المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ريانية العود | ||||
عادل لطفي | ||||
عذب الكلام | ||||
zineb | ||||
azzouzekadi | ||||
بريق الكلمة | ||||
TARKANO | ||||
ليليان عبد الصمد | ||||
ام الفداء | ||||
السنديانة |
بحـث
.ft11 {FONT-SIZE: 12px; COLOR: #ff0000; FONT-FAMILY: Tahoma,Verdana, Arial, Helvetica; BACKGROUND-COLOR: #eeffff}
.IslamicData
{ font-family: Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif;
font-size: 10pt; font-style: normal; line-height: normal; font-weight:
normal; font-variant: normal; color: #000000; text-decoration: none}
الساعة
عدد زوار المنتدى
أصل اللغات فى القرآن
3 مشترك
صفحة 3 من اصل 3
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
رد: أصل اللغات فى القرآن
قال الزمخشري: ما فائدة صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة؟
قال: المبالغة، كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويستدعي منهم الإنكار والتقبيح.
وذلك لأن القبيح من الغير يبدو أقبح مما لو ذكر عن النفس.
وهكذا التنقل من شأن إلى شأن كان من خاصية الكلام إذا كان خاطباً لا كتاباً. يتنقل فيه المتكلم من حالٍ إلى حال، وربما من موضوع إلى موضوع آخر، ثم يعود إلى موضوعه الأول حسبما يقتضيه الحال والمقام. والتنقل ظاهرة قرآنية شاملة ولا سيما في السوَر الطوال.
مثلاً نراه يتعرض لمسألة الطلاق والعدد في آيات (البقرة: 228-237) وينتقل إلى الترغيب في المحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى (الآية: 238) وصلاة الخوف (الآية 239) ويذكر المتوفى عنها زوجها (الآية: 240) ثم يعود إلى ذكر المطلقات (الآية: 241) الأمر الذي لم يكن متناسباً لو كان الكلام كتاباً، ويجوز في الخطاب. وهذا أيضاً في القرآن كثير.
إذن، فلا موضع لسفاسف الأباعد من عدم الالتئام في نظم القرآن.
قال هاشم العربي ـ بشأن آية الكرسي بعد ما وصفها بفخامة اللفظ والمحتوى بحيث لا يوجد لها نظير في جميع القرآن ـ : إنها بين جارتيها (الآية السابقة عليها واللاحقة لها) كقطعة ديباج رقّع بها ثوب كرباس. قال: واكثر القرآن على هذه الصفة من عدم القران بين آياته، والانتقال توّاً من الأوج إلى الحضيض ومن ذكر الجنة والمغفرة إلى ذكر المحيض.
*شبهات وردود حول القران الكريم
قال: المبالغة، كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها ويستدعي منهم الإنكار والتقبيح.
وذلك لأن القبيح من الغير يبدو أقبح مما لو ذكر عن النفس.
وهكذا التنقل من شأن إلى شأن كان من خاصية الكلام إذا كان خاطباً لا كتاباً. يتنقل فيه المتكلم من حالٍ إلى حال، وربما من موضوع إلى موضوع آخر، ثم يعود إلى موضوعه الأول حسبما يقتضيه الحال والمقام. والتنقل ظاهرة قرآنية شاملة ولا سيما في السوَر الطوال.
مثلاً نراه يتعرض لمسألة الطلاق والعدد في آيات (البقرة: 228-237) وينتقل إلى الترغيب في المحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى (الآية: 238) وصلاة الخوف (الآية 239) ويذكر المتوفى عنها زوجها (الآية: 240) ثم يعود إلى ذكر المطلقات (الآية: 241) الأمر الذي لم يكن متناسباً لو كان الكلام كتاباً، ويجوز في الخطاب. وهذا أيضاً في القرآن كثير.
إذن، فلا موضع لسفاسف الأباعد من عدم الالتئام في نظم القرآن.
قال هاشم العربي ـ بشأن آية الكرسي بعد ما وصفها بفخامة اللفظ والمحتوى بحيث لا يوجد لها نظير في جميع القرآن ـ : إنها بين جارتيها (الآية السابقة عليها واللاحقة لها) كقطعة ديباج رقّع بها ثوب كرباس. قال: واكثر القرآن على هذه الصفة من عدم القران بين آياته، والانتقال توّاً من الأوج إلى الحضيض ومن ذكر الجنة والمغفرة إلى ذكر المحيض.
*شبهات وردود حول القران الكريم
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
الدلالة الاجتماعية في المثل القرآني
تتوافر دلالة الألفاظ الاجتماعية في استعمالها اللغوي في عدة مجالات من المثل القرآني، ومرجع هذه الدلالة هو التبادر العام في العرف العربي بما يعطي للكلمة من دلالة خاصة بها، ومراعاة هذا العرف ذو أثر مهم في الدلالة المعينة للكلمة ولهذا اعتبر الخطابي (ت 383-388هـ) إن الكلام إنما يقوم بأشياء ثلاثة (لفظ حاصل، ومعنى به قائم، ورباط لهما ناظم. وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة، حتى لا ترى شيئاً من الألفاظ افصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه).
وقد جرى المثل القرآني وهو جزء من القرآن على هذا المجرى فأعطاه أهميته في تخير ألفاظه للدلالة على المعنى المراد، وسنختار بعض المفردات منه منفردة بنفسها، أو مضمومة لغيرها، من أجل تحقيق الفكرة بأصولها.
أولاً: الكلمة (صفوان) من قوله تعالى: (كمثل صفوان عليه تراب) البقرة/ 264.
وتعطي صورة الحجر المتكلس الذي يجتمع من ذرات غير قابلة للانفصال يتماسك ويتوافر بعد أن يخالطه التراب المهيل من هنا وهناك، فبعبارة تقاطر المطر وتدافع السيول، بدلاً من أن يهش ويلين ويتفتت وإذا به يعود كتلة حجرية واحدة، صلباً لا ينفذ، ومتحجراً لا ينفذ، فإذا طالعتنا اللغة بأنه: (الحجر الأملس) اتضح مدلول الكلمة في عمقها عدم ثبات شيء عليها.
ثانياً: والكلمة (وابل) من الآية نفسها (فأصابه وابلٌ..) البقرة/ 264.
تدل لغوياً، على الغيث المنهمر، والمطر المتدافع، وتلمح مجازاً إلى الجود المتناهي في العطاء فهل يا ترى أن سيؤدي معناها بضم هذه الصفات جميعاً لفظ سواها، قد يؤدي معناها بعدة كلمات وإذا تم هذا فهو يعني الخروج عن الإيجاز المتوافر في وابل إلى الأطناب الذي لا مسوغ له في عدة ألفاظ أخر.
ثالثاً: والكلمة (لا يقدرون).
تتوافر دلالة الألفاظ الاجتماعية في استعمالها اللغوي في عدة مجالات من المثل القرآني، ومرجع هذه الدلالة هو التبادر العام في العرف العربي بما يعطي للكلمة من دلالة خاصة بها، ومراعاة هذا العرف ذو أثر مهم في الدلالة المعينة للكلمة ولهذا اعتبر الخطابي (ت 383-388هـ) إن الكلام إنما يقوم بأشياء ثلاثة (لفظ حاصل، ومعنى به قائم، ورباط لهما ناظم. وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة، حتى لا ترى شيئاً من الألفاظ افصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه).
وقد جرى المثل القرآني وهو جزء من القرآن على هذا المجرى فأعطاه أهميته في تخير ألفاظه للدلالة على المعنى المراد، وسنختار بعض المفردات منه منفردة بنفسها، أو مضمومة لغيرها، من أجل تحقيق الفكرة بأصولها.
أولاً: الكلمة (صفوان) من قوله تعالى: (كمثل صفوان عليه تراب) البقرة/ 264.
وتعطي صورة الحجر المتكلس الذي يجتمع من ذرات غير قابلة للانفصال يتماسك ويتوافر بعد أن يخالطه التراب المهيل من هنا وهناك، فبعبارة تقاطر المطر وتدافع السيول، بدلاً من أن يهش ويلين ويتفتت وإذا به يعود كتلة حجرية واحدة، صلباً لا ينفذ، ومتحجراً لا ينفذ، فإذا طالعتنا اللغة بأنه: (الحجر الأملس) اتضح مدلول الكلمة في عمقها عدم ثبات شيء عليها.
ثانياً: والكلمة (وابل) من الآية نفسها (فأصابه وابلٌ..) البقرة/ 264.
تدل لغوياً، على الغيث المنهمر، والمطر المتدافع، وتلمح مجازاً إلى الجود المتناهي في العطاء فهل يا ترى أن سيؤدي معناها بضم هذه الصفات جميعاً لفظ سواها، قد يؤدي معناها بعدة كلمات وإذا تم هذا فهو يعني الخروج عن الإيجاز المتوافر في وابل إلى الأطناب الذي لا مسوغ له في عدة ألفاظ أخر.
ثالثاً: والكلمة (لا يقدرون).
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
بضمها إلى (ما كسبوا) في قوله تعالى: (لا يقدرون على شيء مما كسبوا) البقرة/ 264، فيها من الدلالة على ما يلي:
تصوير لحالة الحرمان، وإيذان بحلول الفقر، فلا المال المجموع بنافع، ولا الآمال الموهومة بمتحققة، يأس وادقاع مادي من تلك الأموال، وفقر معنوي من تلك الآمال سواء في الجزاء أو في الثواب الذين توهموا حصولهما، وعي متواصل يصلب القدرة والكسب معاً، وهذا إنما يتأتى فهمه بحسب العرف العام في تبادره لفهم معاني الألفاظ عند اطلاقها.
رابعاً: والكلمة (مشكاة) في قوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح..) النور/ 35.
ذات دلالة اجتماعية خاصة، وإن تداولتها عدة لغات، واتفقت استعمالاً بين لسانين عند جيلين من البشر، لأن المشكاة عند العرب: (الكوة التي لا منفذ لها .. وقيل هي في لسان الحبشة: الكوة).
قيل: كيف جاز أن تخاطب العرب بذلك مع قوله تبارك وتعالى: (عربي مبين)؟ فالجواب: أنه جائز اتفاق الاسم الواحد في لغتين لا ينكر مثل ذلك فيما يقع من الوفاق، ومثل الوفاق بين أهل اللسانين.
ويجوز أن تكون المشكاة من جملة ما أعربته العرب من اللغات فغيرته ونطقت به فصار كلغتها.
والحق أن العربية قد أعطت هذه الكلمة غرضاً لغوياً خاصاً بها.
لذا وجدنا أن الكوة لا تعطي دقائق معنى المشكاة بما فيها من بهاء وجمال، وتبادر ذهني عام إلى المدلول منها في كل الوجوه المحتملة.
خامساً: والكلمة (الظمآن) في قوله تعالى: (يحسبه الظمآن ماء..) النور/ 39، ذات دلالة لغوية خاصة بها، لا تمثلها كلمة الرائي مثلاً، ولو استعملها المثل لأصاب المعنى في جزء منه، ولكنها لا تقع موقع الظمآن، فلو قال، يحسب الرائي ماء لم يقع موقع قوله (الظمآن) لأن الظمآن أشد فاقة إليه، وأعظم حرصاً عليه.
سادساً: والكلمة (لجي) في قوله تعالى: (أو كظلمات في بحر لجي..) تشعرك مركزياً بتدافع الأمواج، وتتابع الأمداد فأنت أمام فيض من السيول، وكثافة من الأزباد، ومهما أجال اللغوي فكره في معجمه فإنه لن يصل إلى كلمة تسد مسدها في الدلالة على صورة المعاني النابعة منها.
وفي هذا الضوء فإنني أميل إلى ما ذهب إليه زميلنا الدكتور العزاوي بقوله: (إن في استقرار اللغة، وثبات صيغتها، قيمة عظمى، ونفعاً محموداً، وذلك في أكثر من وجه. فبعض الصيغ الموروثة، والتراكيب المتداولة، تؤدي المراد منها بدقة لأنها اكتسبت دلالة خاصة تعارف عليها الناس وأصبح من العسير أن تقوم مقامها أو تؤدي مؤداها عبارات أخرى قد يبتدعها أهل اللغة، ويحلونها محل تلك العبارات.
والدليل على صحة هذه الدعوى ما لمسناه من استعمال المثل القرآني للألفاظ المتقدمة: صفوان، وابل، مشكاة، الظمآن، لجي.
سابعاً: وفي (لم يكد يراها) من قوله تعالى: (إذا أخرج يده لم يكد يراها) النور/ 40، دلالة لغوية على إرادة عدم الرؤية الحقيقية ونفيها اطلاقاً، بما أثبته النقاد اللغويون، وتخطئة لابن شبرمة وتصحيحاً لقول ذي الرمة، حين بلغ هذا البيت:
إذا غير النأي المحبين لم يكد
رسيس الهوى من حب مية يبرح
فقال له ابن شبرمة: يا ذا الرمة أراه قد برح، ففكر ساعة ثم قال:
إذا غير النأي المحبين لم أجد
رسيس الهوى من حب مية برح
تصوير لحالة الحرمان، وإيذان بحلول الفقر، فلا المال المجموع بنافع، ولا الآمال الموهومة بمتحققة، يأس وادقاع مادي من تلك الأموال، وفقر معنوي من تلك الآمال سواء في الجزاء أو في الثواب الذين توهموا حصولهما، وعي متواصل يصلب القدرة والكسب معاً، وهذا إنما يتأتى فهمه بحسب العرف العام في تبادره لفهم معاني الألفاظ عند اطلاقها.
رابعاً: والكلمة (مشكاة) في قوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح..) النور/ 35.
ذات دلالة اجتماعية خاصة، وإن تداولتها عدة لغات، واتفقت استعمالاً بين لسانين عند جيلين من البشر، لأن المشكاة عند العرب: (الكوة التي لا منفذ لها .. وقيل هي في لسان الحبشة: الكوة).
قيل: كيف جاز أن تخاطب العرب بذلك مع قوله تبارك وتعالى: (عربي مبين)؟ فالجواب: أنه جائز اتفاق الاسم الواحد في لغتين لا ينكر مثل ذلك فيما يقع من الوفاق، ومثل الوفاق بين أهل اللسانين.
ويجوز أن تكون المشكاة من جملة ما أعربته العرب من اللغات فغيرته ونطقت به فصار كلغتها.
والحق أن العربية قد أعطت هذه الكلمة غرضاً لغوياً خاصاً بها.
لذا وجدنا أن الكوة لا تعطي دقائق معنى المشكاة بما فيها من بهاء وجمال، وتبادر ذهني عام إلى المدلول منها في كل الوجوه المحتملة.
خامساً: والكلمة (الظمآن) في قوله تعالى: (يحسبه الظمآن ماء..) النور/ 39، ذات دلالة لغوية خاصة بها، لا تمثلها كلمة الرائي مثلاً، ولو استعملها المثل لأصاب المعنى في جزء منه، ولكنها لا تقع موقع الظمآن، فلو قال، يحسب الرائي ماء لم يقع موقع قوله (الظمآن) لأن الظمآن أشد فاقة إليه، وأعظم حرصاً عليه.
سادساً: والكلمة (لجي) في قوله تعالى: (أو كظلمات في بحر لجي..) تشعرك مركزياً بتدافع الأمواج، وتتابع الأمداد فأنت أمام فيض من السيول، وكثافة من الأزباد، ومهما أجال اللغوي فكره في معجمه فإنه لن يصل إلى كلمة تسد مسدها في الدلالة على صورة المعاني النابعة منها.
وفي هذا الضوء فإنني أميل إلى ما ذهب إليه زميلنا الدكتور العزاوي بقوله: (إن في استقرار اللغة، وثبات صيغتها، قيمة عظمى، ونفعاً محموداً، وذلك في أكثر من وجه. فبعض الصيغ الموروثة، والتراكيب المتداولة، تؤدي المراد منها بدقة لأنها اكتسبت دلالة خاصة تعارف عليها الناس وأصبح من العسير أن تقوم مقامها أو تؤدي مؤداها عبارات أخرى قد يبتدعها أهل اللغة، ويحلونها محل تلك العبارات.
والدليل على صحة هذه الدعوى ما لمسناه من استعمال المثل القرآني للألفاظ المتقدمة: صفوان، وابل، مشكاة، الظمآن، لجي.
سابعاً: وفي (لم يكد يراها) من قوله تعالى: (إذا أخرج يده لم يكد يراها) النور/ 40، دلالة لغوية على إرادة عدم الرؤية الحقيقية ونفيها اطلاقاً، بما أثبته النقاد اللغويون، وتخطئة لابن شبرمة وتصحيحاً لقول ذي الرمة، حين بلغ هذا البيت:
إذا غير النأي المحبين لم يكد
رسيس الهوى من حب مية يبرح
فقال له ابن شبرمة: يا ذا الرمة أراه قد برح، ففكر ساعة ثم قال:
إذا غير النأي المحبين لم أجد
رسيس الهوى من حب مية برح
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
قال الراوي: فرجعت إلى أبي الحكم بن البحتري فأخبرته الخبر، فقال: أخطأ ابن شبرمة حيث أنكر عليه، وأخطأ ذو الرمة حيث رجع إلى قوله، إنما هذا كقول الله عزوجل: (أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها من نور..) النور/ 40، أي لم يرها ولم يكد.
وأيّد ذلك السيد المرتضى (ت: 436هـ) وأزاد من تفصيل الدلالة الاجتماعية فيه، وعرض لجملة من الآراء في التأكيد على نوعية الظلمات وتدافعها بما استخرجه من (لم يكد يراها) قال المرتضى: (أي لم يرها أصلاً. لأنه عزوجل قال: (أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض) النور/ 40، كان بعض هذه الظلمات يحول بين العين وبين النظر إلى اليد وسائر المناظر فـ(يكد) على هذا التأويل زيدت للتوكيد، والمعنى إذا أخرج يده لم يرها.
وقال قوم: معنى الآية: إذا أخرج يده رآها بعد إبطاء وعسر لتكاثف الظلمة، وترادف الموانع من الرؤية.
وقال آخرون: معنى الآية إذا أخرج يده لم يرد أن يراها، لأن الذين شاهد من تكاثف الظلمات بأسه من تأمل يده، وقرر في نفسه أنه لا يدركها ببصره.
وأياً كان التفسير فدلالة الكلمة المركزية ظاهرة لدى التحقيق، إلا أن هناك شبهة في هذا الفهم المتقابل للكلمة مصدره العرف العام، وقد أوضح سبب هذه الشبهة ابن الزملكاني (ت: 651هـ) بقوله: (وما سبب هذه الشبهة إلا أنه قد جرى في العرف أن يقال: (ما كاد يفعل) و(لم يكد يفعل) في فعل قد فعل على معنى أنه لم يفعل إلا بعد جهد. فمن هنا وهم ابن شبرمة في زعمه أن الهوى قد برح، وظن ذو الرمة مثل ذلك، وإنما هو في الحقيقة على نفي المقاربة فإن (كاد) موضوعة للدلالة على قرب الوجود بمحال أن يكون نفيها موجباً وجود الفعل).
وأيّد ذلك السيد المرتضى (ت: 436هـ) وأزاد من تفصيل الدلالة الاجتماعية فيه، وعرض لجملة من الآراء في التأكيد على نوعية الظلمات وتدافعها بما استخرجه من (لم يكد يراها) قال المرتضى: (أي لم يرها أصلاً. لأنه عزوجل قال: (أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض) النور/ 40، كان بعض هذه الظلمات يحول بين العين وبين النظر إلى اليد وسائر المناظر فـ(يكد) على هذا التأويل زيدت للتوكيد، والمعنى إذا أخرج يده لم يرها.
وقال قوم: معنى الآية: إذا أخرج يده رآها بعد إبطاء وعسر لتكاثف الظلمة، وترادف الموانع من الرؤية.
وقال آخرون: معنى الآية إذا أخرج يده لم يرد أن يراها، لأن الذين شاهد من تكاثف الظلمات بأسه من تأمل يده، وقرر في نفسه أنه لا يدركها ببصره.
وأياً كان التفسير فدلالة الكلمة المركزية ظاهرة لدى التحقيق، إلا أن هناك شبهة في هذا الفهم المتقابل للكلمة مصدره العرف العام، وقد أوضح سبب هذه الشبهة ابن الزملكاني (ت: 651هـ) بقوله: (وما سبب هذه الشبهة إلا أنه قد جرى في العرف أن يقال: (ما كاد يفعل) و(لم يكد يفعل) في فعل قد فعل على معنى أنه لم يفعل إلا بعد جهد. فمن هنا وهم ابن شبرمة في زعمه أن الهوى قد برح، وظن ذو الرمة مثل ذلك، وإنما هو في الحقيقة على نفي المقاربة فإن (كاد) موضوعة للدلالة على قرب الوجود بمحال أن يكون نفيها موجباً وجود الفعل).
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
وقال قوم: معنى الآية: إذا أخرج يده رآها بعد إبطاء وعسر لتكاثف الظلمة، وترادف الموانع من الرؤية.
وقال آخرون: معنى الآية إذا أخرج يده لم يرد أن يراها، لأن الذين شاهد من تكاثف الظلمات بأسه من تأمل يده، وقرر في نفسه أنه لا يدركها ببصره.
وأياً كان التفسير فدلالة الكلمة المركزية ظاهرة لدى التحقيق، إلا أن هناك شبهة في هذا الفهم المتقابل للكلمة مصدره العرف العام، وقد أوضح سبب هذه الشبهة ابن الزملكاني (ت: 651هـ) بقوله: (وما سبب هذه الشبهة إلا أنه قد جرى في العرف أن يقال: (ما كاد يفعل) و(لم يكد يفعل) في فعل قد فعل على معنى أنه لم يفعل إلا بعد جهد. فمن هنا وهم ابن شبرمة في زعمه أن الهوى قد برح، وظن ذو الرمة مثل ذلك، وإنما هو في الحقيقة على نفي المقاربة فإن (كاد) موضوعة للدلالة على قرب الوجود بمحال أن يكون نفيها موجباً وجود الفعل).
ثامناً: وفي كل كلمتي ذهب) و(بنورهم) من قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) البقرة/ 17، دلالة مركزية في انسحاب أثر نفي العام على نفي الخاص، ولم يستعمل المثل: (الضوء) بدل (النور) ولا (اذهب) (ذهب) إلا مراعاة لذلك بما أشار إليه الزركشي (ت: 794هـ) بقوله: ولم يقل: (بضوئهم) بعد قوله (أضاءت) لأن النور أهم من الضوء، إذ يقال على القليل والكثير، وإنما يقال الضوء على الكثير، ولذلك قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) يونس/ 5، ففي الضوء دلالة على الزيادة، فهو أخص من النور، وعدمه لا يوجب عدم الضوء، لاستلزم عدم العام عدم الخاص، فهو أبلغ من الأول، والغرض إزالة النور عنهم أصلاً، ألا ترى ذكره بعده (تركهم في ظلمات) وهنا دقيقة، وهي أنه قال: (ذهب الله بنورهم) ولم يقل (أذهب نورهم) لأن الإذهاب بالشيء إشعار له يمنع عودته، بخلاف الذهاب، إذ يفهم من الكثير استصحابه في الذهاب، ومقتضى من الرجوع).
تاسعاً: والكلمة (عبدا) بتقييدها (مملوكاً) في (ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً..) النحل/ 75 قد يتبادر لأول وهلة في الذهن أن العبد دون تقييد فيه دلالة على عدم الحرية فلماذا هذا التقييد إذن، ولكن الفهم الدقيق يقتضي التقييد، لأن الحر والعبد سواء أمام الله تعالى، فهما عبدان له، اتصاف بالحرية أو العبودية، فأراد الاحتراز من هذه الناحية بأنه عبد مملوك وليس بحرّ مقيد.
عاشراً: واستعمال كلمة (امرأة) بدل (زوج) بالنسبة لامرأة نوح ولوط، وهما زوجتان لهما، وبالنسبة لامرأة فرعون، وهي زوجته دون ريب في كل من (امرأة نوح وامرأة لوط..) التحريم/ 10، وقوله: (امرأة فرعون) التحريم/ 11، هذا الاستعمال الدقيق ذو دلالة اجتماعية رائعة، توضحها الدكتورة عائشة عبدالرحمن بقولها: ونتدبر استعمال القرآن للكلمتين، فيهدينا إلى سر الدلالة، كلمة زوج تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف: حكمة وآية، أو تشريعاً وحكماً (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم/ 21، فإذا تعطلت آيتها من السكن والمودة والرحمة، بخيانة أو تباين في العقيدة فامرأة لا زوج.
وهذا بيّن بامرأتي نوح ولوط، ففي الخيانة الدينية التي أحدثاها انفصلت عرى الزوجية، وعاد كل زوج منهما امرأة فحسب، وفي امرأة فرعون تعطلت آية الزوجية بكفره وإيمانها، فعادا حقيقتين مختلفتين، لا تربطهما رابطة من سكن، ولا صلة من مودة، فعادت زوجته امرأة.
وقال آخرون: معنى الآية إذا أخرج يده لم يرد أن يراها، لأن الذين شاهد من تكاثف الظلمات بأسه من تأمل يده، وقرر في نفسه أنه لا يدركها ببصره.
وأياً كان التفسير فدلالة الكلمة المركزية ظاهرة لدى التحقيق، إلا أن هناك شبهة في هذا الفهم المتقابل للكلمة مصدره العرف العام، وقد أوضح سبب هذه الشبهة ابن الزملكاني (ت: 651هـ) بقوله: (وما سبب هذه الشبهة إلا أنه قد جرى في العرف أن يقال: (ما كاد يفعل) و(لم يكد يفعل) في فعل قد فعل على معنى أنه لم يفعل إلا بعد جهد. فمن هنا وهم ابن شبرمة في زعمه أن الهوى قد برح، وظن ذو الرمة مثل ذلك، وإنما هو في الحقيقة على نفي المقاربة فإن (كاد) موضوعة للدلالة على قرب الوجود بمحال أن يكون نفيها موجباً وجود الفعل).
ثامناً: وفي كل كلمتي ذهب) و(بنورهم) من قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) البقرة/ 17، دلالة مركزية في انسحاب أثر نفي العام على نفي الخاص، ولم يستعمل المثل: (الضوء) بدل (النور) ولا (اذهب) (ذهب) إلا مراعاة لذلك بما أشار إليه الزركشي (ت: 794هـ) بقوله: ولم يقل: (بضوئهم) بعد قوله (أضاءت) لأن النور أهم من الضوء، إذ يقال على القليل والكثير، وإنما يقال الضوء على الكثير، ولذلك قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) يونس/ 5، ففي الضوء دلالة على الزيادة، فهو أخص من النور، وعدمه لا يوجب عدم الضوء، لاستلزم عدم العام عدم الخاص، فهو أبلغ من الأول، والغرض إزالة النور عنهم أصلاً، ألا ترى ذكره بعده (تركهم في ظلمات) وهنا دقيقة، وهي أنه قال: (ذهب الله بنورهم) ولم يقل (أذهب نورهم) لأن الإذهاب بالشيء إشعار له يمنع عودته، بخلاف الذهاب، إذ يفهم من الكثير استصحابه في الذهاب، ومقتضى من الرجوع).
تاسعاً: والكلمة (عبدا) بتقييدها (مملوكاً) في (ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً..) النحل/ 75 قد يتبادر لأول وهلة في الذهن أن العبد دون تقييد فيه دلالة على عدم الحرية فلماذا هذا التقييد إذن، ولكن الفهم الدقيق يقتضي التقييد، لأن الحر والعبد سواء أمام الله تعالى، فهما عبدان له، اتصاف بالحرية أو العبودية، فأراد الاحتراز من هذه الناحية بأنه عبد مملوك وليس بحرّ مقيد.
عاشراً: واستعمال كلمة (امرأة) بدل (زوج) بالنسبة لامرأة نوح ولوط، وهما زوجتان لهما، وبالنسبة لامرأة فرعون، وهي زوجته دون ريب في كل من (امرأة نوح وامرأة لوط..) التحريم/ 10، وقوله: (امرأة فرعون) التحريم/ 11، هذا الاستعمال الدقيق ذو دلالة اجتماعية رائعة، توضحها الدكتورة عائشة عبدالرحمن بقولها: ونتدبر استعمال القرآن للكلمتين، فيهدينا إلى سر الدلالة، كلمة زوج تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف: حكمة وآية، أو تشريعاً وحكماً (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم/ 21، فإذا تعطلت آيتها من السكن والمودة والرحمة، بخيانة أو تباين في العقيدة فامرأة لا زوج.
وهذا بيّن بامرأتي نوح ولوط، ففي الخيانة الدينية التي أحدثاها انفصلت عرى الزوجية، وعاد كل زوج منهما امرأة فحسب، وفي امرأة فرعون تعطلت آية الزوجية بكفره وإيمانها، فعادا حقيقتين مختلفتين، لا تربطهما رابطة من سكن، ولا صلة من مودة، فعادت زوجته امرأة.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
وزيادة على ما سبق بيانه، فإن الدلالة الاجتماعية تكشف بعمق ما يحيط بمؤدى اللفظ من إبهام وغموض ليعود جلياً مشرقاً، ففي قوله تعالى: (يا أيها النسا ضرب مثل فاستعموا له..) الحج/ 73 تبدو كلمة (مثل) موهمة بأن لا ثمل في العبارات التالية للمادة، حتى قال الأخفش: إن قيل أين المثل؟ فالجواب أنه ليس هاهنا مثل، وإنما المعنى: يا أيها الناس ضرب لي مثل: أي شبهت بي الأوثان فاستمعوا لهذا المثل.
ولكن الدلالة الاجتماعية تؤكد وجود المثل بمدلوله اللغوي أو بنقله الاستعاري بما عبر عنه الزمخشري بقوله: (فإن قلت الذي جاء به ليس بمثل، فكيف سماه مثلاً؟ قلت: قد سميت الصفة أو القصة الرائعة المتلقاة بالاستحسان والاستغراب: مثلاً).
فأرجع الفصل بالموضوع إلى اللغة لتنفي الشبهة والإشكال.
ويبدو مما سلف أن الدلالة الاجتماعية في حدود ما عرضنا له من ألفاظ المثل القرآني قد روعي فيها الفهم المتبادر عند الهيئة الاجتماعية في تحديد معنى اللفظ، وضبط مدلوله، فهي وسيلة مهمة لكشف الغموض والإبهام عن الألفاظ، وإليها يرجع في معرفة النص من خلال المعجم اللغوي
ولكن الدلالة الاجتماعية تؤكد وجود المثل بمدلوله اللغوي أو بنقله الاستعاري بما عبر عنه الزمخشري بقوله: (فإن قلت الذي جاء به ليس بمثل، فكيف سماه مثلاً؟ قلت: قد سميت الصفة أو القصة الرائعة المتلقاة بالاستحسان والاستغراب: مثلاً).
فأرجع الفصل بالموضوع إلى اللغة لتنفي الشبهة والإشكال.
ويبدو مما سلف أن الدلالة الاجتماعية في حدود ما عرضنا له من ألفاظ المثل القرآني قد روعي فيها الفهم المتبادر عند الهيئة الاجتماعية في تحديد معنى اللفظ، وضبط مدلوله، فهي وسيلة مهمة لكشف الغموض والإبهام عن الألفاظ، وإليها يرجع في معرفة النص من خلال المعجم اللغوي
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
بين القرآن والعلم
1 ـ موقف القرآن من العلم:
دعا القرآن في كثير من الآيات إلى التزود بالعلم وأثنى على العلماء وذمّ الجهل والجاهلين، وهذا لا شك فيه لمن يلقي نظرة ـ ولو سطحية ـ على الآيات القرآنية.
لكن يبقى هناك تساؤل عن طبيعة العلم أو العلوم التي دعا إليها القرآن ومدح أصحابها وأثنى عليهم، فهل حث القرآن على كل العلوم، المادية وغيرها أو كان نظر القرآن إلى خصوص بعض العلوم دون البعض الآخر؟
فبينما نجد بعض المفسرين والباحثين يحاولون إثبات دعوة القرآن إلى تعلم كل العلوم النافعة، نرى آخرين يصرون على أن نظر القرآن إلى خصوص العلوم الانسانية وما يرتبط بسعادة الانسان في الدارة الآخرة، مثل العقائد\ والفقه والتربية ونحوها…
ولأجل أن يتضح الموقف القرآني من العلوم نقول: ان ملاحظة الآيات التي تتحدث عن العلم والجهل وما يحكي عنهما من المفردات تشهد أنها تصب في اتجاه استقامة الانسان وهدايته ووعيه لطبيعة الحياة الدنيا، فهي لا تعدو هذه الأمور ونحوها مما يرتبط ارتباطاً مباشراً بالعلوم والمعارف الدينية والتربوية، دون العلوم المادية ونحوها مما يحتاجها الانسان في حياته اليومية. فمن هذه الآيات قوله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) الجمعة/ 2.
(قال الذين أوتوا العلم ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين) النحل/ 27.
(ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه وقل رب زدني علماً * ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً) طه/ 114-115.
وغيرها كثير من الآيات.. حيث نلاحظ أن هذه الآيات القرآنية الكريمة بعيدة عن إرادة العلوم المادية وما يشبهها مما هو ضمن اهتمام الانسان ومرتبط بجهده واحتياجاته، وأما تفسير العلم في هذه الآيات بما يشمل كل العلوم النافعة فهو تفسير متكلّف فيه.
نعم يمكن اهتمام القرآن بمختلف العلوم النافعة من خلال ما يلي:
أ ـ اهتمام القرآن بعزة الاسلام والمسلمين، فتدخل ضمن هذه الزاوية كل العلوم التي تساهم في تقدم المجتمع واستقراره ورخائه الاقتصادي وكل ما يُنأى بالمسلمين عن الذل والدونية في مقابل الأمم الأخرى.
ب ـ دعوة القرآن لإحياء الأرض، أو استثمارها ـ باعتبارها قد جُعلت وأبيحت للانسان ـ والذي قد يفهم منه الكناية عن الحث على استكشاف أسرار وخزائن هذا الكون الذي يتوقف على نموّ العلوم المادية وتطورها. (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها) الملك/ 15.
ج ـ دعوة القرآن المسلمين للدفاع عن أنفسهم وعن دينهم والاستعداد التام لمواجهة خطط الأعداء وكيدهم.. فإنه يستبطن الدعوة للتزود بكل العلوم المساهمة في الوصول إلى هذه الحالة بكل جوانبها العسكرية والاقتصادية وغيرهما. (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة) الأنفال/ 60.
1 ـ موقف القرآن من العلم:
دعا القرآن في كثير من الآيات إلى التزود بالعلم وأثنى على العلماء وذمّ الجهل والجاهلين، وهذا لا شك فيه لمن يلقي نظرة ـ ولو سطحية ـ على الآيات القرآنية.
لكن يبقى هناك تساؤل عن طبيعة العلم أو العلوم التي دعا إليها القرآن ومدح أصحابها وأثنى عليهم، فهل حث القرآن على كل العلوم، المادية وغيرها أو كان نظر القرآن إلى خصوص بعض العلوم دون البعض الآخر؟
فبينما نجد بعض المفسرين والباحثين يحاولون إثبات دعوة القرآن إلى تعلم كل العلوم النافعة، نرى آخرين يصرون على أن نظر القرآن إلى خصوص العلوم الانسانية وما يرتبط بسعادة الانسان في الدارة الآخرة، مثل العقائد\ والفقه والتربية ونحوها…
ولأجل أن يتضح الموقف القرآني من العلوم نقول: ان ملاحظة الآيات التي تتحدث عن العلم والجهل وما يحكي عنهما من المفردات تشهد أنها تصب في اتجاه استقامة الانسان وهدايته ووعيه لطبيعة الحياة الدنيا، فهي لا تعدو هذه الأمور ونحوها مما يرتبط ارتباطاً مباشراً بالعلوم والمعارف الدينية والتربوية، دون العلوم المادية ونحوها مما يحتاجها الانسان في حياته اليومية. فمن هذه الآيات قوله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) الجمعة/ 2.
(قال الذين أوتوا العلم ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين) النحل/ 27.
(ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه وقل رب زدني علماً * ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً) طه/ 114-115.
وغيرها كثير من الآيات.. حيث نلاحظ أن هذه الآيات القرآنية الكريمة بعيدة عن إرادة العلوم المادية وما يشبهها مما هو ضمن اهتمام الانسان ومرتبط بجهده واحتياجاته، وأما تفسير العلم في هذه الآيات بما يشمل كل العلوم النافعة فهو تفسير متكلّف فيه.
نعم يمكن اهتمام القرآن بمختلف العلوم النافعة من خلال ما يلي:
أ ـ اهتمام القرآن بعزة الاسلام والمسلمين، فتدخل ضمن هذه الزاوية كل العلوم التي تساهم في تقدم المجتمع واستقراره ورخائه الاقتصادي وكل ما يُنأى بالمسلمين عن الذل والدونية في مقابل الأمم الأخرى.
ب ـ دعوة القرآن لإحياء الأرض، أو استثمارها ـ باعتبارها قد جُعلت وأبيحت للانسان ـ والذي قد يفهم منه الكناية عن الحث على استكشاف أسرار وخزائن هذا الكون الذي يتوقف على نموّ العلوم المادية وتطورها. (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها) الملك/ 15.
ج ـ دعوة القرآن المسلمين للدفاع عن أنفسهم وعن دينهم والاستعداد التام لمواجهة خطط الأعداء وكيدهم.. فإنه يستبطن الدعوة للتزود بكل العلوم المساهمة في الوصول إلى هذه الحالة بكل جوانبها العسكرية والاقتصادية وغيرهما. (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة) الأنفال/ 60.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
2 ـ العلوم التي اكن القرآن عاملاً في ظهورها:
هذه العلوم على صنفين:
الصنف الأول: هي العلوم التي تضمنها القرآن الكريم سواء تلك التي كان هو مصدرها الأساس أم التي ساهم القرآن الكريم في تطويرها، مثل مباحث التوحيد والنبوة والمعاد والفقه والتربية الاسلامية والأخلاق ونحوها.
الصنف الثاني: العلوم التي ساهم القرآن في تطورها واستمرارها من دون أن يتضمنها، مثل علوم النحو والبلاغة واللغة وفقه اللغة، حيث عكف المسلمون على دراسة اللغة العربية وأسرارها وأحكامها ليحافظوا على القرآن الكريم ويفهموا معانيه، فكان للقرآن الفضل في نشوء هذه العلوم وتطورها واهتمام المسلمين بها.
بالاضافة إلى دوره في حفظ اللغة العربية من الذوبان والتهجين.
3 ـ العلوم الخاصة بالقرآن والباحثة عنه:
وهي مجموعة علوم القرآن التي ندرسها تحت عنوان (علوم القرآن) مثل مباحث علم التفسير، ونزول الآيات، والوحي، وإعجاز القرآن، وغيرها من العلوم الباحثة عن القرآن الكريم نفسه، وخصائصه.
4 ـ العلوم الضرورية لفهم القرآن الكريم:
يحتاج الدارس للقرآن الكريم – بالاضافة لفهم اللغة العربية والإحاطة بها – إلى مجموعة من العلوم التي تساهم في فهم الكتاب العزيز، وهي:
أ) علوم العربية المختلفة مثل علم اللغة وفقه اللغة، وعلوم النحو والصرف والبلاغة.
ب) العلوم العقلية المختلفة مثل المنطق والعقائد وبعض البحوث الفلسفية وغيرها.
ج) مجموعة علوم القرآن مثل نزول الآيات وتاريخه ليمكنه تفسير آية بأخرى، وتمييز المدني من المكي مثلاً وأسباب النزول وغير ذلك.
د) التزود بالعلوم التي تتحدث عنها بعض الآيات مباشرة مثل الفقه والعقائد وقصص الأنبياء وبعض أحداث التاريخ الاسلامي وغيرها.
هـ) علما الدراية والرجال، لتمييز النصوص التفسيرية الصحيحة عن غيرها، وتقديم المتعارضات ونحو ذلك.
هذا إذا كان هدف المفسّر التفسير المحيط والجامع لكل القرآن، أما إذا اقتصر على جوانب معينة منه أو آيات أو سور خاصة منه فقد لا يحتاج إلى بعض هذه العلوم المتقدمة. ويختلف ذلك بحسب طبيعة الجانب الذي يتناوله المفسّر ومتطلباته.
ونضيف – إلى جانب التزود بالعلوم المتقدمة – شرطين رئيسيين يفترض توفرهما في المفسّر للقرآن الكريم وهما:
الأول: أن يعي المفسّر تعاليم الاسلام من مصادرها الأصلية ولا يبتعد عن الذهنية الاسلامية الأصيلة، إذ لا يمكن التفكيك بين فهم الاسلام وفهم كتابه. ومن هنا نعرف عاملاً رئيسياً في أخطاء المستشرقين وغيرهم البعيدين عن فهم روح الاسلام الأصيل عند دراستهم وتفسيرهم للقرآن الكريم.
الثاني: أن يكون المفسّر مسترشداً بالقرآن الكريم وتابعاً له من دون أن يجعل من نفسه متبوعاً وموجّهاً للنص القرآني، فيجتنب تفسيره على ضوء قناعته المسبقة وتوجهاته الذاتية البعيدة عن القرآن وباقيَ المصادر الاسلامية التي يفسّر بعضها البعض الآخر، ولذا نلاحظ أخطاء فظيعة وقع فيها أصحاب العقائد والنظريات المنحرفة والباطلة عندما صاروا يحمّلون القرآن أفكارهم الخاطئة محاولةً منهم في تفسير آياته بما ينسجم
هذه العلوم على صنفين:
الصنف الأول: هي العلوم التي تضمنها القرآن الكريم سواء تلك التي كان هو مصدرها الأساس أم التي ساهم القرآن الكريم في تطويرها، مثل مباحث التوحيد والنبوة والمعاد والفقه والتربية الاسلامية والأخلاق ونحوها.
الصنف الثاني: العلوم التي ساهم القرآن في تطورها واستمرارها من دون أن يتضمنها، مثل علوم النحو والبلاغة واللغة وفقه اللغة، حيث عكف المسلمون على دراسة اللغة العربية وأسرارها وأحكامها ليحافظوا على القرآن الكريم ويفهموا معانيه، فكان للقرآن الفضل في نشوء هذه العلوم وتطورها واهتمام المسلمين بها.
بالاضافة إلى دوره في حفظ اللغة العربية من الذوبان والتهجين.
3 ـ العلوم الخاصة بالقرآن والباحثة عنه:
وهي مجموعة علوم القرآن التي ندرسها تحت عنوان (علوم القرآن) مثل مباحث علم التفسير، ونزول الآيات، والوحي، وإعجاز القرآن، وغيرها من العلوم الباحثة عن القرآن الكريم نفسه، وخصائصه.
4 ـ العلوم الضرورية لفهم القرآن الكريم:
يحتاج الدارس للقرآن الكريم – بالاضافة لفهم اللغة العربية والإحاطة بها – إلى مجموعة من العلوم التي تساهم في فهم الكتاب العزيز، وهي:
أ) علوم العربية المختلفة مثل علم اللغة وفقه اللغة، وعلوم النحو والصرف والبلاغة.
ب) العلوم العقلية المختلفة مثل المنطق والعقائد وبعض البحوث الفلسفية وغيرها.
ج) مجموعة علوم القرآن مثل نزول الآيات وتاريخه ليمكنه تفسير آية بأخرى، وتمييز المدني من المكي مثلاً وأسباب النزول وغير ذلك.
د) التزود بالعلوم التي تتحدث عنها بعض الآيات مباشرة مثل الفقه والعقائد وقصص الأنبياء وبعض أحداث التاريخ الاسلامي وغيرها.
هـ) علما الدراية والرجال، لتمييز النصوص التفسيرية الصحيحة عن غيرها، وتقديم المتعارضات ونحو ذلك.
هذا إذا كان هدف المفسّر التفسير المحيط والجامع لكل القرآن، أما إذا اقتصر على جوانب معينة منه أو آيات أو سور خاصة منه فقد لا يحتاج إلى بعض هذه العلوم المتقدمة. ويختلف ذلك بحسب طبيعة الجانب الذي يتناوله المفسّر ومتطلباته.
ونضيف – إلى جانب التزود بالعلوم المتقدمة – شرطين رئيسيين يفترض توفرهما في المفسّر للقرآن الكريم وهما:
الأول: أن يعي المفسّر تعاليم الاسلام من مصادرها الأصلية ولا يبتعد عن الذهنية الاسلامية الأصيلة، إذ لا يمكن التفكيك بين فهم الاسلام وفهم كتابه. ومن هنا نعرف عاملاً رئيسياً في أخطاء المستشرقين وغيرهم البعيدين عن فهم روح الاسلام الأصيل عند دراستهم وتفسيرهم للقرآن الكريم.
الثاني: أن يكون المفسّر مسترشداً بالقرآن الكريم وتابعاً له من دون أن يجعل من نفسه متبوعاً وموجّهاً للنص القرآني، فيجتنب تفسيره على ضوء قناعته المسبقة وتوجهاته الذاتية البعيدة عن القرآن وباقيَ المصادر الاسلامية التي يفسّر بعضها البعض الآخر، ولذا نلاحظ أخطاء فظيعة وقع فيها أصحاب العقائد والنظريات المنحرفة والباطلة عندما صاروا يحمّلون القرآن أفكارهم الخاطئة محاولةً منهم في تفسير آياته بما ينسجم
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
الزمن النفسي في القرآن
أول ما يلاحظ في تسمية هذا النوع من الزمن هو إضافته إلى (النفس)، ونقصد بالنفس ذلك الجوهر اللطيف (الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الإرادية).
وبعيداً عن التعقيدات التعريفية، وتشعب التعاريف بين الفنون، نستعمل الاضافة إلى النفس في بحثنا هذا للدلالة على ذلك الإحساس الذاتي والشعور بمرور الزمن أو بعدم مروره، مع تقدير قدره انطلاقاً من هذا الإحساس.
فإذا عُدنا إلى عناصر الظاهرة الزمنية، فإننا نجد أن هذا الإحساس والتقدير ما هو إلا من خواصّ الانسان، فالزمن النفسي يكون إذن زمناً إنسانياً محضاً، خلافاً للزمن المبارك الذي هو زمن متعلق أساساً بتقييم الله تعالى له حسب مشيئته وفضله، فلا يضاف الزمن النفسي إلى غير الانسان، كما لا يضاف الزمن المبارك إلى غير الله.
وقد حاولنا أن نجمع نماذج للآيات التي تدخل فيها النفس الانسانية، تقديراً للزمن، وشعوراً وإحساساً به. فاخترنا من بينها الآيات الآتية:
1 ـ (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة * فاصبر صبراً جميلاً * إنهم يرونه بعيداً * ونراه قريباً) المعارج/ 4-7.
2 ـ (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً) الانسان/ 27.
3 ـ (ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة) الأعراف/ 187.
4 ـ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) يونس/ 45.
5 ـ (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً) الإسراء/ 52.
6 ـ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) الروم/ 55-56.
7 ـ كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) الأحقاف/ 35.
8 ـ (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) النازعات/ 46.
9 ـ (قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فسئل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون) المؤمنون/ 112-114.
إذا حاولنا أن نرجع إلى الخصائص المشتركة بين هذه الظواهر الزمنية، بالنظر إلى عناصر كل ظاهرة، فإننا نلاحظ ما يلي:
الجدول المقارَن للعناصر الزمنية:
العنصر وجوده في هذه الآيات
الشيء المتزمن الكفار في عموم الآيات
المقدار الزمني مقداران: زمن حقيقي (عمر الكافر)، ومن مقدّر
الوحدة اليوم، السنة، الساعة، العشي، الضحى
المجال أو (السلَّم) الزمن الأرضي
الحركة اللبث في الدنيا
فالأمر المختلف فيه هو المقدار الزمني، وسبب اختلافه هو تقدير الانسان لحجمه تقديراً نفسياً لا حقيقياً.
ومجمل الآيات تسعفنا في تحديد مفهوم الزمن النفسي، وتفصيلها كالآتي:
1 ـ يوماً ثقيلاً: موضوع الآيات الأولى هو يوم الحساب، فطول هذا اليوم مقارناً بالزمن الأرضي هو خمسون ألف سنة، فالمدة التي يقضيها المؤمن والكافر في هذا اليوم العصيب هي نفس المدة، ولكن الإحساس بها، وتقدير طولها وقصرها يختلف بينهما اختلافاً شديداً.
فالمؤمن يراه يوماً قريباً قصير المدة، أما الكافر فيثقل عليه ثقلاً شديداً، فهو يستطيل (ذلك اليوم لشدته) وهوله.
ويفسر هذا المعنى حديث رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري قال: قيل لرسول الله (ص): يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة، ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا).
وإمعاناً في الدلالة على طول هذا اليوم على الكافر، وفي التعبير على شدته عليه استعمل القرآن الكريم لفظ (الثقل)، مع أن العادة أن يقال: زمن طويل أو قصير، لا ثقيل أو خفيف.
والحق أن القرآن في قوله تعالى: (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً) الانسان/ 27، قد استعار الثقل لشدة اليوم وهوله، ولعظم وقعه على نفس الكافر، فهو ثقيل ثقلاً معنوياً على نفسه، لا ثقلاً حسياً على جسده.
وقد وصف الزمن ـ كذلك ـ بالثقل في قوله تعالى: (ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة) الأعراف/ 187، وهذا الثقل في (الساعة) إنما هو لفقد العلم بها: (فإن المجهول ثقيل على النفس، ولا سيما إذا كان عظيماً).
وقد أثبتت أحدث الدراسات الزمنية أن الوقت لا يمر عندما نكون قلقين، ويمر بسرعة هائلة في ساعات الفرح والسرور والنعيم، وهذا المعنى يعرفه الناس بالمراس والإحساس، ونقرأه في مصادر الأدب منذ القديم، ومن ذلك قول الشاعر:
أعوام وصلٍ كان يُنسى طولها
ذكرى النوى فكأنها أيام
ثم انبرت أيام هجرٍ أردفت
جوي أسى فكأنها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها
فكأنها وكأنهم أحلام
أول ما يلاحظ في تسمية هذا النوع من الزمن هو إضافته إلى (النفس)، ونقصد بالنفس ذلك الجوهر اللطيف (الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الإرادية).
وبعيداً عن التعقيدات التعريفية، وتشعب التعاريف بين الفنون، نستعمل الاضافة إلى النفس في بحثنا هذا للدلالة على ذلك الإحساس الذاتي والشعور بمرور الزمن أو بعدم مروره، مع تقدير قدره انطلاقاً من هذا الإحساس.
فإذا عُدنا إلى عناصر الظاهرة الزمنية، فإننا نجد أن هذا الإحساس والتقدير ما هو إلا من خواصّ الانسان، فالزمن النفسي يكون إذن زمناً إنسانياً محضاً، خلافاً للزمن المبارك الذي هو زمن متعلق أساساً بتقييم الله تعالى له حسب مشيئته وفضله، فلا يضاف الزمن النفسي إلى غير الانسان، كما لا يضاف الزمن المبارك إلى غير الله.
وقد حاولنا أن نجمع نماذج للآيات التي تدخل فيها النفس الانسانية، تقديراً للزمن، وشعوراً وإحساساً به. فاخترنا من بينها الآيات الآتية:
1 ـ (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة * فاصبر صبراً جميلاً * إنهم يرونه بعيداً * ونراه قريباً) المعارج/ 4-7.
2 ـ (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً) الانسان/ 27.
3 ـ (ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة) الأعراف/ 187.
4 ـ ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) يونس/ 45.
5 ـ (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً) الإسراء/ 52.
6 ـ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) الروم/ 55-56.
7 ـ كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) الأحقاف/ 35.
8 ـ (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) النازعات/ 46.
9 ـ (قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فسئل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون) المؤمنون/ 112-114.
إذا حاولنا أن نرجع إلى الخصائص المشتركة بين هذه الظواهر الزمنية، بالنظر إلى عناصر كل ظاهرة، فإننا نلاحظ ما يلي:
الجدول المقارَن للعناصر الزمنية:
العنصر وجوده في هذه الآيات
الشيء المتزمن الكفار في عموم الآيات
المقدار الزمني مقداران: زمن حقيقي (عمر الكافر)، ومن مقدّر
الوحدة اليوم، السنة، الساعة، العشي، الضحى
المجال أو (السلَّم) الزمن الأرضي
الحركة اللبث في الدنيا
فالأمر المختلف فيه هو المقدار الزمني، وسبب اختلافه هو تقدير الانسان لحجمه تقديراً نفسياً لا حقيقياً.
ومجمل الآيات تسعفنا في تحديد مفهوم الزمن النفسي، وتفصيلها كالآتي:
1 ـ يوماً ثقيلاً: موضوع الآيات الأولى هو يوم الحساب، فطول هذا اليوم مقارناً بالزمن الأرضي هو خمسون ألف سنة، فالمدة التي يقضيها المؤمن والكافر في هذا اليوم العصيب هي نفس المدة، ولكن الإحساس بها، وتقدير طولها وقصرها يختلف بينهما اختلافاً شديداً.
فالمؤمن يراه يوماً قريباً قصير المدة، أما الكافر فيثقل عليه ثقلاً شديداً، فهو يستطيل (ذلك اليوم لشدته) وهوله.
ويفسر هذا المعنى حديث رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري قال: قيل لرسول الله (ص): يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة، ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا).
وإمعاناً في الدلالة على طول هذا اليوم على الكافر، وفي التعبير على شدته عليه استعمل القرآن الكريم لفظ (الثقل)، مع أن العادة أن يقال: زمن طويل أو قصير، لا ثقيل أو خفيف.
والحق أن القرآن في قوله تعالى: (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً) الانسان/ 27، قد استعار الثقل لشدة اليوم وهوله، ولعظم وقعه على نفس الكافر، فهو ثقيل ثقلاً معنوياً على نفسه، لا ثقلاً حسياً على جسده.
وقد وصف الزمن ـ كذلك ـ بالثقل في قوله تعالى: (ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة) الأعراف/ 187، وهذا الثقل في (الساعة) إنما هو لفقد العلم بها: (فإن المجهول ثقيل على النفس، ولا سيما إذا كان عظيماً).
وقد أثبتت أحدث الدراسات الزمنية أن الوقت لا يمر عندما نكون قلقين، ويمر بسرعة هائلة في ساعات الفرح والسرور والنعيم، وهذا المعنى يعرفه الناس بالمراس والإحساس، ونقرأه في مصادر الأدب منذ القديم، ومن ذلك قول الشاعر:
أعوام وصلٍ كان يُنسى طولها
ذكرى النوى فكأنها أيام
ثم انبرت أيام هجرٍ أردفت
جوي أسى فكأنها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها
فكأنها وكأنهم أحلام
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
والذي أضافته هذه الدراسات هو أن الثقل يسببه معامل بيوكميائي (Facteur biochimique) يؤثر في الإحساس، إذ إن الإحباط يفرز مواد تحدث خللاً في التوازن الكيمائي للجسد، فيشعر بالتالي بثقل الوقت عليه.
وهذا ـ بالطبع ـ لا يعني إنكار الجانب النفسي في الانسان، وأنه يقدّر الأشياء، ويميل إليها أو ينكرها، تبعاً للشعور النفسي.
وأضاف المتخصص المعاصر في الدراسات الزمنية إدوارد هول (Hall) في تفسير هذه الظاهرة: ان الساعة الخارجية والساعة الداخلية ـ البيولوجية ـ للانسان تسيران في إيقاع متزن، وفي حالة القلق يختل الإيقاع فيشعر الانسان أن الوقت لا يمرُّ، وأنه ثقيل ومملّ.
وفي هذا المعنى تذكر دراسة حول الزمن والبرمجة أنه: (كلما أسرعت كلما تقلص الزمن. وإذا كنت خائفاً أو حزيناً فإن الزمن يمتد؛ أما إذا كنت فرحاً مسروراً فإنني أنسى الزمن).
وأي وقت أكثر ضيقاً وقلقاً وحسرة على الانسان الكافر من يوم الحساب، وهكذا لن يكون في الزمن أثقل على الانسان من هذا اليوم العصيب: (المُلك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً) الفرقان/ 26.
إذن هذا هو النوع الأول من أنواع الزمن النفسي، وفيه يحس الكافر بثقل الزمن، ويكون خفيفاً على المؤمن؛ أما النوع الثاني فهو خلاف الأول:
2 ـ ساعة من نهار: في مجمل الآيات الماضية من 4 إلى 9 نرى أن الكافرين يسألون أو يُسألون عن مدة لبثهم في الدنيا، فلا يقدرون حقيقتها، أما الذين يعلمون حقيقة هذه المدة فهم الذين أوتوا العلم من المؤمنين: (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) الروم/ 56.
فالكفار يظنون أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا (ساعة من نهار)، أو (قليلاً) من الوقت، أو (بعض يومٍ)، أو (عشية)، أو (ضحوة)، أو على أكثر التقديرات (يوماً) كاملاً من أيام الدنيا.
وهذا ـ بالطبع ـ لا يعني إنكار الجانب النفسي في الانسان، وأنه يقدّر الأشياء، ويميل إليها أو ينكرها، تبعاً للشعور النفسي.
وأضاف المتخصص المعاصر في الدراسات الزمنية إدوارد هول (Hall) في تفسير هذه الظاهرة: ان الساعة الخارجية والساعة الداخلية ـ البيولوجية ـ للانسان تسيران في إيقاع متزن، وفي حالة القلق يختل الإيقاع فيشعر الانسان أن الوقت لا يمرُّ، وأنه ثقيل ومملّ.
وفي هذا المعنى تذكر دراسة حول الزمن والبرمجة أنه: (كلما أسرعت كلما تقلص الزمن. وإذا كنت خائفاً أو حزيناً فإن الزمن يمتد؛ أما إذا كنت فرحاً مسروراً فإنني أنسى الزمن).
وأي وقت أكثر ضيقاً وقلقاً وحسرة على الانسان الكافر من يوم الحساب، وهكذا لن يكون في الزمن أثقل على الانسان من هذا اليوم العصيب: (المُلك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً) الفرقان/ 26.
إذن هذا هو النوع الأول من أنواع الزمن النفسي، وفيه يحس الكافر بثقل الزمن، ويكون خفيفاً على المؤمن؛ أما النوع الثاني فهو خلاف الأول:
2 ـ ساعة من نهار: في مجمل الآيات الماضية من 4 إلى 9 نرى أن الكافرين يسألون أو يُسألون عن مدة لبثهم في الدنيا، فلا يقدرون حقيقتها، أما الذين يعلمون حقيقة هذه المدة فهم الذين أوتوا العلم من المؤمنين: (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) الروم/ 56.
فالكفار يظنون أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا (ساعة من نهار)، أو (قليلاً) من الوقت، أو (بعض يومٍ)، أو (عشية)، أو (ضحوة)، أو على أكثر التقديرات (يوماً) كاملاً من أيام الدنيا.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
وهذا التقدير الخاطئ ما هو إلا ظن: (وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً)، فهو تقدير غير صائب، منشؤه الإحساس النفسي بالمرور السريع للأيام والليالي، والسنين والقرون والأعمار والآماد.
والذي جعل هذه الأزمنة تسرع كل هذا الإسراع هو كونهم كانوا في لهو ولعب: (ولئن سألتهم ليقولن إنما) بالحصر (كنا نخوض ونلعب) التوبة/ 65؛ (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا) الأعراف/ 51، (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) آل عمران/ 185.
وقد أثبتت دراسات ميدانية أن الغرائز والمشاعر الجنسية (Emotions) عندما تثار، فإنها تكون سبباً لتسارع زمني مهول، وقد أعطيت لهذا التسارع تفسيرات نفسانية وفزيولوجية وعصبية، ومهما يكن فإن الذين يقضي حياته كلها في بحر من الغرائز يحدث خللاً فاحشاً في تقدير الزمن، وهذا ما يفسر هروب الشباب والأحداث من وطأة المشاكل باللجوء إلى شتى أنواع الغرائز، حتى أكثرها حيوانية، والله تعالى يقول عن هؤلاء: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل) الفرقان/ 44، (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهب أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) الأعراف/ 175-176.
ومن مظاهر اللهو والعب: الضحكُ، الذي اتخذ علاجاً للقلق، إذ يعطي للمرء إحساساً بالسعادة، وبالتالي يخفف من وطأة الوقت الثقيل عليه، حتى يتسارع ويخفّ ويمرّ دون أثر يذكر. فلذلك كان قليله مطلوباً، وكثيره حراماً.
وفي الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب). وما موت القلب إلا جهل بمرور الوقت وبقيمته وقدره، وهروب من تبعات الحياة وآمالها وآلامها.
ولعل ما يقع في العالم اليوم من غزو وسائل الترفيه واللعب والمتعة المفرطة على حسب الجد والعلم والتحصيل، هو من قبيل هذا النوع من وسائل قتل الوقت، فهي تجعل من زمن الانسان هباء منثوراً، ثم تورثه يوم القيامة حسرة وثبورا.
وفي اللغة المستعملة ـ عند عامة الناس ـ دليل صريح على ذلك، فأنت عندما تسأل انساناً جالساً في ملهى أو مقهى: ماذا تفعل هنا؟ فإنه يجيبك: أنا أقتل وقتي.
إذن مجمل ما في هذا النوع من الزمن النفسي: أن الكافر لا يقدِّر عمره في الدنيا حق قدره، فالكفار وإن عاشوا مائة عام، أو حتى ألف عام فإنهم (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها).
والذي جعل هذه الأزمنة تسرع كل هذا الإسراع هو كونهم كانوا في لهو ولعب: (ولئن سألتهم ليقولن إنما) بالحصر (كنا نخوض ونلعب) التوبة/ 65؛ (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا) الأعراف/ 51، (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) آل عمران/ 185.
وقد أثبتت دراسات ميدانية أن الغرائز والمشاعر الجنسية (Emotions) عندما تثار، فإنها تكون سبباً لتسارع زمني مهول، وقد أعطيت لهذا التسارع تفسيرات نفسانية وفزيولوجية وعصبية، ومهما يكن فإن الذين يقضي حياته كلها في بحر من الغرائز يحدث خللاً فاحشاً في تقدير الزمن، وهذا ما يفسر هروب الشباب والأحداث من وطأة المشاكل باللجوء إلى شتى أنواع الغرائز، حتى أكثرها حيوانية، والله تعالى يقول عن هؤلاء: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل) الفرقان/ 44، (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهب أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) الأعراف/ 175-176.
ومن مظاهر اللهو والعب: الضحكُ، الذي اتخذ علاجاً للقلق، إذ يعطي للمرء إحساساً بالسعادة، وبالتالي يخفف من وطأة الوقت الثقيل عليه، حتى يتسارع ويخفّ ويمرّ دون أثر يذكر. فلذلك كان قليله مطلوباً، وكثيره حراماً.
وفي الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب). وما موت القلب إلا جهل بمرور الوقت وبقيمته وقدره، وهروب من تبعات الحياة وآمالها وآلامها.
ولعل ما يقع في العالم اليوم من غزو وسائل الترفيه واللعب والمتعة المفرطة على حسب الجد والعلم والتحصيل، هو من قبيل هذا النوع من وسائل قتل الوقت، فهي تجعل من زمن الانسان هباء منثوراً، ثم تورثه يوم القيامة حسرة وثبورا.
وفي اللغة المستعملة ـ عند عامة الناس ـ دليل صريح على ذلك، فأنت عندما تسأل انساناً جالساً في ملهى أو مقهى: ماذا تفعل هنا؟ فإنه يجيبك: أنا أقتل وقتي.
إذن مجمل ما في هذا النوع من الزمن النفسي: أن الكافر لا يقدِّر عمره في الدنيا حق قدره، فالكفار وإن عاشوا مائة عام، أو حتى ألف عام فإنهم (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها).
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
3 ـ تقلص الزمن: المظهر الثالث من مظاهر الزمن النفسي في القرآن الكريم هو تقلص الزمن في حالة الخطر، وبالضبط في حالة توقع الموت، وهذا التقلص كان مثار انتباه الباحثين في الدراسات الزمنية، حتى إنهم أثبتوا أن الموت عندما يحيط بانسان يجعله يستعرض شريط زمنه كاملاً في ثوان معدودة.
فبين القدر الحقيقي للزمن الذي عاشه في هذه الحادثة: بضع ثوان، والزمن الذي استعرضه: أعوام عديدة، ليس هناك أي تناسب رياضي، ومن ثم لا يمكن أن يعتبر هذا النوع من الزمن زمناً نسبياً بالمفهوم الفزيائي، بل هو نسبي بالمفهوم النفسي وفي مستوى الإحساس والشعور لا غير.
وفي القرآن الكريم آية تدعم هذا الحكم، وهي تصف لنا إحساس المشرك بالزمن حين حضور الوفاة، فهو يرى عمره كاملاً كأنه ساعة: (ويوم تقوم الساعة) وقد تكون ساعة خاصة أو ساعة عامة (يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة).
وفي آية سورة النازعات إضافة تتمثل في الفعل: 0يرى)، الذي يفيد تحقق الموت والهلاك: (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها).
إذن هذه هي مواصفات الزمن النفسي، هو كما يلاحظ غير الزمن المبارك، ويختلف عن الزمن النسبي كذلك بكونه زمناً ذاتياً، علاقته كاملة مع الإحساس والشعور والنفس والمجالات الذاتية، وليس مع المقاييس، والأحداث الكونية، والمجالات الموضوعية.
وفرق آخر بين الزمن النفسي والزمنين الآخرين هو أن الأول يوصف بالصدق والكذب، وبالخطأ والصواب، فيقال: صدق فلان في تقدير الفترة الفلانية، أو لم يصدق؛ ويقال: أخطأ أو أصاب. أما الزمن المبارك والزمن النسبي فلا يوصفان بالكذب، إذ هما زمنان حقيقيان ثابتان لا شك فيهما.
فبين القدر الحقيقي للزمن الذي عاشه في هذه الحادثة: بضع ثوان، والزمن الذي استعرضه: أعوام عديدة، ليس هناك أي تناسب رياضي، ومن ثم لا يمكن أن يعتبر هذا النوع من الزمن زمناً نسبياً بالمفهوم الفزيائي، بل هو نسبي بالمفهوم النفسي وفي مستوى الإحساس والشعور لا غير.
وفي القرآن الكريم آية تدعم هذا الحكم، وهي تصف لنا إحساس المشرك بالزمن حين حضور الوفاة، فهو يرى عمره كاملاً كأنه ساعة: (ويوم تقوم الساعة) وقد تكون ساعة خاصة أو ساعة عامة (يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة).
وفي آية سورة النازعات إضافة تتمثل في الفعل: 0يرى)، الذي يفيد تحقق الموت والهلاك: (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها).
إذن هذه هي مواصفات الزمن النفسي، هو كما يلاحظ غير الزمن المبارك، ويختلف عن الزمن النسبي كذلك بكونه زمناً ذاتياً، علاقته كاملة مع الإحساس والشعور والنفس والمجالات الذاتية، وليس مع المقاييس، والأحداث الكونية، والمجالات الموضوعية.
وفرق آخر بين الزمن النفسي والزمنين الآخرين هو أن الأول يوصف بالصدق والكذب، وبالخطأ والصواب، فيقال: صدق فلان في تقدير الفترة الفلانية، أو لم يصدق؛ ويقال: أخطأ أو أصاب. أما الزمن المبارك والزمن النسبي فلا يوصفان بالكذب، إذ هما زمنان حقيقيان ثابتان لا شك فيهما.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
شبهات حول المتشابه في القرآن، وتفنيدها
- الشبهة الأولى:
إن القول بأن الله لا جهة له، وأنه ليس فوقاً، ولا تحتاً، ولا يميناً ولا شمالاً يستلزم أن الله غير معبود؛ لأن هذه من صفات المعدوم؛ وإن التجرد من الإتصاف بهذه المتقابلات جملة أمر لا يوسم به إلا المعدوم، ومَن لم يتشرف بشرف الوجود.
تفنيد هذه الشبهة:
أولاً: من الخطأ الفادح أن يشبّه الله بمخلوقاته، وأن يوضع موضع المخلوق من حيث النسبة. فالله تعالى لا يشبه خلقه حتى نحكم عليه بما نحكم على مخلوقاته في وجوب أن تكون له جهات ما دام موجوداً. فوجود الله غير وجود المخلوق. فالله ليس مجسماً، وليس مادياً. ومن الخطأ أن يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي.
فالمادي هو الذي يجب أن يتصف بشيء من هذه المتقابلات بأن تكون له جهات ست أو جهة منها. أما غير المادي فترتفع عنه مثل هذه الصفات، ولا يمكن أن تكون له جهة من هذه الجهات. فالخالق لا يستوي أبداً مع خلقه في جريان أحكام الخلق على الخالق.
ونظير ذلك يمكننا القول: إذا صح، واتصف إنسان بأنه عالم أو جاهل، فإن الجماد كالجبل مثلاً لا يصح أن يتصف بالعلم أو الجهل، وهما مرتفعان عنه، بل وممتنعان عليه؛ لأن طبيعته تختلف عن طبيعة الإنسان. وكذلك لا يصح وصف الأرض بأنها بكر، أو متزوجة، أو أرملة؛ وكذلك لا يصح وصف السماء بأنها سميعة أو بصيرة، أو خرساء؛ وكذلك لا يصح وصف البحر بأنه بالغ أو راشد، أو محلاف. وهكذا تنتفي المتقابلات كلها بانتفاء قابلية المحل لها أياً كانت هذه المتقابلات. وهكذا فإن لكل محل، ولكل مخلوق طبيعة خاصة به تتصف بصفات خاصة، ولائقة بها. وهذه مخلوقة، ومادية فما بالك لو كان الأمر يتعلق بما هو خالق، وغير مخلوق، وغير مادي، وهو الله تعالى، فقياس الغائب على الشاهد فاسد، ومغلوط.
ثانياً: إذا كان أنصار هذه الشبهة يقررون ضرورة أن يكون لله جهات حتى يكون معبوداً، فإن السؤال الذي يطرح ذاته هذا: أين كان الله قبل أن يخلق العرش، والكرسي، والسماء، والأرض، وقبل أن يخلق الزمان، والمكان، وقبل أن تكون هناك جهات؟. فإن قالوا: لم يكن له جهة، ولا مكان، فقد اعترفوا بخطأ ادعائهم، وناقضوا أنفسهم، واعترفوا بحقيقة أن الله لا تحده جهة، ولا مكان، ولا زمان، وهو حي باق موجود يدبر أمور الحياة في السماء، والأرض. وإن قالوا: إن العالم قديم بقدم الله تعالى، فقد ناقضوا أنفسهم، واستجاروا من الرمضاء بالنار، وهنا يقتضي الحال الانتقال بهم إلى إثبات حدوث العالم.
- الشبهة الأولى:
إن القول بأن الله لا جهة له، وأنه ليس فوقاً، ولا تحتاً، ولا يميناً ولا شمالاً يستلزم أن الله غير معبود؛ لأن هذه من صفات المعدوم؛ وإن التجرد من الإتصاف بهذه المتقابلات جملة أمر لا يوسم به إلا المعدوم، ومَن لم يتشرف بشرف الوجود.
تفنيد هذه الشبهة:
أولاً: من الخطأ الفادح أن يشبّه الله بمخلوقاته، وأن يوضع موضع المخلوق من حيث النسبة. فالله تعالى لا يشبه خلقه حتى نحكم عليه بما نحكم على مخلوقاته في وجوب أن تكون له جهات ما دام موجوداً. فوجود الله غير وجود المخلوق. فالله ليس مجسماً، وليس مادياً. ومن الخطأ أن يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي.
فالمادي هو الذي يجب أن يتصف بشيء من هذه المتقابلات بأن تكون له جهات ست أو جهة منها. أما غير المادي فترتفع عنه مثل هذه الصفات، ولا يمكن أن تكون له جهة من هذه الجهات. فالخالق لا يستوي أبداً مع خلقه في جريان أحكام الخلق على الخالق.
ونظير ذلك يمكننا القول: إذا صح، واتصف إنسان بأنه عالم أو جاهل، فإن الجماد كالجبل مثلاً لا يصح أن يتصف بالعلم أو الجهل، وهما مرتفعان عنه، بل وممتنعان عليه؛ لأن طبيعته تختلف عن طبيعة الإنسان. وكذلك لا يصح وصف الأرض بأنها بكر، أو متزوجة، أو أرملة؛ وكذلك لا يصح وصف السماء بأنها سميعة أو بصيرة، أو خرساء؛ وكذلك لا يصح وصف البحر بأنه بالغ أو راشد، أو محلاف. وهكذا تنتفي المتقابلات كلها بانتفاء قابلية المحل لها أياً كانت هذه المتقابلات. وهكذا فإن لكل محل، ولكل مخلوق طبيعة خاصة به تتصف بصفات خاصة، ولائقة بها. وهذه مخلوقة، ومادية فما بالك لو كان الأمر يتعلق بما هو خالق، وغير مخلوق، وغير مادي، وهو الله تعالى، فقياس الغائب على الشاهد فاسد، ومغلوط.
ثانياً: إذا كان أنصار هذه الشبهة يقررون ضرورة أن يكون لله جهات حتى يكون معبوداً، فإن السؤال الذي يطرح ذاته هذا: أين كان الله قبل أن يخلق العرش، والكرسي، والسماء، والأرض، وقبل أن يخلق الزمان، والمكان، وقبل أن تكون هناك جهات؟. فإن قالوا: لم يكن له جهة، ولا مكان، فقد اعترفوا بخطأ ادعائهم، وناقضوا أنفسهم، واعترفوا بحقيقة أن الله لا تحده جهة، ولا مكان، ولا زمان، وهو حي باق موجود يدبر أمور الحياة في السماء، والأرض. وإن قالوا: إن العالم قديم بقدم الله تعالى، فقد ناقضوا أنفسهم، واستجاروا من الرمضاء بالنار، وهنا يقتضي الحال الانتقال بهم إلى إثبات حدوث العالم.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
ثالثاً: لا يجوز الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها كما يبدو عند أنصار هذه الشبهة مما أوقعهم في لبس، تناقض غريب. فهم لا يستطيعون أن يوفقوا بين قوله تعالى: (أأمنتم مَن في السماء) مع قوله: (وهو الله في السموات وفي الأرض). فهل هو في السماء حقيقة، أم في الأرض حقيقة، أم فيهما معاً حقيقة؟!. فإن قالوا: إنه في الأرض وحدها حقيقة، فكيف تكون له جهة فوق؟! وإذا كان في السماء وحدها حقيقة، فكيف تكون له جهة تحت؟! وإن قالوا: إنه في السماء، والأرض معاً حقيقة، فلماذا يقال: إن له جهة فوق، ولا يقال له جهة تهت؟! ولماذا يشار إليه فوق، ولا يشار إليه تحت؟!
ناهيك عن التذكير بأن الجهات أمور نسبية، فما هو فوق بالنسبة إلينا قد يكون تحت بالنسبة لغيرنا.
رابعاً: إن الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها أعجز أنصار هذه الشبهة عن تفسير كثير من التساؤلات. فإذا كان الله تعالى يقول: (يد الله فوق أيديهم) بإفرادها، ويقول: (لما خلقت بيدي) بتثنيتها، ويقول: (والسماء بنيناها بأييد) بجمعها، فهم يعجزون عن الإجابة على ما يوجه إليهم من التساؤلات، والتي منها: هل له يد واحدة بناءً على الآية الأولى؟! أم له يدان اثنتان بناء على الآية الثانية؟! أم له أيد كثيرة بناء على الآية الثالثة؟!
خامساً: إن الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها أعجز أنصار هذه الشبهة عن تفسير كثير من الوقائع، والظواهر، وأدى بهم إلى شواهد البلبلة، والتناقض.
فقد روى البخاري، ومسلم، وغيرهما أن رسول الله (ص) قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني؟ فأستجيب له؟ مَن يسألني، فأعطيه؟ مَن يستغفرني، فأغفر له؟)).
فكيف يؤخذ بظاهر هذا الخبر مع أن الليل مختلف في البلاد باختلاف المشارق، والمغارب؟! وإذا كان الله ينزل لأهل كل أفق نزولاً حقيقياً في ثلث ليلهم الأخير فمتى يستوي على عرشه حقيقة كما يقولون؟! ومتى يكون في السماء حقيقة كما يقولون؟! مع أن الأرض لا تخلو من الليل في وقت من الأوقات، ولا ساعة من الساعات كما هو ثابت، وأكيد.
سادساً: يرد على أنصار هذه الشبهة بما قاله حجة الاسلام أبو حامد الغزالي: ((نقول للمتشبث بظواهر الألفاظ: إن كان نزوله من السماء الدنيا ليسمعنا نداءه، فأي فائدة في نزوله؟! ولقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك، وهو على العرش أو على السماء العليا. فلابد أن يكون ظاهر النزول غير مراد، وأن المراد به شيء آخر غير ظاهره. وهل هذا إلا مثل مَن يريد، وهو بالمشرق، إسماع شخص في المغرب، فتقدم إلى المغرب بخطوات معدودة، وأخذ يناديه، وهو يعلم أنه لا يسمع نداءه، فيكون نقله الأقدام عملاً باطلاً، وسعيه نحو المغرب عبثاً صرفاً فلا فائدة فيه، وكيف يستقر مثل هذا في قلب عاقل)).
ناهيك عن التذكير بأن الجهات أمور نسبية، فما هو فوق بالنسبة إلينا قد يكون تحت بالنسبة لغيرنا.
رابعاً: إن الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها أعجز أنصار هذه الشبهة عن تفسير كثير من التساؤلات. فإذا كان الله تعالى يقول: (يد الله فوق أيديهم) بإفرادها، ويقول: (لما خلقت بيدي) بتثنيتها، ويقول: (والسماء بنيناها بأييد) بجمعها، فهم يعجزون عن الإجابة على ما يوجه إليهم من التساؤلات، والتي منها: هل له يد واحدة بناءً على الآية الأولى؟! أم له يدان اثنتان بناء على الآية الثانية؟! أم له أيد كثيرة بناء على الآية الثالثة؟!
خامساً: إن الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها أعجز أنصار هذه الشبهة عن تفسير كثير من الوقائع، والظواهر، وأدى بهم إلى شواهد البلبلة، والتناقض.
فقد روى البخاري، ومسلم، وغيرهما أن رسول الله (ص) قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني؟ فأستجيب له؟ مَن يسألني، فأعطيه؟ مَن يستغفرني، فأغفر له؟)).
فكيف يؤخذ بظاهر هذا الخبر مع أن الليل مختلف في البلاد باختلاف المشارق، والمغارب؟! وإذا كان الله ينزل لأهل كل أفق نزولاً حقيقياً في ثلث ليلهم الأخير فمتى يستوي على عرشه حقيقة كما يقولون؟! ومتى يكون في السماء حقيقة كما يقولون؟! مع أن الأرض لا تخلو من الليل في وقت من الأوقات، ولا ساعة من الساعات كما هو ثابت، وأكيد.
سادساً: يرد على أنصار هذه الشبهة بما قاله حجة الاسلام أبو حامد الغزالي: ((نقول للمتشبث بظواهر الألفاظ: إن كان نزوله من السماء الدنيا ليسمعنا نداءه، فأي فائدة في نزوله؟! ولقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك، وهو على العرش أو على السماء العليا. فلابد أن يكون ظاهر النزول غير مراد، وأن المراد به شيء آخر غير ظاهره. وهل هذا إلا مثل مَن يريد، وهو بالمشرق، إسماع شخص في المغرب، فتقدم إلى المغرب بخطوات معدودة، وأخذ يناديه، وهو يعلم أنه لا يسمع نداءه، فيكون نقله الأقدام عملاً باطلاً، وسعيه نحو المغرب عبثاً صرفاً فلا فائدة فيه، وكيف يستقر مثل هذا في قلب عاقل)).
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
- الشبهة الثانية:
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى الترجيح بين الآيات القرآنية ترجيحاً مذهبياً يشوبه التعصب، وينتابه الضعف، والخفاء.
نقل السيوطي عن الإمام فخر الدين الرازي أنه قال: ((من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات))، وقال: إنكم تقولون: إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة، ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه. فالجبري متمسك بآيات الجبر، كقوله تعالى: (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً) الكهف/ 57.
والقدري يقول: هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى عنهم ذلك في معرض الذم في قوله تعالى: (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر).
وفي موضع آخر: (وقالوا قلوبنا غلف) البقرة/ 88. ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) الأنعام/ 103. ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) النحل/ 50. (الرحمن على العرش استوى) طه/ 5. والثاني متمسك بقوله تعالى: (ليس كمثله شيء) الشورى/ 11. ثم يسمي كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة، والآيات المخالفة متشابهة، وإنما آل في ترجيح بعضها على بعض إلى ترجيحات خفية، ووجوه ضعيفة، فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذي هو المرجوع إليه في كل الدين إلى يوم القيامة هكذا؟!.
تفنيد هذه الشبهة:
إن نسبة بعض أفعال الجوارح لله تعالى كالبصر، والإدراك، والاستواء، والرؤية، لا تعني تشبيه الله الخالق بمخلوقاته أو تجسيمه وإنما الغرض من ذلك التقريب للأفهام، والتنبيه للعقول، والتأنيس للقلوب.
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى الترجيح بين الآيات القرآنية ترجيحاً مذهبياً يشوبه التعصب، وينتابه الضعف، والخفاء.
نقل السيوطي عن الإمام فخر الدين الرازي أنه قال: ((من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات))، وقال: إنكم تقولون: إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة، ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه. فالجبري متمسك بآيات الجبر، كقوله تعالى: (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً) الكهف/ 57.
والقدري يقول: هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى عنهم ذلك في معرض الذم في قوله تعالى: (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر).
وفي موضع آخر: (وقالوا قلوبنا غلف) البقرة/ 88. ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) الأنعام/ 103. ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) النحل/ 50. (الرحمن على العرش استوى) طه/ 5. والثاني متمسك بقوله تعالى: (ليس كمثله شيء) الشورى/ 11. ثم يسمي كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة، والآيات المخالفة متشابهة، وإنما آل في ترجيح بعضها على بعض إلى ترجيحات خفية، ووجوه ضعيفة، فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذي هو المرجوع إليه في كل الدين إلى يوم القيامة هكذا؟!.
تفنيد هذه الشبهة:
إن نسبة بعض أفعال الجوارح لله تعالى كالبصر، والإدراك، والاستواء، والرؤية، لا تعني تشبيه الله الخالق بمخلوقاته أو تجسيمه وإنما الغرض من ذلك التقريب للأفهام، والتنبيه للعقول، والتأنيس للقلوب.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
ويمكن تفنيد هذه الشبهة بالقول: بأن لوقوع المتشابه فوائد، منها: أنه يوجب مزيداً من المشقة في الوصول إلى المراد، وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب.
ويمكن تفنيد هذه الشبهة بما ذكره ابن اللبان في مقدمة كتابه: ((رد الآيات المتشابهات إلى الآيات المحكمات))، إذ قال ما خلاصته: ((ليس في الوجود فاعل إلا الله وأفعال العباد منسوبة الوجود إليه تعالى بلا شريك، ولا معين؛ فهي في الحقيقة فعله، وله بها عليهم الحجة مصداق قوله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). ومن المعلوم أن أفعال العباد لابد فيها من توسط الجوارح مع أنها منسوبة إليه تعالى، وبذلك يعلم أن لصفاته تعالى في تجلياتها مظهرين: مظهر عبادي منسوب لعباده، وهو الصور، والجوارح الجثمانية. ومظهر حقيقي منسوب إليه، وقد أجرى عليه أسماء المظاهر العبادية المنسوبة لعباده. على سبيل التقريب لأفهامهم، والتأنيس لقلوبهم. ولقد نبه في كتابه تعالى على القسمين، وأنه منزه عن الجوارح في الحالين، فنبه على الأول بقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم). فهذا يفيد أن كل ما يظهر على أيدي العباد، فهو منسوب إلى الله تعالى. ونبه على الثاني بقوله فيما أخبر عنه نبيه (ص) في صحيح مسلم: ((لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)).
وقد حقق الله ذلك لنبيه بقوله: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)، وبقوله: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
وبهذا يفهم ما جاء من الجوارح منسوباً إليه تعالى، فلا يفهم من نسبتها إليه تشبيه، ولا تجسيم؛ ولكن الغرض من ذلك التقرب للأفهام، والتأنيس للقلوب. والواجب سلوكه إنما هو رد المتشابه إلى المحكم على القواعد اللغوية، وعلى مواضعات العرب، وعلى ما كان يفهمه الصحابة، والتابعون من الكتاب والسنة.
ويمكن تفنيد هذه الشبهة بما ذكره ابن اللبان في مقدمة كتابه: ((رد الآيات المتشابهات إلى الآيات المحكمات))، إذ قال ما خلاصته: ((ليس في الوجود فاعل إلا الله وأفعال العباد منسوبة الوجود إليه تعالى بلا شريك، ولا معين؛ فهي في الحقيقة فعله، وله بها عليهم الحجة مصداق قوله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). ومن المعلوم أن أفعال العباد لابد فيها من توسط الجوارح مع أنها منسوبة إليه تعالى، وبذلك يعلم أن لصفاته تعالى في تجلياتها مظهرين: مظهر عبادي منسوب لعباده، وهو الصور، والجوارح الجثمانية. ومظهر حقيقي منسوب إليه، وقد أجرى عليه أسماء المظاهر العبادية المنسوبة لعباده. على سبيل التقريب لأفهامهم، والتأنيس لقلوبهم. ولقد نبه في كتابه تعالى على القسمين، وأنه منزه عن الجوارح في الحالين، فنبه على الأول بقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم). فهذا يفيد أن كل ما يظهر على أيدي العباد، فهو منسوب إلى الله تعالى. ونبه على الثاني بقوله فيما أخبر عنه نبيه (ص) في صحيح مسلم: ((لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)).
وقد حقق الله ذلك لنبيه بقوله: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)، وبقوله: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
وبهذا يفهم ما جاء من الجوارح منسوباً إليه تعالى، فلا يفهم من نسبتها إليه تشبيه، ولا تجسيم؛ ولكن الغرض من ذلك التقرب للأفهام، والتأنيس للقلوب. والواجب سلوكه إنما هو رد المتشابه إلى المحكم على القواعد اللغوية، وعلى مواضعات العرب، وعلى ما كان يفهمه الصحابة، والتابعون من الكتاب والسنة.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
- الشبهة الثالثة:
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى التساؤل عن ماهية الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده البيان، والهدى؟!
تفنيد هذه الشبهة:
إن الحكمة من القول بالمتشابه موجودة قطعاً. وهنا يفرّق بين المتشابه الذي يمكن علمه، والمتشابه الذي لا يمكن علمه. فالمتشابه الذي يمكن علمه، فالحكمة من وجوده يتمثل في حفزه العلماء، والفقهاء والدارسين على التبحر في العلم، والوقوف على موضوعاته، وجزئياته، والغوص في دقائقه، والإحاطة بخواصه.
وتتمثل حكمة المتشابه أيضاً في إظهار منازل الناس، وتكريس شواهد التفاضل، وتبيين درجات التفاوت منهم؛ نظراً لأنه لو كان القرآن كلّه محكماً، لما احتاج إلى التأويل، والبحث، ومن ثم لاستوت منازل الناس، ودرجاتهم، ومن ثم لم يظهر فضل العالم الباحث المفسر المؤول عن غيره من العوام. أما المتشابه الذي لا يمكن علمه أي الذي استأثره الله بعلمه، فحكمته تتجلى في ابتلاء العباد بالاستسلام لله، والأخذ به، والتفويض، والتوقف فيه لله تعالى، ومن ثم التعبد به تلاوة كالمنسوخ حكماً دون التلاوة؛ فقد بقي قرآناً يتعبد به تلاوة نثاب عليها، وبالتالي فإن حكمة هذا المتشابه تتمثل في أمر آخر هو إثبات إعجاز القرآن البياني حيث إنه أعجز من نزل القرآن بلغتهم، وبيانهم، ومع ذلك أفحمهم، فعجزوا عن فهم معناه، والوقوف على حقيقته، مما يؤصل بالتالي حقيقة الألوهية للقرآن، وأنه كلاما لله العربي المعجز، وفي أقصر سورة منه.
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى التساؤل عن ماهية الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده البيان، والهدى؟!
تفنيد هذه الشبهة:
إن الحكمة من القول بالمتشابه موجودة قطعاً. وهنا يفرّق بين المتشابه الذي يمكن علمه، والمتشابه الذي لا يمكن علمه. فالمتشابه الذي يمكن علمه، فالحكمة من وجوده يتمثل في حفزه العلماء، والفقهاء والدارسين على التبحر في العلم، والوقوف على موضوعاته، وجزئياته، والغوص في دقائقه، والإحاطة بخواصه.
وتتمثل حكمة المتشابه أيضاً في إظهار منازل الناس، وتكريس شواهد التفاضل، وتبيين درجات التفاوت منهم؛ نظراً لأنه لو كان القرآن كلّه محكماً، لما احتاج إلى التأويل، والبحث، ومن ثم لاستوت منازل الناس، ودرجاتهم، ومن ثم لم يظهر فضل العالم الباحث المفسر المؤول عن غيره من العوام. أما المتشابه الذي لا يمكن علمه أي الذي استأثره الله بعلمه، فحكمته تتجلى في ابتلاء العباد بالاستسلام لله، والأخذ به، والتفويض، والتوقف فيه لله تعالى، ومن ثم التعبد به تلاوة كالمنسوخ حكماً دون التلاوة؛ فقد بقي قرآناً يتعبد به تلاوة نثاب عليها، وبالتالي فإن حكمة هذا المتشابه تتمثل في أمر آخر هو إثبات إعجاز القرآن البياني حيث إنه أعجز من نزل القرآن بلغتهم، وبيانهم، ومع ذلك أفحمهم، فعجزوا عن فهم معناه، والوقوف على حقيقته، مما يؤصل بالتالي حقيقة الألوهية للقرآن، وأنه كلاما لله العربي المعجز، وفي أقصر سورة منه.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
الشبهة الرابعة:
إن القول بالمتشابه يقود إلى السؤال التالي: (هل للمحكم مزية على المتشابه أولاً؟! فإن قلتم بالثاني، فهو خلاف الإجماع، وإلا فقد نقضتم أصلكم في أن جميع كلامه سبحانه سواء، وأنه منزل بالحكمة).
تفنيد هذه الشبهة:
وقد أجاب أبو عبدالله النكربازي على هذه الشبهة بقوله: بأن المحكم كالمتشابه من وجه، ويخالفه من وجه، فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع، وأنه لا يختار القبيح.
ويختلفان في أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه الواحد، فمن سمعه، أمكنه أن يستدل به في الحال. والمتشابه يحتاج إلى فكرة ونظر ليحمله على الوجه المطابق؛ ولأن المحكم أصل، والعلم بالأصل أسبق؛ ولأن المحكم يعلم مفصلاً، والمتشابه لا يعلم إلا مجملاً.
وقد ردّ الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني على هذه الشبهة بقوله: ويمكن دفع هذه الشبهة بوجه أقرب: وهو أن المحكم له مزية على المتشابه؛ لأنه بنص القرآن هو أم الكتاب؛ والاعتراض بأن هذا ينقض الأصل المجمع عليه، وهو أن جميع كلامه سبحانه سواء، وأنه منزل بالحكمة: الاعتراض بهذا ساقط من أساسه؛ لأن المساواة بين كلام الله إنما في خصائص القرآن العامة: ككونه منزلاً على النبي (ص) بالحق وبالحكمة، وكونه متعبداً بتلاوته، ومتحدياً بأقصر سورة منه، ومكتوباً في المصاحف، ومنقولاً بالتواتر، ومحرماً حمله، ومسّه على الجنب، ونحو ذلك. والمساواة في هذه الخصائص لا تنافي ذلك الامتياز الذي امتازت به المحكمات. وكيف يتصور التنافي على حين أن كلاً من المحكم والمتشابه له حكمه، وله مزاياه؟! فمزية المحكم أنه أم الكتاب إليه ترد المتشابهات، ومزية المتشابه أنه محك الاختبار، والابتلاء، ومجال التسابق والاجتهاد، إلى غير ذلك من الفوائد الأخرى.
ثم كيف يتصور هذا التنافي، والقرآن كله مختلف باختلاف موضوعاته وأحواله، فمنه: عقائد، وأحكام، وأوامر، ونواهي، وعبادات، وقصص، وتنبؤات، ووعد، ووعيد، وناسخ، ومنسوخ. ولا ريب أن كل نوع من هذه الأنواع له مزيته، أو خاصته التي غاير بها الآخر، وإن اشترك الجميع بعد ذلك في أنها كلها أجزاء للقرآن، متساوية في القرنية، وخصائصها العامة.
وخلاصة الجواب: ((أن امتياز المحكم على المتشابه في أمور، ومساواته إياه في أمور أخرى، فلا تعارضن ولا تناقض، كما أن كل عضو من أعضاء جسم الانسان له مزيته، وخاصته التي صار بها عضواً، والكل بعد ذلك يساوي الآخر في أنه جزء للانسان في خصائصه العامة من حسن، وحياة)).
- ا لشبهة الخامسة:
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى التأويل، وهو اتباع المتشابهات بالتأويل. فإن الناظر في موقف السلف، والخلف من المتشابه، يجزم بأنهم جميعاً مؤولون لأنهم صرفوا ألفاظ المتشابهات عن ظواهرها؛ وصرفها عن ظواهرها تأويل لها. وبذلك فإنهم مؤولون وقعوا جميعاً فيما نهى الله عنه، وهو اتباع المتشابهات بالتأويل، حيث وصفهم الله تعالى بأن في قلوبهم زيغاً، فقال تعالى في الآية السابقة: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) آل عمران/ 7.
تفنيد هذه الشبهة:
وننقل هنا ما قاله الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني في الرد على أصحاب هذه الشبهة.
أولاً: إن القول بكون السلف، والخلف مجمعين على تأويل المتشابه قول له وجه من الصحة لكن بحسب المعنى اللغوي، أو ما يقرب من المعنى اللغوي. أما بحسب الاصطلاح السائد فلا؛ لأن السلف، وإن وافقوا الخلف في التأويل، فقد خالفوهم في تعيين المعنى المراد باللفظ بعد صرفه عن ظاهره، وذهبوا إلى التفويض المحض بالنسبة إلى هذا التعيين. أما الخلف فركبوا متن التأويل إلى هذا التعيين.
ثانياً: إن القول بأن السلف، والخلف جميعاً وقعوا بتصرفهم السابق فيما نهى الله عنه قول خاطئ، واستدلالهم عليه بالآية المذكورة استدلال فاسد؛ لأن النهي فيها إنما هو عن التأويل الآثم الناشئ عن الزيغ، واتباع الهوى بقرينة قوله سبحانه: (فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي ميل عن الاستقامة، والجهة إلى الهوى، والشهوة. أما التأويل القائم على تحكيم البراهين القاطعة، واتباع الهداية الراشدة، فليس من هذا القبيل الذي حظره الله تعالى، وحرمه. وكيف ينهانا عنه، وقد أمرنا به ضمناً بايجاب ردّ المتشابهات إلى المحكمات؛ إذ جعل هذه المحكمات هي أم الكتاب على ما سبق بيانه، ثم كيف يكون مثل هذا التأويل الراشد محرماً، وقد دعا به الرسول (ص)، فقال في الحديث المشهور: (اللهم فقهه في الدين، وعلّمه التأويل).
وخلاصة هذا: أن الله أرشدنا في الآية إلى نوع من التأويل، وهو ما يكون به ردّ المتشابهات إلى المحكمات، ثم نهانا عن نوع آخر منه، وهو ما كان ناشئاً عن الهوى، والشهوة لا على البرهان، والحجة قصداً إلى الضلال والفتنة، وهما لونان مختلفان، وضربان بعيدان بينهما برزخ لا يبغيان.
إن القول بالمتشابه يقود إلى السؤال التالي: (هل للمحكم مزية على المتشابه أولاً؟! فإن قلتم بالثاني، فهو خلاف الإجماع، وإلا فقد نقضتم أصلكم في أن جميع كلامه سبحانه سواء، وأنه منزل بالحكمة).
تفنيد هذه الشبهة:
وقد أجاب أبو عبدالله النكربازي على هذه الشبهة بقوله: بأن المحكم كالمتشابه من وجه، ويخالفه من وجه، فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع، وأنه لا يختار القبيح.
ويختلفان في أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه الواحد، فمن سمعه، أمكنه أن يستدل به في الحال. والمتشابه يحتاج إلى فكرة ونظر ليحمله على الوجه المطابق؛ ولأن المحكم أصل، والعلم بالأصل أسبق؛ ولأن المحكم يعلم مفصلاً، والمتشابه لا يعلم إلا مجملاً.
وقد ردّ الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني على هذه الشبهة بقوله: ويمكن دفع هذه الشبهة بوجه أقرب: وهو أن المحكم له مزية على المتشابه؛ لأنه بنص القرآن هو أم الكتاب؛ والاعتراض بأن هذا ينقض الأصل المجمع عليه، وهو أن جميع كلامه سبحانه سواء، وأنه منزل بالحكمة: الاعتراض بهذا ساقط من أساسه؛ لأن المساواة بين كلام الله إنما في خصائص القرآن العامة: ككونه منزلاً على النبي (ص) بالحق وبالحكمة، وكونه متعبداً بتلاوته، ومتحدياً بأقصر سورة منه، ومكتوباً في المصاحف، ومنقولاً بالتواتر، ومحرماً حمله، ومسّه على الجنب، ونحو ذلك. والمساواة في هذه الخصائص لا تنافي ذلك الامتياز الذي امتازت به المحكمات. وكيف يتصور التنافي على حين أن كلاً من المحكم والمتشابه له حكمه، وله مزاياه؟! فمزية المحكم أنه أم الكتاب إليه ترد المتشابهات، ومزية المتشابه أنه محك الاختبار، والابتلاء، ومجال التسابق والاجتهاد، إلى غير ذلك من الفوائد الأخرى.
ثم كيف يتصور هذا التنافي، والقرآن كله مختلف باختلاف موضوعاته وأحواله، فمنه: عقائد، وأحكام، وأوامر، ونواهي، وعبادات، وقصص، وتنبؤات، ووعد، ووعيد، وناسخ، ومنسوخ. ولا ريب أن كل نوع من هذه الأنواع له مزيته، أو خاصته التي غاير بها الآخر، وإن اشترك الجميع بعد ذلك في أنها كلها أجزاء للقرآن، متساوية في القرنية، وخصائصها العامة.
وخلاصة الجواب: ((أن امتياز المحكم على المتشابه في أمور، ومساواته إياه في أمور أخرى، فلا تعارضن ولا تناقض، كما أن كل عضو من أعضاء جسم الانسان له مزيته، وخاصته التي صار بها عضواً، والكل بعد ذلك يساوي الآخر في أنه جزء للانسان في خصائصه العامة من حسن، وحياة)).
- ا لشبهة الخامسة:
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى التأويل، وهو اتباع المتشابهات بالتأويل. فإن الناظر في موقف السلف، والخلف من المتشابه، يجزم بأنهم جميعاً مؤولون لأنهم صرفوا ألفاظ المتشابهات عن ظواهرها؛ وصرفها عن ظواهرها تأويل لها. وبذلك فإنهم مؤولون وقعوا جميعاً فيما نهى الله عنه، وهو اتباع المتشابهات بالتأويل، حيث وصفهم الله تعالى بأن في قلوبهم زيغاً، فقال تعالى في الآية السابقة: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) آل عمران/ 7.
تفنيد هذه الشبهة:
وننقل هنا ما قاله الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني في الرد على أصحاب هذه الشبهة.
أولاً: إن القول بكون السلف، والخلف مجمعين على تأويل المتشابه قول له وجه من الصحة لكن بحسب المعنى اللغوي، أو ما يقرب من المعنى اللغوي. أما بحسب الاصطلاح السائد فلا؛ لأن السلف، وإن وافقوا الخلف في التأويل، فقد خالفوهم في تعيين المعنى المراد باللفظ بعد صرفه عن ظاهره، وذهبوا إلى التفويض المحض بالنسبة إلى هذا التعيين. أما الخلف فركبوا متن التأويل إلى هذا التعيين.
ثانياً: إن القول بأن السلف، والخلف جميعاً وقعوا بتصرفهم السابق فيما نهى الله عنه قول خاطئ، واستدلالهم عليه بالآية المذكورة استدلال فاسد؛ لأن النهي فيها إنما هو عن التأويل الآثم الناشئ عن الزيغ، واتباع الهوى بقرينة قوله سبحانه: (فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي ميل عن الاستقامة، والجهة إلى الهوى، والشهوة. أما التأويل القائم على تحكيم البراهين القاطعة، واتباع الهداية الراشدة، فليس من هذا القبيل الذي حظره الله تعالى، وحرمه. وكيف ينهانا عنه، وقد أمرنا به ضمناً بايجاب ردّ المتشابهات إلى المحكمات؛ إذ جعل هذه المحكمات هي أم الكتاب على ما سبق بيانه، ثم كيف يكون مثل هذا التأويل الراشد محرماً، وقد دعا به الرسول (ص)، فقال في الحديث المشهور: (اللهم فقهه في الدين، وعلّمه التأويل).
وخلاصة هذا: أن الله أرشدنا في الآية إلى نوع من التأويل، وهو ما يكون به ردّ المتشابهات إلى المحكمات، ثم نهانا عن نوع آخر منه، وهو ما كان ناشئاً عن الهوى، والشهوة لا على البرهان، والحجة قصداً إلى الضلال والفتنة، وهما لونان مختلفان، وضربان بعيدان بينهما برزخ لا يبغيان.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
إذن، فمن لم يصرف لفظ المتشابه عن ظاهره الموهم للتشبيه أو المحال، فقد ضلّ كالظاهرية، والمشبهة. ومَن فسّر لفظ المتشابه تفسيراً بعيداً عن الحجة، والبرهان قائماً على الزيغ، والبهتان، فقد ضلّ أيضاً: كالباطنية، والإسماعيلية، وكلّ هؤلاء يقال فيهم: إنهم متبعون للمتشابه، ابتغاء الفتنة. أما مَن يؤول المتشابه أي يصرفه عن ظاهره بالحجة القاطعة لا طلباً للفتنة؛ ولكن منعاً لها، وتثبيتاً للناس على المعروف من دينهم ورداً لهم إلى محكمات الكتاب القائمة، وأعلامه الواضحة، فأولئك هم الهادون المهديون حقاً. وعلى ذلك درج سلف الأمة، وخلفها، وأئمتها، وعلماؤها.
روى البخاري عن سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس: ((إنني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ. قال: ما هو؟ قال: (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون)، وقال: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)، وقال: (ولا يكتمون الله حديثاً)، وقال: (قالوا والله ربنا ما كنا مشركين).
قال ابن عباس: فلا أنساب بينهم في النفخة الأولى، ولا يتساءلون. ثم في النفخة الثانية أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.. فأما قوله: (والله ربنا ما كنا مشركين) فإن الله يغفر لأهل الإخلاص من ذنوبهم، فيقول المشركون: تعالوا نقول ما كنا مشركين. فيختم الله على أفواههم، فتنطق جوارحهم بأعمالهم، فعند ذلك لا يكتمون الله حديثاً. إلى آخر الحديث)).
اللهم انفعنا بما علمتنا واهدنا الى صراتك المستقم يا ارحم الراحمين
روى البخاري عن سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس: ((إنني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ. قال: ما هو؟ قال: (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون)، وقال: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)، وقال: (ولا يكتمون الله حديثاً)، وقال: (قالوا والله ربنا ما كنا مشركين).
قال ابن عباس: فلا أنساب بينهم في النفخة الأولى، ولا يتساءلون. ثم في النفخة الثانية أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.. فأما قوله: (والله ربنا ما كنا مشركين) فإن الله يغفر لأهل الإخلاص من ذنوبهم، فيقول المشركون: تعالوا نقول ما كنا مشركين. فيختم الله على أفواههم، فتنطق جوارحهم بأعمالهم، فعند ذلك لا يكتمون الله حديثاً. إلى آخر الحديث)).
اللهم انفعنا بما علمتنا واهدنا الى صراتك المستقم يا ارحم الراحمين
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: أصل اللغات فى القرآن
اللهم انفعنا بما علمتنا واهدنا الى صراتك المستقم يا ارحم الراحمين
azzouzekadi- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 4081
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
رد: أصل اللغات فى القرآن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
مواضيع مماثلة
» تاريخ ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية
» سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بجميع اللغات, مواقع تشرح الإسلام بكل اللغات
» إذا حفظت من القرآن الكريم في اليوم ( آية واحدة فقط ) تحفظ القرآن كله
» حب القرآن.......
» أجمل اللغات التي لا تعرف الكذب
» سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بجميع اللغات, مواقع تشرح الإسلام بكل اللغات
» إذا حفظت من القرآن الكريم في اليوم ( آية واحدة فقط ) تحفظ القرآن كله
» حب القرآن.......
» أجمل اللغات التي لا تعرف الكذب
صفحة 3 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi
» لحدود ( المقدرة شرعاً )
الثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi
» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
الأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi
» لا اله الا الله
الأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi
» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
الثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi
» عيدكم مبارك
الإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi
» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
السبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi
» لاتغمض عينيك عند السجود
السبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi
» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
الخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi