قصة من عدل امير الأندلس الحكم بن هشام رحمه الله

((هذه قصة كيس التراب بين الأمير الحكم الربضي و المرأة البسيطة))

مــــنذ ثلاثة عشرة قرنا فتح العرب الأندلس .. واقاموا فيها حكما عادلا بقي فيها
ثمانية قرون ...

وكان من امراء العرب فيها ,, الحكم بن هشام ,, الذي اشتهر بالعدل و الحزم ...

وذات يوم مر الأمير على قطعة ارض جميلة ...

قال الأمير : حقا ما اجمل ان انشئ على هذه الارض بستانا جميلا يطل على هذه المناظر الطبيعية .

و بلا تردد اصدر اوامره الى عماله ..

فقال الوزير : لقد امر امير البلاد ان تبحثوا عن صاحبة هذه الارض ليشتريها منها بأي ثمن.

و كانت صاحبة الارض امراة بسيطة .

قال الوزير: كم تريدين يا امرأة ثمنا لأرضك .

فقالت المرأة : ولكني لا اود بيعها .

فقال الوزير : سأعطيك ما تريدين ثمنا لها .

فقالت المرأة : لن ابيع ارضي حتى لو اعطيتني ثمنها ذهبا

احتار الوزير فيما يفعل ...

فقال في نفسه : اخشى ان اعود الى الأمير و اخبره برفض المراة فيغضب علي و عليها ..

و لما فشل في اقناعها دفعه خوفه الى اخذ الارض بالقوة ..

و بــــــــــــــــــــعد فترة ..

قال الأمير : كيف تجري الامور هنا ايها الوزير .

فقال الوزير : على اكمل وجه يا مولاي اسابيع و ينتهي العمل .

اصاب المرأة حزن شديد و احتارت في امرها ..

فقالت في نفسها : كيف سمح الامير لنفسه ان يفعل هذا وهو المشهور بعدله و تقواه ؟!..

اخيرا هداها تفكيرها ان تشكو الامير الى قاضي المدينة الذي اصابته الدهشه هو الأخر ..

فقال القاضي : دعيني ايتها المراة لافكر في قضيتك وما الذي يمكنني عمله .

فقالت المرأة داعيتا الله : اعانك الله ايها القاضي و ادعو الله لك بالتوفيق .

بينما هو في حيرة تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. (( إن المؤمن كيس فطن ))

فقال في نفسه : ما علي الا ان احتال لهذا الامر بحيلة ذكية تناسب مقام الامير و تذكر
في الوقت نفسه بما عرف عنه من عدل و نزاهه .

و ذاتــ يوم ..

جاء القاضي الى الامير : السلام على مولاي الامير .

فرد الامير : و عليكم السلام مرحبا بقاضي المدينة تفضل ..

اسغل القاضي الفرصة و اخذ يحدث الامير عن احوال البلاد و رغد العيش في ظل عدله حتى
وصل الى حكاية الارض المرأة ..

فقال القاضي : ان المرأة يا مولاي تريد فقط ان تملأ هذا الكيس من تراب ارضها ..

فقال الامير متعجبا : هذا ما تريده فقط ؟!..

فقال القاضي : نعم يا مولاي فهي تحب هذه الارض و تريد شيئا من ترابها .

فقال الامير : حسنا فلتأخذ ما تريده

فرد القاضي : على بركة الله .

و عندما اراد القاضي ان يرفع الكيس المملوء بالتراب لم يستطع ..

فقال : ارجوك يا مولاي ان تساعدني في رفعه ..

دهش الأمير لطلبه لكنه قام بتواضع عن كرسيه ليعاونه على حمل الكيس ..

لكن الكيس كان ثقيلا جدا فلم يستطيعا معا ان يرفعاه ..

قال القاضي : انه ثقيل جدا

قال الامير : ما هذا ؟؟!!

فقال القاضي : ارايت يا مولاي ان هذا الكيس ليس فيه سوى قدر ضئيل من تراب
هذه الارض التي اخذها اتباعك من المراة صاحبة الارض بالقوة .

فقال فزعا جدا : بـــالـــقـــــوة !!!!!

فقال القاضي : اذا كنا معا يا مولاي لم نستطع معا ان نحمل هذا القدر الضئيل من ترابها
فكيف تقوى وحدك على حمل وزرها يوم القيامة و تواجه بها ربك ؟...

عندئذ ادرك الامير مغزى حديث القاضي و اعجبته فطنته فاصدر اوامره في الوقت والحال ..

فقال : انك على حق ايها القاضي العادل .

فقال للوزير و هو في قمة غضبه : ولهذا امرت ان تعاد الارض للمرأة و يهدى اليها ما
بنينا عليها و ما زرعنا فيها من زرع و اشجار ..

وهــــــــــــــــــــــكــــــــــــــــذا ..

قالت المرأة داعيتا : رفع الله من قدرك ايها الامير و اعانك على اقامة العدل ..


تــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــــــــــــ ت

رحم الله الأمير العادل الحكم المرتضى بن هشام الرضا بن عبدالرحمن الداخل