاة فى الولايات والحصون والمُدُن إلا المرابطين من قبيلة لمتونة.

وأن يحتفظ فى الأَنْدَلُس بجيش دائم
حسن الأجر من المرابطين، قو
امه سبعة عشر ألف فارس، يطعمون على حساب الدولة يوزعون كما
يأتي: أربعة ألاف فى ولاية سَرْقُسْطَة، وسبعة آلاف فى إشبيلية، وثلاثة آلاف فى
غرناطة، وألف فى قرطبة، والباقى قدره ألفان يحتلون قلاع الحصون كحامية، ويحسن أن
يعهد إلى مسلمى الأَنْدَلُس بحراسة الحدود النصرانية ومحاربة النصارى، فهم لهم
معرفة أوسع وخ
برة أكبر على مقاتلة النصارى من المغاربة، وأن يعمل على تشجيع
الأَنْدَلُسيين على روح الجهاد وأن يكافئ المتفوقين فى الحرب منهم بالخيل والسلاح
والثياب والمال.


ونصح أبو يعقوب ابنه أن يعامل أهل الأَنْدَلُس وخصوصًا قرطبة
بالرفق واللين، وأن يقوى علاقته الأخوية مع بنى هود الذين هم طليعة الأَنْدَلُسيين
فى محاربة النصارى
.

ولما انتهى يوسف بن تاشفين من تنظيم شئون الأَنْدَلُس وقسمها
إلى ست ولايات هى إشبيلية، غرناطة، قرطبة، بلنسية، مرسية، وسَرْقُسْطَة، عاد ابن
تاشفين إلى مراكش.


- لقد مرت سياسة المرابطين فى الأندلس بمراحل
ثلاث


1- مرحلة التدخل من أجل الجهاد وإنقاذ المُسْلِمِين، وقد انتهت
بانسحاب المرابطين بمجرد انتصار الزِّلاقَة.

2- مرحلة الحذر من
ملوك الطوائف، بعد أن ظل وضعهم وضع التنافر والتحاسد والتباعد، ولم يفكروا فى
الاندماج فى دولة واحدة، بل فضل بعضهم التقرب إلى الأعداء للكيد ببعضهم.

3-
مرحلة ضم الأَنْدَلُس
إلى المغرب، فوضعوا حدا لمهزلة ملوك الطوائف.



موقف المرابطين من الخلافة
العباسية

رأى المرابطون إن مبايعة
الخليفة العبَّاسى واجبة، ولذلك أعطوا بيعتهم له لكونهم مالكيين سنيين، فاعترفوا
بالخلافة العباسية واتخذوا السواد شعارًا لهم، ونقشوا اسم الخليفة العبَّاسى على
نقودهم منذ منتصف القرن الخامس الهجري، وبعد أن بسط الأمير يوسف سيادته على
الأَنْدَلُس طلب منه الفقهاء أن تكون ولايته من الخليفة لتجب طاعته على الكافة،
ونزولاً عند رغبتهم اتصل بالخليفة العبَّاسى أحمد المستظهر بالله 487-512هـ /
1094م- 1118م وأرسل إليه بعثة من عبد الله بن مُحَمَّد بن العربى الإمام المعروف،
وزوَّدها بهدية ثمينة, وبكتاب يذكر فيه ما فتح الله على يده من البلاد فى المغرب
والأَنْدَلُس، وما أحرزه من نصر للمسلمين، وعزٍّ للإسلام، ويطلب فى النهاية تقليدًا
بولاية البلاد التى بسط نفوذه عليها، وأدَّت البعثة مهمتها بنجاح؛ فتلطَّفت فى
القول, وأحسنت الإبلاغ وعادت إلى المغرب بتقليد الخليفة وعهده للأمير يوسف بن
تاشفين الذى سُرَّ بذلك سرورًا عظيمًا.


لقد كانت دولة المرابطين من الناحية العملية تستطيع أن تستغنى
عن الخلافة العباسية الضعيفة
, حيث إن السلطان لا يملك من السلطة إلا اسمه، بل كان الأمير
يوسف أكثر قوة منه
؛ يملك ويحكم، ولكن حبَّهم لشريعة الإسلام وحرصَهم على تنفيذ
أَحكام الله فى أسوأ الظروف جعلهم يتقيدون بذلك.


رد الخلافة
العباسية على طلب دولة المرابطين


لاشكَّ أن الخلافة العباسية دخلها سرور عظيم, وكسبت مكسبًا معنويًا
كبيرًا
لقد استطاعت دولة
المرابطين أن تكون سندًا قويًا معنويًا للخلافة العباسية السُّنيَّة, وبذلك تكون
نفَّذت أوامر ربها, واسترشدت بتوجيهات نبيها، فأصابها بركة ذلك من سمعتها العالمية
فى ديار المُسْلِمِين، وأصبحت جزءًا من الخلافة العباسية التى اكتفت منها بالطاعة
المعنوية، وبذلك تحصل أمراء المرابطين من اعتراف الخلافة العباسية
بدولتهم
, حيث
إن المرابطين كانوا يعتقدون اعتقادًا راسخًا أنه لن يعتبر ملكهم مشروعًا إلا إذا
باركته الإمامة القرشية العباسية.


واختلف المؤرِّخون فى زمن اتصال المرابطين بالخلافة العباسية:
فابن الأثير يقول: إن أول اتصال بين المرابطين والعبَّاسيين قد حدث عقب انتصار
الزِّلاقَة, واستيلاء يوسف على الأَنْدَلُس, ويتفق مع ابن الأثير فى هذا الرأى كلٌّ
من ابن خلدون, والقلقشندي, والذهبي­.

وأنا أميل إلى أن اتصال المرابطين كان
قبل ذلك بكثير حيث إن واضع الخطوط العريضة لدولة المرابطين الفقيه «أبو عمران
الفاسى القيرواني» مِن أتباع العباسية, وكلُّ الفقهاء الذين من مدرسته سُنيُّون
مالكيُّون، وبذلك يكون زعماء المرابطين ساروا على نفس التعاليم السُّنيَّة
المالكية.


ونجد أن نقود المرابطين قد نقش
عليها أسماء الخلفاء العبَّاسيين منذ عام 450هـ، أى منذ عهد الأمير أبى بكر بن
عمران، وظلَّ اسم الخليفة العبَّاسى يذكر مقرونًا باسم أبى بكر بن عمران إلى أن
توفى فى عام 480هـ، وخلفه يوسف بن تاشفين فذكر اسمه على السكة مع اسم الخليفة
العبَّاسي، وهذا يدل على صلة المرابطين بالعبَّاسيين قبل الزِّلاقَة، ولا شكَّ
أن كتابة اسم
الخليفة على عملة المرابطين تم بعد اتصالهم بالخليفة العبَّاسي، وبعد أن تلقَّوا
منه إجابة بقبول طاعتهم, وتقليدًا بولايتهم­.


علاقة الأمير يوسف مع بنى
حماد

حرص الأمير يوسف على
علاقة حسن الجوار مع دولة بنى حَمَّاد الصنهاجية التى تقع فى شرق دولة المرابطين،
وكان الحَمَّاديون يتحينون الفرصة لضم أطراف من مملكة المرابطين، وتمَّ لهم ذلك
عندما عبر الأمير يوسف الأَنْدَلُس عام 479هـ، فتحالفوا مع عرب بنى هلال؛ وغزوا
المغرب الأوسط ؛وعادوا إلى بلادهم محملين بالغنائم، وسكت يوسف عن الانتقام منهم,
وصالحهم، ولم يرغب فى الدخول فى حرب معهم مع وجود أسبابها حقنًا لدماء المُسْلِمِين
وحفظًا لشوكتهم وقوتهم.


وعندما تُوفى الناصر بن علناس الحَمَّادى فى عام 481هـ, بعث
الأمير يوسف بكتاب تعزية إلى ولده وخليفته المنصور، مما يدل على نيَّات يوسف
السلمية تجاه بنى حَمَّاد، واستمرَّت حالة السلم بين الفريقين أكثر من عشر سنوات,
ثم نشب خلاف بين والى تلمسان المرابطى تاشفين بن تنغمير وحُكَّام بنى
حَمَّاد
,
فهاجم الأمير تاشفين بدون إذن من الأمير يوسف، واشتدَّ الصِّراع بين الطرفين, وتدخل
الأمير يوسف واستطاع بحكمته وسياسته أن يحقن دماء المُسْلِمِين، وعزل حاكم تلمسان
تاشفين وعيَّن مكانه الأمير مزدلي، وبعد أن ضم الأمير يوسف الأَنْدَلُس أضحت مملكة
بجاية ملاذًا للفارِّين من الأَنْدَلُس، ومع ذلك لم يحرك الأمير يوسف ساكنًا تجاه
عمل بنى حَمَّاد, وبقى الأمر كذلك حتى وفاته
.


لقد كان للتوجه السنى فى
دولة الحَمَّاديين أثر فى تخفيف الصراع مع المرابطين، كما إن لصلة القرابة
الصنهاجية سببًا آخر، وإلا ما كانت تستطيع دولة الحَمَّاديين أن تقاوم جيوش
المرابطين الفتية، وفى نظرى إن بقاء دولة الحَمَّاديين كانت من الأسباب التى أضعفت
الدولة الزيرية والصنهاجية، وسببت توترًا وارتباكًا لدولة المرابطين، ولو ضمت لدولة
المرابطين لكان أفيد للإسلام والمُسْلِمِين وللمغرب الأوسط والأقصى.


علاقة المرابطين مع ملوك الطوائف


مرَّت علاقة المرابطين مع ملوك
الطوائف بمراحل متعددة، وهي:

المسالمة، التحالف، القتال.

مرحلة
المسالمة


لمَّا وصلت دولة المرابطين ذروة قوتها وحطت بجيوشها وأساطيلها
على سهل البحر المتوسط ارتعد ملوك الطوائف، وأصابهم الخوف وركبهم الهمُّ، وأصبحوا
بين قبضتين قويتين: بين النصارى الذين يمكن مداراتهم بالأموال والتنازل عن بعض
الحصون, وبين المرابطين الذى عرفوا بجهادهم واستعلائهم على متاع الدنيا، وحبِّهم
للشهادة, ورفع المظالم عن العباد، وقد وصلهم ظلم ملوك الأَنْدَلُس، وقد اشتهر جنود
المرابطين بصيت عظيم فى تحقيق النصر فى المعارك، وبأس شديد فى القتال مما أدخل
الرعب فى قلوب ملوك الطوائف، فعقدوا اجتماعًا للتشاور فى أمر الخطر القادم من
الجنوب، واستقرَّ رأيهم أن يكتبوا للأمير يوسف يسألونه الإعراض عنهم, وأنَّهم تحت
طاعته، وهذا نص الكتاب:


«أما بعد, فإنَّك إن أعرضت عنا نسبت إلى كرم, ولم تنسب إلى
عجز، وإن أجبنا داعيك نسبنا إلى عقل ولم ننسب إلى وهن، وقد اخترنا لأنفسنا أجمل
نسبنا فاختر لنفسك أكرم نسبتك، فإنَّك بالمحل الذى لا يجب أن تُسبَق فيه إلى مكرمة،
وإن فى استبقائك ذوى البيوت ما شئت من دوام لأمرك وثبوت والسلام».

وأرسلوا مع حامل الكتاب هدايا وتحفًا
نفيسة.

وبعد أن تشاور الأمير
يوسف مع مستشاريه رأى إن يسالمهم ويرضى بما قدَّموا له من طاعة, وردَّ عليهم بهذا
الكتاب جاء فيه:

«بسم الله الرحمن
الرحيم من يوسف بن تاشفين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية من سالمكم وسلم
عليكم, وحكمه التأييد والنصر فيما حكم عليكم، وإنَّكم مما فى أيديكم من الملك فى
أوسع إباحة مخصوصين منا أكرم إيثار وسماحة، فاستديموا وفاءنا بوفائكم, واستصلحوا
إخاءنا بإصلاح إخائكم، والله ولى التوفيق لنا ولكم والسلام».


وقد قرن الأمير يوسف
الكتاب بالتحف وبدرق اللمط التى لا توجد إلا فى ديار المرابطين، ولما وصل كتابه إلى
ملوك الطوائف فرحوا بذلك، وتقوَّت نفوسهم على قتال الإسبان، وأحب أهل الأَنْدَلُس
دولة المرابطين حُكَّامهم ومحكوميهم­.


مرحلة التحالف


وبعد سقوط طُلَيْطِلَة
فى يد الإسبان النصارى عام478هـ اضطرَّ ملوك الطوائف أن يطلبوا النجدة من الأمير
يوسف الذى لبى نداءهم، وكان سببًا فى إيقاف زحف النصارى على ممالك الأَنْدَلُس،
وانتصر على ألفونسو فى معركة الزِّلاقَة المشهورة.

وبعد أن احتك الأمير يوسف بملوك
الطوائف, ووقف على خيانتهم وتحالفهم مع النصارى, واتصالهم بأعداء المُسْلِمِين
انتقلت العلاقة من التحالف إلى العداوة.


مرحلة العداوة:


حيث استعرتْ نار الحرب
بين المرابطين وملوك الطوائف انتهت بضم كل ممالك الأَنْدَلُس لدولة المرابطين إلا
سَرْقُسْطَة التى حكمها أحمد بن هود, والذى كان كالشوكة فى حلق النصارى، فقد قاومهم
زمنًا طويلاً، وتراجع النصارى أمام صمود بنى هود البطولي، وأظهر بنو هود مقدرة
فائقة على قتال النصارى مما جعل المرابطين يحترمونهم، وتوطَّدت العلاقة الوديَّة
بين الأمير يوسف والأمير أحمد بن هود الذى كان وفيًا فى عهوده, ومخلصًا فى جهاده,
وحريصًا على أمَّتِه، ورضى المرابطون ببقاء أحمد بن هود حاكمًا تابعًا لهم, بذلك
أصبحت الأَنْدَلُس ولاية تابعة لدولة المرابطين، وتوارت العناصر والزعامات الهزيلة
وانهار سلطان العصبيات الطائفية
.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:03 pm

نظم الحكم والإدارة فى دولة
المرابطين



أولا: النظام الإدارى:

نظام إمارة
المسلمين


لقد كان نظام الشورى
هو الأساس الذى اعتمده المرابطون فى نظام حكمهم فى بداية دولة المرابطين قبل يوسف
بن تاشفين، فقد كان المرابطون يختارون بكامل الحرية رئيسهم الذى يتم تعيينه بعد عقد
مجلس من زعماء القبائل والولاة والعلماء والفقهاء يشارك فيه شيوخ المرابطين
وأعيانهم، بهذه الطريقة تم اختيار عبد الله بن ياسين، الذى لم يحرص على استمرار
الإمارة فى أسرته، كما أنه لم يباشر أى ضغط على المرابطين فى اختيار يحيى بن عمر ثم
أبى بكر بن عمر، بل كانت وصيته الأخيرة للمرابطين قوله: «إياكم والمخالفة والتحاسد
على الرياسة، فإن الله يؤتى ملكه من يشاء، ويستخلف فى أرضه من أحب من عباده، ولقد
ذهبت عنكم فانظروا من تقدمونه منكم، يقوم بأمركم ويقود جيوشكم، ويغزو عدوكم، ويقسم
بينكم فيئكم، ويأخذ زكاتكم وأعشاركم».


ومن هذه الوصية يتبين أن الزعيم الأول للمرابطين، لم يكن يرى
طريقة الحكم الوراثي، أما يوسف بن تاشفين فقد كان يخشى أن يعود الأمر فوضى بعده وأن
تنفصم عرى هذه الوحدة، وتنتهى هذه الدعوة التى عمل جاهدًا على تبيلغها زهاء نصف
قرن، لذلك رأى يوسف أن يُعَيّن واليًا للعهد يستخلفه بعد موته, وهكذا حدث انحراف فى
اختيار الحاكم عند المرابطين من الشورى إلى النظام الوراثى منذ أن اختار يوسف بن
تاشفين ابنه عليًا واليًا لولاية العهد، وكان اجتهاد يوسف بن تاشفين فى هذا التعديل
الخطير يعتمد على رأيه أن اجتهاده ذلك يحفظ وحدة بلاده ودولته، ويقضى على التنافس
من أجل الحكم ورأى مصلحة بلاده وشعبه تقتضى اختيار ابنه.


وفاة الأمير
يوسف


ثم عاد يوسف بن تاشفين
إلى المغرب، حيث مرض مرضه الأخير الذى استمرَّ زهاء عامين وشهرين، وانتهى بوفاته عن
مائة عام حافلة بالجهاد والدعوة وإعزاز دين الله، وكانت سنة وفاته 500 هـ / 2
سبتمبر 1106م وكان ولى العهد يقوم أثناء مرض أبيه بتصريف أمور الحكم نيابة عن أبيه،
ونجح نجاحًا كبيرًا فى إدارة دفَّة الحكم لدولة المرابطين, وكانت آخر وصية من يوسف
لابنه فى مستهلِّ سنة 500هـ، أن أوصى ولده وولى عهده بعده أبا الحسن عليًّا بثلاث
وصايا أولها: «ألا يهيج أهل جبل درن ومَن وراءه من المصامدة وأهل القبلة» والثانية:
«أن يهادن بنى هود بالأَنْدَلُس, وأن يتركهم حائلين بينه وبين الروم» والثالثة:
«يقبل مِمَّن أحسن من أهل قرطبة ويتجاوز عن مسيئهم» .


لقب أمير
المسلمين


كان زعماء المرابطين
يطلقون على أنفسهم لقب الأمراء، وظل المرابطون يطلقون لقب الأمير على كل زعيم يتولى
أمرهم ابتداءً من عهد أمير لمتونة أبى زكريا يحيى بن عمر اللمتوني .

ويرى بعض المؤرخين من أمثال أبى زرع
فى «روض القرطاس» إلى
أن الأمير يوسف تلقَّب بأمير المُسْلِمِين فى يوم الزِّلاقَة،
ولم يكن يُدعى به من قبل، و
أن ملوك وأمراء الأَنْدَلُس وكانوا ثلاثة عشر ملكًا بايعوه
وسلَّموا عليه باسم أمير المُسْلِمِين وهو أول من سُمى به من ملوك المغرب.


وقد تأثَّر شعب النيجر
بشكل خاص بالمرابطين, وأطلق على حُكَّامه لقب أمير المُسْلِمِين, وكانوا مالكيين فى
المذهب, ويرجع ذلك إلى
أن المرابطين هم الذين نشروا الإسلام فى تلك الربوع النائية­.


نائب
الأمير


كان اتساع مملكة
المرابطين سببًا فى اتخاذ نوَّاب ينوبون عن
أمير
المسلمين
؛ حيث كان من المستحيل عليه أن يشرف وحده على تلك
الدول المترامية الأطراف، فعيَّن بعض النواب المقرَّبين إليه، فعيَّن نائبًا على
شئون الأَنْدَلُس ونوَّابًا على إقليم المغرب، وكان يراعى فى اختيار النائب أن يكون
أقرب الناس إلى أمير المُسْلِمِين، وأن يتوفر فيه حسن الإدارة والكفاية العسكرية
ويعتبر ممثلاً أوليًا لأمير المُسْلِمِين, ويستمد نائب الأمير سلطته من الأمير
شخصيًا، وكان ولى العهد نائبًا للأمير، وتولى نيابة الأَنْدَلُس، وكانت قرطبة هى
المفضلة لإقامة ولى العهد لمكانتها السامية فى نفوس الأَنْدَلُسيين، وأول نائب
عيَّنه الأمير يوسف على الأَنْدَلُس القائد سير بن أبى بكر اللمتوني، ثم بدَّل به
ابنه أبا الطاهر تميم بن يوسف، وتلى نيابة الأَنْدَلُس من حيث الأهمية نيابة فاس
بالمغرب, وكان النائب يستقر فيها عندما كان الأمير يوسف يعود إلى مراكش كى لا تحدث
ازدواجية فى السلطة­.


كانت مهمة النائب بالدرجة الأولى عسكرية, إذ كان عليه أن يخوض
الحروب, ويقمع الفتن وحركات التمرد, يعاونه قادة كبار من
لمتونة­.

وكان من سياسة يوسف بن
تاشفين مع نوابه مراقبتهم, ولا يتيح لهم الاستقرار فى مناصبهم لعهود طويلة حتى لا
يعملوا على الاستقلال، فكان النوَّاب دائمًا معرَّضين للنقل من ولاية إلى أخرى.


تولية
الولاة


كان الأمير يوسف
يُعَيِّن الولاة على الأقاليم من لمتونة بشكل خاص وصنهاجة بشكل عام؛ فولَّى أمراء
قومه الأقاليم، فقبْل ضم الأَنْدَلُس كان سير بن أبى بكر على مدائن مكناسة وبلاد
مكلالة وبلاد فازاز، وولَّى عمر بن سليمان المسوفى مدينة فاس وأحوازها، وداود
ابن عائشة
سجلماسة ودرعة، وتميم بن يوسف مدينة أغمات ومراكش وبلاد السوس وسائر بلاد المصامدة
وتدلا وتامسنا, وبعد ضم الأَنْدَلُس عين يوسف بن تاشفين القائد سير بن أبى بكر
حاكمًا على الأَنْدَلُس، وفوَّض له تعيين والٍ على كل بلد يفتحه ويكون من لمتونة.

وكان الولاة يخضعون
مباشرة لنائب الأمير، ومُنح الأمير يوسف سلطات واسعة: منها حق التصرف فى عزل وتعيين
مَن دونهم مِن الولاة المحليين، ومَن يليهم مِن رجال السلطة، وكذلك القيام بتحركات
عسكرية داخل مناطق نفوذهم، وكان الأمير يوسف وابنه من بعده يراقبون ولاتهم مراقبة
شديدة، ويجرى تبديلهم وعزلهم إذا أساءوا، وكانوا يضعون مصالح الرعية فى المقام
الأول عند تعيين الولاة .


نظام الوزارة

كان الأمير يوسف بعيدًا كل البعد عن اتخاذ الألقاب والألفاظ
والاهتمام بالمناصب، فلم يتخذ وزراء بالمعنى المتعارف عليه، ولم يمنح لقب وزير لأى
شخص
, إلا أنه
اتخذ لنفسه
أعوانًا يرجع إلى مشورتهم، وكُتَّابًا يشرفون على ديوان الرسائل أو الإنشاء، وكانت
لديه هيئة استشارية تشترك فيها طائفة من الفقهاء، والأعيان والكُتَّاب يلازمونه فى
قصره وتنقلاته يبدون آراءهم فى المشاكل المطروحة للبحث, وتبقى الكلمة الفاصلة
للأمير، أمَّا فى الأمور المهمة فكان يجمع زعماء المرابطين وأبناء عمومته من لمتونة
للتداول واتخاذ الآراء، وكان الاتصال بالأمير عن طريق الأعوان من السهولة بمكان،
وساعد على ذلك ما امتاز به الأمير من زُهد فى الدنيا, وتطلع للآخرة, وحب البساطة،
وميل للتواضع.


ديوان الرسائل والمكاتبات عند
المرابطين


كان المرابطون يهتمون
بديوان الإنشاء، ولذلك حرصوا على أن يتولاه رجال من أشهر الأدباء فى تلك الفترة
جلهم أَنْدَلُسيون، واهتم الأمير يوسف بجلب الأدباء والبلغاء والفقهاء لهذه
الأعمال، واستفاد من كُتَّاب ملوك الطوائف, وتوسع ديوان الرسائل مع امتداد رقعة
دولة المرابطين، وانتفع المرابطون انتفاعًا عظيمًا بخبرة الأَنْدَلُسيين أصحاب
الحضارة والأدب، وأقبل المغاربة على ثقافة الأَنْدَلُس ينهلون منها فى تواضع
المستفيدين, وحدث تنافس بين الكُتَّاب، وحاولوا أن يثبتوا جدارتهم فى هذا الفن،
وأصبح ديوان الأمير يوسف متألقًا بالحضارة.


وقام ابنه على بتطوير
ديوان الرسائل وجلب له كتابًا فى غاية البلاغة ودقة الأسلوب, وجمال التعبير, ومما
دفع الأمير عليًا
إلى تطوير دولته تربيته الرفيعة وذكاؤه الوقَّاد, واهتمامه
بكتاب ملوك الطوائف, وتقريبهم إليه فى زمانه، فشعر بحاجته إلى طائفة مثقفة تفهم لغة
الوفود، وتجيد فنون الكتابة، ومِن أشهر أولئك الكتاب والأدباء والبلغاء، مُحَمَّد
بن سليمان الكلاعى المتوفى عام 508هـ, وصفه ابن خاقان فى «القلائد» بقوله: «غرة فى جبين الملك، ودرَّة لا
تصلح إلا لذلك السلك، باهت به الأيام, وتاهت فى يمينه الأقلام، واشتملت عليه الدول
اشتمال الكمام على النور، وانسربت إليه أمانى انسراب الماء على الغور».


وكذلك انضم إلى البلاط
المرابطى أبو مُحَمَّد عبد المجيد بن عبدون المُتَوَفَّى 520هـ، وأبو القاسم
مُحَمَّد بن عبد الله بن الجد الفهرى المتوفى فى عام 515هـ، وابن أبى الخصال
الغافقى المُتَوَفَّى 540هـ، وأبو زكريا بن مُحَمَّد بن يوسف الأنصارى الغرناطى
المُتَوَفَّى 570هـ فى غرناطة، وأحمد بن أبى جعفر بن مُحَمَّد بن عطية القضاعى الذى
نكبه عبد المؤمن بن على خليفة الموحِّدين، وغير هؤلاء كثير من الأدباء والكتَّاب
الذين عملوا فى خدمة دولة المرابطين زمن أمير المُسْلِمِين على بن يوسف.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:03 pm

النظام القضائى فى دولة
المرابطين

تمهيد:

للقضاء مكانة عظيمة ومنزلة شريفة، وفاصل بين النَّاس فى خصوماتهم
وحاسم للتداعى وقاطع للتنازع .

واهتمَّت كلُّ الدول التابعة للخلافة
بتطوير نظامها القضائى وخصوصًا المرابطين الذين حرصوا على إقامة العدل ونشره فى
ربوع بلادهم، فكان لمنصب القضاة أهمية كبيرة، ولذلك حرص أمراء المرابطين على تعيين
القضاة مِمَّن برزوا فى العلم والفقه وتميزوا بالمقدرة على تولى هذه المناصب فى
دولتهم دون الاستناد على العصبية القبلية، حتى أصبح أكثر القضاة من غير قبيلة
صنهاجة وهى سياسة حكيمة اتبعها الأمير يوسف رغبة فى تحقيق العدالة وتطبيق
تعاليم الإسلام.

وقد منحهم رتبة عالية فى الدولة حتى كثرت أموالهم، واتسعت
مكاسبهم، وكانوا يستمدون نفوذهم من سلطة الدولة نفسها، يحكمون وفق المذهب المالكي،
ويقوم بتنفيذ أحكامهم الولاة والحُكَّام المحليون، وقد شارك القضاة فى معارك الجهاد
فى
الأَنْدَلُس، واستشهد بعضهم فى معركة
الزِّلاقَة منهم القاضى عبد الملك المصمودى قاضى مراكش .


وكانت السُّلطَة القضائية
تتمتع باستقلال كبير عن السُّلطَة التنفيذية، وكان تعيين القاضى يصدر بمرسوم عن
أمير المسلمين، وكذلك عزله، وكان لأهل البلدان التابعة لدولة المرابطين حق الترشيح
لمَن يرونه مناسبًا لمنصب القضاء فى بلدهم.

وإذا أراد أمير المسلمين عزل قاضٍ فى بلد معين فعليه أن يوضح الأسباب
لأهل ذلك البلد.


- منصب قاضى الجماعة فى الأندلس
يعتبر منصب قاضى الجماعة من أرفع المناصب القضائية فى
الأَنْدَلُس، كان صاحبه يشرف على القضاء فى جميع أنحاء الأَنْدَلُس.

ومن أشهر مَن تولَّى منصب
قضاء الجماعة فى الأَنْدَلُس فى عصر على بن يوسف أبو الوليد مُحَمَّد بن مُحَمَّد
بن أحمد بن رشد المالكى وأبو عبد الله مُحَمَّد بن أحمد بن خلف إبراهيم التجيبى
المعروف بابن الحاج .

- قاضى الجماعة فى المغرب
كانت رئاسة القضاء فى المغرب فى زمن دولة المرابطين تسند إلى قاضى
الجماعة بمراكش، الذى كان يُسمى بقاضى قضاة المغرب أو بقاضى الحضرة، وكان على من
يتولَّى هذا المنصب أن يكون مِن المقربين إلى قلب أمير المسلمين يستفتيه فى كل ما
يعرض له من شئون، ومن أشهر مَن تولَّى هذا المنصب: أبو مُحَمَّد عبد الله بن
مُحَمَّد بن إبراهيم بن قاسم بن منصور اللخمي، وأبو الحسن على بن عبد الرحمن
المعروف بابن أبى حقون، وأبو سعيد خلوف بن خلف الله.

- مجلس الشورى
القضائي

كان للقاضى فى صحبته
مجموعة من فقهاء البلد الذى تولَّى قضاءه ليشاورهم قبل أن يصدر الأحكام، وكان قاضى
المدينة يتولى اختيار هؤلاء الفقهاء من أهل مدينته، مِمَّن يُعرفون بالورع والتقوى
والتبحر فى الفقه والعلوم الدينية، ويحدد ابن عبدون هؤلاء الفقهاء والمشاورين
بأربعة: اثنين يشتركان فى مجلس القاضي، واثنين يقعدان فى المسجد الجامع
.

- قضاء
الذميين فى دولة المرابطين

أما بالنسبة لأهل الذِّمة فى الأَنْدَلُس، فقد كان رجال الدين
النصارى واليهود يتولون القضاء لهم، دون أن يتدخل فيهم قضاة المسلمين، أجاز الفقهاء
تقليد الذِّمى القضاء لأهل الذِّمة، وفى الأَنْدَلُس خصص المسلمون لأهل الذِّمة
قاضيًا يعرف بقاضى النصارى أو قاضى العجم، أما إذا كانت الخصومة بين ذمى ومسلم فإن
قضاة المسلمين يتولون الفصل بينهما.


النظام المالى فى عصر
المرابطين

حرص المرابطون فى دولتهم على إسقاط الضرائب غير المشروعة عن
كاهل شعوبهم التى فرضها الزناتيون فى المغرب وملوك الطوائف
فى الأَنْدَلُس، وكذلك المكوس والرسوم والضرائب فى جبل طارق، ولم يفرض المرابطون فى
دولتهم رسم مكس أو معونة خراج لا فى حاضرة ولا فى بادية، واتبعوا نظامًا ماليًا
يقوم على قواعد الإسلام، وكان هذا النظام ظاهر المعالم فى زمن الأمير يوسف بن
تاشفين الذى التزم بالكتاب والسنة فى جمع الأموال وتوزيعها، فاعتمد على الزكاة
والعشر والجزية وأخماس الغنائم، وجب
ي بذلك مِن الأموال على
الوجه الشرعى ما لم يجبه أحد، وترك فى خزائنه مبلغ ثلاثة عشر ألف ربع مِن الورق،
وخمسًا وأربعين ألفًا من دنانير الذهب وأمَّا فى عصر على بن يوسف فاختلف الأمر,
وفرض الضرائب على بعض السلع، وفرض ضريبة جديدة على مدن الأَنْدَلُس الهامة، وكان
يُخصِّص دخلها لإقامة أسوار جديدة وترميم الأسوار القديمة، وكان سبب فرض هذه
الضريبة دخول ألفونسو المحارب للأَنْدَلُس غازيًا عام 519هـ؛ فاضطرَّ لتحصين المدن
وترميم الأسوار وتقوية الجيوش؛ ففرض ضرائب تساعده فى تسديد هذه النفقات التى لا غنى
عنها.


كانت العملة الرئيسية لدولة
المرابطين هى الدينار الذهبى الذى كان عماد الاقتصاد فى الدولة, وظلَّت هذه العملة
المرابطية الذهبية مستخدمة لعدة قرون، حتى بعد سقوط الدولة المرابطية، كما
استخدم
ت
العملة الفضية المعروفة بالدرهم الفضي، لتسهيل المعاملات التجارية.

وانتشرت دور سك العملة فى
مختلف أجزاء الدولة فى المغرب أو فى الأَنْدَلُس مثل أغمات, تلمسان، سجلماسة، فاس،
مراكش، سبتة، مكناسة، طنجة، شاطبة، إشبيلية، دانية، غرناطة، قرطبة، مالقة، مرسية،
سرقسطة، وغيرها.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:04 pm

الآثار المعمارية فى المغرب
والأندلس


إن دولة المرابطين تركت آثارًا معمارية
بارزة ظلَّت باقية على مرِّ الدهور وكرِّ العصور لترشد الأجيال المتعاقبة على سموِّ
حضارة المرابطين المعمارية، ومن أعظم هذه الآثار على الإطلاق:

- جامع
القرويين

من أهم المساجد الجامعة فى بلاد المغرب
وأكثرها شهرة لكونه جامعة إسلامية عريقة ضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، وكانت هذه
الجامعة تقارع الأزهر الشريف فى العلم وتخريج الدعاة والعلماء الفقهاء
ولقد مرَّ جامع القرويين بثلاثة أدوار:

الأول عند تأسيسه سنة 254هـ/859م.

والثانى عند الزيادة فيه سنة 345هـ/956هـ.

والثالث عندما زيدت مساحته فى عصر على بن
يوسف سنة 530/1135م
وتولَّى مشروع زيادة مسجد القرويين وتوسيعه القاضى أبو عبد
الله مُحَمَّد بن داود بسبب ضيق المسجد بالنَّاس, واضطر
ار
هم للصلاة فى الشوارع والأسواق فى يوم الجمعة، وحرص على أن يكون المال
من أوقاف مساجد المسلمين، وأشرف القاضى

أبو عبد الله بنفسه على هذا المشروع الحضارى العظيم وكان تمام التوسعة
عام 538هـ.

ولقد تخرَّجتْ فى جامع
القرويين على مرِّ العصور وكرِّ الدهور أفواج عديدة من فقهاء الأمة وعلماء الملة
ودعاة الشريعة والمُجَاهِدين الأبرار والقادة العظام، وكان لمسجد القرويين عند
المرابطين مكانة عظيمة فى نفوسهم.

وتذكرُ كتب التاريخ أن منبر جامع القرويين من
أجمل منابر الإسلام، وتدل على روعة المغاربة فى اختياراتهم الذوقية
الرفيعة.

- المسجد الجامع
بتلمسان

وكان مقرًا لنشر علوم الإسلام وتربية
المسلمين على معانى القرآن، وتم بناء هذا المسجد عام 530هـ فى إمارة على بن يوسف،
وكانت هندسته المعمارية فى غاية الجمال ودقة الإتقان، ورأى بعض المؤرخين إن البنيةَ
المعمارية لمسجد تلمسان فيها لمسات أَنْدَلُسية, وفنون معمارية قرطبية، بل بعضهم
يرى
أن عرفاء
مسجد تلمسان قلَّدوا جامع قرطبة تقليدًا مباشرًا فى لوحتى الرخام اللتين تكسوان
إزار واجهة المحراب بتلمسان، وكذلك سقف المسجد الخشبى شبيه بسطح مسجد قرطبة، وكذلك
البلاط شبيهٌ به أيضًا.

والذى يظهر أن دولة المرابطين انصهرتْ
فى بوتقتها حضارة المغاربة والأَنْدَلُسيين والأفارقة، فتجد تلك المعالم الحضارية
المختلفة فى كافة بقاع دولة المرابطين، ولا ينكر تأثير المعالم الحضارية المعمارية
الأَنْدَلُسية فى جميع مدن الدولة.

- الآثارُ
الحربية

اهتم المرابطون بالحصون والقلاع؛ ولذلك
انتشرت فى المدن والثغور.

وزاد الاهتمام بالتحصينات العسكرية فى زمن على بن يوسف, الذى أكثر من الأسوار
والقلاع والحصون للدفاع عن دولته فى المغرب ضد الحركات السياسية والثورات العدائية
المناهضة لدولة المرابطين، وواصل الأمير على اهتمامه بهذا الأمر كذلك فى
الأَنْدَلُس.

ومن أروع آثار المرابطين
الحضارية الحربية أسوار مراكش حيث بدأ الأمير على بن يوسف فى بناء سور
المدينة
عام
520هـ وكمَّل بناء السور عام 522هـ.

وانتشرت فكرة بناء الأسوار فى الأَنْدَلُس،
وفرضت الدولة على رعاياها ضريبة تنفق على هذا الهدف الاستراتيجى الجهادى الدفاعي.

ومِن أشهر الأسوار التى
بنيت أو أعيد ترميمها فى الأَنْدَلُس، أسوار المرية وأسوار قرطبة التى امتازت
بأبراجها المستطيلة الضخمة المتقاربة، وأسوار إشبيلية من جهة نهر الوادى الكبير،
وبنى المُرَابطون فى المناطق الوعرة حصونًا بالحجر، وشحنوها بالجنود والأقوات؛ لكى
تصمد للحصار مدة طويلة.

ومن أشهر قلاع المرابطين فى الأَنْدَلُس
قلعة منتقوط التى تقع على بساتين مرسية، ومِن أشهر قلاع المرابطين فى المغرب قلعة
تاسغيموت التى تقع على بعد ثلاثة كيلو مترات جنوب شرق مراكش، وعلى بعد نحو عشرة
كيلو مترات شرق أغمات على سطح هضبة أطرافها ذات أجراف وعرة شديدة الانحراف، يصعب
على الغازين ارتقاؤها، وأسوارها تمتد على حافة الهضبة نفسها.

إن قلاع المرابطين وحصونهم تدل على
أن فنَّ
العمارة فى زمانهم تأثر بالغ التأ
ثر بفنِّ العمارة الأَنْدَلُسي.

علوم التاريخ والجغرافيا


ظهر فى عصر المرابطين عدد كبير من أعلام
الرواية والكتابة التاريخية نذكر فى مقدمتهم: أبو زكريا بن يحيى بن يوسف الأنصارى
الغرناطى المعروف بابن الصيرف
ى، كان من أعلام عصر على بن يوسف فى البلاغة والأدب والتاريخ،
كتب بغرناطة عن الأمير تاشفين بن على بن يوسف أيام أن كان واليًا على الأَنْدَلُس،
وألَّف فى تاريخ الأَنْدَلُس فى العصر المرابطى كتابًا سماه «الأنوار الجلية فى
تاريخ الدولة المرابطية»، وكتابًا آخر سماه «قصص الأنباء وسياسة
لرؤساء»
,
وهما مؤلفان لم يصلا إلينا مع الأسف، ولم يصل إلينا من مؤلفاته الأولى سوى شذور
نقلها المتأخرون مثل ابن الخطيب خاصة روايته عن غزوة ألفونسو المحارب للأَنْدَلُس
سنة 519هـ/1125م، وقد توفى ابن الصيرفى بغرناطة فى سنة 570هـ، وهناك أيضًا أبو
الحسن على بن بسام الشنترينى
542هـ) صاحب كتاب «الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة», وهذا الكتاب
موسوعة أدبية تاريخية يتضمن تراث القرن الخامس الهجرى/
الحادي عشر الميلادي، وأبو
عبد الله مُحَمَّد بن خلف بن الحسن بن إسماعيل الصدفي، ويعرف بابن علقمة, وهو من
أهل مدينة بلنسية
وله كتاب سمَّاه «البيان الواضح فى الملم الفادح» وتوفى ابن علقمة عام
509هـ/1114م، وأبو طالب عبد الجبار عبد الله
ابن أحمد بن أصبغ، وله
كتاب يسمى «عيون الإمامة ونواظر السياسة»، وأبو عامر مُحَمَّد بن أحمد بن عامر
البلوى المعروف بالسالمي، وقد ألَّف كتابًا فى التاريخ سماه «درر القلائد وغرر
الفوائد»، وأبو نصر الفتح بن مُحَمَّد القيسى الإشبيلي، والمعروف بالفتح بن خاقان، ومن تواليفه كتاب «قلائد العقيان فى محاسن
الأعيان»، وكتاب «مطمع الأنفس ومسرح التأنس»
, وكتاب «رواية المحاسن وغاية المحاسن», وأبو القاسم خلف بن عبد
الملك ويعرف بابن بشكوال، وكان من أعلام المؤرخين فى عصر المرابطين، وأشهر تواليفه
كتابه المعروف «بالصلة»، الذى جعله تتمة لكتاب ابن الفرضى فى تاريخ علماء
الأَنْدَلُس، ومن تواليفه أيضًا كتاب «الغوامض والمبهمات» فى اثنى عشر جزءًا، وكتاب
«المحاسن والفضائل فى معرفة العلماء الأفاضل» فى
واحد وعشرين جزءًا وقد
توفى ابن بشكوال فى رمضان 578هـ.

وفى مجال الجغرافية نبغ عدد من كبار جغرافى
الأَنْدَلُس والمغرب فى عصر المرابطين نذكر منهم: الشريف أبو عبد الله مُحَمَّد
الإدريسي, صاحب كتاب «نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق»، وقد ألَّف الإدريسى لرجار
الثَّانِى صاحب صقلية، ولذا يُعرف هذا الكتاب فى كتب الجغرافية العربية باسم
الرجاري.

ومن جغرافيى عصر المرابطين
عبد الله بن إبراهيم بن وزمر الحجارى صاحب كتاب «المسهب فى غرائب المغرب»، وقد اتخذ
بنو سعيد كتابه أساسًا لكتابهم المعروف باسم «المغرب فى حلى
المغرب».

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين يونيو 13, 2011 10:10 pm

علوم الطب

تقدمت العلوم الطبية فى عصر المرابطين تقدمًا
يشهد له الأسماء والأعلام التى تألقت فى حضارة الأَنْدَلُس والمغرب، وأشهرها ابن
زهر وهو اسم طبيب أَنْدَلُسى من أعظم أطباء الإسلام، مِمَّن تركوا بصماتهم واضحة فى
تاريخ الحضارة الإنسانية جمعاء، وينتسب أبو مروان عبد الملك بن زهر إلى أسرة
أَنْدَلُسية لمعت فى ميدان الطب والعلوم الطبيع
ية
والكيميائية،
عميدها الأكبر هو أبو مروان عبد الملك ابن الفقيه مُحَمَّد
بن مروان بن الأزهر الأيادى الإشبيلي.

وكان والده الفقيه محمد بن مروان من جلة
الفقهاء المتميزين فى علم الحديث فى إشبيلية، وقد رحل أبو مروان فى شبابه إلى
المشرق وسمع فى القيروان ومصر، وتتلمذ على أيدى علماء المشرق فى الطب
.

ورجع إلى الأَنْدَلُس، وأصبح من أشهر
علماء الطب فيها, وتوفى فى إشبيلية، وورثه فى علم الطب ابنه أبو العلاء الذى تبوأ
مكانة عظيمة فى دولة المرابطين، ومن تواليفه «الخواص» وكتابه «الأدوية المفردة»
وكتاب «الإيضاح بشواهد الافتضاح» فى الرد على ابن رضوان فيما رده على حنين بن إسحاق
فى كتاب المدخل إلى «الطب»، وكتاب «النكت الطبية»،
وكتاب «الطرر» ومقالة فى
تركيب الأدوية، وتوفى أبو العلاء فى قرطبة 525هـ, وح
ُمل إلى إشبيلية ودفن بها، وأمر
الأمير على بن يوسف بجمع كتبه ونسخها.

وتم ذلك عام 526هـ, وورث ابنه أبو مروان
من والده صناعة علوم الطب، ونبغ فى هذا المجال، ولم يكن فى زمانه مَن يماثله أو
ينافسه، وكان له حظوة لدى الأمراء المرابطين، فقد صنف للأمير أبى إسحاق إبراهيم بن
يوسف بن تاشفين كتابًا سماه «الاقتصاد فى صلاح الأجساد»، ومن تواليفه أيضًا كتاب
«التيسير فى المداواة والتدبير» وقد ألفه القاضى أبو الوليد بن رشد وهذا الكتاب
يُعد من أعظم مراجع الطب فى العصور الوسطى، وله أيضًا كتاب «الأغذية»، ومقالة فى
علل الكلى، ورسالة فى علتى البرص والبهق، وتوفى هذا العالم فى عام 557هـ فى
إشبيلية.

ومن الأطباء الذين برعوا فى عصر على بن
يوسف: أبو عامر مُحَمَّد بن أحمد بن عامر البلوي، وله فى الطب كتاب سماه
«الشفا»
,
وأبو الحسن على بن عبد الرحمن بن سعيد السعدى وغيرهم.

ومما يؤكد اهتمام دولة المرابطين بالطب
وجود منصب يعرف برئيس الصناعة الطبية
, وهو منصب هام يقابل ما
نطلق عليه اليوم اسم وزير الصحة، إذ كان فيما يبدو المسئول الأول أمام الأمير فى
صناعة الطب, وما يتعلق بها مِن الأدَويَة والعقاقير.



أسباب سقوط دولة
المرابطين


1- ظهور روح الدعة والانغماس فى
الملذَّات والشهوات عند حُكَّام المرابطين وأمرائهم فى أواخر عصر على بن يوسف، وكان
للمجتمع الأَنْدَلُسى تأثير لا ينكر فى قادة وأمراء وحكام دولة المرابطين الذين
استجابوا لنزوات شهواتهم وانغمسوا فى الحياة الدنيا،

والمترفون فى كلِّ أمَّة هم طبقة الكبراء
الناعمين الذين يجدون المال، ويجدون الخدم، ويجدون الراحة، فينعمون والراحة،
وبالسيادة حتى تترهل نفوسهم ، وترتع فى الفسق وتستهتر بالقيم والمقدسات والكرامات،
وتلغ فى الأرض والحرمات، وهم إذا لم يجدوا مَنْ يَضْرِبُ على أيديهم عاثوا فى الأرض
فسادًا، ونشروا الفاحشة فى الأمة وأشاعوها، وأرخصوا القيم العليا التى لا تعيش
الشعوب إلا بها ولها، ومن ثَمَّ تتحلل الأمة وتسترخي، وتفقد حيويتها وعناصر قوتها
وأسباب بقائها فتهلك وتطوى صفحتها.

2- ظهور السفور والاختلاط بين النساء
والرجال، وبدأت دولة المرابطين فى آخر عهد الأمير على بن يوسف تفقد طُهرَها
وصفاءَها الذى اتصف به جيلهم الأول، مما جعل الرعية المسلمة تتذمر من هذا الانحراف
والفساد، وتستجيب لدعوة مُحَمَّد بن تومرت الذى أظهر نفسه للناس بالزاهد والنَّاسك
والآمر بالمعروف والناهى عن المنكر.

3- انحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى
الوراثى الذى سبب نزاعًا عنيفًا على منصب ولاية العهد بين أولاد على بن يوسف، كما
تطلع مجموعة مِن الأمراء إلى منصب الأمير على ونازعوه فى سلطانه مما سبب تمزقًا
داخليًا، ففقدت الدولة المرابطية وحدتها الأولى، وكثرت الجيوب الداخلية فى كيان
الدولة، وتفجرت ثورات عنيفة فى قرطبة، وفى فاس وغيرهما ساهمت فى إضعاف الوحدة
السياسية وإسقاط هيبة الدولة المرابطية.

4- الضيق الفكرى الذى أصاب فقهاء
المرابطين وحجرهم على أفكار النَّاس, ومحاولة إلزامهم بفروع مذهب الإمام مالك وحده،
وعملوا على منع بقية المذاهب السنية تعصبًا لمذهبهم، وكان لفقهاء المالكية نفوذ
كبير مما جعلهم يوسعون تعصبهم وتحجرهم الفكري.

ويرى بعض المؤرخين أن التعصب الأعمى عند
فقهاء المرابطين فى زمن
الأمير على ابن يوسف كان السبب الأول
فى سقوط دولة المرابطين، لقد أسهم فقهاء المالكية فى دولة المرابطين بقسط وافر فى
تذمر الرعايا، وإضعاف شأن الإمارة، لقد استغل بعض الفقهاء نفوذهم من أجل جمع المال
، وامتلاك الأرض، وعاشوا حياة البذخ والرفاهية المفرطة
.

5- ومن أهم العوامل التى أسقطت دولة
المرابطين: فقدها لكثير من قياداتها وعلمائها العظام أمثال سير بن أبى بكر،
ومُحَمَّد بن مزدلي، ومُحَمَّد
ابن فاطمة، ومُحَمَّد بن الحاج، وأبى إسحاق بن دانية، وأبى بكر
بن واسينو.. فمن لم يستشهد من كبار رجال الدولة أدركه الموت الطبيعي، ولم يستطع ذلك
الجيل أن يغرس المبادئ والقيم التى حملها فى الجيل الذى بعده، فاختلفت قدرات الجيل
الذى بعدهم واستعداداتهم، وهذا درس مهم لأبناء الحركات الإسلامية فى أهمية توريث
التجارب والخبرات المتنوعة والمتعددة للأجيال المتلاحقة.

6- ومن أهم العوامل التى
أنهكت دولة المرابطين، أنها مرَّت بأزمة اقتصادية حادة، نتيجة لانحباس المطر عدة
سنوات، وحلول الجفاف والقحط بالأَنْدَلُس والمغرب، وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية
أ
ن أسراب الجراد هاجمت ما
بقى مِن الأخضر على وجه البلاد مما هيأ الظروف لانتشار مختلف الأوبئة بين كثير مِن
السكان، ووقعت هذه الأزمة فى الفترة الواقعة ما بين أعوام
524هـ-530م.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفى الختام

أتمنى أن ينال الموضوع أعجابكم
ورضاكم


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة



منقول
لمحبي التاريخ
ريانية




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ميادة الثلاثاء يونيو 14, 2011 7:01 pm

تسلمي ريانية
موضوع مميز اركي اليوم اخذتي مكان الاشبيلي
هههههههه
ميادة
ميادة
صديق المنتدى
صديق المنتدى

عدد المساهمات : 185
تاريخ التسجيل : 01/03/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف اسيرة الماضي الثلاثاء يونيو 14, 2011 7:13 pm

شكرا ريانية على هذه الاطلالة والرحلة
اسيرة الماضي
اسيرة الماضي
صديق المنتدى
صديق المنتدى

عدد المساهمات : 348
تاريخ التسجيل : 06/06/2011
العمر : 32
الموقع الموقع : الف قبة وقبة -وادي سوف

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية Empty رد: المرابطون، اللمتونيون، الملثمون: سلالة بربرية أمازيغية

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يونيو 15, 2011 1:17 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى