بريق الكلمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Ehab فمرحبا به
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Pl6sppqunumg
ادخل هنا
المواضيع الأخيرة
» عند الدخول والخروج من المنتدى
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالثلاثاء فبراير 20, 2024 11:24 pm من طرف azzouzekadi

» لحدود ( المقدرة شرعاً )
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi

» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi

» لا اله الا الله
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi

» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi

» عيدكم مبارك
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi

» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالسبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi

» لاتغمض عينيك عند السجود
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالسبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi

» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Emptyالخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح 56303210
جرائد وطنية
أهم الصحف الوطنية
 
 
 
أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:
الساعة
Place holder for NS4 only
عدد زوار المنتدى

 


أكثر من 20.000  وثيقة
آلاف الكتب في جميع المجالات
أحدث الدراسات
و أروع البرامج المنتقاة


فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Image


فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:51 am




فقه الاعتكاف




لفضيلة :
أ . د / خالد بن علي المشيقح








بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، أحمده، وأستعينه، وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل لـه، ومن يضلل فلا هادي لـه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( ) .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً( ) .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً( ) .
أما بعد:
فإن من تمام نعم الله وعظيم منته أن هدى هذه الأمة إلى هذا الدين القويم، والصراط المستقيم الذي به تصلح نفوسهم، وتهذب أخلاقهم، وتنتظم معاملاتهم، ويصح سلوكهم وتقوم حياتهم وفق توجيه قرآني وهدي نبوي تضمنا علماً هو أج العلوم قدراً، وأعلاها فخراً، وأبلغها فضيلة وأشرفها مكانة، وهو علم الشرع الشريف وبيان أحكامه وتفصيل حلاله وحرامه.
كل ذلك ليقوم العباد بالحق الذي من أجله خلقوا؛ وهو عبادته على الوجه الذي ارتضى لهم، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ( ) ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( ) ، وقال تعالى:وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ( ) .
ولقد شرع الله أنواعاً من العبادات وأصنافاً من الطاعات من شأنها إذا قام بها العبد أن تربطه بخالقه وتصله بربه.
ومن أجل هذه العبادات وأعظمها: عبادة الاعتكاف؛ إذ بها يحي القلب، وتزكو النفس، ويتوجه بها العبد إلى الخير والإحسان، ويتذكر بها عقيدة الثواب والعقاب، ويكون في محاسبة لأعماله، وواجباته.
ولها تأثيرها العظيم في إصلاح الفرد والمجتمع.
الداعي لجمع أحكام الاعتكاف:
وقد دعاني إلى الكتابة في أحكام الاعتكاف جملة أمور، أهمها ما يلي:
1- قيام الحاجة إلى معرفة أحكام هذه العبادة من كتاب الله، وسنة رسوله  ، وكلام أهل العلم، وخصوصاً بعد ظهور إحياء هذه السنة عند كثير من المسلمين وكثرة تساؤلهم عن أحكامها.
2- أن ما كتب حول هذا الموضوع مما وقفت عليه لم يستوعب جوانب الموضوع، فتجد قصوراً في استيعاب الأدلة، أو الأقوال أو المسائل.
3- ظهور بعض الآراء المتعلة بشأن الاعتكاف، كقول بعض أهل العلم: عدم شرعية الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، وغير ذلك.
منهج البحث:
لا بد لكل باحث من منهج يسلكه، يحدد معالمه قبل الكتابة، وتتكامل صورته بعد انتهاء الموضوع، وإن من أبرز ملامح منهجي في هذا البحث ما يلي:
أولاً: اقتصرت في بحثي هذا على المذاهب الأربعة، والمذهب الظاهري، كما أذكر رأي مشاهير فقهاء السلف أحياناً.
ثانياً: أقوم بعرض المسألة الخلافية بذكر القول أولاً، فالقائل به، ثم أتبعه بالاستدلال، وما ورد عليه من مناقشة، وما أجيب به عنها، وهذا في جملة البحث، وقد يختلف المنهج تبعاً لاختلاف المسألة.
ثالثاً: اعتمدت في نسبة كل قول لكل مذهب على أمهات كتب المذهب.
رابعاً: اجتهدت في التوفيق بين الأقوال، فإن تعذر ذلك رجحت ما ظهر لي رجحانه، بناء على قوة الأدلة، وبما يتمشى مع قواعد الشريعة، ومقاصدها العامة.
خامساً: عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها في كتاب الله، بذكر السورة ورقم الآية.
سادساً: خرجت جميع الأحاديث الواردة في البحث، وما كان منها في صحيح البخاري، أو مسلم: اكتفيت به، وما لم يخرجه أحدهما، أو كلاهما خرجته من الصحاح، والسنن، والمسانيد المتبقية، مع بيان درجة الحديث معتمداً في ذلك على ما ذكره العلماء في ذلك.
سابعاً: خرجت الآثار الواردة في البحث من مصادرها، مع بيان درجة الأثر ما وجدت في ذلك نقلاً عن أهل هذا الفن.
وأحياناً إذا لم أجد حكماً للمتقدمين على الحديث، أو الأثر، أقوم بالنظر في إسناده والحكم عليه.
ثامناً: وضحت معنى ما يرد في هذا البحث من كلمات وألفاظ غريبة.
تاسعاً: عملت فهرساً لهذا البحث اشتمل ما يلي:
1- فهرساً لمصادر البحث ومراجعه.
2- فهرساً لموضوعات البحث.
3- الداعي لجمع أحكام
الاعتكاف.
4- منهج البحث.
مخطط البحث:
- التمهيد، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: بيان حقيقته اللغوية والشرعية.
المطلب الثاني: بيان حكمته.
- الفصل الأول: أدلة مشروعيته، وحكمه، وقسماه، وزمنه
- المبحث الأول: أدلة مشروعيته.
فرع: لم يرد شيء في فضل الاعتكاف.
- المبحث الثاني: حكمه، وفيه مطالب:
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة.
المطلب الثاني: حكمه للمرأة.
المطلب الثالث: حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه.
- المبحث الثالث: قسما الاعتكاف.
- المبحث الرابع: زمن الاعتكاف المسنون، وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقل زمنه وأكثره.
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف.
المطلب الثالث: زمن الاستحباب لدخول المعتكف والخروج منه، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: زمن الدخول.
المسألة الثانية: زمن الخروج.
- الفصل الثاني: شروط صحة الاعتكاف وأركانه
- المبحث الأول: شروط صحته، وفيه مطالب:
المطلب الأول: شرط الإسلام
المطلب الثاني: شرط العقل
المطلب الثالث: شرط التمييز
المطلب الرابع: شرط النية
المطلب الخامس: شرط الطهارة مع الحيض والنفاس والجنابة
فرع: اعتكاف المستحاضة.
المطلب السادس: شرط إذن السيد للرقيق والزوج للزوجه، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار إذن السيد.
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة.
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق.
المطلب السابع: شرط الصوم
المطلب الثامن: شرط المسجد، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف، وفيها أمران:
الأمر الأول: ضابطه للرجل.
الأمر الثاني: صابطه للمرأة.
المسألة الثالثة: ما يدخل في مسمى المسجد، وفيها أمور:
الأمر الأول: ما أعد للصلاة.
الأمر الثاني: سطح المسجد.
الأمر الثالث: رحبة المسجد.
الأمر الرابع: منارة المسجد، وفيه فروع:
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد.
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد.
الفرع الثالث: أن يكون في رحبة المسجد.
الأمر الخامس: البيت المعد لاختزان سرج المسجد.
المسألة الرابعة: أفضل المساجد للاعتكاف.
المسألة الخامسة: تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه.
- المبحث الثاني: أركان الاعتكاف.
- الفصل الثالث: الخروج من المسجد ومبطلات الاعتكاف
- المبحث الأول: الخروج من المسجد، وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقسامه، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن.
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن لا عذر.
المسألة الثالثة: الخروج لأمر لا بد منه شرعاً أو طبعاً، وفيها أمران:
الأمر الأول: الخروج لقضاء الحاجة ونحو ذلك.
الأمر الثاني: الخروج للطهارة الواجبة، وفيه فروع:
الفرع الأول: أن لا يمكنه التطهر في المسجد.
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد.
الفرع الثالث: تطهره في بيته.
الأمر الثالث: الخروج للأكل والشرب.
الأمر الرابع: الخروج لصلاة الجمعة، وفيه فروع:
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف.
الفرع الثاني: زمن الخروج من المعتكف.
الفرع الثالث: زمن الرجوع إلى المعتكف.
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد.
المسألة الخامسة: الخروج لقربة من القرب.
المطلب الثاني: اشتراط الخروج في الاعتكاف، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكمه.
المسألة الثانية: نوعاه، وفيه أمران:
الأمر الأول: أن يكون عاماً.
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً.
المسألة الثالثة: فائدة الاشتراط.
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد.
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد.
- المبحث الثاني: مبطلات الاعتكاف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: الجماع، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً.
المسألة الثانية: وجوب الكفارة بالجماع.
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها.
المطلب الثالث: إنزال المني، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: إ نزاله بمباشرة.
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام.
المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر.
المسألة الرابعة: إنزاله بالنظر.
المسألة الخامسة: إنزاله باستمناء.
المطلب الرابع: طروء الحيض والنفاس، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً.
المسألة الثانية: ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض والنفاس.
المسألة الثالثة: أثره على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً.
المطلب الخامس: طروء الإغماء والجنون، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونهما من المبطلات.
المسألة الثانية: أثر ذلك على الاعتكاف الواجب عند من لم يره مبطلاً. وفيها أمران:
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد.
الأمر الثاني: أن يخرج من المسجد.
المطلب السادس: السكر.
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر.
المطلب الثامن: الردة، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونها مبطلة.
المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب.
المطلب التاسع: إفساد الصوم.
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف.
المطلب الحادي عشر: الموت.
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات السابقة.
- الفصل الرابع: ما يشرع للمعتكف وما يباح لـه وما ينهى عنه وفيه مباحث:
- المبحث الأول: ما يشرع للمعتكف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: العبادات المحصنة.
المطلب الثاني: العبادات المتعدية.
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها.
المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خبا يستتر به المعتكف.
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه.
المطلب السادس: التبكير إلى صلاة الجمعة.
المطلب السابع: المكث في المسجد ليلة العيد.
- المبحث الثاني: ما يباح للمعتكف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد.
المطلب الثاني: النوم في المسجد.
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها في المسجد.
المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب.
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه.
المطلب السادس: أخذ سنن الفطرة.
المطلب السابع: عيادة المريض والصلاة على الجنازة، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون ذلك داخل المسجد.
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد.
المطلب الثامن: الوضوء في المسجد.
المطلب التاسع: زيارة المعتكف.
المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس
.
المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته.
- المبحث الثالث: ما ينهى عنه المعتكف، وفيه مطالب:
المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر.
أو يخل بمقصوده وحكمته.
المطلب الثاني: عقود المعاوضات، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد.
المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد.
المطلب الثالث: التكسب بالصنائع ي المسجد.
المطلب الرابع: البول في المسجد.
المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد.
المطلب السادس: الحجامة والفصد في المسجد.
المطلب السابع: البصاق في المسجد.
المطلب الثامن: الصمت عن الكلام في المسجد.
- الفصل الخامس: نذر الاعتكاف، وفيه مباحث:
- المبحث الأول: أن يقيده بوصف، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن يقيده بوصف الصلاة.
المطلب الثاني: أن يقيده بوصف الصيام.
- المبحث الثاني: أن يقيده بزمان، وفيه مطالب:
المطلب الأول: أن ينذر اعتكافاً مطلقاً.
المطلب الثاني: أن ينذر اعتكاف يوم.
المطلب الثالث: أن ينذر اعتكاف يومين.
المطلب الرابع: من نذر اعتكاف أكثر من يومين، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن تكون معينة.
المسألة الثانية: أن تكون مطلقة.
المطلب الخامس: من نذر اعتكاف شهر، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون معيناً.
المسألة الثانية: أن يكون مطلقاً.
المطلب السادس: أن ينذر اعتكاف ليلة.
- المبحث الثالث: أني قيده بمكان، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن ينذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة.
المطلب الثاني: أن ينذر الاعتكاف بمسجد غير المساجد الثلاثة.
- الفصل السادس: قضاء الاعتكاف، وفيه مباحث:
- المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب.
- المبحث الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب على الحي.
- المبحث الثالث: قضاء الاعتكاف الواجب على الميت.
- الخاتمة.
- فهرس المصادر والمراجع.
- فهرس الموضوعات.
وحسبي أني بذلت الجهد، وأفرغت الوسع حتى يخرج هذا البحث على النحو المطلوب، والنهج المحمود، راجياً الله الإخلاص في القصد والصواب في العمل، فإن يكن فيه من صواب فمن الله، وإن يكن فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، سائلاً الله عز وجل الصفح عن الزلل، والتوفيق لصالح النية والقول والعمل.
خالد بن علي بن محمد المشيقح


عدل سابقا من قبل ريانية العود في الثلاثاء أغسطس 07, 2012 3:36 pm عدل 1 مرات

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:52 am

التمهيد
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: بيان حقيقته اللغوية والشرعية.
المطلب الثاني: بيان حكمته.
المطلب الأول
بيان حقيقته اللغوية والشرعية
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: بيان حقيقته اللغوية.
المسألة الثانية: بيان حقيقته الاصطلاحية.
المسألة الأولى: بيان حقيقته اللغوية:
قال ابن فارس: "العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس"( ) ، والاعتكاف افتعال من عكف على الشيء يعكف ويعكف عكفاً وعكوفاً، وهو متعد فمصدره العكف، ولازم فمصدره العكوف ( ) .
والمتعدي لغة: بمعنى الحبس والمنع، ومنه قولـه تعالى: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّه( ) ، أي محبوساً قاله قتادة ( ) .
ويقال: عكفته عن حاجته، أي: منعته.
واللازم لغة بمعنى: ملازمة الشيء، والمواظبة والإقبال والمقام عليه خيراً كان أو شراً، ومنه قولـه تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد( ) ، أي مقيمون، ومنه قولـه تعالى: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ( ) ، أي: ملازمون. وقال تعالى: وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً( ) ، أي: مقيماً.
ومن مجيئها بمعنى الإقبال: قول العجاج يصف ثوراً:
فهن يعكفن به إذا حجا عكف النبيط يلعبون الفنزجاء ( )
أي: يقبلن عليه.
والنبيط: قوم من العجم.
والنفزج: لعبة للعجم يأخذ كل واحد منهم بيد صاحبه ويستديرون راقصين ( ) .
وقال الشاعر:
وظل بنات الليل حولي عكفاً عكوف البواكي بينهن صريع ( )
وعكفوا حول الشيء: استداروا.
وهو من باب ضرب وطلب أي يصح في مضارعه كسر عين الفعل وضمها ( ) .
وقيل: عكف على الخير، وانعكف على الشر ( ) .
وقال شيخ الإسلام: "والتاء في الاعتكاف تفيد ضرباً من المعالجة والمزاولة، لأن فيه كلفة، كما يقال: عمل واعتمل وقطع واقتطع"( ).
قال ابن هبيرة: "وهذا الاعتكاف المشروع لا يحل أن يسمى خلوة"( ).
وكأنه نظر إلى قول بعضهم:
إذا خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قلي علي رقيب ( )
قال ابن مفلح: "ولعل الكراهة أولى"( ).
ويسمى الاعتكاف جواراً ( )؛ لحديث عائشة  قالت: "كان رسول الله  يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض"( ).
وفي حديث أبي سعيد الخدري ، أن النبي  قال: "إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أن أجاور العشر الأواخر"( ).
وعن ابن عباس وابن عمر  قالا: "لا جوار إلا بصوم"( ).
المسألة الثانية: بيان حقيقته الشرعية:
يتفق قول الفقهاء على أنه في الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى.
وإن كان بينهم ثمة تفاوت في التعريف في إثبات، أو حذف بعض الشروط والأركان؛ كالنية، والإسلام، والصوم، والكف عن الجماع…إلخ.
فمثلاً من تعاريف الحنفية: هو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف ( ).
ومن تعاريف المالكية: هو لزوم مسلم مميز مسجداً مباحاً بصوم كافاً عن الجماع ومقدماته يوماً وليلة فأكثر للعبادة بنية ( ).
ومن تعاريف الشافعية: اللبث في المسجد من شخص مخصوص بنية ( ).
ومن تعاريف الحنابلة: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة عاقل، ولو مميزاً طاهر مما وجب غسلاً ( ).
وعرفه ابن حزم بأنه: "الإقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل ساعة فما فوقها ليلاً أو نهاراً".
وعلى هذا فالاعتكاف في الشرع: لزم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة.
قال شيخ الإسلام: "لو قيل: لعبادة الله تعالى كان أحسن – أي بدلاً من طاعة الله تعالى – فإن الطاعة موافقة الأمر، وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة كالصلاة، وبما هو في الأصل غير عبادة، وإنما يصير عبادة بالنية، كالمباحات كلها بخلاف العبادة فإنها التذلل للإله سبحانه وتعالى"( ).
وقال شيخ الإسلام: "ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبه ويعظمه، كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى.
وأخص البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوته المبنية لذلك، فلذلك كان الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله"( ).
والاعتكاف من الشرائع القديمة ( )، كما قال تعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ( ).
وقال تعالى: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً( )، وقال تعالى: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً( ).
قال شيخ الإسلام: "ولأن مريم عليها السلام قد أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه"( ).
ولحديث ابن عمر  ، في نذر عمر أن يعتكف ليلة في الجاهلية، فقال النبي  : "أوف بنذرك"( ).
المطلب الثاني: بيان حكمته
أما حكمة شرعية الاعتكاف فبينها ابن القيم رحمه الله بقوله:
"لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفاً على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القل لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثاً، ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه، أو يعوقه ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحدث سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم"( ).
والحكمة من تخصيصه  العشر الأواخر من رمضان، فقد بينها  ، كما في حديث أبي سعيد الخدري  ، أن النبي  : "اعتكف الشعر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه…"( ).


ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:53 am

الفصل الأول
أدلة مشروعيته، وحكمه، وقسماه، وزمنه
وفيه مباحث:
المبحث الأول: أدلة مشروعيته.
المبحث الثاني: حكمه.
المبحث الثالث: قسماه.
المبحث الرابع: زمنه.
المبحث الأول
أدلة مشروعيته
الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة وآثار الصحابة والإجماع.
فالكتاب:
قوله تعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ( ).
وقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد( ).
فإضافة الاعتكاف إلى المساجد المختصة بالقربات، وترك الوطء المباح لأجله دليل على أنه قربة.
وأما السنة وآثار الصحابة:
فكثيرة؛ منها: حديث عائشة  قالت: "كان رسول الله  يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده"( ).
ويأتي في ثنايا البحث كثير من الأحاديث النبوية.
وأما آثار الصحابة  ، فتقدم قريباً عن ابن عمر وابن عباس  ( )، ويأتي أيضاً في ثنايا البحث عن علي وابن مسعود وحذيفة وابن عمر، وغيرهم  .
وأما الإجماع:
فنقلة غير واحد من العلماء:
قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه"( ).
وقد نقله أيضاً ابن حزم ( )، والنووي ( )، وابن قدامة ( )، وشيخ الإسلام ( )، والقرطبي ( )، وابن هبيرة ( )، والزركشي ( )، وغيرهم ( ).
(فرع)
ولم يرد في فضل الاعتكاف شيء من الأحاديث الثابتة عن النبي  قال أبو داود في مسائله: "قلت لأحمد تعرف في فضل الاعتكاف شيئاً؟ قال: لا، إلا شيئاً ضعيفاً"( ).
وقد روى ابن عباس  أن رسول الله  قال في المعتكف: "هو الذي يعكف الذنوب ويجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها"( ).
وروى أبو الدرداء مرفوعاً: "من اعتكف ليلة كان له كأجره عمرة، ومن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين.." ( )، ثم ذكر على قدر ذلك.

المبحث الثاني
وفيه ثلاث مطالب:
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة.
المطلب الثاني: حكمه للمرأة.
المطلب الثالث: حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه.
المطلب الأول: حكمه لغير المرأة:
حكم الاعتكاف لغير سنة، وقد حكي إجماعاً ( ).
لأدلة مشروعية الاعتكاف المتقدمة ( ).
وعن الإمام ملك: كراهة الاعتكاف أخذها ابن رشد ( )، من قول الإمام مالك: "ما رأيت صحابياً اعتكف، وقد اعتكف  حتى قبض وهم أشد الناس فلم أزل أفكر حتى أخذ بنفسي أنه لشدته نهاره وليله سواء كالوصال المنهي عنه مع وصاله المنهي عنه".
وقال أيضاً: ما بلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ابن المسيب، ولا أحداث من سلف هذه الأمة اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن وذلك – والله أعلم – لشدة الاعتكاف"( ).
وعلل بعض المالكية: ما ظهر عن الإمام مالك من كراهية الاعتكاف، أنه من الرهبانية المنهي عنها ( ).
وعلل ابن رشد: أن مالكاً كرهه مخافة أن لا يوفي شرطه ( ).
وأخذ منه بعض المالكية: استحباب الاعتكاف دون سنيته ( ).
ولا يسلم ما ذكره الإمام مالك رحمه الله، فإن الصحابة  اعتكفوا معه في حياته  ، لما روى أبو سعيد  أن النبي  : "اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط… فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه…"( ).
وأيضاً: اعتكف أزواجه بعده.
قال ابن حجر رحمه: "لعل أراد صفة مخصوصة، وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف"( ).
كعلي بن أبي طالب ( )، ويعلى بن أمية  ( ).
وروى عطاء قال: "كان ابن عمر إذا أراد أن يعتكف ضرب خباء أو فسطاطاً، فقضى فيه حاجته، ولا يأتي أهله، ولا يدخل سقفاً"( ).
وأيضاً تبيين الصحابة  لأحكامه يظهر منه فعلهم له ( ).
وإلحاق الإمام مالك الاعتكاف بالوصال فيه نظر، إذ الاعتكاف ثبت بأمره  وفعله، بخلاف الوصال فقد نهى  إلا إلى السحر ( ).
وأيضاً فإن الوصال يضعف البدن، بخلاف الاعتكاف.
وأما إلحاق بعض المالكية له بالرهبانية المنهي عنها. فغير مسلم، لما تقدم من أدلة مشروعيته.
وقد روى أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم عن أ؛د من العلماء خلافاً أنه مسنون" ( ).
وقال الزهري: "عجباً من الناس كيف تركوا الاعتكاف؟ ورسول الله  كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قبض"( ).
المطلب الثاني: حكمه للمرأة ( ):
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الاعتكاف للمرأة على قولين:
القول الأول: أنه يسن لها الاعتكاف كالرجل.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ).
القول الثاني: أنه يكره للمرأة الشابة.
وبه قال القاضي من الحنابلة ( ).
الأدلة:
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1- عمومات أدلة مشروعية الاعتكاف ( ) وهي تشمل الرجل والمرأة الشابة.
2- قوله تعالى – عن مريم -: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً( )، وقوله تعالى:  كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب( ).
فمريم عليها السلام أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه وشرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بنسخه ( ).
3- حديث عائشة  ، وفيه: "إذنه  لعائشة وحفصة  أن يعتكفا معه"( ). وكانتا شابتين.
4- حديث عائشة  قالت: "اعتكفت معه امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعت الطست ( ) تحتها وهي تصلي"( ).
وقد جاء مفسراً بأنها أم سلمة، وهي ليست عجوزاً ( ).
5- حديث عائشة  قالت: "كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله  بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن"( ). وحيضها يدل على عدم كبرها.
6- أنه لا يكره لها خروجها لمصلحة متعينة من عيادة أهلها ونحو ذلك، ولا يكره لها حج النافلة بل هو جهادها مع أن خوف الفتنة به اشد لما لم يكن فعله إلا كذلك، وكذا الاعتكاف ( ).
ودليل من قال بالكراهة للشابة:
1- حديث عائشة  وفيه: "أمر النبي  بنقض قباب أزواجه لما أردن الاعتكاف معه"( ).
ونوقش هذا الاستدلال: بأن النبي  أمر بنقض الأبنية لما خافه عليهن من المنافسة والغيرة، ولهذا قال: "آلبر يردن؟"( ).
2- حديث عائشة  قالت: "لو أدرك رسول الله  ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل"( ).
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يدل على عدم مشروعية الاعتكاف للشابة لذات العبادة، وإنما يدل على منع المرأة من المسجد إذا خشيت الفتنة منها أو من غيرها.
3- ولأنه خروج من البيت لغير حاجة فكره للشاة كالخروج للجمعة والجماعة ( ).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: عدم تسليم كراهة الجمعة والجماعة للشابة.
الوجه الثاني: أن الخروج للجمعة والجماعة لها مندوحة عنه بأن تصلي في بيتها ( ).
الترجيح:
الراجح – والله أعلم- القول الأول؛ لعموم الأدلة، وصراحتها؛ ولأن الأصل أن ما ثبت في حق الرجل ثبت في حق المرأة إلا لدليل، ولمناقشة دليل القول الآخر.

المطلب الثالث
حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه
اختلف العلماء رحمه الله في حكم الاعتكاف في غير رمضان وفي غير العشر الأواخر منه على قولين:
القول الأول: أنه مسنون.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ).
القول الثاني: أنه سنة في رمضان جائز في غيره.
وبه قال بعض المالكية ( ).
وقال بعض المالكية: سنة في العشر الأواخر جائز فيما عداها ( ).
قال ابن عبد البر: "والاعتكاف هو في العشر الأواخر من رمضان سنة، وفي غير رمضان جائز"( ).
وقال أيضاً: "وأجمعوا أن سنة الاعتكاف المندوب إليها شهر رمضان كله أو بعضه وأنه جائز في السنة كلها إلا ما ذكرنا"( ).
قال ابن العربي المالكي: "وهو سنة وليس ببدعة، ولا يقال فيه: مباح فإنه جهل من أصحابنا الذين يقولون في كتبهم الاعتكاف جائز"( ).
الأدلة: استدل الجمهور على مشروعية الاعتكاف في غير رمضان بالأدلة الآتية:
1- عمومات أدلة الاعتكاف ( ).
وهذه تشمل رمضان وغيره، والعشر وغيرها.
2- حديث عائشة  قالت: "كان رسول الله  إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه وترك الاعتكاف في رمضان حتى اعتكف العشر الأواخر من شوال "رواه البخاري ( )، وعند مسلم: "العشر الأول من شوال"( ).
فدل على أن غير رمضان والعشر محل لشرعية الاعتكاف.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:55 am

ونوقش: أنه إنما اعتكف في شوال على سبيل القضاء ووقت القضاء ليس وقتاً للأداء.
3- حديث ابن عمر  ، أن عمر سأل النبي  قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ قال: "فأؤف بنذرك"( ).
وهذا يشمل كل ليلة، فدل على أن غير رمضان والعشر محل لشرعية الاعتكاف.
ونوقش: بأن أمره  لعمر  إنما هو إجابة سؤال وليس أمراً ابتدائياً فلا يدل على المشروعية.
4- حديث أبي هريرة  قال: "كان النبي  يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً"( )./
فدل على أن غير العشر محل لشرعية الاعتكاف.
5- ما رواه أنس  قال: "كان رسول الله  إذا كان مقيماً يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين"( ).
ولما روى أبي بن كعب  أن رسول الله  ، "كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فسافر ولم يعتكف فلما كان من العام المقبل اعتكف عشرين"( ).
ووجه الدلالة: أن النبي  اعتكف عشرين يوماً فدل على مشروعية الاعتكاف في غير العشر، وليس هذا قضاء للاعتكاف، إذ لو كان قضاء لبادر به  ، كما هو هدية  ( ).
6- ما روي عن النبي  في اشترطاه الصوم أو عدم اشترطاه لصحة الاعتكاف.
7- ما ورد عن الصحابة  في اشتراطه الصوم للاعتكاف أو عدم اشتراطه ( ).
وهذا مما يدل على شرعية الاعتكاف كل وقت غير رمضان والعشر؛ إذ العشر لا تكون إلا في رمضان، ورمضان يجب صومه فلو لم يشرع إلا في رمضان أو العشر لم يكن حاجة إلى القول باشتراطه الصوم أو عدمه.
8- ولأن المقصود من الاعتكاف جمع القلب على الله تعالى بالاعتكاف والإقبال عليه والإعراض عما عداه ( )، وهذا حاصل كل وقت، لكن يتأكد في بعض العبادات وله نظير من سائر العبادات تشرع كل وقت وتتأكد في بعض الأوقات.
ودليل الرأي الثاني والثالث:
حديث عائشة  أن رسول الله  "كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه"( ).
فالنبي  لم يعتكف إلا في رمضان في العشر الأخير منه حتى توفاه الله.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن حديث عائشة دل على شرعية الاعتكاف في العشر الأواخر، وتقدم في أدلة الجمهور شرعية الاعتكاف في غير رمضان، وفي غير العشر.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم – ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من شرعية الاعتكاف كل وقت لقوة ما استدلوا به، ومناقشة أدلة المخالف.

المبحث الثالث: قسما الاعتكاف
ينقسم الاعتكاف إلى قسمين:
القسم الأول: الاعتكاف المسنون:
وهذا هو الأصل في الاعتكاف قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه"( ).
لما تقدم من أدلة مشروعية الاعتكاف ( ).
القسم الثاني: الاعتكاف الواجب:
يجب الاعتكاف بالنذر إجماعاً ( ).
لحديث عائشة  ، أن النبي  قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"( ).
ولحديث ابن عمر  :"أن عمر  سأل النبي  قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: أوف بنذرك"( ).
وهل يجب الاعتكاف بالشروع فيه؟
فيه قولان لأهل العلم:
القول الأول: أنه لا يجب بالشروع فيه.
وهو قول جمهور أهل العلم.
القول الثاني: أنه يجب بالشروع فيه بمعنى أنه إذا قطعه وجب عليه أن يق يه.
وهذا هو المشهور عند المالكية ( ).
مسألة:
قال شيخ الإسلام: "فإن قيل: إذا كان له الخروج منه، ثم له أن يدخل فيه متى شاء فما معنى قولهم: يحرم على المعتكف كذا، ويجب عليه كذا؟ قيل: له فوائد:
إحداها: أن المحرمات في الاعتكاف من المباشرة والخروج من المسجد لغير حاجة، إنما له أن يفعلها إذا نوى ترك الاعتكاف، فيكون فعله على وجه الترك للاعتكاف، فلا يكون حين فعله معتكفاً، أما أن يستديم نية الاعتكاف ويفعل ذلك فلا يحل له ذلك، بل يكون قد اتخذ آيات هزواً، ويكون بمنزلة الحائض إذا أمسكت تعتقد الصوم صحيحاً وبمنزلة ما لو تكلم أو أحدث في الصلاة مع بقاء اعتقاد الصلاة، وهذا لأن العبادة التي ليست واجبة إذا أراد أن يفعلها، فإنه يجب أن يفعلها على الوجه المشروع، وليس أن يخل بأركانها وشروطها وإن كان له تركها بالكلية.
الثانية: أنه إذا فعل ما ينافيه من خروج ومباشرة انقطع الاعتكاف، فلو أراد أن يعود إليه كان اعتكافاً ثانياً يحتاج إلى تجديد نية، ولا يكفيه استصحاب حكم النية الأولى حتى إنا إذا لم نجوز الاعتكاف أقل من يوم فاعتكف بعض يوم ثم قطعه، ثم أراد أن يتمه باقي اليوم لم يصح ذلك كما لو أصبح صائماً ثم أكل، ثم أراد أن يتم الصوم.
الثالثة: أنه إذا نذر الاعتكاف معيناً أو مطلقاً صارت هذه الأمور واجبة عليه، وحرم عليه ما ينافي الاعتكاف بكل حال، كما لو نذر صوماً معيناً، أو صلاة مؤقتة، أو مطلقة"( ).
المبحث الرابع: زمن الاعتكاف المسنون ( )
وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقل زمن الاعتكاف وأكثره.
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف.
المطلب الثالث: زمن الاستحباب لدخول المعتكف وزمن الخروج منه.
المطلب الأول: أقل زمن وأكثره.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:56 am

وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أقله
اختلف العلماء في أقل زمن الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: أن أقل مدته يوم.
وهو رواية عن أبي حنيفة ( )، وبه قال بعض المالكية ( )، ووجه عند الشافعية ( ).
القول الثاني: أن أقل مدته يوم وليلة.
وهو مذهب المالكية ( ).
القول الثالث: أن أقل مدته عشرة أيام.
وهو رواية عن الإمام مالك ( ).
القول الرابع: أن أقل مدته لحظة.
وهو قول أكثر العلماء ( ).
فعند الحنفية: جاء في الدر المختار: "وأقله نفلاً ساعة من ليل أو نهار عند محمد وهو ظاهر الرواية عن الإمام، وبه يفتى، والساعة في عرف الفقهاء جزء من الزمان لا جزء من أربعة وعشرين كما يقوله المنجمون"( ).
وعند الشافعية: جاء في المجموع: "الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور: أنه يشترط لبث في المسجد، وأنه يجوز الكثير منه والقليل حتى ساعة أو لحظة"( ).
وعند بعض الشافعية: يكفي المرور في المسجد من غير لبث وعلى هذا فلو مر من باب إلى باب آخر، ونوى حصل الاعتكاف ( ).
وعند الحنابلة: جاء في الإنصاف: "أقله إذا كان تطوعاً، أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً، قال في الفروع: ظاهره ولو لحظة"( ).
الأدلة:
دليل من ذهب إلى أن أقله يوم:
1- أن من شرط صحة الاعتكاف الصوم، والصوم لا يصح أقل من يوم.
ونوقش: بعدم تسليم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف ( ).
وأيضاً: فإن العبادة لا تكون مقدرة بشرطها ( ).
2- أنه جاء عن بعض الصحابة: أنه لا اعتكاف إلا بصوم ( )، والصوم لا يكون إلا في يوم كامل، فكذار الاعتكاف لا يكون إلا في يوم كامل لاشتراطه الصوم فيه.
ونوقش: بما قاله ابن حزم: "إنه لم يأت عنهم لا اعتكاف أقل من يوم كامل إنما جاء عنهم أن الصوم واجب في حال الاعتكاف فقط، ولا يمتنع أن يعتكف المرء على هذا ساعة في يوم هو فيه صائم"( ).
ودليل من ذهب إلى أن أقله يوم وليلة: فحديث عمر  ، وفيه تقديره بيوم وليلة فكان ذلك أقله ( ).
وورد عن ابن عمر  أنه قال: "لا اعتكاف أقل من يوم وليلة"( ).
ودليل من قال "أقله عشرة": أن النبي  اعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ( ).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: بعدم التسليم فإن النبي  اعتكف أكثر من عشرة أيام كما تقدم قريباً في حديث أبي هريرة، وأنس، وأبي بن كعب  ( ).
الوجه الثاني: ما قالهج بان حزم: "فإن قيل: لم يعتكف رسول الله  أقل من عشر ليال؟ قلنا: ولم يمنع من أقل من ذلك، وكذلك أيضاً لم يعتكف قط في غير مسجد المدينة، فلا تجيزوا الاعتكاف في غير مسجده عليه السلام، ولا اعتكاف قط إلا في رمضان… والاعتكاف فعل خير فلا يجوز المنع منه إلا بنص وارد بالمنع"( ).
ودليل من قال أقله لحظة:
1- قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ( ).
قال ابن حزم: "فالقرآن نزل بلسان عربي مبين، وبالعربية التي خاطبنا رسول الله  ، والاعتكاف في لغة العرب الإقامة… فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف… مما قل من الأزمان أو كثر؛ إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد، ووقتاً من وقت"( ).
ونوقش هذا الاستدلال: بالتسليم أن الاعتكاف في لغة العرب الإقامة، لكن كون النبي  وصحابته لم يرد عنهم اعتكاف لحظة مع تكرر مجيئهم إلى المسجد وجلوسهم فيه، لانتظار الصلاة، وسماع الخطبة، وحضور مجالس العلم يدل على عدم شرعية ذلك.
2- ما يروى عن النبي  ، أنه قال: "من اعتكف فواق ناقة فكأنما أعتق نسمة من ولد إسماعيل"( ).
ونوقش: بعدم ثبوته عنه  .
3- ما ورد عن يعلى بن أمية  : "إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لأعتكف"( ).
ونوقش: بأنه مخالف لظاهر سنته  وسنة صحابته، حيث لم يرد عنهم نية الاعتكاف مدة لبثهم في المسجد لصلاة ونحوها.
4- أن الاعتكاف في اللغة يقع على القلي والكثير، ولم يحده الشرع بشيء يخصه فبقي على أصله ( ).
ونوقش: بما نوقش به الدليل الأول.
دليل من قال: يكفي مجرد المرور بالمسجد دون اللبث، القياس على الوقوف بعرفة، حيث يكفي فيه مجرد المرور ( ).

الترجيح:
لعل أقرب الأقوال – والله أعلم – أن أقل الاعتكاف يوم أو ليلة، ولعله يستأنس لهذا بما تقدم من إذنه  لعمر  أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام وفاء لنذره.
ولما ورد عن الصحابة  ( )، والسلف الصالح في اشتراط الصوم، أو عدم اشتراطه ( )، والصوم لا يكون أقل من يوم، والله أعلم.
وأيضاً لو شرع اعتكاف أقل من يوم لورد عن النبي  ، وأمر به الصحابة، واشتهر عنهم، لتكرر مجيئهم إلى المسجد.
فالصحابة  كانوا يجلسون في المسجد لانتظار الصلاة، وسماع الخطبة، أو العلم، وغير ذلك، ولم يرد عنهم قصد الاعتكاف.
ويترتب على هذا أنه لا يشرع الاعتكاف لمن قصد المساجد مدة لبثه، كما صرح به الشافعية والحنابلة ( ).
وفي الاختيارات: "ولم ير أبو العباس لمن قصد المسجد للصلاة، أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه"( ).
المسألة الثانية: أكثره:
أما أكثر الاعتكاف فلا حد له ( ) ما لم يتضمن محذوراً شرعياً؛ لعموم قوله تعالى:  وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ( ).
ولم يرد ما يدل على التخصيص.
قال ابن الملقن: "فيه – أي حديث عائشة: "أن رسول الله  كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله" ( ) أن الاعتكاف لا يكره في وقت من الأوقات، وأجمع العلماء على أن لا حد لأكثره"( ).
وأما اقتصار النبي  على اعتكاف العشر الأواخر فلا يدل على التخصيص، وإنما ذلك لسبب آخر وهو طلب ليلة القدر، إذ هي في تلك الليالي، ولهذا في حديث أبي سعيد  أنه اعتكف العشر الأوسط فأخبر أنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر طلباً لها"( ).
وتقدم قريباً في حديث أبي هريرة، وأنس، وأبي بن كعب  ، اعتكافه  عشرين يوماً ( ).
لكن عند المالكية: منتهى المندوب شهر، ويكره أن يزيد على الشهر ( ).
ولم أقف على دليل لهذا التفصيل، والله أعلم.
المطلب الثاني: الزمن المتأكد للاعتكاف:
تقدم شرعية الاعتكاف كل وقت، لكن يتأكد في شهر رمضان، ويتأكد تأكداً آخر في العشر الأواخر منه ( ).
لما تقدم من حديث عائشة  قالت: "كان رسول الله  يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل"( ) وذلك طلباً لليلة القدر.
وعند الحنفية: أن اعتكاف العشر الأواخر من رمضان سنة مؤكدة على الكفاية إذا قام بها بعض المسلمين سقط الطلب عن الباقين، فإن واظبوا على تركها بلا عذر أثموا ( ).


ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:57 am

المطلب الثالث
زمن الاستحباب لدخول المعتكف وزمن الخروج منه
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: زمن الدخول.
المسألة الثانية: زمن الخروج.
المسألة الأولى: زمن الدخول:
اختلف أهل العلم رحمهم الله في الوقت المستحب لدخول المعتكف على قولين:
القول الأول: أنه من قبل غروب شمس ليلة الحادي والعشرين.
وبه قال جمهور أهل العلم ( ).
القول الثاني: أنه من بعد صلاة الصبح من يوم الحادي والعشرين.
وهو رواية عن الإمام أحمد ( )، وبه قال الأوزاعي، ورواية عن الليث ( )، ومال إليه الصنائعي ( ).
الأدلة:
1- حديث أبي سعيد الخدري  ، أن النبي  قال: "إني اعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم أعتكف العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه".
وفي لفظ: "فليعتكف العشر الأواخر"( ).


وجه الدلالة:
دل هذا الحديث على أن زمن دخول المعتكف من بعد غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين، لقوله: "فليعتكف العشر الأواخر"؛ إذ العشر بغير هاء عدد الليالي، وأول هذه الليالي ليلة إحدى وعشرين ( ).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن العشر بغير هاء تطلق على الأيام كقوله  :"ما من أيام العمل الصالح فيما أحب إلى الله من هذه العشر – يعني عشر ذي الحجة "( ).
ورد بأن العشر وإن أطلقت على الأيام، فالمراد هنا الليالي.
الوجه الثاني: أن المقصوم بالعشر هنا الأيام بدليل أنه  دخل بعد صلاة الصبح.
ورد: بعدم تسليمه كما سيأتي.
2- أن ليلة القدر ترجى في أوتار العشر، ومنها ليلة إحدى وعشرين، ولهذا النبي  ، كما في حديث أبي سعيد  عن اعتكف طلباً لها الشعر الأوسط ثم العشر الأواخر، فيستحب أن يدخل معتكفه قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين ( ).
دليل الرأي الثاني:
استدل هذا الرأي: ما روته عائشة  أن النبي  "كان إذا صلى الصبح دخل معتكفه"( ).
وهذا نص في محل النزاع.
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من وجوه:
الوجه الأول: أن معنى الحديث أنه انقطع في معتكفه، وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح، لا أن ذلك كان وقت ابتداء اعتكافه، بل كان ابتدأه قبل الغروب لابثاً في جملة المسجد ( ).
وأجيب: بأنه صرف للفظ عن ظاهره بلا دليل، وأيضاً فإن عادته  أنه لا يخرج من بيته إلا عند الإقامة ( ).
ورد: بوجود الدليل كما في أدلة الجمهور.
وأما كونه  لا يخرج إلا عند الإقامة فيستثنى منه الاعتكاف لما استدل به الجمهور.
الوجه الثاني: أنه محمول على الجواز، إن سلم ذلك عنه  وإن كان وقت الاستحباب قبل الغروب ( ).
وأجيب: أنه لو كان وقت الاستحباب قبل الغروب لما تأخر عنه النبي  ولبادر إليه كما هو شأنه  .
ورد: بعدم تسليم تأخره  .
الوجه الثالث: أنه محمول على أنه يدخل معتكفه بعد صلاة الصبح في اليوم العشرين، ليستزيد يوماً قبل دخول العشر ( ).
وأجيب: أنه خلاف ما نقل عنه  في حديث عائشة أنه كان يعتكف العشر الأواخر، فظاهره أنه كان لا يزيد عليها شيئاً.
الترجيح:
الراجح والله أعلم ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لظاهر حديث أبي سعيد الخدري  ولكونه أحوط، والله أعلم.
المسألة الثانية: زمن الخروج:
استحب كثير من العلماء أن يكون خروجه من معتكفه عند خروجه إلى صلاة العيد ( )، وإن خرج قبل ذلك جاز.
وهذا فعل كثير من السلف، كابن عمر  ( )، والمطلب ابن حنطب ( )، وأبي قلابة ( )، وأبي بكر بن عبد الرحمن ( )، وغيرهم.
فعن الإمام مالك: "أنه رأى بعض أهل العلم إذا اعتكفوا العشر الأواخر من رمضان لا يرجعون إلى أهليهم حتى يشهدوا الفطر مع الناس".
وقال مالك: "وبلغني عن أهل الفضل الذين مضوا، وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك"( ).
وقال إبراهيم النخعي: "كان يستحبون للمعتكف أن يبيت ليلة الفطر في المسجد حتى يكون غدوه منه إلى العيد"( ).
ولكي يصل عبادة بعبادة ( ).
وقال الأوزاعي: يخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام العشر ( ).
لأن العشر تزول بزوال الشهر، والشهر يزول بغروب الشمس من ليلة الفطر ( ).
وقال سحنون وابن الماجشون: إن خرج عند غروب الشمس من آخر يوم من أيام العشر يعيد اعتكافه؛ لأن كل عبادتين جرى عرف الشارع على اتصالهما، فاتصالهما على الوجوب كالطواف، وركعتيه ( ).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: المنع، فلا يسلم وجوب الاتصال بين الاعتكاف وصلاة العيد، لأن كل واحدة من العبادتين يصح إفرادها، فلم تكن إحداهما من شرط الأخرى كالصوم والصلاة ( ).
الوجه الثاني: عدم تسليم المقيس عليه، فلا يجب الاتصال بين الطواف وركعتيه.
قال ابن عبد البر: "ولم يقل بقولهما أي ابن الماجشون وسحنون أحد من أهل العلم، ولا وجه له في القياس؛ لأن ليلة الفطر ليست بموضع اعتكاف ولا صيام، ولا من شهر رمضان، ولا يصح عن النبي  فيها شيء"( ).
قال ابن رشد: "وسبب الاختلاف: هل الليلة الباقية هل هي من حكم العشر أم لا؟"( ).

__________________

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 2:59 am





الفصل الثاني
شروط صحة الاعتكاف وأركانه
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: شروط صحته.
المبحث الثاني: أركانه.
المبحث الأول
شروط صحة الاعتكاف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: شرط الإسلام.
المطلب الثاني: شرط العقل.
المطلب الثالث: شرط التمييز.
المطلب الرابع: شرط النية.
المطلب الخامس: شرط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة.
المطلب السادس: شرط إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
المطلب السابع: شرط الصوم.
المطلب الثامن: شرط المسجد.
المطلب الأول
شرط الإسلام
فلا يصح الاعتكاف من كافر أصلي أو مرتد؛ لقوله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِه( ) فإذا كانت النفقات – مع أن نفعها متعدٍ – لا تقبل من الكافر لكفره.
فالعبادات البدنية المحضة من باب أولى ( ).
وقال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ( )، وقال تعالى:وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ( )، وقال تعالى عن الكفار: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً( )، وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ( ).
ولأن الكافر ليس من أهل المسجد.
وهذا الشرط باتفاق الأئمة ( ).
المطلب الثاني: شرط العقل
فلا يصح الاعتكاف من مجنون ولا سكران، ولا مغمى عليه؛ لحديث عمر  أن النبي  قال: "إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه ( ).
وهؤلاء لا قصد لهم معتبر، ولأنهم ليسوا من أهل العبادة.
وهذا الشرط باتفاق الأئمة ( ).








المطلب الثالث: شرط التمييز ( )
فغير المميز لا يصح منه الاعتكاف؛ لما تقدم من الدليل في الشرط الثاني.
وهذا باتفاق الأئمة ( ).
المطلب الرابع: شرط النية
لحديث عمر  المتقدم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"( ).
ولأن اللبث في المسجد قد يقصد به الاعتكاف وقد يقصد به غيره فاحتيج إلى النية للتمييز بينهما.
وإن كان الاعتكاف واجباً فتجب نية الفرضية؛ لأن الاعتكاف منه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب.
فلا بد من نية تميز بين نوعي العبادة ( ).
وهذا باتفاق الأئمة ( ).
قال ابن هبيرة: "واتفقوا على أنه لا يصح إلا بالنية"( ).
وقال ابن رشد: "أما النية فلا أعلم فهيا اختلافاً"( ).
إلا أن المالكية ( )، والشافعية ( )، وشيخ الإسلام ( ) ذكروا النية مع أركان الاعتكاف، ويأتي في المبحث الثاني من هذا الفصل.
المطلب الخامس:
شرط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة
اختلف العلماء – رحمهم الله – في حكم اعتكاف الحائض والنفساء والجنب على قولين:
القول الأول: الحرمة وعدم الصحة.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ).
لكن عند الحنفية: الطهارة من الحيض والنفاس شرط للصحة في الاعتكاف الواجب لاشتراط الصوم له.
وأما التطوع فالطهارة من الحيض والنفاس والجنابة شرط للحل دون الصحة ( ).
القول الثاني: صحة اعتكافهم في المسجد.
وهو قول الظاهرية ( ).

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:00 am

وهو قول الظاهرية ( ).
الأدلة:
استدل جمهور أهل العلم على عدم صحة اعتكاف الحائض والنفساء والجنب بالأدلة الدالة على تحريم لبثهم في المسجد – لكن عند الحنابلة: إذا توضأ الجنب جاز لبثه في المسجد – وهي كما يلي ( ):
1- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا( ).
وجه الدلالة: أن الله نهى الجنب عن قربان مواضع الصلاة وهي المساجد ( )، وغذا ثبت هذا في الجنب فكذا الحائض، لأن حدثها آكد ولذلك حرم الوطء ومنع الصيام، وأسقط الصلاة، وساواها في أكثر الأحكام ( ).
قال الشافعي: (قال بعض العلماء بالقرآن معناها لا تقربوا مواضع الصلاة، وما أشبه ما قال بما قال؛ لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل، إنما السبيل في موضعها وهو المسجد) ( ).
وقد ورد هذا التفسير عن أنس وابن مسعود وابن عباس  ( ).
ويدل لهذا التفسير أيضاً: سبب نزول الآية، وهو أن رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد فأنزل الله تعالى: وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ( ).
لكنه مرسل.
ونوقش هذا الاستدلال: أن هذا غير مسلم؛ لأن المسجد لم يذكر في أول الآية فيكون آخرها عائداً عليه، وإنما ذكرت الصلاة والصلاة لا تجوز للجنب إلا أن لا يجد ماء فيتيمم صعيدً طيباً. فمعنى الآية: أن الجنب لا يقرب الصلاة إلا أن تصيبه الجنابة وهو مسافر فيتيمم ويصلي حتى يجد الماء ( ).
وقد ورد هذا المعنى عن علي، وابن عباس  ( ).
وقد أجاب الجمهور عن هذه المناقشة بأنه لا يصح تفسير قوله تعالى: إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ( )، بالمسافر؛ لأمرين:
الأول: أن الجنب إذا لم يجد ماء يجوز له أن يتيمم، سواء كان عابر سبيل أو مقيماً في البلد فيكون قوله:  إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ  قيد لا معنى له.
الثاني: أن الله تعالى قال فيما بعد: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُو( )، فذكر التيمم فيما بعد للمسافر، لو كان هو المقصود في أول الآية لكان هذا تكراراً يصان القرآن عن مثله ( ).
ويمكن أن يرد على هذا الجواب فيقال: أما الأمر الأول: فإن الله ذكر المسافر على سبيل التغليب.
وأما الأمر الثاني: فإن التكرار موجود في القرآن لأهميته، والله أعلم.
2- حديث عائشة  : "أن النبي  جاء رسول الله ووجوب بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب"( ).
ونوقش: بأنه ضعيف لا يثبت عن النبي  .
3- حديث أم عطية  قالت: "أمرانا يعني النبي  أن نخرج في العيدين العواتق ( ) وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين"( ). والمسجد من باب أولى.
ونوقش الاستدلال بهذا الحديث من أوجه:
الأول: أن المراد بالمصلى الصلاة لئلا يقطعن الصفوف بدليل ما في صحيح مسلم: "فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين"( ).
ويمكن أن يجاب: أن المراد الصلاة وموضعها جمعاً بين الروايتين، وفي رواية للبخاري قالت:"فيكن خلف الناس يكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته"( ).
الثاني: أن حاصله قياس المسجد على المصلى، وبينهما فروق، فالمسجد "نهى  أن يستقاد به وأن تنشد الأشعار وأن تقام الحدود"( )، بخلاف المصلى فإنه ثبت من حديث جابر "أنه  رجم ماعزاً بالمصلى"( ).
وأيضاً ثبت أن النبي  ذبح أضحيته بالمصلى ( ).
الوجه الثالث: أن إطلاق المصلى مسجداً ليس متفقاً عليه.
4- حديث عائشة  أن النبي  قال لها: "ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك فناولته"( ).
وجه الدلالة:
أن معناه أن النجاسة التي يصان عنها المسجد وهي دم الحيض وليست في يدك، وقد خافت إدخال يدها فيه، والنبي  أمرها بإدخال يدها فقط، ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى ( ).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: أن المراد مسجد بيته  الذي كان يتنفل فيه.
الثاني: أن معنى قوله: "إن حيضتك ليست في يدك" أي ليست في قدرتك واستطاعتك ( ).
وأجيب عن هذه المناقشة:
أما الوجه الأول فغير مسلم لما روى أبو هريرة  :"بينا رسول الله  في المسجد فقال: يا عائشة ناوليني الثوب، فقالت: إني حائض، قال: إن حيضتك ليست بيدك"( ).
ولما في المسند أن النبي  قال للجارية وهو في المسجد:"ناوليني الخمرة…"( ).
وأما الوجه الثاني: فخلاف ظاهر النص؛ ولذا أنكره القاضي عياض ( ).
5- حديث عائشة  ، وفيه قوله  لها وقد حاضت وهي محرمة: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"( ).
6- حديث عائشة  ، لما حاضت صفية قال: "أحبستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت، قال: فتنفر إذاً"( ).
فالنبي  منع الحائض من دخول المسجد.
ونوقش هذا الاستدلال "بأن الوارد في الحديث هو النهي عن الطواف؛ لعدم صحته، ولا دلالة فيه على منعها من دخول المسجد ( ).
ويمكن أن يجاب: بعدم التسليم فالطواف يصح من الحائض عند الضرورة، إذا تحفظت وأمنت تلويث المسجد، وإنما منعت من الطواف لمنعها من المسجد.
7- حديث عائشة  قالت: "كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله  بإخراجهن من المسجد"( ).
8- ما رواه جابر  قال: "كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتاز"( ).
وهو دليل على أنهم كانوا يتقون الجلوس في المسجد حال الجنابة دون المرور.
وأما دليل الحنابلة على جواز مكث الجنب في المسجد بعد الوضوء: فلما رواه طاء بن يسار قال: "رأيت رجالاً من أصحاب النبي  يجلسون في المسجد وهم مجنبوبن إذا توضؤا وضوء الصلاة"( ).
ويستدل الحنفية والمالكية على عدم صحة اعتكاف الحائض والنفساء: بعدم صحة الصوم منهما؛ لأنهم يشترطون لصحة الاعتكاف الصوم ( ).
• دليل من أجاز لبثهم في المسجد:
1- قوله  في حديث جابر  :"وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"( ). ولا خلاف أن الحائض مباح لها جميع الأرض، وهي مسجد، فلا يجوز أن يخص بالمنع بعض المساجد دون بعض ( ).
ويمكن أن يناقش: بأن هذا يقتضي استواء المساجد وغيرها من الأرض في جميع الأحكام ولا تقولون بذلك.
2- قول النبي  لعائشة لما حاضت وهي محرمة: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت"( ).
فم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط، ومن الباطل المتيقن أ، يكون لا يحل لها دخول المسجد، فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك ويقتصر على منعها من الطواف ( ).
ونوقش: بأن النبي  بين ما يباح لها مما يتعلق بالنسك فحسب، وإلا فتحرم عليها الصلاة ومس المصحف، وقراءة القرآن عند طائفة من العلماء، وكذا دخول المسجد، فعمومه ليس مراداً.
3- ما روت عائشة أم المؤمنين:"أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله  فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش"( )( ).
قال ابن حزم: "فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه السلام من ذلك، ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه عنه فمباح"( ).
ويمكن أن يناقش: باحتمال أنها قد دخلت في سن اليأس، وبه يزول المانع، أو أنها تخرج في أيام حيضها، لما هو معلوم عندهم من المنع، أو أن ذلك للضرورة، لعدم وجود المكان الذي تأوي إليه، والله أعلم.
4- ما ثبت من حديث أبي هريرة  من قوله النبي  "إن المؤمن ليس بنجس"( ).
قال ابن المنذر: وإذا ثبت أن النبي  قال هذا وكان تأويل قوله تعالى: وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيل( )، ما قد ذكرناه ( )، وجب ألا يمنع من ليس بنجس من المسجد إلا بحجة، ولا نعلم حجة ( ).
ونوقش: بأنه لا يلزم من عدم نجاستها جواز لبثها في المسجد ( ).
5- ما روته عائشة  ؛ قالت: "اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحرمة والصفرة؛ فربما وضعت الطست ( ) تحتها وهي تصلي"( ).
والشاهد منه: إقراره  لاعتكاف المستحاضة، والحائض مثلها لا فرق ( ).
ونوقش: بالفارق؛ لأن الاستحاضة حدث لا يمنع الصلاة فلم يمنع اللبث كخروج الدم من أنفه ( ).
6- حديث عائشة  أن النبي  قال لها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: إني حائض. قال: "إن حيضتك ليست في يدك"( )( ).
7- حديث ميمونة؛ قالت: "كان رسول الله  يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض،وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض"( ).
ونوقش: بأنه محمول على الحاجة أو العبور جمعاً بين الأدلة.
8- أن المشرك يجوز أن يمكث في المسجد بدليل قصة ثمامة بن أثال  ( )، فالمسلمة الحائض من باب أولى ( ).
ونوقش من أوجه:

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:02 am

الوجه الأول: أن الشرع قد فرق بينهما، فقام دليل تحريم مكث الجنب بخلاف المشرك فقد حبسه النبي ط في المسجد، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية.
الوجه الثاني: عدم التسليم بجواز مكث الكافر، فهو ممنوع، وقصة ثمامة واقعة عين لا عموم لها.
الوجه الثالث: على التسليم بجواز مكث الكافر، فلأن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد فلا يكلف بخلاف المسلم ( ).
ونوقش: بعدم التسليم فهم مخاطبون بفروع الشريعة، فيعاقبون على ترك الواجبات، وفعل المحرمات.
9- أن الأصل عدم التحريم، وليس لمن حرم دليل صحيح صريح ( ).
ونوقش: بعدم التسليم كما تقدم في أدلة الجمهور.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم – ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وهو اشتراط الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة لصحة الاعتكاف؛ لما تقدم من الأدلة على حرمة لبثهم في المسجد.
وإن جاز للجنب اللبث في المسجد بعد الوضوء، كما هو مذهب الحنابلة لكن تقدم أن الاعتكاف لا يكون أقل من يوم أو ليلة ( ).
فرع: اعتكاف المستحاضة، ونحوها ممن حديثه دائم.
يصح اعتكاف المستحاضة باتفاق الأئمة.
وقد نقل ابن جرير وغيره: الإجماع على أنها تقرأ القرآن، وأن عليها جميع الفرائض التي على الطاهر ( ).
ويدل لذلك: ما روته عائشة  قالت: "اعتكفت مع رسول الله  امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي ( ).
قال العيني: "ويلحق بالمستحاضة ما في معناها كمن به سلس البول، والمذي، والودي، ومن به جرح يسيل في جواز الاعتكاف"( ).
ويشترط: عدم تلويث المسجد، ولهذا وضعت الطست تحتها لئلا يصيب المسجد، ويأتي منع المعتكف من كل ما فيه تقذير للمسجد ( ).
المطلب السادس:
شرط إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة
وفيه مسائل:
المسألة الأول: اعتبار إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة من اعتكافهما.
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق.
المسألة الأول: اعتبار إذن السيد والزوج للرقيق والزوجة.
يصح اعتكاف الرقيق والمرأة باتفاق الأئمة ( ).
لحديث عائشة  قالت: "كان رسول الله  يعتكف في كل رمضان، فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه، قال: فاستأذنته عائشة أن تعتكف، فأذن لها، فضربت قبة أخرى فلما انصرف رسول الله  من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: ما هذا؟ فأخبر خبرهن، فقال: ما حملهن على هذا؟ آلبر؟ انزعوها فلا ارها، فنزعت، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال"( ).
ولعموم أدلة الاعتكاف فهل شاملة للرقيق ( ).
ولأن ما ثبت في حق الحر من العبادات البدنية المحصنة ثبت في حق الرقيق إلا لدليل.
لكن ليس للزوجة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، وليس للمملوك أن يعتكف إلا بإذن سيده، لما تقدم من حديث عائشة  ، وفيه استئذان عائشة  .
وفي رواية: "وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت".
ولحديث أبي هريرة  أن رسول الله  قال: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه" ( ) .
وكذا الاعتكاف .
ولأن منافعهما مملوكة لغيرهما ، والاعتكاف يفوتها، ويمنع استيفاءها وليس بواجب عليهما بالشرع، فكان لهما المنع منه ( ) .
فإن اعتكفا بلا إذن فالظاهر الصحة مع الحرمة؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات العبادة وإنما لأمر خارج وهو تفويت حق الزوج والسيد .
المسألة الثانية: ملك السيد والزوج تحليل الرقيق والزوجة من اعتكافهما .
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن يكون اعتكافهما بلا إذن .
الأمر الثاني: أن يكون اعتكافهما بإذن .
الأمر الأول : أن يكون اعتكافهما بلا إذن:
إذا كان اعتكافهما بلا إذن فللزوج والسيد تحليلهما ( ) ؛ لما تقدم من الدليل على اعتبار الإذن ، فإن لم يفعلا صح الاعتكاف وأجزأ إن كان تطوعاً ، أو واجباً بنذر ( ) ؛ لأن الحق لهما وقد أذنا فيه .
الأمر الثاني: أن يكون اعتكافهما بإذن:
وفيه فرعان:
الفرع الأول: أن يكون تطوعاً:
اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين :
القول الأول: أن الزوج والسيد يملكان تحليلهما .
وهو مذهب الشافعية ( ) ، والحنابلة ( ) .
ودليل ذلك :
حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم ، وفيه: "إذن النبي  لأزواجه بالاعتكاف ، ثم منعهن بعد ذلك" ( ) .
ولأن لهما المنع منه ابتداء فكان لهما المنع منه دواماً ( ) .
القول الثاني: أنه لا يملك الزوج تحليل زوجته ، ويملك السيد تحليل رقيقه مع الكراهة.
وهو مذهب الحنفية ( ) .
وعللوا ذلك : بأن الزوج ملَّك الزوجة منافعها فلم يكره لـه المنع ؛ إذ هي تملك بالتمليك ، بخلاف الرقيق فلا يملك بالتمليك .
ونوقش من وجهين:
الأول : أنه اجتهاد في مقابلة النص .
الثاني: أن الهبة تملك بالقبض والمنافع تحدث شيئاً فشيئاً، فله المنع فيما لم يقبض ؛ لعدم ملكهما ذلك .
القول الثالث: لا يملك الزوج والسيد تحليل الزوجة والرقيق.
وهو مذهب المالكية ( ) .
لوجوبه بعد الشروع فيه ، بمعنى وجوب قضائه بعد الشروع إذا قطعه.
ونوقش : بعدم التسليم ، كما سيأتي ( ) .
الفرع الثاني: أن يكون واجباً بنذر :
وفيه جانبان:
الجانب الأول: أن يكون النذر معيناً.
الجانب الثاني: أن يكون غير معين.
الجانب الأول: أن يكون معيناً:
كما لو نذرت الزوجة أو الرقيق اعتكاف العشر الأواخر من رمضان بإذن الزوج أو السيد، لم يملكا منعهما منه ( ) .
لأنه وجب بإذنهما .
ولأن المعين لا يجوز تأخيره .
الجانب الثاني: أن يكون غير معين :
كما لو نذرت الزوجة أو الرقيق اعتكاف عشرة أيام مطلقة .
فقد اختلف العلماء في ملك الزوج والسيد تحليلهما على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنهما لا يملكان تحليلهما .
وهو ظاهر كلام الحنابلة ( ) .
لأنه وجب التزامه بإذنهما فأشبه المعين ( ) .
القول الثاني: إن أذنا بالشروع فيه لم يملكا تحليلهما ، وإن لم يأذنا بالشروع فيه ملكا تحليلهما .
وهو مذهب الشافعية ( ) .
لأنه إذا لم يأذن الزوج والسيد بالشروع فحق الزوجة والرقيق ثابت في كل زمن فكان تعيين زمن سقوطه إلى الزوج والسيد فملكا تحليلهما .
القول الثالث: أنهما يملكان تحليلهما .
وهو مذهب المالكية ( ) .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:04 am

لأنه إذا لم يأذن الزوج والسيد بالشروع فحق الزوجة والرقيق ثابت في كل زمن فكان تعيين زمن سقوطه إلى الزوج والسيد فملكا تحليلهما .
القول الثالث: أنهما يملكان تحليلهما .
وهو مذهب المالكية ( ) .
ولم أقف لهم على دليل.
ولعله يستدل لذلك: بأن منافعهما مملوكة للزوج والسيد، ولم يتعين الزمن للاعتكاف فملكا تحليلهما .
المسألة الثالثة: فروع تتعلق بالرقيق:
الفرع الأول: المكاتب : وهو الذي اشترى نفسه من سيده ( ) :
اختلف العلماء رحمهم الله في اعتكاف المكاتب على قولين:
القول الأول: لـه أن يعتكف ما لم يضر بسيده .
وبه قال الإمام مالك ( ) ، وبعض الشافعية ( ) ، وبعض الحنابلة ( ) .
لوجوب الوفاء بحق السيد ، وعدم مضارته ، وتعجيل عتق العبد، وأيضاً فالاعتكاف قد يكون تطوعاً فلا يقدم على الواجب وهو وفاء دين الكتابة.
القول الثاني: أن لـه أن يعتكف مطلقاً، فليس لسيده منعه من اعتكاف واجب ولا تطوع.
وهو قول الجمهور ( ) .
لأنه لا يستحق منافعه، وليس لـه إجباره على الكسب، وإنما الدين في ذمته فهو كالحر المدين، فله الاعتكاف بلا إذن سيده .
ونوقش هذا الاستدلال: بأن المدين الحر ليس لـه أن يتصرف تصرفاً يضره بالدائن، وكذا المكاتب ؛ لقوله تعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ  ( ) .
والأقرب: القول الأول؛ إذ لا ضرر ولا ضرار .
الفرع الثاني: المبعض ، وهو من بعضه حر وبعضه رقيق:
فإن كان بينه وبين سيده مهايأه ( ) ، فله أن يعتكف في يومه بغير إذن سيده؛ لأن منافعه غير مملوكه لسيده في هذا اليوم، وحكمه في يوم سيده حكم العبد.
فإن لم يكن بينهما مهايأة فلسيده منعه؛ لأن لـه ملكاً في منافعه في كل وقت( ) .
الفرع الثالث: أم الولد ( ) ، والمدبر ( ) ، والمعلق عتقه بصفة حكمهم حكم القن ( ) .
الفرع الرابع:
لو نذر العبد الاعتكاف على ما تقدم ثم انتقل إلى غيره ببيع أو هبة أو إرث أو وصية ، فله الاعتكاف على ما تقدم بلا إذن المنتقل إليه؛ لأنه صار مستحقاً للعبد قبل تملك السيد الآخر ومثله الزوجة، لكن إن جهل المشتري فله الخيار ( ) .
المطلب السابع: شرط الصوم :
اختلف العلماء في اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: عدم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف .
وبه قال بعض المالكية ( ) ، وهو مذهب الشافعية ( ) ، والحنابلة ( ) ، وبه قال ابن حزم ( ) .
القول الثاني: أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب دون التطوع.
وهو مذهب الحنفية ( ) .
القول الثالث: أنه شرط لصحة الاعتكاف مطلقاً .
وهو مذهب المالكية ( ) ، وبه قال بعض الشافعية ( ) ، ورواية عن أحمد ( ) اختارها شيخ الإسلام وابن القيم ( ) .
قال ابن رشد: "والسبب في اختلافهم أن اعتكاف رسول الله  إنما وقع في رمضان، فمن رأى أن الصوم المقترن باعتكافه هو شرط في الاعتكاف، وإن لم يكن الصوم للاعتكاف قالا : لابد من الصوم مع الاعتكاف، ومن رأى أنه إنما اتفق ذلك اتفاقاً لا على أن ذلك كان مقصوداً لـه عليه الصلاة والسلام في الاعتكاف، قال: ليس من الصوم من شرطه، ولذلك أيضاً سبب آخر وهو اقترانه مع الصوم في آية واحدة" ( ) .
الأدلة :
أدلة الرأي الأول:
استدل لهذا الرأي بالأدلة الآتية :
1 - قولـه تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
وجه الدلالة : دلت هذه الآية على مشروعية الاعتكاف بلا صوم لإطلاقها.
2 - ما رواه ابن عمر أن عمر سأل النبي  قال: "كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال لـه : أوفِ بنذرك" ( ) .
وجه الدلالة:
دل هذا الحديث على أن الاعتكاف مشروع بلا صوم ؛ لأن الليل ليس ظرفاً للصوم، ولو كان الصوم شرطاً لصحته لما أذن لـه النبي  بالاعتكاف.
ونوقش هذا الاستدلال :
بأنه مختلف في لفظه ، ففي رواية "ليلة" ، وفي رواية "يوماً" ( ) .
وأجيب بأجوبة:
الجواب الأول: أن هذا الاختلاف في ألفاظ الحديث محمول على تعدد القصة، فيجوز أن يكون عمر سأل النبي  عن اعتكاف ليلة وحدها فأمره به ، وسأله مرة عن اعتكاف يوم فأمره به ( ) .
ورد هذا الجواب :
بالمنع ؛ إذ إن عمر  إنما سأل النبي  مرة واحدة عام الفتح ( ) .
الجواب الثاني: أن رواية "ليلة" أرجح .
بدليل : ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي  : أوف بنذرك فاعتكف ليلة" ( ) .
وهذا صريح في أنه إنما نذر ليلة.
ورد هذا الجواب: بما رواه ابن عمر بلفظ : "إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوماً في المسجد الحرام فكيف ترى ؟ قال: اذهب فاعتكف يوماً" ( ) . فيحتمل أنه سأل عن اعتكاف يوم ( ) .
ورد هذا الجواب أيضاً : بأن الليالي تطلق، ويراد بها الأيام استعمالاً فاشياً في اللغة لا ينكر ( ) .
الجواب الثالث: على تسليم رواية "يوماً" فهي دليل على عدم اشتراط الصوم؛ إذ لم يأمره النبي  بالصوم.
ورد هذا الجواب: بما رواه ابن عمر أن النبي  قال لعمر: "اعتكف وصم"( ) .
ونوقش هذا الحديث : بأنه حديث منكر .
3 - ما رواه ابن عباس أن النبي  قال: "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه" ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من وجهين:
الوجه الأول: أنه ضعيف لا يحتج به .
الوجه الثاني: أن الصحيح وقفه على ابن عباس .
4 - ما روته عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله  إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه ... وفيه ترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف العشر الأول من شوال" ( ) .
وجه الدلالة :
دل هذا الحديث على أن الصوم ليس شرطاً للاعتكاف؛ لأن النبي  اعتكف العشر الأول ويوم العيد من العشر الأول.
ونوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من وجهين:
الوجه الأول: أنه مختلف في لفظه، ففي رواية: "العشر الأول من شوال"، وفي رواية : "عشراً من شوال" ( ) ، وفي رواية : "في آخر العشر من شوال" ( ) .
فلا صراحة فيه على دخول يوم العيد .
وأجيب : بأن قولها : "عشراً من شوال" مجمل؛ إذ يحتمل أن تكون من أوله، أو أوسطه، أو آخره، فتحمل على المبين وهو قولـه: "العشر الأول من شوال" .
وأما رواية: "في آخر العشر من شوال" فتفرد بها البخاري ، وما اتفق عليه الشيخان أرجح.
الوجه الثاني: أنه يصح أن يقال : اعتكف العشر الأول من شوال، ويوم العيد ليس منها كما يقال: صام العشر الأول من شوال ( ) .
بل الظاهر عدم دخول يوم العيد لاشتغاله بالخروج إلى صلاة العيد، ثم رجوعه إلى منزله لفطره، وفي ذلك ذهاب بعض اليوم فلا يقوم اليوم مقام جميعه( ).
وأجيب بجوابين:
الجواب الأول: أنه لا يصح أن يقال: اعتكف العشر الأول، ولا يكون يوم العيد منها؛ لأنه خلاف الظاهر، وإنما صح أن يقال: صام العشر الأول ، ولا يكون يوم العيد منها، لوجود الدليل على خروج يوم العيد، وهو تحريم صيامه.
وأما اشتغاله بالصلاة أول اليوم فلا يمنع من اعتكافه بقية اليوم كما هو ظاهر الحديث، كما يقال: قام ليلة القدر، وإن كان قد أخل ببعضها.
الجواب الثاني: على تسليم أن يوم العيد ليس داخلاً في اعتكافه  فالحديث دليل على عدم اشتراط الصوم لعدم نقله، إذ لو صام النبي  لنقل؛ لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله.
5 - ما روي أن علياً  قال: "المعتكف ليس عليه صوم إلا أن يشترط ذلك على نفسه" ( ) .
6 - ما روي أن ابن مسعود قال: "المعتكف ليس عليه صيام إلا أن يشترط ذلك على نفسه" ( ) .
7 - ما ورد أن ابن عباس "كان لا يرى على المعتكف صياماً إلا أن يجعله على نفسه" ( ) .
8 - أنه عبادة مستقلة بنفسها، فلم يكن الصوم شرطاً فيه كالحج، والجهاد .
9 - أنه لزوم مكان معين لطاعة الله ، فلم يكن الصوم شرطاً فيه كالرباط( ).
10 - أنه لو اعتكف أكثر من يوم سمي معتكفاً ليلاً ونهاراً ، فلو اشترط الصوم لما صح الاعتكاف بالليل ( ) .
11 - أن العكوف في اللغة : الإقبال على الشيء على وجه المواظبة وهذا يحصل من الصائم والمفطر ( ) .
12 - أن العاكفين على الأصنام وَلَهاً سموا بذلك بمجرد احتباسهم عليها وإن لم يصوموا فالمحتبس لله في بيته عاكف لـه وإن لم يصم ( ) .
أدلة الرأي الثاني:

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:05 am

استدل لهذا الرأي بالأدلة الآتية: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ  ( ) .
وجه الدلالة :
دلت هذه الآية على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف؛ لأن الله ذكره بعد ذكر الصوم، وعليه فيكون الاعتكاف مشروعاً في كل وقت عدا الأيام التي ينهى فيها عن الصيام ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال:
1 - بالمنع ؛ إذ لا يلزم من ذكر حكم بعد حكم آخر عقد أحدهما بالآخر، وإلا لزم أن يقال: لا يجزئ صيام إلا باعتكاف ولا قائل به ( ) .
2 - أن النبي  لم يعتكف إلا صائماً.
ونوقش هذا الاستدلال : بأن النبي  كان يتحرى أفضل الأحوال في اعتكافه ، ولهذا كان يعتكف العشر الأواخر مع أن اعتكاف غيرها جائز ، وكان يعتكف عشراً ولو اعتكف أقل جاز ( ) .
وأيضاً فإنه مجرد فعل لا يدل على الوجوب.
3 - قول عائشة رضي الله عنها: "والسنة في المعتكف ألا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها... وفيه ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم" ( ) .
والصحابي إذا أطلق السنة انصرف إلى سنته  .
ونوقش هذا الدليل :
بأنه ليس من قول عائشة ، بل مدرج من الزهري - كما سيأتي - ولو سلم، فهو محمول على الاستحباب ؛ لوجود الصارف عن الوجوب من أدلة القول الأول.
4 - ما روته عائشة مرفوعاً : "لا اعتكاف إلا بصوم" ( ) .
ونوقش: بأنه ضعيف كما في تخريجه .
5 - ما ورد أن علياً قال: "المعتكف عليه الصوم ( ) ، وإن لم يفرضه على نفسه" .
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه مخالف لما ورد عنه  من عدم اشتراط الصوم.
الوجه الثاني: أنه قول صحابي خالفه غيره.
6 - ما ورد أن ابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهما قالا: "المعتكف يصوم" ( ) .
7 - ما ورد أن عائشة قالت: "لا اعتكاف إلا بصيام" ( ) .
ونوقش هذا الدليل:
بالوجه الثاني من المناقشة الواردة على الدليل الرابع.
8 - أنه لبث في مكان مخصوص، فلم يكن بمجرده قربة، فيشترط لـه الصوم( ) .
ونوقش :
بالمنع، فليس قربة بمجرده ، بل بالنية فلا يشترط لـه الصوم .
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لقوة دليله على اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف، وضعف أدلة المخالفين بمناقشتها، ولأن الأصل عدم اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف .
ثمرة الخلاف :
يترتب على القول باشتراط الصوم لصحة الاعتكاف:
1 - عدم صحة اعتكاف الأيام المنهي عنها كالعيدين وأيام التشريق ( ) .
2 - عدم صحة اعتكاف الليل بمفرده .
3 - أن الاعتكاف لا يكون أقل من يوم .
المطلب الثامن: شرط المسجد :
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف.
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف.
المسألة الثالثة: ما يدخل في مسمى المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف.
المسألة الرابعة: أفضل المساجد للاعتكاف.
المسألة الخامسة : تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه.
المسألة الأولى: اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف:
يشترط المسجد لصحة الاعتكاف لقوله تعالى:  وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ  ( ) .
فلم ينه - الله تعالى - عن المباشرة إلا من اعتكف في المسجد وتخصيصه بالذكر يقتضي أن ما عداه بخلافه وتبقى مباشرة العاكف في غير المسجد على الإباحة، ولما لم يكن العاكف في غير المسجد منهياً عن المباشرة علم أنه ليس باعتكاف شرعي؛ لأنا لا نعني بالاعتكاف الشرعي إلا ما تحرم معه المباشرة كما أنا لا نعني بالصوم الشرعي إلا ما حرم فيه الأكل والشرب .
فإن قيل: فقوله تعالى:  وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ  دليل على أنه قد يكون عاكفاً في غير المسجد ؛ لأن التقييد بالصفة بما لولاه لدخل في المطلق .
أجيب : لا ريب أن كل مقيم في مكان ملازم لـه فهو عاكف ، لكن الكلام في النوع الذي شرعه الله تعالى، كما أن كل ممسك يسمى صائماً، وكل قاصد يسمى متيمماً، ثم لما أمر الله تعالى بتيمم الصعيد، وأمر بالإمساك عن المفطرات صار ذلك هو النوع المشروع، على أن الصفة قد تكون للتبيين والإيضاح كما في قولـه تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ( )، وقوله تعالى : وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ  ( ) ، ونحو ذلك ( ) .
ولما روت عائشة رضي الله عنها، قالت: "إن كان رسول الله  ليدخل رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً" متفق عليه ( ) .
ولما يأتي أيضاً من الأحاديث الدالة على اعتبار المسجد لصحة الاعتكاف.
وحكي إجماعاً، قال القرطبي: "أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد" ( ) .
وقال في المغني والشرح الكبير : "لا نعلم في ذلك خلافاً" ( ) .
وقال ابن رشد، والزرقاني: "وقد اتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، إلا محمد بن عمر بن لبابة فأجازه في كل مكان" ( ) .
المسألة الثانية: ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف:
وفيه أمران:
الأمر الأول: ضابطه للرجل.
الأمر الثاني: ضابطه للمرأة.
الأمر الأول : ضابطه للرجل :
وبعد اتفاق الأئمة على اشتراط المسجد لصحة الاعتكاف.
اختلفوا في ضابط المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف للرجل على أقوال:
القول الأول: أنه لا يصح إلا في مسجد جماعة.
قال شيخ الإسلام: "وهو قول عامة التابعين، ولم ينقل عن صحابي خلافه، إلا من قول من خص الاعتكاف بالمساجد الثلاثة ، أو مسجد نبي" ( ) .
فقد قال به من السلف : عروة ، والزهري، والحسن، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وأبو الأحوص، وأبو قلابة، وغيرهم ( ) .
وهو مذهب الحنفية ( ) ، والحنابلة ( ) .
لكن اختلفوا في تفسير مسجد الجماعة فعن أبي حنيفة وصححه بعض الحنفية، وهو المذهب عند الحنابلة : أنه الذي تقام فيه صلاة الجماعة.
والرأي الثاني عند الحنفية: أن المراد ماله إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أو لا.
لكن عند الحنابلة من لا تجب عليه الجماعة كالمريض ونحوه من أهل الأعذار، وكذا لو نوى اعتكاف مدة لا تخللها صلاة جماعة صح في كل مسجد سوى مسجد البيت ( ) .
القول الثاني: أنه في كل مسجد .
وهذا مذهب المالكية ( ) ، والشافعية ( ) .
سواء أقيمت فيه الجماعة أم لا ، إلا أنهم يستثنون مساجد البيوت، فلا يصح فيها الاعتكاف.
لكن عند المالكية: يجب الاعتكاف في المسجد الجامع إن تخلل اعتكافه جمعة، وعند الشافعية يجب الاعتكاف في الجامع إن تخلل اعتكافه جمعة، وكان نذراً متتابعاً.
القول الثالث: أنه لابد من مسجد جامع.
وهو قول : حماد، والحكم، وأبي جعفر محمد بن علي ( ) . وهو اختيار الصنعاني.
والقول الرابع: أنه لا يصح إلا في المساجد الثلاثة.
وبه قال سعيد بن المسيب ( ) .
وعن عطاء: : لا اعتكاف إلا في مسجد مكة والمدينة ( ) .
الأدلة:
أما دليل من اشتراط أن يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة:
1 - قولـه تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
وجه الدلالة :
أن لفظ "المساجد" في الآية عام يشمل كل مسجد؛ لأن الله سبحانه عمَّ المساجد بالذكر، ولم يخص مسجداً دون مسجد، وهو اسم جمع معروف باللام ، والمباشرة نكرة في سياق النفي، فيكون معنى الكلام: لا تفعلوا شيئاً من المباشرة، وأنتم عاكفون في مسجد من المساجد، لكن خص بالمسجد الذي تقام فيه الجماعة للأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة؛ لأن اعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى أحد أمرين:
إما ترك الجماعة الواجبة، وإما خروجه إليها فيتكرر ذلك منه كثيراً مع إمكان التحرز منه وذلك مناف للاعتكاف؛ إذ هو لزوم المعتَكَفِ والإقامة على طاعة الله فيه ( ) .
وحتى لو قيل: بعدم وجوب الجماعة، فإن الجماعة من أعظم العبادات، وهي أوكد من مجرد الاعتكاف الخالي عنها بلا ريب، والمداومة على تركها مكروه كراهة شديدة ، فلو كان العكوف الخالي عنها مشروعاً، لكان قد شرع التقرب إلى الله تعالى بما ينهى فيه عن الجماعة؛ إذ الخروج من المعتكف لا يجوز، وهذا غير جائز ( ) .
2 - قول عائشة رضي الله عنها: "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها، ولا يخرج إلا لما لابد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" ، وفي لفظ : "إلا مسجد جماعة" ( ) .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:06 am

ونوقش: بأن الأقرب: نه مدرج من الزهري.
3 - أنه هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.
فعن علي  أنه قال: "من اعتكف فلا يرفث في الحديث ولا يساب، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إلا كانت لـه حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" ( ) .
قولـه : "ويشهد الجمعة" دليل على أنه لم يعتكف في جامع.
وعن علي  قال: "لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة" ( ) .
وروى ابن أبي مليكة قال: "اعتكفت عائشة بين حراء وثبير فكنا نأتيها هناك وعبد لها يؤمها" ( ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال : "لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الصلوات" ( ) .
وعنه  قال: "إن أبغض الأمور إلى الله البدع، وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور" ( ) .
وعنه  : "أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد نفسها في بيتها؟ فقال: بدعة وأبغض الأعمال إلى الله تعالى البدع، لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة" ( ) .
وأما دليل من قال: بصحة الاعتكاف في كل مسجد لـه مؤذن وإمام وإن لم تقم فيه الجماعة:
فحديث حذيفة  مرفوعاً: "كل مسجد لـه مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح" ( ) .
ونوقش : بأنه ضعيف جداً.
وأما دليل من صحح الاعتكاف في كل مسجد إلا مساجد البيوت - وهم المالكية والشافعية - :
فعموم قولـه تعالى : وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
وهذا عام يشمل كل المساجد ولا يقبل تخصيصها ببعض المساجد إلا بدليل( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن هذا العموم مخصص بالأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد، والاعتكاف في مسجد لا تقام فيه الجماعة يؤدي إلى أحد محذورين: إما ترك واجب وهو صلاة الجماعة، أو كثرة الخروج من المسجد لأداء صلاة الجماعة وهو مناف لركن الاعتكاف" ( ) .
وأما دليل من قال: لا يصح الاعتكاف إلا مسجد جامع ما يلي:
1 - قول عائشة رضي الله عنها السابق، وفيه: "... ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" ( ) .
وتقدم أنه مدرج من الزهري.
2 - قول علي  : "لا اعتكاف إلا في مصر جامع" ( ) .
ونوقش: بعدم ثبوته .
وأما دليل من قال: لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة:
فحديث حذيفة  ، أنه قال لعبدالله بن مسعود  : "عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا يضر؟ وقد علمت أن رسول الله  قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة. فقال عبدالله : لعلك نسيت وحفظوا، أو أخطأت وأصابوا" ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال من أوجه :
الوجه الأول: أنه لا يثبت مرفوعاً للنبي  .
الوجه الثاني: أنه لو كان ثابتاً مرفوعاً لاشتهر ذلك بين الصحابة، وقد خالفه علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم ( ) .
الوجه الثالث: أنه لو قيل بموجب هذا الحديث لكانت (أل) في قولـه تعالى : وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) . للعهد الذهني، ولا دليل على ذلك في الآية، بل هي للعموم وهذا هو الأصل ( ) .
الوجه الرابع : أنه لو قيل: بموجب هذا الحديث لكان حملاً للآية على النادر وهذا من معايب الاستدلال ( ) .
الوجه الخامس: على فرض ثبوته ، فالمراد: لا اعتكاف كامل لما تقدم من أدلة الرأي الأول.
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - أن الاعتكاف يصح في كل مسجد جماعة؛ لما استدلوا به، ولورود المناقشة على أدلة المخالفين.
الأمر الثاني: ضابطه للمرأة:
تقدم أن الراجح أن مكان الاعتكاف للرجل هو كل مسجد تقام فيه الجماعة.
واختلف العلماء في مكان اعتكاف المرأة على قولين:
القول الأول: أنه يصح اعتكافها في كل مسجد، وإن لم تقم فيه الجماعة سوى مسجد بيتها.
وهو قول جمهور العلماء ( ) ، لكن كره الشافعي : أن تعتكف في مساجد الجماعة .
القول الثاني: أن مكان اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وإن اعتكفت في مسجد الجماعة جاز، لكن مع الكراهة التنزيهية .
وهو قول الحنفية ( ) .
وعندهم : أن الخنثى حكمه حكم الرجل ، لاحتمال ذكوريته.
أدلة الجمهور:
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - قولـه تعالى : وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
وجه الدلالة : أن المراد بالمساجد هنا المواضع التي بنيت للصلاة فيها ، وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد؛ لأنه لم يبن للصلاة فيه .
فلا يثبت لـه أحكام المسجد الحقيقية وتسميته مسجد كقوله  : "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" ( ) .
2 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه "استئذان أزواجه  في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن" ( ) .
ولو لم يكن موضعاً لاعتكافهن لما أذن فيه ، ولو كان الاعتكاف في غيره أفضل لنبههن عليه.
3 - ولأن الاعتكاف قربة يشترط لها المسجد في حق الرجل فيشترط في حق المرأة كالطواف ( ) .
ثانياً: دليلهم على عدم اشتراط إقامة الجماعة فيه:
أما المالكية والشافعية : فلأنهم لا يشترطون ذلك بالنسبة للرجل فالمرأة من باب أولى ( ) .
وأما الحنابلة : فلأن الجماعة عندهم لا تجب عليها ( ) .
أدلة الحنفية:
أولاً: استدلوا على أن الأفضل أن تعتكف في مسجد بيتها:
1 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن" ( ) .
فصريح الحديث أن بيتها أفضل ، وهذا يشمل الاعتكاف.
ونوقش: بأن هذا في الصلاة دون الاعتكاف ؛ لما تقدم من أدلة الجمهور ، وهذا إن سلم الحديث، وإلا فهو معلول بالانقطاع.
2 - أن اعتكافها في بيتها أفضل كصلاتها فيه.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.
الوجه الثاني: أنه قياس مع الفارق فإن صلاة النافلة للرجل في بيته أفضل، ومع ذلك لا يصح اعتكافه فيه بالاتفاق ( ) .
3 - أن اعتكافها في بيتها أستر لها فكان أفضل ( ) .
ونوقش : بالوجه الأول من المناقشة الواردة على الدليل الثاني.
ثانياً: دليلهم على كراهة الاعتكاف في المسجد العام :
حديث عائشة رضي الله عنها: "فإن النبي  ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية أزواجه في مسجده  " ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : من وجهين:
الوجه الأول: أنه  ترك الاعتكاف خشية أن يكون الحامل للزوجات المباهاة والنافس الناشيء عن الغيرة فيخرج الاعتكاف عن موضوعه .
الوجه الثاني: أن الحامل لـه أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته، وربما يشغله ذلك عن التخلي لما قصد من العبادة فيفوت مقصوده بالاعتكاف( ) .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - هو القول الأول؛ لعموم أدلة الاعتكاف .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:07 am

المسألة الثالثة:
ما يدخل في مسمى المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه :
وفيه أمور:
الأمر الأول: ما أعد للصلاة .
الأمر الثاني: سطح المسجد .
الأمر الثالث: رحبة المسجد.
الأمر الرابع: منارة المسجد .
الأمر الخامس: ما أعد لاختزان سرج المسجد وحصره، وكذا بيت السقاية.
الأمر الأول : ما أعد للصلاة:
اتفق الفقهاء رحمهم الله أن ما كان معداً للصلاة من البناء أنه يصح الاعتكاف فيه ( ) .
لقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
وهاذ داخل في المسجد قطعاً.
الأمر الثاني : سطح المسجد :
فجمهور أهل العلم على صحة الاعتكاف فيه وصعود المعتكف إليه ( ) ؛ لقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) ، وسطح المسجد منه.
وعند المالكية : لا يصح الاعتكاف فيه ( ) بناء على عدم صحة الجمعة عليه( ) .
وفيه نظر: إذ لا يسلم عدم صحة الجمعة عليه.
الأمر الثالث: رحبة المسجد :
الرَّحْبة : بفتح الراء وسكون الحاء، أو بفتحهما: الأرض الواسعة، ورحبة المكان: ساحته ومتسعه. وجمعها: رحاب.
ورحبة المسجد : ساحته وصحته ( ) .
واختلف أهل العلم في دخولها في مسمى المسجد وخروج المعتكف إليها على الأقوال الآتية:
القول الأول: إن كانت متصلة بالمسجد داخلة في سوره ، فهي من المسجد، وإن كانت غير متصلة به ولا محوطة بسياجه فليست منه.
وبه قال الشافعية، وهو رواية عن أحمد ، وبه قال القاضي من الحنابلة .
قال النووي : "المراد بالرحبة ما كان مضافاً إلى المسجد محجراً عليه وهو من المسجد نص الشافعي على صحة الاعتكاف فيها..." ( ) .
وقال المرداوي : "رحبة المسجد ليست منه على الصحيح من المذهب والروايتين.... وعنه - أي الإمام أحمد - أنه منه ... وجمع القاضي بينهما في موضع من كلامه فقال: إن كانت محوطة فهي منه وإلا فلا .. وقدم هذا الجمع في المستوعب، وقال: ومن أصحابنا من جعل المسألة على روايتين، والصحيح: أنها رواية واحدة على اختلاف الحالين" ( ) اهـ.
ودليله قولـه تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
وإذا كانت الرحبة محوطة متصلة بالمسجد فهي منه .
القول الثاني: أنها ليست من المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها.
وهو المشهور عند المالكية ( ) ، والمصحح عند الحنابلة من المذهب ( ) .
واستدلوا بما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنّ المعتكفات إذا حضنّ أمر رسول الله  بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن" ( ) .
ونوقش : بحمله على رحبة ليست محوطة .
القول الثالث: أنه يصح الاعتكاف فيها إذا ضرب خباءه فيها.
وهو قول للإمام مالك .
قال مالك : "لا يبيت المعتكف إلا في المسجد الذي اعتكف فيه إلا أن يكون خباؤه في رحبة من رحاب المسجد" ( ) .
ولعله دليله : ما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها.
وأقرب الأقوال: هو القول الأول؛ لما استدلوا به ، والله أعلم .
الأمر الرابع : منارة المسجد:
وفيه فروع :
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد .
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد.
الفرع الثالث: أن تكون أو بابها في رحبة المسجد.
الفرع الأول: أن يكون بابها في المسجد:
فجمهور أهل العلم ( ) : أنها من المسجد فيصح الاعتكاف فيها.
لقوله تعالى :  وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) ، وهي داخلة في اسم المسجد، ولذا يمنع الجنب منها.
وعند المالكية: أن المنارة ليست من المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها ( ) .
لأنها موضع متخذ لغير الصلاة ولها اسم يختص بها عن المسجد، كالبيت المتخذ في المسجد لاختزان سرج المسجد وحصره ( ) .
وأجيب : بأن البيت المتخذ لاختزان سرج المسجد وحصره من المسجد لدخوله في اسمه .
والقول بأنها ليست من المسجد غير مسلم فهي مبنية للمسجد لمصلحة الأذان فكانت منه.
وعلى هذا فالأقرب : قول الجمهور.
الفرع الثاني: أن يكون بابها خارج المسجد:
اختلف العلماء في المنارة إذا كان بابها خارج المسجد وصعدها المعتكف هل يبطل اعتكافه؟ على أقوال:
القول الأول: إن كان المؤذن الراتب فلا يبطل اعتكافه، وإن كان غيره بطل اعتكافه.
وبه قال بعض الحنفية ( ) ، وهو المصحح عند الشافعية ( ) ، وبه قال ابن البنا والمجد من الحنابلة ( ) ، وظاهر كلام ابن حزم ( ) .
القول الثاني: أن الصعود إليها لا يبطل الاعتكاف مطلقاً.
وهو ظاهر الرواية عند الحنفية ( ) ، وهو وجه عند الشافعية ( ) .
والقول الثالث: أن الصعود إليها يبطل مطلقاً.
وهو مذهب المالكية ( ) ، ووجه عند الشافعية ( ) ، وهو المصحح عند الحنابلة ( ) .
الأدلة:
دليل الرأي الأول: أنها بنيت للمسجد لمصلحة الأذان، فكانت منه فيما بنيت لـه ، فلا يبطل اعتكاف المؤذن إذا خرج إليها ( ) .
ودليل الرأي الثاني: أنها بنيت للمسجد فكانت تابعة لـه.
ونوقش : بأنه مسلم أنها تابعة للمسجد ، لكن إذا كان بابها خارج المسجد ثم خرج إليها فقد خرج بلا عذر.
ودليل الرأي الثالث: أنه مشى حيث يمشي لأمر منه بد كخروجه إليها لغير الأذان ( ) .
ونوقش : بأن خروج المؤذن للمنارة للأذان كالمستثنى عند الاعتكاف؛ إذ هو أمر موكول إليه فيكون خروجه لعذر .
وعلى هذا فالأقرب : القول الأول؛ لما عللوا به ، ولمناقشة دليل القولين الآخرين، والله أعلم .
الفرع الثالث: أن تكون المنارة أو بابها في رحبة المسجد :
فإذا كانت محوطة متصلة به، فلا يبطل الاعتكاف بالصعود إليها؛ إذ هذه الرحبة في حكم المسجد كما تقدم ( ) .
الأمر الخامس: البيت المعد لاختزان سرج المسجد وحصره وكذا ما أعد للساقية :
فعند المالكية : لا يصح الاعتكاف فيه بناء على عدم صحة الجمعة فيه ( ) .
وظاهر كلام جمهور أهل العلم صحة الاعتكاف فيه؛ لعدم استثنائها عندهم .
وهو الأقرب ؛ لدخوله في اسم المسجد.
ومثل ذلك أيضاً مكتبة المسجد .
وأما ما بنى عليه المالكية من عدم صحة صلاة الجمعة فيها فغير مسلم، وإن سلم فلا تلازم بين صلاة الجمعة والاعتكاف ، والله أعلم .
المسألة الرابعة : أفضل المساجد للاعتكاف:
أفضل المساجد للاعتكاف: المسجد الحرام ، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى ( ) .
لكونها أفضل المساجد؛ لحديث أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" ( ) .
وأفضلها : المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ لحديث أبي هريرة  أن النبي  قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" ( ) .
ولحديث جابر  ، أن النبي  قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه" ( ) .
ولحديث أبي الدرداء  ، قال: قال رسول الله  : "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة" ( ) .
ثم بعد المساجد الثلاثة فقد نص الحنفية على أنه يستحب أن يعتكف في المسجد الجامع، ثم المساجد العظام التي كثر أهلها ( ) .
ونص الشافعية والحنابلة: أن الأفضل أن يعتكف في الجامع ممن تجب عليه الجمعة، إذا تخلل اعتكافه جمعة لئلا يحوجه ذلك إلى الخروج إليها.
ونص الحنابلة : أنه يستحب أن يتحرى الاعتكاف في مسجد تكون المطهرة قريبة منه؛ لئلا يطول زمن خروجه ( ) .
وعلى هذا يقال: يستحب أن يكون الاعتكاف في المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى ، ثم المسجد الجامع ، لمزيته الشرعية، وخروجاً من خلاف من اشترطه.
ثم يتحرى من المساجد ما لا يخل بركن الاعتكاف وهو اللبث في المسجد ( ) ، فيحتاج إلى الخروج أو طول زمن الخروج، ثم يتحرى من المساجد ما يحقق مقصود الاعتكاف وحكمته، وهو الإقبال على الله والاشتغال بذكره ( ) ، ثم ما كان أكثر جماعة؛ لأن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، والله أعلم .
المسألة الخامسة: تغيير المعتكف لمسجد اعتكافه.
إذا خرج المعتكف من مسجد اعتكافه لأمر يبيح الخروج ( ) ، فله أن يغير مسجد اعتكافه إذا كان الثاني أقرب لحاجته ( ) .
أما إذا أراد الخروج ابتداء لتغيير المسجد سواء كان لـه مزية شرعية أم لا، فليس لـه ذلك إلا بالشرط ؛ لما يأتي من إباحة الخروج لسائر القرب أو أمرٍ لا ينافي الاعتكاف بالشرط ( ) .
وكذا إذا كان المسجد الثاني أبعد عن حاجته من المسجد الأول فليس لـه ذلك إلا بالشرط ؛ لما في ذلك من تفويت زمن الاعتكاف .
فرع : وإذا خرج إلى مسجد آخر خروجاً شرعياً، فله أن يطيل مكثه فيه؛ لصلاحية المحل للاعتكاف.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:09 am

المبحث الثاني: أركان الاعتكاف:
اختلف الفقهاء في تعداد أركان الاعتكاف، وهذا الاختلاف راجع إلى اعتبار بعض الشروط والامتناع عن بعض المبطلات أركاناً:
فعند الحنفية: أن ركن الاعتكاف هو اللبث في المسجد فقط، والباقي شروط وأطراف لا أركان ( ) .
وعند المالكية : أركانه خمسة: نية الاعتكاف ، والمسجد المباح، والصوم ، والكف عن الجماع ومقدماته .
ومرادهم بالمسجد المباح: أي المباح لعموم الناس بأن لا يكون من المساجد المهجورة أو مساجد البيوت ( ) .
وعند الشافعية : أركانه أربعة: اللبث في المسجد ، والنية ، والمعتكف، والمعتكف فيه ( ) .
وعند الحنابلة : فقد ذكر شيخ الإسلام أن أركان الاعتكاف ركنان: لزوم المسجد، والنية ( ) .
والأقرب: ما ذهب عليه الحنفية وأن ركن الاعتكاف اللبث في المسجد ؛ إذ هو جزء العبادة وماهيتها، وما عدا ذلك شروط خارجة عن ماهية الاعتكاف ذكرت مع أدلتها في شروط صحة الاعتكاف في المبحث الأول والله أعلم .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:10 am

الفصل الثالث
الخروج من المسجد ومبطلات الاعتكاف
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الخروج من المسجد.
المبحث الثاني: مبطلات الاعتكاف.

المبحث الأول
الخروج من المسجد ( )

وفيه مطالب:
المطلب الأول: أقسامه .
المطلب الثاني: اشتراطه .
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب .

المطلب الأول: أقسامه . وفيه مسائل :
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن.
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن بلا عذر .
المسألة الثالثة: الخروج لعذر معتاد شرعاً أو طبعاً.
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد .
المسألة الخامسة : الخروج لقربة من القرب .
المسألة الأولى: الخروج ببعض البدن .
إذا أخرج المعتكف بعض بدنه لم يبطل اعتكافه ولا يترتب عليه شيء باتفاق الأئمة( ) ، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي  وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
المسألة الثانية: الخروج بجميع البدن بلا عذر:
فهذا يبطل اعتكافه باتفاق الأئمة ( ) ، لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ، ولمنافاته لركن الاعتكاف.
وقيد الحنفية الخروج المفسد بساعة وهو جزء من الزمان لا جزء من أربع وعشرين جزءاً ( ) . وعند الصاحبين: - أبي يوسف ، ومحمد - يفسد إذا خرج أكثر النهار ( ) ، أي أكثر من نصف يوم ( ) .
المسألة الثالثة: الخروج لأمر لابد لـه منه شرعاً أو طبعاً :
وفيها أمور:
الأمر الأول:
الخروج لقضاء الحاجة ونحو ذلك كالخروج للقيء أو غسل نجاسة:
فإذا خرج لما تقدم لم يبطل اعتكافه إجماعاً.
قال ابن المنذر : "وأجمعوا على أن للمعتكف أن يخرج عن معتكفه للغائط والبول" ( ) .
وقال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أن يجوز للإنسان الخروج إلى ما لابد منه كحاجة الإنسان ..." ( ) .
وكذا نقل الإجماع على ذلك الماوردي ( ) ، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي  : "كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
وقولها: "لحاجة الإنسان" المراد بذلك: البول والغائط ، كنى عنها بذلك ؛ لأن الإنسان يحتاج إليهما لا محالة ( ) .
ولما تقدم قريباً أن النبي  : "كان يخرج رأسه وهو معتكف لترجله عائشة رضي الله عنها" فالخروج لقضاء حاجة الإنسان من باب أولى.
ولأن هذا مما لابد منه ولا يمكن فعله في المسجد فلو بطل الاعتكاف بخروجه لم يصح لأحد اعتكاف.
لكن إن طال مكثه بعد حاجته فسد اعتكافه ( ) .
ولا يكلف الذي خرج لحاجته الإسراع، بل لـه المشي على عادته ( ) .
ولو كثر خروجه لقضاء الحاجة لعارض يقتضيه كإسهال فالمصحح عند جمهور الشافعية: أنه لا يضره نظراً إلى جنسه ( ).
الأمر الثاني:
الخروج للطهارة الواجبة .
وفيه فروع :
الفرع الأول: أن لا يمكنه التطهر في المسجد .
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد .
الفرع الثالث: تطهره في بيته مع وجود مطهرة قريبة من المسجد.
الفرع الأول: أن لا يمكنه ذلك في المسجد:
إذا لم يمكنه أن يتطهر الطهارة الواجبة في المسجد فله الخروج لذلك ، وهذا لا يبطل الاعتكاف باتفاق الأئمة .
قال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أنه يجوز للإنسان الخروج إلى ما لابد منه لحاجة الإنسان والغسل من الجنابة..." ( ) .
لما تقدم قريباً من الأدلة على الخروج لقضاء الحاجة ، فكذا للطهارة الواجبة .
الفرع الثاني: أن يمكنه التطهر في المسجد :
فإن أمكنه التطهر في المسجد فهل يلزمه ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يلزمه.
وهو قول المالكية ( ) ، والحنابلة ( ) .
لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) . والوضوء والغسل تابع لحاجة الإنسان.
والقول الثاني: يلزمه أن يتطهر بالمسجد .
وبه قال الحنفية ( ) ، والشافعية ( ) ؛ لأنه خروج لأمر منه بد.
ونوقش : بعدم التسليم ، بل هو لأمر ليس منه بد ، إذ قد يلحقه ضرر بذلك إذا كان يحتشم من ذلك .
وقد لا يرغب الوضوء في المسجد خشية تلويثه.
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - أنه لا يلزمه أن يتطهر في المسجد ؛ إذ هو داخل في حاجة الإنسان، لكن إذا هناك مطهرة داخل المسجد معدة للتطهر وهو لا يحتشم منها لزمه ذلك.
الفرع الثالث: تطهره في بيته مع وجوده مطهرة قريبة من المسجد :
إذا كان هناك ميضأة قريبة من المسجد فهل لـه الذهاب إلى بيته؟ فيه أقوال:
القول الأول: أنه إذا كان يحتشم منها فلا يكلف التطهر منها لما في ذلك من خرم المروءة، فيكون داخلاً في حديث عائشة: "وكان لا يخرج إلا لحاجة الإنسان" . وإذا كان لا يحتشم منها فيكلف التطهر منها ، لعدم الضرر.
وهو قول أكثر العلماء ( ) .
لكن قيده الشافعية ( ) ، والقاضي من الحنابلة ( ) ، بما إذا لم يتفاحش بعد البيت؛ لأنه إذا تفاحش بعده خرج عن عادة المعتكفين .
ولأنه يذهب جملة من وقت الاعتكاف في الذهاب والمجيء، وهو غير مضطر إليه .
القول الثاني : أنه ليس لـه الخروج إلى منزله مطلقاً.
وبه قال بعض الحنابلة ( ) .
وعللوا : بأنه خروج لأمر لـه منه بد .
ونوقش : بعدم التسليم إذا كان مثله يحتشم من التطهر في غير منزله .
القول الثالث: يجوز لـه الخروج إلى بيته مطلقاً.
وهو وجه عند الشافعية ( ) .
لأنه يشق عليه التطهر في غير بيته.
ونوقش : بأنه إذا كان لا يحتشم من التطهر في غير بيته فلا مشقة عليه .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:11 am

الترجيح :
الراجح – والله أعلم - ما ذهب إلى جمهور أهل العلم من التفصيل لما عللوا به، والله أعلم .
وإذا كان لـه منزلان أو كان هناك مطهرتان لزمه التطهر بالأقرب منهما .
وهو مذهب الشافعية ( ) ، والحنابلة ( ) .
لعدم الحاجة في الذهاب إلى الأبعد .
وفي قول للحنفية والشافعية ( ) : لا يلزمه التطهر بالأقرب منهما .
لأنه خروج لحاجة الإنسان فجاز للأبعد منهما .
ونوقش : بعدم التسليم فلا حاجة في الذهاب إلى الأبعد مع الاستغناء بالأقرب.
وعلى هذا فالأقرب: القول الأول.
وكذا لا يكلف الطهارة في ببيت صديقه القريب؛ لما في ذلك من المنة وربما احتشم من ذلك وشق عليه ( ) .
الأمر الثالث: الخروج للأكل والشرب :
اختلف العلماء رحمهم الله في خروج المعتكف للأكل والشرب على قولين:
القول الأول: أنه ليس لـه ذلك إلا إذا لم يكن هناك من يأتيه به .
وبه قول جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: يجوز الخروج للأكل إن كان المسجد مطروقاً، وإن كان مهجوراً فليس لـه الخروج .
وأما الشرب فإن كان في المسجد سقاية فلا يجوز لـه الخروج ، وإلا جاز.
وهو مذهب الشافعية ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - قولـه تعالى : وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) ،
فدلت الآية أن الأصل مكث المعتكف في مسجده ، لعدم الحاجة إلى خروجه إذا كان هناك من يأتيه بطعامه .
2 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
وقوله : "إلا لحاجة الإنسان" كناية عن البول والغائط ( ) ، فدل ذلك على أنه لا يخرج للأكل والشرب .
واستدل الشافعية :
أن لـه الخروج للأكل إذا كان المسجد مطروقاً؛ لأن الأكل مما يستحيي منه، بخلاف المسجد المهجور .
وليس لـه الخروج للشرب إذا كان في المسجد ماء؛ لأن في الأكل تبذلاً بخلاف الشرب. ولأن استطعام الطعام مكروه، واستسقاء الماء غير مكروه ( ) .
الترجيح :
يمكن الجمع بين الرأيين فيقال: إن احتاج إلى الخروج للأكل لعدم من يأتيه به ، أو كان يحتشم من الأكل في المسجد لعدم حجرة أو خباء يأكل فيه فله الخروج ، وإلا فليس لـه ذلك. وكذا لـه الخروج للشرب إن لم يكن في المسجد سقاية، أو لم يكن من يأتيه به، والله أعلم .
فرع :
وأجاز ابن حامد من الحنابلة : أن يأكل مع أهله يسيراً إذا خرج لأمر لابد لـه منه كقضاء الحاجة؛ لأن ذلك لا يمنعه المرور في طريقه.
وقال بعض الحنابلة : ليس لـه ذلك؛ لأنه لبث في غير معتكفه لما لـه منه بُد فأشبه اللبث لمحادثة أهله .
فأمَّا إن أكل وهو مار فلا بأس به؛ لأنه لـه احتباس فيه ( ) .
الأمر الرابع: الخروج لصلاة الجمعة :
وفيه فروع :
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف.
الفرع الثاني: زمن الخروج من المعتكف لصلاة الجمعة.
الفرع الثالث: زمن الرجوع إلى المعتكف من صلاة الجمعة.
الفرع الأول: أثره على الاعتكاف .
إذا تخلل الاعتكاف جمعة في مسجد غير جامع وجب على المعتكف الخروج إلى صلاة الجمعة إذا كان من أهلها ، وهذا باتفاق الأئمة ( ) .
لفرضيتها عليه إجماعاً ( ) ، وعدم إمكان قضائها جمعة.
لكن اختلف العلماء رحمهم الله في بطلان الاعتكاف في الخروج إلى الجمعة على قولين :
القول الأول: أنه لا يبطل اعتكافه .
وهو مذهب الحنفية ( ) ، والحنابلة ( ) ، وبه قال ابن حزم ( ) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه .
وهذا مذهب المالكية ( ) ، والشافعية ( ) .
لكن قيده الشافعية فيما إذا كان تطوعاً أو نذراً متتابعاً، فإذا كان نذراً غير متتابع لم يبطل بخروجه إلى الجمعة.
الأدلة : استدل الحنفية والحنابلة بالأدلة الآتية:
1 - ما تقدم من الأدلة الدالة على مشروعية الاعتكاف في مسجد الجماعة( ).
وجه الدلالة : أن الشارع أذن بالاعتكاف في مسجد الجماعة مع إيجاب صلاة الجمعة ، فدل ذلك على إذنه للخروج لصلاة الجمعة ، وما ترتب على المأذون غير مضمون.
2 - أدلة وجوب صلاة الجمعة كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ  ( ) .
وجه الدلالة : دلت هذه الأدلة على عدم بطلان الاعتكاف بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لأن إيجاب الشارع لها يقتضي استثناءها من عدم البطلان بالخروج.
3 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
وهذا في معنى حاجة الإنسان.
4 - قول علي  : "من اعتكف فلا يرفث في الحديث ولا يساب ، ويشهد الجمعة والجنازة ، وليوصل أهله إذا كانت لـه حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم"( ).
5 - أنه خرج لواجب فلم يبطل اعتكافه كالمعتدة تخرج لقضاء العدة ، وكالخارج لإنقاذ غريق وإطفاء حريق.
6 - أنه إذا نذر أياماً فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه ( ) .
واستدل المالكية والشافعية على بطلان الاعتكاف بالخروج إلى الجمعة : بأنه يمكنه الاحتراز من الخروج بأن يعتكف في مسجد جامع ( ) .
ونوقش : بأنه وإن أمكنه ذلك فلا يلزم منه بطلان اعتكافه بالخروج إلى صلاة الجمعة، لإذن الشارع في الاعتكاف في غير مسجد جامع.
الترجيح : الراجح – والله أعلم - عدم بطلان الاعتكاف بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لقوة الدليل على ذلك في مقابلة مناقشة دليل القول الآخر .
الفرع الثاني: زمن الخروج:
تقدم أن المعتكف لـه الخروج إلى صلاة الجمعة ؛ لأن هذا أمر لابد لـه منه شرعاً فيكون داخلاً في حاجة الإنسان، لكن اختلف العلماء القائلون بعدم فساد اعتكافه إذا خرج في وقت خروجه إلى الجمعة، على أقوال:
القول الأول: أن لـه التبكير إلى صلاة الجمعة، فيستحب أن يخرج في الوقت الذي يستحب الخروج إلى صلاة الجمعة ( ).
وبه قال أبو الخطاب، وابن عقيل ( ) .
القول الثاني: أن لـه التبكير إلى صلاة الجمعة، ولا يستحب .
وهو مذهب الحنابلة ( ) .
القول الثالث: أنه يخرج وقت زوال الشمس إن قرب مكان اعتكافه ، وإن بعد خرج في وقت يدركها ويصلي قبلها أربعاً.
وهو مذهب الحنفية ( ) .
الأدلة :
استدل من قال باستحباب التبكير إلى الجمعة: بالأدلة الدالة على استحباب التبكير إلى صلاة الجمعة؛ كحديث أبي هريرة  أن النبي  قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه، ومن راح في السعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة" ( ) ، وهذا يشمل المعتكف وغيره .
واستدل الحنابلة على أن لـه التبكير : أنه خروج جائز فجاز تعجيله ، كالخروج لحاجة الإنسان ( ) .
ولعل دليلهم على استحباب عدم التبكير : أنه مشغول بعبادة شرع فيها فكانت أولى .
واستدل الحنفية: بأن الخطاب بالصلاة لا يتوجه إلا بعد الزوال ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذا خطاب الوجوب ، أما خطاب السعي المستحب للجمعة فمن أول النهار.
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - استحباب تبكير المعتكف لصلاة الجمعة؛ لعموم أدلة استحباب التبكير لصلاة الجمعة، وصلاحية المكان للاعتكاف، فإن اللبث حاصل سواء بالمسجد الجامع أو مسجد اعتكافه ، فلا إخلال بركن الاعتكاف.
الفرع الثالث : زمن الرجوع إلى المعتكف :
لو تأخر المعتكف في الجامع الذي خرج إليه لأداء صلاة الجمعة لم يفسد اعتكافه عند القائلين بعدم فساد اعتكافه بالخروج إلى صلاة الجمعة؛ لصلاحية الموضع للاعتكاف.
لكن هل يكره مكثه أكثر من ذلك؟
اختلف العلماء - رحمهم الله - في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه لا يكره ذلك، لكن لا يستحب أن يطيل المقام بعد الجمعة.
وهو مذهب الحنابلة ( ) .
وقال ابن قدامة: ويحتمل أن تكون الخيرة إليه في تعجيل الرجوع وتأخيره ( ) .
وعللوا ذلك : بصلاحية الموضع للاعتكاف ( ) .
القول الثاني: أنه يكره لـه المكث بعد صلاة الجمعة والسنة الراتبة بعدها.
وهو مذهب الحنفية ( ) .
وعللوا ذلك: بأن فيه مخالفة لما التزمه من الاعتكاف في المسجد الأول؛ لأنه لما ابتدأ الاعتكاف فيه فكأنه عينه لذلك فيكره تحوله عنه مع إمكان الإتمام فيه.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم - عدم كراهة المقام في الجامع بعد صلاة الجمعة؛ لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل شرعي ولم يرد .
المسألة الرابعة: الخروج لعذر غير معتاد :
وذلك يشمل صوراً: كالخروج بسبب الخوف على نفسه، أو حرمته ، أو ماله من عدو أو لص أو حريق ، وكالخروج لانهدام المسجد، والخروج لأداء أو تحمل شهادة تعين عليه ذلك، ولإقامة حد، أو طلب سلطان، ولتفير متعين، وخروج المعتكفة لقضاء عدة الفراق ولمرض شديد تشق معه المقام في المسجد، فإن كان يسيراً لا يشق معه المقام في المسجد فخروجه مبطل ونحو ذلك.
وهذه الصور نص عليها فقهاء الحنابلة، فلا يبطل الاعتكاف بالخروج لشيء من ذلك عند الحنابلة .
والقول الثاني: إن خرج باختياره كخروجه لأداء شهادة، وكخروج المعتكفة لقضاء العدة - فإنه يجب عليها أن تكمل اعتكافها، ثم تخرج لتكمل عدتها - فإنه يبطل الاعتكاف.
وإن كان الخروج بغير اختياره كما لو أخرجه الحاكم لدين أو حد لم يبطل إلا إن اعتكف هرباً من ذلك ، وكذا لو خرج لأمر لا يمكن المقام معه كحيض ومرض .
وهذا مذهب المالكية ( ) .
القول الثالث: أنه يبطل الاعتكاف بالخروج لأداء الشهادة، إلا إن تعين عليه التحمل والأداء وكان نذراً متتابعاً فلا يبطل، ولا يبطل الاعتكاف بخروج المعتكفة لقضاء العدة إلا إن كانت العدة بسببها كأن علق طلاقها بمشيئتها فقالت وهي معتكفة : قد شئت .
فإن تعين عليه التحمل أو الأداء بطل ، إلا إن كان تحمله قبل الشروع في الاعتكاف فلا يبطل .
وكذا لا يبطل بالمرض الشديد الذي يشق معه المقام في المسجد، ويبطل باليسير الذي لا يشق معه المقام في المسجد .
وهذا مذهب الشافعية ( ) .
القول الرابع : أنه يبطل اعتكافه بالخروج لذلك كله .
وهو مذهب الحنفية ( ) .
إذ الأصل عند أبي حنيفة : أن الخروج لغير قضاء الحاجة من بول ونحوه، والطهارة الواجبة ، وصلاة الجمعة والعيدين - إذ يرون وجوب صلاة العيدين وجوباً عيناً - أنه مبطل عندهم .
إلا أنه في البدائع : إن انهدم المسجد أو أخرجه سلطان أو غيره فخرج منه مباشرة إلى مسجد آخر لم يبطل اعتكافه استحساناً ( ) .
الأدلة :

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:12 am

أدلة الحنابلة :
استدل الحنابلة على ما ذهبوا إليه من عدم البطلان بطروء الأعذار المتقدمة ونحوها بما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
فألحقوا الخروج لهذه الأعذار بالخروج لحاجة الإنسان .
2 - حديث صفية رضي الله عنها : "أنها جاءت إلى رسول الله  تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ، فتحدثت عنده ساعة ، ثم قامت تنقلب، فقام النبي  معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله  فقال لهما رسول الله  : على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله وكبُر عليهما، فقال رسول الله  : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئاً"( ) .
وفي رواية : "كان النبي  في المسجد عنده أزواجه فرحن فقال لصفية بنت حيي: لا تعجلي حتى أنصرف معك، وكان بيتها في دار أسامة بن زيد فخرج النبي  فلقيه رجلان .."( ).
وجه الدلالة : أن قولها : "فخرج النبي  معها" صريح في أن النبي  خرج معها من المسجد، وأن قولها: "حتى بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة" تعني باباً غير الباب الذي خرج منه فإن حجر أزواج النبي  كان شرقي المسجد وقبلته، وكان للمسجد عدة أبواب فيمر على الباب بعد الباب، والرجلان رأيا النبي  ومعه المرأة خارج المسجد فإنه لو كان في المسجد لم يحتج إلى هذا الكلام.
وقوله: "لا تعجلي حتى أنصرف معك" وقيامه معها ليقلبها: دليل على أن مكانها بينه وبين المسجد مسافة يخاف فيها من سير المرأة وحدها ليلاً، وهذا قبل أن تكون حجرتها قريباً من المسجد ، ولهذا قال: "وكان بيتها في دار أسامة بن زيد" ، وهذا كله مبين لخروجه من المسجد فإن خروجه إلى مجرد باب المسجد لا فائدة فيه ولا خصوص لصفية فيه لو كان منزلها قريباً دون سائر أزواجه، فهذا خروج للخوف على أهله فيلحق به كل حاجة ( ) .
3 - ولأنه خروج متعين فكان عليه الخروج إليه كالخروج إلى الجمعة ( ) .
واستدل المالكية : بأنه إذا خرج لأداء الشهادة كان خروجه باختياره ؛ إذ يمكن أداؤها في المسجد إما بحضور القاضي ، أو نقلها عن المعتكف ( ) .
ونوقش : أن خروج المعتكف وإن كان باختياره فهو بإيجاب الشارع فلم يبطل الاعتكاف .
واستدل الشافعية : لما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - أنه إذا تعين عليه التحمل والأداء لم يبطل اعتكافه إذا كان نذراً متتابعا ً؛ لاضطراره إلى الخروج وإلى سببه .
2 - أنه يبطل اعتكافه المتتابع إذا تعين عليه الأداء أو التحمل؛ لأن خروجه باختياره .
ويناقش هذا التعليل: بما نوقش به تعليل المالكية .
3 - أنه لا يبطل الاعتكاف المتتابع بخروجه للشهادة إذا كان تحمله قبل الشروع فيه قياساً على ما إذا نذر صوم الدهر ففوته لصوم كفارة لزمته قبل النذر فلا يلزمه القضاء .
4 - أنه يبطل اعتكافه إذا كان تطوعاً أو نذراً غير متتابع: لأن خروجه باختياره ( ) .
ويناقش : كما تقدم في مناقشة تعليل المالكية .
وأما تعليلهم لخروج المعتكفة أو من لزمه حد فنحو ما تقدم.
واستدل الحنفية : بحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ).
فدل على أن الخروج المباح إنما هو لحاجة الإنسان من بول أو غائط ، وما يتبع ذلك من طهارة واجبة ، وكذا الخروج لصلاة الجمعة لإيجاب الشارع لها ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : إذا سلم أن قولها رضي الله عنها: "لحاجة الإنسان" محصور بما يحتاجه من بول أو غائط، فأنتم لم تطردوا هذا الأصل فأجزتم الخروج لصلاة الجمعة ، وهذه الأعذار في معنى ذلك.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة، وهو عدم بطلان الاعتكاف بالأعذار الطارئة لقوة ما استدلوا به .
المسألة الخامسة: الخروج لقربة من القرب :
كعيادة مريض ، وصلاة جنازة ، وغسل جمعة على القول باستحبابه دون وجوبه ، وتجديد وضوء، وحضور مجلس علم ونحو ذلك.
ويتبين هذا في إيراد خلاف أهل العلم في خروج المعتكف لعيادة مريض أو صلاة جنازة .
القول الأول: أنه ليس لـه ذلك إلا بالشرط ، إلا إن تعينت عليه صلاة الجنازة أو تغسيله أو دفنه .
وهذا مذهب الحنابلة ( ) .
القول الثاني: أنه ليس لـه الخروج إلى ذلك إلا بالشرط ، ولو تعين عليه ذلك.
وهذا مذهب الحنفية ( ) ، والشافعية ( ) .
القول الثالث: أن لـه الخروج إلى ذلك بلا شرط .
وبه قال الحسن البصري وسعيد بن جبير والنخعي ( ) ، وهو رواية عن الإمام أحمد ( ) .
القول الرابع : أنه يجب عليه الخروج لعيادة والديه وجنازتهما ، ويبطل اعتكافه .
وهو مذهب المالكية ( ) .
الأدلة :
أدلة الرأي : استدل لهذا الرأي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه: "أن النبي  لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
فعلم أن هذه سنة الاعتكاف، وأن الخروج المباح للمعتكف الخروج لقضاء الحاجة، وما في معنى ذلك من الطهارة الواجبة ، وصلاة الجمعة ونحو ذلك كما تقدم، دون الخروج لسائر القرب. وفعله  يفسر الاعتكاف المذكور في القرآن.
2 - حديث عائشة ، وفيه: "والسنة في المعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها، ولا يعود مريضاً ، ولا يمس امرأة ولا يباشرها ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم" .
وتقدم هو هل من قول عائشة ، أو مدرج من الزهري؟ وهو الأقرب ( ) .
3 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي  يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه" ( ) .
ونوقش : بأنه حديث ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم ( ) .
4 - قول عائشة رضي الله عنها : "إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة" ( ) .
فعدم سؤال عائشة رضي الله عنها عن المريض إلا وهي مارة دون تعريج عليه إذا دخلت البيت لحاجة دليل على عدم قصد الخروج لعيادة المريض من باب أولى.
5 - أنه خروج لما لـه منه بد فلم يجز كما لو خرج لزيارة والديه ، أو صديقه أو طلب العلم ، ونحو ذلك من القرب ( ) .
ودليل جواز ذلك بالشرط : ما سيأتي بحثه في حكم الشرط في الاعتكاف قريباً .
ودليل جواز الخروج إذا تعين عليه ذلك:
ما تقدم من الأدلة على جواز الخروج للأعذار الطارئة ( ) .
ودليل الحنفية والشافعية : أنه ليس لـه الخروج إلا بالشرط ولو تعين عليه:
أما الحنفية : فلأن الأصل عند أبي حنيفة: أنه لا يخرج المعتكف إلا بحاجة الإنسان من بول وغائط ، وما يتبعه من طهارة واجبة ، وكذا صلاة الجمعة ، لحديث عائشة رضي الله عنها ، وقد تقدم مناقشته ( ) .
وأما الشافعية : فلأنه خروج باختياره فكان مبطلاً ، فلم يكن لـه ذلك إلا بالشرط .
ونوقش هذا التعليل : بأنه إذا تعين عليه ذلك كان من الأعذار الطارئة وقد تقدم الدليل على الخروج للأعذار الطارئة ( ) .
دليل الرأي الثالث:
1 - حديث أنس مرفوعاً: "المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض" ( ) .
ونوقش : بأن في إسناده : عنبسة بن عبدالرحمن الأموي، متروك الحديث ( ) .
2 - ما رواه عاصم بن ضمرة أن علي بن أبي طالب  قال: "من اعتكف فلا يرفث ولا يساب ، ويشهد الجمعة والجنازة ، وليوصل أهله إذا كانت لـه حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" ( ) . قال الإمام أحمد : عاصم بن ضمرة عندي حجة .
ونوقش : بمخالفته لظاهر القرآن والسنة .
كما أنه مخالف لقول عائشة رضي الله عنها .
وأما دليل المالكية : فيخرج لعيادة والديه لوجوب برهما، ويبطل اعتكافه ؛ لأنه خرج باختياره ( ) .
ولا يخرج لعيادة أو جنازة غيرهما مطلقاً ؛ لعدم تجويزهم الشرط في الاعتكاف ( ) .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - جواز الخروج بالشرط لكل قربة لما تقدم من الدليل على ذلك.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:13 am

الراجح – والله أعلم - جواز الخروج بالشرط لكل قربة لما تقدم من الدليل على ذلك.
المطلب الثاني: اشتراط الخروج في الاعتكاف:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكمه.
المسألة الثانية: نوعاه .
المسألة الثالثة: فائدته.
المسألة الأولى: حكمه :
اختلف العلماء في جواز الشرط وصحته في الاعتكاف على قولين:
القول الأول: جوازه وصحته .
وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، وبه قال كثير من السلف كالحسن وقتادة وعطاء ، وإبراهيم النخعي، وغيرهما ( ) .
القول الثاني: عدم جوازه وعدم صحته .
وهو مذهب المالكية ( ) .
قال ابن رشد : "وسبب اختلافهم تشبيههم الاعتكاف بالحج في أن كليهما عبادة مانعة لكثير من المباحات" ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور بالأدلة الآتية :
1 - قولـه  : "المسلمون على شروطهم" ( ) ، وهذا عام يشمل الاعتكاف( ) .
2 - حديث ضباعة بن الزبير رضي الله عنهما ، وفيه قولـه  لها : "حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني" ( ) .
وجه الدلالة : أن الإحرام ألزم العبادات بالشروع، ويجوز مخالفته بالشرط ، فالاعتكاف من باب أولى.
3 - ما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما "في المجاور لـه نيته" أي شرطه ( ) . لكنه ضعيف.
4 - أنه يجب الاعتكاف بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف .
5 - أن الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه ( ) .
دليل المالكية : عدم ورود الشرط في الاعتكاف .
قال الإمام مالك : "لم أسمع أحداً من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطاً ، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام والحج وما أشبه ذلك من الأعمال ما كان من ذلك فريضة أو نافلة فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل بما مضى من السنة ، وليس لـه أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه" ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال: أنه وإن لم يرد في الاعتكاف بخصوصه فقد ورد جواز الشرط العام الشامل للاعتكاف ، وكذا ورد في الإحرام وهو ألزم العبادات فألحق به الاعتكاف .
المسألة الثانية : نوعاه :
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن يكون عاماً.
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً.
الأمر الأول: أن يكون الشرط عاماً ، كأن يقول : إذا عرض لي عارض، أو شغل، أو مرض ونحو ذلك خرجت .
فمذهب الشافعية والحنابلة وبه قال ابن حزم ( ) ، صحة هذا الشرط سواء كان الاعتكاف واجباً أو تطوعاً .
لما تقدم من الأدلة على صحة الشرط في الاعتكاف .
والقول الثاني: عدم صحته .
وبه قال بعض الشافعية ( ) .
لأنه شرط مخالف لمقتضى الاعتكاف فبطل كما لو شرط الخروج للجماع.
ونوقش هذا التعليل : بعدم التسليم فإنه قياس مع الفارق ، فإن شرط الخروج أباحه الشارع بخلاف الجماع فقد حرمه الشارع .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - صحة الشرط العام ؛ لعموم أدلة صحة الشرط في الاعتكاف .
فعلى هذا عند الشافعية ( ) : يخرج لكل شغل ديني، أو دنيوي مباح.
فالديني مثل: صلاة الجمعة ، والجماعة ، وعيادة المريض، ونحو ذلك .
والدنيوي المباح: مثل لقاء سلطان أو اقتضاء غريم ونحوه.
وليس من الشغل الفرجة والنزهة والنظارة .
وعند الحنابلة ( ) : يخرج لكل قربة كعيادة مريض ، أو صلاة جنازة ، أو زيادة عالم ونحو هذا.
أو أمر مباح لا ينافي الاعتكاف كأكله في بيته، أو مبيته فيه إذا احتاج إلى ذلك.
فإن كان ينافي الاعتكاف؛ كالجماع، أو المباشرة، أو الفرجة، أو النزهة، أو البيع للتجارة، أو التكسب بالصنعة في المسجد أو غيره لم يجز لـه ذلك لما يأتي.
الأمر الثاني: أن يكون خاصاً ، فإن كان قربة كعيادة مريض، وصلاة جنازة، وحضور مجلس علم فجائز عند أبي حنيفة ( ) ، والشافعية ( ) ، والحنابلة ( ) .
وإن كان غير قربة فعند الحنابلة يشترط أن يحتاجه ولا ينافي الاعتكاف.
وكذا عند الشافعية : يشترط أن يكون مباحاً مقصوداً غير مناف للاعتكاف.
فقول الحنابلة : "أن يحتاجه" مثل المبيت في بيته، وأكله فيه.
وقول الشافعية : "مباحاً" خرج المحرم كالسرقة .
وقولهم: "مقصود" خرج غير المقصود كالنزهة والفرجة .
وقولهم : "غير مناف للاعتكاف" خرج الجماع ونحوه مما ينافي للاعتكاف ( ) .
وعن الإمام أحمد : لا يصح الشرط لغير القربة، جزم به القاضي وابن عقيل واختاره المجد ( ) .
المسألة الثالثة : فائدة الاشتراط :
أما في الاعتكاف المستحب ففائدته عدم بطلانه بالخروج لأجل الشرط .
وأما في الاعتكاف الواجب بنذر :
ففائدته عند الشافعية : في الاعتكاف المتتابع لا يلزمه تدارك ما فاته فكأنه قال: نذرت هذا الزمن والمشروط مستثنى منه ( ) .
وفائدته عند الحنابلة : سقوط التدارك أي القضاء في المدة المعينة كنذر اعتكاف شهر رمضان.
وأما في المدة المطلقة كنذر شهر متتابع ففائدة الشرط البناء على ما سبق مع سقوط الكفارة ( ) .
المطلب الثالث: قضاء زمن الخروج للاعتكاف الواجب:
وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد طبعاً أو شرعاً، كقضاء الحاجة ، أو الطهارة الواجبة ، أو الأكل، أو صلاة الجمعة .
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد.
المسألة الأولى: أن يكون خروجه لعذر معتاد طبعاً أو شرعاً:
فهذا لا يلزمه قضاء زمن الخروج؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
ولم يرد عن النبي  أنه كان يقضيه، ولا يقال: إن اعتكافه تطوع، فإن النبي  كان يحفظ اعتكافه مما ينقصه ، ولهذا كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ويصغي رأسه لعائشة لترجله ولا يدخل .
ولأن هذا لو كان ينقص الاعتكاف ولم يكن النبي  يقضيه لم يكن النبي  قد اعتكف العشر الأواخر، وقد كان  يعتكف العشر الأواخر ( ) .
ولأن الخروج لـه كالمستثنى لكونه معتاداً ( ) .
المسألة الثانية: أن يكون خروجه لعذر غير معتاد:
اختلف القائلون بعدم بطلان الاعتكاف بالخروج للعذر الطارئ فيما يلزم المعتكف اعتكافاً واجباً على ما يلي ( ) :
فالمشهور عند الحنابلة : أنه إذا لم يتطاول فهو على اعتكافه ولا يقضي الوقت الفائت لكونه يسيراً مباحاً أشبه حاجة الإنسان وغسل الجنابة .
وإن تطاول وجب عليه الرجوع إلى معتكفه لأداء ما وجب عليه، ثم لا يخلو النذر من ثلاثة أحوال:
الأول: أن يكون النذر أياماً غير متتابعة ولا معينة كنذره عشرة أيام مطلقة فيلزمه أن يتم ما بقي عليه من الأيام محتسباً بما مضى، لكنه يبتدئ اليوم الذي خرج فيه من أوله ليكون اليوم متتابعاً، ولا كفارة عليه؛ لأنه أتى بالمنذور على وجهه.
وقال المجد: قياس المذهب : يخير بين ذلك وبين بعض اليوم ويكفر.
الثاني: أن يكون النذر أياماً متتابعة غير معينة كما لو قال: لله علي أعتكف عشرة أيام متتابعة فيخير بين البناء على ما مضى فيأتي بما بقي عليه وعليه كفارة يمين جبراً لفوات التتابع ، وبين الاستئناف بلا كفارة .
الثالث: أن ينذر أياماً معينة كالعشر الأواخر من رمضان فعليه قضا ما ترك، وعليه كفارة يمين لفوات المحل ( ) .
لحديث عقبة بن عامر  أن النبي  قال: "كفارة النذر كفارة يمين" ( ) .
وأما عند المالكية : فله حالتان:
الأولى: أن ينذر أياماً معينة كالعشر الأواخر من رمضان فيبني فور زوال عذره فيأتي بما أدركه منها، ويقضي ما فات منها.
الثانية: أن ينذر أياماً غير معينة كما لو نذر عشرة أيام مطلقة فيبني فور زوال العذر ، ويأتي بما أدركه منها ( ) .
وأما الشافعية : فعندهم يقضي زمن الخروج ، ولم يذكروا تفصيلاً لذلك( ).
وأما الحنفية فتقدم أنهم يرون بطلان الاعتكاف بالخروج للأعذار الطارئة ، وحكمه إذا بطل : فإن كان شهراً معيناً قضى ما فسد ولا يلزمه الاستئناف ، كما لو أفطر يوماً من شهر معين نذر صيامه فلا يلزمه الاستئناف كمن أفطر في رمضان .
وإن كان شهراً غير معين، أو أياماً معينة، أو مطلقة ، لزمه الاستئناف؛ لأنه يلزمه التتابع ( ) .
وأقرب الأقوال: قول الحنابلة؛ لما ذكروه من التفصيل والتعليل، والله أعلم .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:14 am

المبحث الثاني ( )
مبطلات الاعتكاف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الجماع .
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها .
المطلب الثالث: إنزال المني .
المطلب الرابع : طروء الحيض والنفاس .
المطلب الخامس: الإغماء والجنون .
المطلب السادس: السكر .
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر .
المطلب الثامن: الردة .
المطلب التاسع : إفساد الصوم .
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف.
المطلب الحادي عشر: الموت .
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات .

المطلب الأول: الجماع:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً .
المسألة الثانية: وجوب الكفارة فيه .
المسألة الأولى: كونه مبطلاً:
إذا جامع المعتكف زوجته أو أمته بطل اعتكافه إجماعاً. قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن من جامع امرأته وهو معتكف عامداً لذلك في فرجها أنه يفسد اعتكافه" ( ) .
قال ابن حزم: "واتفقوا أن الوطء يفسد الاعتكاف" ( ) .
وقال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أن الوطء عامداً يبطل الاعتكاف المنذور والمسنون معاً" ( ) .
لقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) .
قال قتادة في قولـه تعالى: ولا تباشروهن... الآية : "كان الناس إذا اعتكفوا يخرج أحدهم فيباشر أهله، ثم يرجع إلى المسجد فنهاهم الله تعالى عن ذلك" ( ) ، فلا يحل لـه في المسجد ولا خارجاً منه إذا خرج خروجاً لا يقطع الاعتكاف.
وروي نحوه عن ابن رضي الله عنهما، ويأتي قريباً .
ولحديث عائشة رضي الله عنها: "وكان - أي النبي  - لا يخرج إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
فذكرت عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله  كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان تعني الغائط والبول كُني عنهما بالحاجة؛ لأن الإنسان يحتاج إليهما لا محالة.
ولما تقدم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "والسنة للمعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها ولا يعود مريضاً ولا يمس امرأة ولا يباشرها.." ( ) .
وقال ابن عباس: "إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه" ( ) .
المسألة الثانية: وجوب الكفارة بالجماع :
اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه لا يلزمه شيء من الكفارات .
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) . إذ لا نص من قرآن أو سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح .
القول الثاني: أنه تجب عليه كفارة يمين.
وهو رواية عن الإمام أحمد . ولم أقف لهذه الرواية على دليل ( ) .
القول الثالث : أنه تجب عليه كفارة الجماع في نهار رمضان.
قال الزهري في الرجل يقع على امرأته وهو معتكف : "لم يبلغنا في ذلك شيء ولكنا نرى أن يعتق رقبة مثل الذي يقع على أهله في رمضان" ( ) .
وقال الحسن في رجل غشي امرته وهو معتكف: "إنه بمنزلة الذي غشي في رمضان عليه ما على الذي أصاب في رمضان" ( ) .
وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - ( ) .
وقياس الاعتكاف على الصوم كما في قول الزهري والحسن غير مسلم؛ إذ هو قياس مع الفارق إذ الصيام لا تجب الكفارة فيه إلا بالوطء في نهار رمضان خاصة لحرمة الزمن ، لا لحرمة جنس الصوم، وأيضاً فإن الصيام عبادة يدخل في جبرانها المال بخلاف الاعتكاف .
مع أنه قياس فاسد الاعتبار؛ لمخالفته ظاهر القرآن. وأيضاً لا يصح قياس الاعتكاف على الحج؛ إذ الحج يلزم جنسه بالشروع بخلاف الاعتكاف، ثم الكفارة الواجبة فيه ليست من جنس كفارة الحج ( ) .
وعلى هذا فالراجح : قول جمهور أهل العلم ، والله أعلم .
لكن إن كان الاعتكاف واجباً بنذر ، فإن كان معيناً كما لو نذر اعتكاف العشر الأواخر ، ثم وطيء فيها فتجب كفارة يمين لفوات الزمن المعين مع القضاء( ).
لما تقدم من حديث عقبة مرفوعاً: "كفارة النذر كفارة يمين" ( ) .
وإن كان متتابعاً غير معين كما لو نذر اعتكاف عشرة أيام متتابعة ثم وطئ فيها خير بين كفارة اليمين مع البناء ، أو الاستئناف بلا كفارة ( ) .
المطلب الثاني: مباشرة الزوجة ونحوها :
إذا باشر المعتكف زوجته أو أمته فإن كان لغير شهوة فلا يبطل اعتكافه باتفاق الأئمة ( ) .
ودليل ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي  وهي حائض وهو معتكف في المساجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه" ( ) .
لكن عند ابن حزم تحرم المباشرة مطلقاً بشيء من الجسم إلا في ترجيل المرأة للمعتكف خاصة فمباح ( ) .
وهذا منه رحمه الله جمود على النص.
وإن كانت المباشرة لشهوة حرم ذلك عليه ، باتفاق العلماء ( ) ، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي  : "كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان" ( ) ، ولمنافاته حال الاعتكاف، واختلف العلماء في بطلان اعتكافه على قولين:
القول الأول: أنه لا يبطل اعتكافه إلا بالإنزال .
وهو قول جمهور العلماء ( ) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه مطلقاً.
وهو قول المالكية ( ) .
الأدلة :
استدل جمهور العلماء بالأدلة الآتية :
1 - البقاء على الأصل ، وهو صحة الاعتكاف، ولم يرد ما يدل على بطلانه ( ) .
2 - قياس الاعتكاف على الصيام والحج ، فكما لا يبطل الصيام والحج بمجرد المباشرة لشهوة ، فكذا الاعتكاف.
واستدل المالكية على بطلان الاعتكاف بالمباشرة لشهوة، بقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) ، والمباشرة تشمل الجماع، والمباشرة لشهوة، والنهي إذا عاد إلى ذات المنهي اقتضى الفساد ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال من وجوه :
الأول: أن المباشرة المراد بها هنا الجماع، وهو قول جمهور المفسرين كما نقله ابن جرير الطبري ( ) ، وابن الجوزي ( ) ، وابن كثير ( ) ، وهو اختيار ابن جرير، قال ابن جرير - رحمه الله - : "وأولى القولين عندي قول من قال معنى ذلك: الجماع، أو ما قام مقام الجماع مما أوجب غسلاً إيجابه، وذلك أنه لا قول في ذلك إلا أحد قولين: إما جعل حكم الآية عاماً، أو جعل حكمها في خاص من معاني المباشرة، وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله  أن نساءه كن يرجلنه وهو معتكف، فلما صح ذلك عنه، علم أن الذي عني به من معاني المباشرة البعض دون الجميع ... فإذا كان عن رسول الله  ما ذكرنا من غسل عائشة رأسه وهو معتكف، فمعلوم أن المراد بقوله:وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) غير جميع ما لزمه اسم المباشرة، وأنه معنى به البعض من معاني المباشرة دون الجميع، فإذا كان ذلك كذلك، وكان مجمعاً على أن الجماع مما عني به كان واجباً تحريم الجماع على المعتكف وما أشبهه ..." ( ) .
الوجه الثاني : أنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في سبب نزول الآية قال: "كانوا إذا اعتكفوا فخرج الرجل إلى الغائط جامع امرأته ، ثم اغتسل ، ثم رجع إلى اعتكافه فنهوا عن ذلك" ( ) .
لكنه لا يثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وأجيب : بأنه ثبت عن ابن عباس بإسناد صحيح: "أن المعتكف إذا جامع بطل اعتكافه" ( ) ، فابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخذ ذلك من الآية فدل على أنه فسر المباشرة بالجماع، وقد دعا لـه النبي بالفقه في الدين ، والعلم بالتأويل .
الوجه الثالث: ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قولـه تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ( ) : "المباشرة والملامسة والمس جماع كله، ولكن الله عز وجل يكني ما شاء بما يشاء" ( ) .
الترجيح : الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور العلماء ؛ للبقاء على الأصل ، وهو صحة الصوم، والإجابة عن دليل المالكية .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:15 am

المطلب الثالث: إنزال المني:
وفيه مسائل :
المسألة الأولى: إنزاله بمباشرة.
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام .
المسألة الثالثة: إنزاله بالتفكر .
المسألة الرابعة : إنزاله بالنظر.
المسألة الخامسة: إنزاله باستمناء.
المسألة الأولى: إنزاله بمباشرة:
إذا باشر المعتكف زوجته أو أمته، ثم أنزل بطل اعتكافه باتفاق الأئمة ( ) .
وتقدمت الأدلة على تحريم المباشرة على المعتكف ( ) .
المسألة الثانية: إنزاله باحتلام :
إذا احتلم المعتكف في منامه فأنزل منياً لم يفسد اعتكافه باتفاق الأئمة ( ) .
ودليل ذلك : أن النائم مرفوع عنه القلم ؛ لحديث علي  أن النبي  قال: "رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق" ( ) .
المسألة الثالثة : إنزاله بالتفكر:
إذا حدث المعتكف نفسه بأمر الجماع فأنزل منياً لم يفسد اعتكافه.
وبه قال جمهور أهل العلم ( ) .
لحديث أبي هريرة  ، أن النبي  قال: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به" ( ) .
القول الثاني: أنه يفسد اعتكافه.
وهو مذهب المالكية ( ) .
واستدلوا : بأن كل ما أفسد الصوم أفسد الاعتكاف، والإنزال بالتفكر يفسد الصوم عند المالكية ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه مبني على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف، وهو غير مسلم كما تقدم في شرط صحة الصوم.
كما أنه لا يسلم أيضاً أن الإنزال بالتفكر يفسد الصيام .
الترجيح : الراجح – والله أعلم - عدم بطلان الاعتكاف بإنزال المني لعفو الشارع عن حديث النفس .
المسألة الرابعة: إنزال المني بالنظر:
إذا نظر المعتكف إلى زوجته أو أمته بشهوة فأنزل منياً، فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في فساد اعتكافه على قولين:
القول الأول: أنه لا يفسد اعتكافه إلا إذا كرر النظر.
وهو مذهب الحنابلة ( ) .
القول الثاني: أنه لا يبطل اعتكافه .
وهو مذهب الحنفية ( ) ، والشافعية ( ) .
القول الثالث: أنه يبطل اعتكافه بمجرد النظر إذا أنزل .
وهو مذهب المالكية ( ) .
الأدلة :
أما دليل الحنابلة أنه لا يبُطل اعتكافه إلا بتكرار النظر إذا أنزل : أن النظرة الأولى معفو عنها؛ لحديث علي  أن النبي  قال: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" ( ) .
وأما ما بعد الأولى فليست لـه فلم يكن معفواً عنها .
ودليل من قال بعدم الإبطال مطلقاً: أن النظر لا مباشرة فيه : فلم يبطل كالاحتلام ( ) .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق إذ الاحتلام لا اختيار للإنسان فيه بخلاف تكرار النظر .
ودليل من قال بالإبطال مطلقاً: بأن الإنزال بمجرد النظر مبطل للصوم فأبطل الاعتكاف ( ) .
ونوقش : بأنه مبني على أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف وهو غير مسلم به كما تقدم في شروط صحة الاعتكاف .
الترجيح : الراجح – والله أعلم - إن غلب على ظنه الإنزال بنظرة أو تكرار النظر فأنزل بطل اعتكافه، وإلا لم يبطل وفيه جمع بين الأقوال وأدلتها.
المسألة الخامس: إنزاله بالاستمناء:
إذا استمنى المعتكف فأمنى اختلف العلماء في بطلان اعتكافه على قولين:
القول الأول: أنه يبطل اعتكافه .
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: أنه لا يبطل اعتكافه .
وهو الوجه الثاني عند الشافعية ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور على إبطال الاعتكاف بالإنزال بالاستمناء : ما تقدم من الأدلة على إبطال الاعتكاف بالإنزال بالمباشرة فكذا الاستمناء ( ) .
ودليل الرأي الثاني: أن كمال اللذة باصطكاك البشرتين ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن الإبطال ليس معلقاً باكتمال اللذة، ولهذا بطل الاعتكاف بالمباشرة مع أن كمال اللذة بالجماع ( ) .
الترجيح : الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، ببطلان الاعتكاف بالإنزال بالاستمناء وقد تقدم بطلانه بالمباشرة مع أن الأصل فيها الحل فبطلانه بالمحرم أولى.
المطلب الرابع : طروء الحيض والنفاس :
وفي مسائل:
المسألة الأولى: كونه مبطلاً.
المسألة الثانية : ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض والنفاس.
المسألة الثالثة: أثره على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً .
المسألة الأولى : كونه مبطلاً:
إذا حاضت المعتكفة أو نفست حرم عليها المقام في المسجد عند جمهور أهل العلم ( ) ، لكن إذا خرجت هل يبطل اعتكافها للعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: نه لا يبطل اعتكافها .
وبه قال جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافها .
وهو مذهب الحنفية ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس بما يلي:
1 - ما تقدم من الأدلة على عدم بطلان الاعتكاف بالخروج للعذر المعتاد( ).
2 - ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله  بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن" ( ) .
فدل هذا على عدم بطلان اعتكاف المرأة إذا حاضت .
ودليل الحنفية : حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
والمراد بحاجة الإنسان ما يحتاج إليه طبعاً كالبول والغائط ، أو شرعاً كالطهارة الواجبة والخروج للجمعة، وتقدم أصلهم هذا ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأن خروج الحائض والنفساء لأجل الحيض أو النفاس في معنى حاجة الإنسان فيكون مستثنى ، والله أعلم .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - قول جمهور أهل العلم ؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة دليل الحنفية .
المسألة الثانية: ما يشرع للمعتكفة بعد طروء الحيض أو النفاس :
اختلف القائلون بعدم بطلان الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس فيما يشرع للمعتكفة إذا حاضت أو نفست على أقوال:
القول الأول: أنها ترجع إلى منزلها فإذا طهرت رجعت إلى المسجد .
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) .
لكن عند الحنابلة : يستحب لها أن تضرب فسطاطا في رحبة المسجد إن كان لـه رحبة ( ) .
القول الثاني: أنها تضرب فسطاطها في رحبة المسجد إن كان لـه رحبة.
وبه قال أبو قلابة ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور على أن المعتكفة إذا حاضت لها الرجوع إلى بيتها بما يلي:
1 - أن الشارع أذن لها بالخروج فلها الرجوع إلى منزلها .
2 - أنه وجب عليها الخروج من المسجد فلم يلزمها الإقامة في رحبته كالخارجة لعدة أو خوف فتنة .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق؛ لأن خروج المعتدة لتعتد في بيتها لا يحصل ذلك مع الكون في الرحبة، وكذا الخائفة من الفتنة خروجها لتسلم من الفتنة، فلا تقيم في موضع لا تحصل الإقامة فيه ( ) .
ودليل الحنابلة على استحباب الإقامة في الرحبة : حديث عائشة الآتي.
ودليل أبي قلابة على أنها تضرب فسطاطها في رحبة المسجد:
ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "كنّ المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله  بإخراجهن من المسجد، وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن"( ) .
ونوقش : بأنه محمول على الاستحباب؛ إذ الاعتكاف لا يجب إلا في المسجد، وتحمل هذه الرحبة على رحبة لا يصح الاعتكاف فيها؛ لعدم دخولها في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه لكونها غير محوطة مثلاً، إذ لو كانت محوطة تابعة للمسجد لما جاز مقامها فيها ( ) .
الترجيح : الراجح – والله أعلم - قول جمهور أهل العلم؛ لما استدلوا به .
المسألة الثالثة: أثر طروء الحيض أو النفاس على الاعتكاف الواجب عند من لم يعتبره مبطلاً :
اختلف القائلون بعدم إبطال الاعتكاف بطروء الحيض أو النفاس:
فالمشهور عند المالكية والحنابلة: أن حكم طروء الحيض على الاعتكاف الواجب. بنذر حكم طروء بقية الأعذار غير المعتادة، وقد تقدم بيان ذلك مفصلاً( ).
وعند الشافعية : أن النذر لـه حالتان:
الأولى: أن يكون النذر غير متتابع فهذه تبني بعد طهرها .
الثانية: أن يكون النذر متتابعاً، فإن كان الاعتكاف مدة لا يمكن حفظها من الحيض غالباً بأن كان أكثر من خمسة وعشرين يوماً لم يبطل التتابع ، بل تبنى عليه.
وإن كان في مدة يمكن حفظها من الحيض كخمسة عشر يوماً فما دونها فالمصحح عندهم أنه ينقطع التتابع فتستأنف ( ) .
المطلب الخامس : طروء الإغماء ( ) والجنون:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى : كونهما من المبطلات .
المسألة الثانية: أثر ذلك على الاعتكاف الواجب عند من لم يره مبطلاً.
المسألة الأولى: كونهما من المبطلات:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون على قولين:
القول الأول: عدم بطلان الاعتكاف بهما.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: بطلان الاعتكاف بهما، فإن بقي في المسجد صح اليوم الذي أغمي فيه ولم يصح ما بعده.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:17 am

وهو مذهب الحنفية ( ) .
قال ابن رشد : "والسبب في اختلافهم في هذا الباب أنه ليس في هذه الأشياء شيء محدود من قبل السمع فيقع التنازع في تشبيههم ما اتفقوا عليه فيما اختلفوا فيه"( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون بما يلي:
1 - لا يبطل بالإغماء ؛ لعدم منافاته لـه كالنوم ( ) .
2 - أنه لا يبطل الاعتكاف بالجنون لعدم اختياره ( ) .
ودليل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالجنون والإغماء: فإن كان واجباً فلما تقدم من اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب، لعدم نية الصوم من المغمى عليه والمجنون ( ) .
وأما صحة اليوم الذي أغمي، أو جن فيه فلوجود نية الصوم .
وأما إن كان الاعتكاف تطوعاً فلم أقف لهم على دليل.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم - ما ذهب جمهور أهل العلم وعدم بطلان الاعتكاف بطروء الجنون والإغماء لما استدلوا به.
المسألة الثانية : أثر طروء الجنون والإغماء على الاعتكاف الواجب:
وفيها أمران :
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه يلزمه قضاء زمن الجنون دون زمن الإغماء.
وهذا مذهب الشافعية ( ) .
وعللوا : أنه يلزمه قضاء زمن الجنون؛ لأن المجنون لا تصح منه العبادات البدنية، ولا يلزمه قضاء زمن الإغماء إلحاقاً لـه بالنائم.
القول الثاني: أنه لا يلزمه قضاء زمنهما.
وهو ظاهر مذهب الحنابلة .
جاء في مطالب أولي النهى: "ويتجه أنه لا يقضي معتكف أغمي عليه زمن إغمائه ؛ إذ هو كنائم ، والنائم لا قضاء عليه، ولا يقضي زمن جنونه أيضاً لعدم تكليفه إذن وهو متجه" ( ) .
والظاهر : أن المجنون لا يقضي الاعتكاف المعين؛ لعدم تكليفه مدة التعيين، ويلزمه ما عداه؛ لعدم صحته منه وإمكانه في زمن آخر ( ) .
القول الثالث: أنه لا يلزمه قضاء اليوم الذي جن أو أغمي فيه ويلزمه قضاء فيما اختلفوا فيه" ( ) .
الأدلة: استدل الجمهور على عدم بطلان الاعتكاف بالإغماء والجنون بما يلي:
1 - لا يبطل بالإغماء؛ لعدم منافاته لـه كالنوم ( ) .
2 - أنه لا يبطل الاعتكاف بالجنون لعدم اختياره ( ) .
ودليل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالجنون والإغماء: فإن كان واجباً فلما تقدم من اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب ، لعدم نية الصوم من المغمى عليه والمجنون ( ) .
وأما صحة اليوم الذي أغمي، أو جن فيه فلوجود نية الصوم.
وأما إن كان الاعتكاف تطوعاً فلم أقف لهم على دليل.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم - ما ذهب جمهور أهل العلم وعدم بطلان الاعتكاف بطروء الجنون والإغماء لما استدلوا به.
المسألة الثانية: أثر طروء الجنون والإغماء على الاعتكاف الواجب:
وفيها أمران:
الأمر الأول: أن لا يخرج من المسجد :
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه يلزمه قضاء زمن الجنون دون زمن الإغماء .
وهذا مذهب الشافعية ( ) .
وعللوا : أنه يلزمه قضاء زمن الجنون؛ لأن المجنون لا تصح منه العبادات البدنية، ولا يلزمه قضاء زمن الإغماء إلحاقاً لـه بالنائم .
القول الثاني: أنه لا يلزمه قضاء زمنهما.
وهو ظاهر مذهب الحنابلة .
جاء في مطالب أولي النهى: "ويتجه أنه لا يقضي معتكف أغمي عليه زمن إغمائه؛ إذ هو كنائم ، والنائم لا قضاء عليه، ولا يقضي زمن جنونه أيضاً لعدم تكليفه إذن وهو متجه" ( ) .
والظاهر: أن المجنون لا يقضي الاعتكاف المعين؛ لعدم تكليفه مدة التعيين ، ويلزمه ما عداه؛ لعدم صحته منه وإمكانه في زمن آخر ( ) .
القول الثالث: أنه لا يلزمه قضاء اليوم الذي جن أو أغمي فيه ويلزمه قضاء ما بعده .
وهذا مذهب الحنفية ( ) .
وهذا مبني على اشتراطهم الصوم للاعتكاف الواجب، فيصح اليوم الذي جن أو أغمي فيه لوجود النية، ولا يصح ما بعده لعدم وجود النية.
القول الرابع: أنه إن كان في عقله حين الفجر أو أكثر النهار، لم يلزمه قضاء زمنهما، وإلا لزمه ذلك .
وهذا مذهب المالكية ( ) .
وهم يبنون هذا على اشتراطهم الصوم كما تقدم .
الأمر الثاني: أن يخرج من المسجد:
إن خرج أو أُخرج المعتكف اعتكافاً واجباً بعد طروء الجنون أو الإغماء من المسجد لزمه قضاء زمنهما عند من قال بعدم بطلان اعتكافه بطروء الإغماء أو الجنون ( ) .
ونص الشافعية : أنه لا ينقطع تتابع نذره إذا أفاق.
وظاهر كلام الحنابلة : أنه لا يلزمه قضاء المدة المعينة؛ لعدم تكليفه مدة التعيين ( ) ، والله أعلم.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:19 am

المطلب السادس: السكر:
إذا شرب أو أكل المعتكف ما يسكره بلا عذر، اختلف أهل العلم في أثر ذلك على اعتكافه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: بطلان اعتكافه مطلقاً.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: إن كان نهاراً بطل اعتكافه وإن كان ليلاً لم يبطل.
وهو مذهب الحنفية ( ) .
القول الثالث: عدم بطلانه مطلقاً.
وهو وجه عند الشافعية ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور على بطلان الاعتكاف بالسكر :
1 - أن السكران خرج عن كونه من أهل المسجد ؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى  ( ) ، ونهيه عن قربان الصلاة حال السكر يستلزم النهي عن قربان مواضعها ( ) .
2 - أن السكر أفحش من الخروج من المسجد ( ) .
واستدل الحنفية على بطلان الاعتكاف بالسكر نهاراً فقط :
1 - أنه إذا سكر نهاراً بطل صومه فبطل اعتكافه .
وهذا مبني عندهم على اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف الواجب. وقد تقدم بحث هذه المسألة ( ) .
2 - أنه تناول محظور الدين لا محظور الاعتكاف فلم يبطل اعتكافه ( ) .
ونوقش : نه لا يسلم أن السكر ليس من محظورات الاعتكاف؛ لما تقدم من أدلة الجمهور .
3 - أن السكر ليس إلا معنى لـه أثر في العقل مدة يسيرة فلا يفسد الاعتكاف ولا يقطع التتابع كالإغماء ( ) .
ونوقش هذا التعليل : بأنه قياس مع الفارق ؛ إذ الإغماء بغير اختيار الإنسان ولا يأثم به بخلاف السكر، مع أن الحنفية يرون بطلان الاعتكاف بالإغماء إذا تطاول.
واستدل من قال بعدم البطلان مطلقاً: أنه لم يخرج من المسجد فلم يبطل اعتكافه ( ) .
ونوقش: بأن الإبطال ليس محصوراً بالخروج من المسجد، ولهذا المباشرة تبطل، وإن كان في المسجد.
وعلى هذا فالراجح: أن السكر من مبطلات الاعتكاف ، لما تقدم من الدليل على ذلك، ولكونه منافياً لحال الاعتكاف ، والله أعلم .
المطلب السابع: فعل كبيرة من الكبائر كالغيبة والنميمة:
اختلف العلماء رحمهم الله في بطلان الاعتكاف بفعل كبيرة كالغيبة والنميمة والسرقة ونحوها على قولين:
القول الأول: عدم بطلان الاعتكاف بذلك.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: بطلان الاعتكاف بذلك.
وهو مذهب المالكية ( ) .
الأدلة :
أما دليل جمهور أهل العلم فما يلي:
1 - أن الأصل بقاء صحة الاعتكاف ، فلا يبطل إلا بدليل شرعي.
2 - أنه لما لم يبطل الاعتكاف بالكلام المباح لم يبطل بالمحرم كالصوم ( ) .
3 - أن النهي عن فعل كبيرة لا يعود إلى ذات المنهي عنه، وإنما لأمر خارج ، فلم يكن مبطلاً.
وأما دليل المالكية:
القياس على السكر بجامع أن كلاً منهما كبيرة فلما فسد بالسكر فسد بكل كبيرة ( ) .
ونوقش : بأنه قياس مع الفارق؛ إذ إن السكران ليس من أهل المسجد كما تقدم فلم يجز لـه المكث فيه فبطل في حقه ركن الاعتكاف، وهو اللبث في المسجد، بخلاف من فعل كبيرة فهو من أهل المسجد ( ) .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، لما استدلوا به من أن الأصل صحة الاعتكاف ، وعدم إبطاله إلا بدليل شرحي، وورود المناقشة على دليل المالكية لكن يتأكد في حقه وجوب المبادرة إلى التوبة؛ لتلبسه بهذه العبادة، مع نقصان أجره بارتكابه لهذه المعصية.
وكذا لا يبطل اعتكافه إن خاصم، أو ساب أو قاتل؛ لما تقدم من التعليل على بطلان الاعتكاف بفعل كبيرة .
المطلب الثامن: الردة :
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: كونها مبطلة .
المسألة الثانية: أثرها على الاعتكاف الواجب .
المسألة الأولى: كونها مبطلة :
إذا ارتد المعتكف بطل اعتكافه باتفاق الأئمة ( ) .
ودليل ذلك قولـه تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ( ) .
فالردة تبطل جميع العبادات من الطهارة والصلاة والصوم والإحرام والاعتكاف ، لعموم الآية .
ولأن الكافر ليس من أهل العبادات ( ) .
وقد تقدم أن من شروط صحة الاعتكاف الإسلام ( ) .
المسألة الثانية : أثرها على الاعتكاف الواجب :
اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:
القول الأول: أن اعتكافه يبطل فلا يتمكن من البناء في الاعتكاف المتتابع ، فيلزمه أن يستأنف .
وهذا مذهب الشافعية ( ) ، والحنابلة ( ) .
القول الثاني: سقوط القضاء .
وهو مذهب الحنفية ( ) ، والمالكية ( ) .
الأدلة: استدل الشافعية والحنابلة على عدم البناء في الاعتكاف المتتابع : بما تقدم من الدليل على بطلان الاعتكاف بالردة .
ولأنه غير معذور فلم يتمكن من البناء ( ) .
واستدل الحنفية والمالكية: على سقوط قضاء الاعتكاف الواجب بالردة : بقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ  ( ) ، ولحديث عمرو بن العاص  ، أن النبي  قال: "الإسلام يهدم ما قبله" ( ) .
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه في الكافر الأصلي دون المرتد لترتب ذلك في ذمته قبل الردة .
وعلى هذا فالراجح : ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة؛ لما استدلوا به، والله أعلم .
وأما الاعتكاف غير المتتابع فما مضى منه قبل الردة فصحيح .
المطلب التاسع: إفساد الصوم :
وهذا عند المالكية مطلقاً؛ إذ الصوم شرط لصحة الاعتكاف عندهم.
وعند الحنفية : إفساد الصوم موجب لبطلان الاعتكاف الواجب بنذر؛ لأن الصوم شرط لصحته عندهم دون التطوع فيصح الاعتكاف فيه مع الفطر.
وعند الشافعية والحنابلة: أن ذلك لا يضر؛ لأنهم لا يرون شرطية الصوم لصحة الاعتكاف، بل هو مسنون ( ) .
المطلب العاشر: قطع نية الاعتكاف:
تقدم أن النية شرط من شروط صحة الاعتكاف، وقد عدم بعض أهل العلم كالحنفية والمالكية وغيرهم، كما سبق من أركان الاعتكاف.
وقد اختلف العلماء في بطلان الاعتكاف إذا نوى المعتكف الخروج من الاعتكاف على أقوال:
القول الأول: أنه يبطل اعتكافه بقطع نية الاعتكاف، دون العزم على الخروج منه أو التردد في القطع .
وبه قال ابن حامد من الحنابلة ( ) .
القول الثاني: أنه يبطل اعتكافه مع العزم والتردد في القطع.
وهو ظاهر مذهب الحنابلة ( ) ، حيث ألحقوا الاعتكاف بالصوم إذا نوى الخروج منه، وفي الصوم إذا عزم على الخروج منه أو تردد بطل صيامه.
القول الثالث: أنه لا يبطل اعتكافه بنية الخروج منه.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:20 am

وهو مذهب الشافعية ( ) .
الأدلة :
دليل الرأي:
أولاً: استدل على عدم القطع بالتردد أو العزم على القطع :
1 - حديث عمر  أن النبي  قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" ( ) .
دل الحديث على اعتبار النية للعبادة ، ولا تبطل إلا بالقطع دون التردد؛ إذ الأصل بقاء النية، فالتردد لا حكم لـه، بل العمل على ما عزم عليه.
2 - ما رواه ابن مسعود  قال: "صليت مع النبي  حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه" ( ) . فظاهره: تردد ابن مسعود أو عزمه على قطع الصلاة وقد استمر فيها.
3 - ولما روى أنس  : "أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي  الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف فكشف النبي  ستر الحجرة لينظر إلينا وهو قائم، فكأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم فضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح" ( ) . فظاهره تردد الصحابة ، أو عزمهم قطع الصلاة، واستمروا في صلاتهم.
4 - أنه لم يجزم بنية القطع .
ثانياً : استدل على بطلان الاعتكاف بنية قطعه : قياساً على قطع نية الصلاة والصوم ( ) ، ولإبطاله شرطاً من شروط صحته.
وأما دليل الرأي الثاني: أن التردد في النية أضعفها أشبه ما لو قطعها، ولأنه لم يجزم النية.
ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم ، لوجود الفارق فإن المتردد لم يقطع فلا يحكم لـه بشيء بخلاف من قطع النية ، فقد أبطل شرطاً من شروط صحة الاعتكاف.
وأما التعليل بأنه لم يجزم النية، فهو استدلال بمحل النزاع .
وأما دليل الشافعية : فلوجود ركن الاعتكاف، وهو اللبث في المسجد، وقياساً على ما لو جن أثناء الاعتكاف لانتفاء النية حال الجنون.
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه وإن وجد اللبث في المسجد، فلا يلزم منه صحة الاعتكاف لإفساده بقطع نيته التي هي شرط فيه كما تقدم .
وأما القياس على الجنون فقياس مع الفارق؛ إذ الجنون ليس باختيار الشخص ، وقطع النية باختياره.
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - القول ببطلان الاعتكاف بقطع نيته، دون العزم على الخروج منه، أو التردد في الخروج منه؛ لقوة ما استدلوا به .
المطلب الحادي عشر : الموت:
إذا مات المعتكف أثناء اعتكافه بطل اعتكافه ( ) ، لحديث أبي هريرة  أن النبي  قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو لـه" ( ) ، ولخروج الميت عن أهلية العبادة.
وسيأتي حكم قضاء الاعتكاف عن الميت ( ) .
المطلب الثاني عشر: شروط المبطلات السابقة :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما يشترط لمن تلبس بمبطل من مبطلات الاعتكاف - حسب خلافهم في اعتباره مبطلاً، أو عدم اعتباره - على أقوال:
القول الأول: أنه يشترط لبطلان الاعتكاف بأي مبطل أن يكون عالماً ذاكراً مختاراً، فإن كان جاهلاً ، أو ناسياً ، أو مكرهاً لم يبطل اعتكافه.
وهو مذهب الشافعية ( ) ، وبه قال ابن حزم ( ) .
القول الثاني: إن كان البطلان بالخروج وما يتعلق به اشترط أن يكون عامداً مختاراً ، فإن كان ناسياً أو مكرهاً لم يبطل اعتكافه ، وإن كان البطلان بالوطء ومقدماته بطل مطلقاً .
وهذا مذهب الحنابلة ( ) .
القول الثالث: أنه يبطل الاعتكاف مطلقاً .
وهو مذهب الحنفية ( ) ، والمالكية ( ) .
لكن عند الحنفية : إن أكل نهاراً ناسياً لم يبطل الاعتكاف؛ إذ الأصل عندهم : أن ما منع منه لأجل الاعتكاف لا يختلف عمده وسهوه ، وما منع منه لأجل الصوم يختلف عمده وسهوه ( ) .
الأدلة :
استدل من اشترط العلم والذكر والاختيار لفساد الاعتكاف بالمبطلات :
1 - قولـه تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ  ( ) ، والجاهل والناسي والمكره لم يتعمد قلبه فعل المبطل .
2 - قولـه تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  ( ) قال الله : "قد فعلت" ( ) .
فدلت الآية على رفع المؤاخذة عن الناسي والجاهل .
3 - حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي  قال: "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ( ) .
وأما دليل الحنابلة على فساد الاعتكاف بالوطء ومقدماته مع النسيان والإكراه:
1 - عموم الأدلة الدالة على فساد الاعتكاف بالوطء ومقدماته.
ونوقش هذا الاستدلال : بتخصيص هذه العمومات بأدلة الرأي الأول.
2 - أن الاعتكاف عبادة تفسد بالوطء عمداً، فكذلك بالنسيان كالحج.
ونوقش هذا الاستدلال : بعدم تسليم الأصل المقيس عليه ، فلا يسلم أن الحج يفسد بالوطء نسياناً؛ لما تقدم من الأدلة ؛ إذ الجماع من باب التروك يعذر فيها بالجهل والنسيان .
وأما دليل الحنفية والمالكية على بطلان الاعتكاف بمبطلاته مع النسيان والإكراه : فعموم أدلة المبطلات .
وقد تقدم مناقشتها .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم - ما ذهب إليه الشافعية وأن الاعتكاف لا يبطل مع النسيان والإكراه والجهل؛ إذ يشترط للمؤاخذة بالمحظورات والمنهيات العلم والذكر والإكراه كما تدل عليه أصول الشريعة .
ولأن هذه المحظورات من باب التروك، وما كان من باب التروك يعذر فيه بالجهل والنسيان، بخلاف ما كان من باب الأوامر وأمكن تداركه .

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:21 am

الفصل الرابع
ما يشرع للمعتكف ، وما يباح لـه ، وما ينهى عنه

وفيه مباحث:
المبحث الأول: ما يشرع للمعتكف.
المبحث الثاني: ما يباح لـه .
المبحث الثالث: ما ينهى عنه .

المبحث الأول
ما يشرع للمعتكف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: العبادات المحضة .
المطلب الثاني: العبادات المتعدية.
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها .
المطلب الرابع : اتخاذ حجرة أو خباء يستتر به المعتكف .
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه .
المطلب السادس: التبكير لصلاة الجمعة .
المطلب السابع : المكث في المسجد ليلة العيد .

المطلب الأول : العبادات المحضة
تشرع للمعتكف العبادات المحضة كالصلاة وقراءة القرآن، والذكر ونحو ذلك؛ إذ إن حكمة الاعتكاف : جمع القلب على الله تعالى، والإقباع عليه، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه محل هموم القلب وخطراته ( ) .
ومما يشرع للمعتكف من العبادات إذا اعتكف في غير شهر رمضان: الصيام عند القائلين بعد شرطيته لصحة الاعتكاف ، وهم الشافعية، والحنابلة ( ) .
المطلب الثاني: العبادات المتعدية
فإن وجبت عليه، أو كانت لا تستغرق إلا زمناً يسيراً فإنها تشرع لـه كغيره، كإخراج زكاة وأمر لمعروف ونهي عن منكر، ورد سلام ، وإفتاء وإرشاد ، ونحو ذلك .
فإن لم تجب واستغرقت زمناً كثيراً كتدريس علم ومناظرة عالم، ونحو ذلك من العبادات المتعدية فاختلف العلماء في مشروعيتها للمعتكف على قولين:
القول الأول: مشروعية ذلك للمعتكف.
وهو مذهب الحنفية ( ) ، ومذهب الشافعي ( ) .
القول الثاني : كراهة ذلك للمعتكف .
وهو مذهب المالكية ( ) ، والحنابلة ( ) .
سبب الخلاف : قال ابن رشد : "وسبب اختلافهم أن ذلك شيء مسكوت عنه ، فمن فهم من الاعتكاف حبس النفس على الأفعال المختصة بالمساجد قال: لا يجوز للمعتكف إلا الصلاة والقراءة ، ومن فهم منه حبس النفس على القرب الأخروية كلها أجاز لـه غير ذلك ( ) .
الأدلة:
أدلة الرأي الأول:
استدلوا على ذلك بما يلي:
1 - حديث صفية رضي الله عنها: وفيه حديثه  مع أزواجه ( ) .
2 - حديث أبي سعيد الخدري  : وفيه حديثه  مع أصحابه ( ) .
فيلحق بذلك الحديث بإقراء القرآن، وتعليم العلم .
3 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "ترجيل عائشة لرأس النبي  وهو معتكف" ( ) .
قال الخطّابي: "وعن مالك رحمه الله : أنه لا يشتغل في مجالس العلم ولا يكتبه وإن لم يخرج من المسجد ، والجمهور على خلافه ، وهذا الحديث يرد عليه ، فإن الاشتغال بالعلم وكتابته أهم من تسريح الشعر" ( ) .
4 - أن هذا يتعدى نفعه إلى الناس ، وما تعدى نفعه من الأعمال أفضل مما اقتصر نفعه على صاحبه.
ونوقش هذا الاستدلال من وجوه :
الوجه الأول: أنه لا يلزم من كون الشيء أفضل أن يكون مشروعاً في كل عبادة، بل وضع الفاضل في غير موضعه يجعله مفضولاً وبالعكس، ولهذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح وهي مكروهة في الركوع والسجود.
ولهذا لا يشرع هذا - إقراء القرآن والفقه - في الصلاة والطواف ، وإن كانا أفضل من الصلاة والطواف النافلتين.
وأجيب : أن إقراء القرآن والفقه ونحوهما لم يشرعا في الصلاة لتحريم الكلام فيها ، وأما الطواف فلا يسلم عدم مشروعية ذلك فيه ، وإن سلم فلقصر زمنه، أو لعدم مناسبة الحال .
الوجه الثاني: أن كونهما أفضل يقتضي الاشتغال بهما عن الاعتكاف .
الوجه الثالث: أن النفع المتعدي ليس أفضل مطلقاً ، بل ينبغي للإنسان أن يكون لـه ساعات يناجي فيها ربه ويخلو فيها بنفسه ويحاسبها ، ويكون فعله ذلك أفضل من اجتماعه بالناس ونفعهم.
وأجيب : بأن صرف جزء من الوقت للتعليم لا يخل بما ذكر .
أدلة الرأي الثاني:
استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلي :
1 - أن النبي  كان إذا اعتكف دخل معتكفه واشتغل بنفسه ، ولم يجالس أصحابه ولم يحادثهم كما كان يفعل قبل الاعتكاف ، ولو كان ذلك أفضل لفعله( ).
ونوقش: بعدم التسليم كما أدلة الرأي الأول ففيه محادثته لأصحابه وأزواجه.
2 - أن الاعتكاف من جنس الصلاة والطواف ولهذا قرن الله تعالى بينهما في قولـه: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ( ) ، ولما كان في الصلاة والطواف شغل عن كلام الناس وكذلك الاعتكاف وذلك أنها عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب الإقراء حين التلبس بها كالصلاة والطواف ( ) .
ونوقش : بوجود الفرق ؛ إذ الاعتكاف زمنه يطول، فلا ينهى عنه، بخلاف الصلاة والطواف.
3 - أن العكوف على الشيء هو الإقبال عليه على وجه المواظبة، ولا يحصل ذلك للعاكف إلا بالتبتل إلى الله سبحانه وترك الاشتغال بشيء آخر ( ) .
ونوقش : بأن تعليم العلم إذا لم يطل لا يمنع من ذلك؛ لطول زمن الاعتكاف.
الترجيح : الراجح – والله أعلم - مشروعية تعليم العلم وإقراء القرآن للمعتكف، ونحو ذلك من العبادات المتعدية، لكن يقيد ذلك بما لم يكثر وبهذا تجتمع أدلة المسألة .
المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها :
وعلى هذا نص المالكية ( ) .
ويدل لهذا ما رواه أبو سعيد الخدري  قال: "اعتكفنا مع رسول الله  العشر الأوسط فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا ، فأتانا رسول الله  فقال: من اعتكف فليرجع إلى معتكفه..." الحديث ( ) .
المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خباء يستتر به المعتكف:
يستحب للمعتكف رجلاً كان أو امرأة أن يستتر بشيء ( ) .
وعليه بوب البخاري : باب الأخبية في المسجد ( ) .
لما روى أبو سعيد الخدري  أن رسول الله  : "اعتكف في قبة تركية على سدتها ( ) قطعة حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلم الناس...." الحديث ( ) .
لحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "أن أزواج النبي  لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربت في المسجد ..." ( ) .
ولأنه أخفى لعمله.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح Empty رد: فقة الاعتكاف /د-خالد بن علي المشيقح

مُساهمة من طرف ريانية العود الأربعاء يوليو 25, 2012 3:21 am

ويتأكد في حق المرأة إذا اعتكفت في مسجد الجماعة؛ لكيلا يراها الرجال، فخير لهم وللنساء أن لا يرى بعضهم بعضاً ( ) .
وعند المالكية: يضرب خباءه في عجز المسجد، أو رحابه؛ لئلا يُضَيِّق، ولأنه أخلى لـه ( ) .
المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه ( ) :
يستحب للمعتكف ترك ما لا يعنيه ( ) من القول والفعل .
لحديث أبي سعيد المتقدم أن رسول الله  : "اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير..." ( ) .
ولحديث عائشة أن النبي  : "كان إذا صلى الفجر دخل معتكفه..." ( ) . وفي هذا خلو المعتكف بنفسه، وإقباله على عبادته ، وترك ما يخل بذلك ، أو يسببه.
لما روى أبو هريرة  ، أن النبي  قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" ( ) .
وأولى من يدخل في ذلك المعتكف، لما تقدم أن حكمة الاعتكاف جمع القلب على الله تعالى، والإقباع عليه والانقطاع عن الخلق والإقباع على الله وحده... ( ) .
وعن علي  قال: "من اعتكف فلا يرفث في الحديث، ولا يساب ، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إذا كانت لـه حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" ( ) .
وعند الشافعية : يستحب للمعتكف إذا سبه إنسان أن لا يجيبه كما لا يجيبه الصائم ( ) .
المطلب السادس : التبكير لصلاة الجمعة :
مما يستحب للمعتكف أن يبكر إلى الجمعة إذا اعتكف في غير جامع؛ لعمومات أدلة استحباب التبكير لصلاة الجمعة .
وقد تقدم بحث هذه المسألة ( ) .
المطلب السابع: المبيت في المسجد ليلة العيد:
استحب طائفة من السلف أن يبيت المعتكف في معتكفه ليلة العيد ولا يخرج منه إلا عند خروجه للعيد .
وقد تقدم بحث هذه المسألة ( ) .

المبحث الثاني
ما يباح للمعتكف
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد .
المطلب الثاني: النوم في المسجد .
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها .
المطلب الرابع : لبس الثياب الحسنة والطيب.
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه.
المطلب السادس : أخذ سنن الفطرة.
المطلب السابع: عيادة المريض ، والصلاة على الجنازة.
المطلب الثامن: الوضوء في المسجد .
المطلب التاسع: زيارة المعتكف.
المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس.
المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته .

المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد:
يباح للمعتكف أن يأكل ويشرب داخل المسجد باتفاق الفقهاء ( ) .
ودليل ذلك :
قولـه تعالى : وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ  ( ) .
دلت الآية على مشروعية ملازمة المعتكف للمسجد ، فيقتضي أن يأكل ويشرب في المسجد .
وحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي  - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
فيفهم منه: أنه كان يأكل في المسجد .
وأيضاً : فإن الأكل في المسجد إذا لم يكن عادة جائز لغير المعتكف .
فالمعتكف من باب أولى ؛ إذ هو مأمور بملازمة المسجد.
وعند المالكية : الأولى أن يأكل داخل المسجد ، ويكره بفناء المسجد أو رحبته ( ) .
وعندهم أيضاً : يكره اعتكاف من لا يجد من يأتيه بحاجته من الطعام والشراب ( ) .
لكن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي.
وعند الحنابلة: ينبغي للمعتكف أن يقتصد في أكله وشربه.
المطلب الثاني: النوم في المسجد :
يباح أيضاً للمعتكف أن ينام في المسجد باتفاق الفقهاء ( ) .
ودليل ذلك : قولـه تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ( ). دلت الآية على مشروعية ملازمة المعتكف للمسجد، فيقتضي أن ينام فيه.
ولحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النيب  - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفاً" ( ) .
فيفهم منه أنه ينام في المسجد .
ونص الحنابلة : أنه لا ينام إلا عن غلبة، وأن لا ينام مضطجعاً بل متربعاً، مع عدم كراهة شيء من ذلك.
ولعل مأخذهم: أن لا ينام كثيراً، فيخل بمقصود الاعتكاف وهو الإقبال على الله والتبتل إليه ( ) .
المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها:
للمعتكف أن يلزم بقعة بعينها لاعتكافه وإن كره ذلك لغيره ؛ لما روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله  كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
قال نافع: وقد أراني عبدالله  المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله  من المسجد" ( ) .
وروى ابن عمر رضي الله عنهما : "أن النبي  كان إذا اعتكف طرح لـه فراشه، أو يوضع لـه سرير وراء اسطوانة التوبة" ( ) .
ولما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي  : "كان إذا صلى الفجر دخل معتكفه" ( ) ، ولحديث أبي سعيد  المتقدم أن النبي  : "اعتكف في قبة تركية..." ( ) .
ولأن الاعتكاف عبادة واحدة فلزوم المكان لأجلها كلزومه لصلاة واحدة وإقراء قرآن في وقت ونحو ذلك، وقيامه منه لحاجة لا يسقط حقه منه؛ لأن من قام من مجلس ثم عاد إليه فهو أحق به ( ) .
المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب :
اختلف العلماء في حكم لبس المعتكف للثياب الحسنة والطيب على قولين:
القول الأول : إباحة ذلك.
وهو قول جمهور أهل العلم ( ) .
القول الثاني: أنه يستحب ترك لبس رفيع الثياب ، ويكره الطيب.
وهو مذهب الحنابلة ( ) .
الأدلة :
استدل الجمهور لما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله  يصغي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض" ( ) .
ففيه دليل على أن للمعتكف أن يتزين إلحاقاً لـه بالترجل ( ) .
2 - عمومات أدلة لبس الثياب الحسنة، والتطيب، كقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ( ) ، وقوله تعالى : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ  ( ) .
وحديث عبدالله بن مسعود  ، أن النبي  قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: يا رسول الله! الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، فقال  : إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" ( ) .
وحديث أبي هريرة  ، أن رسول الله  قال: "من عرض عليه ريحان فلا يرده" ( ) .
3 - البقاء على البراءة الأصلية حتى يثبت الدليل الناقل، وليس في الكتاب والسنة ما يدل على استحباب ترك الثياب الحسنة، أو كراهة الطيب للمعتكف .
4 - أنه لو كان ترك الثياب الحسنة مستحباً أو الطيب مكروهاً لبينه النبي  ونقلته الأمة .
وعلل الحنابلة لما ذهبوا إليه : أنها عبادة تختص بلبث في مكان مخصوص فلم يكن الطيب والرفيع من الثياب مشروعاً فيها كالحج .
ونوقش من وجوه :
الوجه الأولى : قياس مع الفارق ، فالمحرم بحج يحرم عليه لبس القميص والسراويل والعمامة ونحوها ، ولا يحرم ذلك على المعتكف ( ) .
الوجه الثاني: أن ترك الطيب في الحج ليس مشروعاً في كل وقت ، بل ما دام متلبساً بالإحرام ، وما عدا ذلك فيشرع الطيب كالطيب عند الإحرام ، وعند طواف الإفاضة بعد التحلل الأول.
الوجه الثالث: أن الطيب في الحج محرم وفي الاعتكاف مكروه عند الحنابلة فافترقا.
الترجيح : الراجح – والله أعلم - قول جمهور أهل العلم وعدم استحباب ترك رفيع الثياب أو كراهة الطيب؛ لأن الاستحباب والكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي.
لكن المعتكفة ليس لها أن تمس طيباً إذا اعتكفت في مسجد الجماعة؛ لأنها ممنوعة منه، كما نص عطاء على كراهة ذلك لها ( ) .
المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه ( ) :

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى