المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ريانية العود | ||||
عادل لطفي | ||||
عذب الكلام | ||||
zineb | ||||
azzouzekadi | ||||
بريق الكلمة | ||||
TARKANO | ||||
ليليان عبد الصمد | ||||
ام الفداء | ||||
السنديانة |
بحـث
.ft11 {FONT-SIZE: 12px; COLOR: #ff0000; FONT-FAMILY: Tahoma,Verdana, Arial, Helvetica; BACKGROUND-COLOR: #eeffff}
.IslamicData
{ font-family: Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif;
font-size: 10pt; font-style: normal; line-height: normal; font-weight:
normal; font-variant: normal; color: #000000; text-decoration: none}
الساعة
عدد زوار المنتدى
قصة الإسلام في الفلبين وبورما وسنغافورة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصة الإسلام في الفلبين وبورما وسنغافورة
قصة الإسلام في الفلبين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أما الفلبين؛ التي تقع إلى الجنوب الشرقي من شواطئ الصين الجنوبية، وتمتدُّ من جزيرة تايوان الصينية حتى تصل تقريبًا إلى جزر الملوكا الإندونيسية؛ فهي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من قارة آسيا، حيث يحدُّها شمالاً جزيرة "فرموزا"، وجنوبًا جزيرة"بورنيو" إحدى جزر إندونيسيا، وغربًا بحر الصين، وشرقًا المحيط الهادي[1]، وكان اسم الفلبين في الماضي "مانبولاس"، حتى غزاها الإسبان وأطلقوا عليها الاسم الحالي، نسبة إلى فيليب الثاني ملك إسبانيا، وتتكوَّن الفلبين من حوالي 7107 جزيرة، بل إن عدد هذه الجزر يَزيد وينقص حسب حركة المدِّ والجَزْر، وهو ما يجعل عددًا كبيرًا من هذه الجُزُر غيرَ مأْهُولٍ بالسكان, وتبلغ نسبة المسلمين25% أما نسبتهم في جزيرتي مندناو وصولو فتبلغ 85%.
وقد وصل الإسلام إلى الفلبين عن طريق التجارة التي كانت تتمُّ عن طريق الملايو وإندونيسيا، وربما كان وصول أوائل المسلمين إلى تلك الجهات يعود إلى عام 270 هـ، ولمَّا وَجَدوا الأرض بكرًا وصالحة للدعوة بدأ الدعاة يَفِدون إليها، ثم انتقلوا إلى الجُزُر الوسطى في القرن الخامس، وبُني أوَّل مسجد في جُزُر صولو عام 679، وازداد إقبال الناس على الإسلام، ورافق ذلك زيادة في قدوم الدعاة، وكان الدعاة والتجار عربًا وهنودًا وماليزيين وإندونيسيين، ولم يأتِ القرن العاشر حتى كانت الجُزُر كلها تحت سيطرة إمارات مسلمة، أشهرها في الشمال إمارة "رجا سليمان"، التي كانت قاعدتها في مانيلا عاصمة البلاد الحالية، وهذا رغم قلَّة أعداد المسلمين في الشمال، أما في الجنوب فكان الحُكَّام المحلِّيُّون من المسلمين أيضًا، ويَتْبَعون سلطنة "صولو"[2].
الصليبيون أعداء الإسلام
وفي عام (927 هـ= 1521م) وصلت طلائع الصليبيين إلى تلك الجُزُر قادمة من الشرق بإمرة"ماجلان"، في محاولة لتطويق العالم الإسلامي[3].
فما أن وصل ماجلان حتى بدأ يعمل للنصرانية متَّخذًا طريق القوَّة أحيانًا بما يملك من أسلحة غير معروفة هناك، ومستعْمِلاً طريق الإغراء أحيانًا أخرى، وقد توصَّل إلى اتِّفاق مع "هومابون" حاكم جزيرة "سيبو" على أن يدخل هذا الحاكم في الديانة النصرانية الكاثوليكية مقابل أن يكون ملكًا على جميع الجُزُر تحت سلطة التاج الإسباني، ثم أخذ يتنقَّل إلى بقية الجزر للتمكين لصديقه أهومابون، وللدعوة للنصرانية.
فوصل إلى جزيرة صغيرة، هي جزيرة ماكتنان التي يحكمها حاكم مسلم يُدعى "لابو لابو"، فاستعمل الإسبان طريق الإرهاب؛ إذ أضرجوا النار في أكواخ السكان، وسطَوْا على الأرزاق والأموال، وطاردوا النساء.. فقاوم "لابو لابو" هذه الأعمال، وأخذته الحميَّة فرفض الاستسلام لماجلان، وحرَّض بقية الجُزُر على الغزاة، فهجم عليه "لابو لابو" وقَتَله، ورفض تسليم جثته للإسبان[4].
وبعد مقتل "ماجلان" أرسلت إسبانيا أربع حملات متتابعة باءت كلها بالفشل.
الاحتلال الإسباني للفلبين
وبعد إبادة هذه الحملات المتكرِّرة بدأ الغزو الإسباني (973هـ 1565م) فكانت حملة كبيرة استقرَّت في جزيرة "سيو"، حيث شُيِّدت قلعة حصينة لحماية الجند، وكانت تلك الجزيرة قاعدة لغزو بقية الجُزُر الأخرى، حتى استطاع أن يستولي على مملكة(راجا سليمان)، بعد قتل مرير عام (979هـ= 1571م)، وتهدَّمت مدينة مانيلا فأعاد الإسبان بناءها على أُسُس نصرانية[5].
وقد توالت الحملات الإسبانية على الجزر الشمالية والوسطى، فتساقطت الجُزُر واحدة تلو الأخرى بفعل الأسلحة الحديثة، التي لم تكن في يَدِ سكان هذه الجُزُر، واستمرَّت الحروب إلى آخر يوم انتهى فيها الحكم الإسباني عام 1898م للجزر الفلبينية، باستثناء منطقة "مورو"، التي أبت أن يحكمها التاج الإسباني ولو يومًا واحدًا طَوَال هذه الحِقبة الطويلة من الزمن، حوالي 333 عامًا قضاها هذا الشعب البطل في الدفاع عن سيادته وحُرِّيَّته وعقيدته[6].
الاحتلال الأمريكي للفلبين
وبعد أن دُمِّر الأسطول الإسباني في خليج "مانيلا" جرى اتِّفاق سرِّيٌّ بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يَقْضِي بانسحاب إسبانيا من تلك الجُزُر مقابل خمسة ملايين دولار تدفعها الولايات المتحدة لها، وانسحبت إسبانيا من الجُزُر بعد معارك تمثيلية، وعاد الحاكم العامُّ الإسباني من "هونغ كونغ"، وهو الجنرال" غويثالدو" ليعلن استقلال الفلبين عن إسبانيا، وقد تمَّت هذه الاتِّفاقية في باريس، ولما رفضها السكان، ورفضوا حُكْم الولايات المتحدة من خلال ثورة قاموا بها (1319 هـ= 1901م)، قضت أمريكا على الثورة، وعَدَّت البلاد إحدى ولاياتها[7].
واستمرَّت الحروب بين شعب المورو المسلم وبين أمريكا أربعين عامًا، ابتداءً من عام 1899م، ولم تنتهِ هذه الحروب حتى حقَّقت لأمريكا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها توقَّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية[8].
استقلال الفلبين
في أثناء الحرب العالمية الثانية احتَلَّت اليابان الفلبين عام (1360هـ= 1941م)، وطَرَدَت القوات الأمريكية منها، وتشكَّلت في البلاد فِرَق لحرب العصابات، وتَمكَّن الجنرال ( مالك أرثر) من العودة إلى الفلبين عام (1363هـ= 1944م)، وقاتل معه أبناءُ البلاد، واستطاعوا طَرْدَ اليابانيين عام (1364هـ= 1945م)، وهُزِمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقاتل المسلمون اليابانيُّون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال[9].
حصلت الفلبين على الاستقلال عام (1365هـ= 1946م)، وأصبح الحُكم فيها رئاسيًّا، يشبه الحكم في الولايات المتحدة، وكان مجلس النواب يضم 102 عضوًا، يُنتخَبون حسب نظام المناطق، ويضمُّ هذا المجلس عضوين مسلمين فقط، وهم بذلك لا يحصلون إلا على خُمس حقِّهم؛ إذ يجب أن يكون لهم أحدَ عشرَ عضوًا حسب نسبتهم المئوية.
حقد صليبي يتجدد
وقد شهدت البلاد بعد الاستقلال نهضة إسلامية، يرعاها اتِّحاد مسلمي الفلبين، وقد نظَّم ثلاثة مؤتمرات لبحث شئون المسلمين في الفلبين، وحضرها ممثلون عن أكثر الدول الإسلامية، وبدأت هذه النهضة تثمر، فحرَّكت الحقد الصليبي، فبدأ العمل ضدَّ المسلمين، واتَّخذ وسيلة شقِّ الصفوف، والاستيلاء على الأراضي، وتشكَّلت عصابة نصرانية أُطلق عليها اسم الفئران، أسسها رئيس الجمهورية، ومهمَّتها الهجوم على المسلمين والتنكيل بهم، وقَتْل مَن تستطيع منهم، لكي يُغادِروا أرضهم؛ ليستولوا عليها، وكذلك وُجِدَت منظمة أخرى تُسمَّى الأخطبوط لها نفس المهمَّة.
وقد أوجد النصارى أسبابًا للهجوم على المسلمين، إذ طالبوا بتطبيق القانون المدني على المسلمين؛ إذ به يُمْكِن للنصارى أن يتزوَّجوا من المسلمات، وقد رفض المسلمون تطبيق هذا القانون، وهذا ما دعا إلى مصادرة أراضيهم والاستيلاء عليها، وبالتالي جرَّ المسلمين إلى قتالٍ وهُمْ غيرُ مستعدين له.
وقد بدأ الزحف النصراني من الشمال، وبدأ الاستيلاء على الأراضي بمساحات محدَّدة ومنتقاة، وبدأت الدولة تسجيل هذه الأراضي المستولَّى عليها بأسماء مغتصبيها، على حين رفضت من قبلها تسجيلها المسلمين، وبدأ الإرهاب مع الاستيلاء على الأراضي:اغتيالات، حرق مزارع، اختطاف، إلقاء السم بآبار مياه الشرب، قتل الحيوانات، هتك أعراض، وبذا شُرِّد ستُّون ألف أسرة مسلمة، التجأت إلى الغابات والجبال.
وبدأت حرب الإبادة تارة بجمع الشباب في معسكرات باسم التدريب ثم إبادتهم، وتارة من المساجد أثناء تأدية صلاة الجمعة، وثالثة بالإغارة على المدن والعمل بإبادة الموجودين في الأسواق وأماكن تجمُّع السكان.
مسلمو الفلبين الآن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وتسلَّح المسلمون أمام هذه الحوادث؛ للدفاع عن النفس، فعَدَّ الحكم هذا تمرُّدًا، وهذا حُجَّة للقضاء على المسلمين، وتحرَّك الجيش النظامي نحو الجنوب.
رفع المسلمون شعار الوَحدة الإسلامية، وطالبوا بفصل المناطق الإسلامية، كما طالبوا العالم الإسلامي والأمم المتحدة بالدفاع عنهم وحمايتهم، وبدأت المعارك بين الطرفين، وتمكَّن المسلمون من الصمود والمقاومة، واضطرت الحكومة للتفاوض، وتقرَّر في هذه المفاوضات إعطاء المسلمين الحكم الذاتي في جنوب الفلبين، وكان ذلك في مطلع عام (1397هـ= 1977م)، إلا أن هذه المفاوضات والاتفاقية لم تكن إلا لتُتِيح الفرصة أمام (ماركوس) لتنظيم قوَّاته من جديد، والاستعداد للدخول ثانية في معركة حاسمة تقضي على المسلمين، إضافة إلى استغلال الدول للحصول على النفط والدعم المادي، وقد تمَّ هذا، وبعد أربعة أشهر من توقيع الاتِّفاقية أعلنت حكومة (ماركوس) عن تخلِّيها عن جميع التزاماتها السابقة، وعادت العمليات العسكرية من جديد، بل لم تتوقَّف من الأصل إلا عدَّة أيام[10].
والآن يعيش المسلمون في الفلبين ظروفًا صعبة للغاية؛ فهم يُعانون من عدم استقرار في جميع الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والثقافية، والتعليمية، فضلاً عن أنهم لا يتمتَّعون بأي حقٍّ من الحقوق الإنسانية المشروعة لأي إنسان، فالتخلُّف في التعليم سمة موجودة في جميع المستويات، كما أن الوضع الاقتصادي متأزِّم، وهم يعانون من تمييع هُوِيَّتهم الإسلامية؛ بسبب التيارات التغريبية المؤثِّرة داخليًّا وخارجيًّا[11].
قصة الإسلام في بورما
أما بورما؛ فإنها تقع في الجزء الشمالي الغربي من منطقة الهند الصينية، تحدُّها الصين من الشرق، وبنجلاديش من الشمال الغربي، ولاوس وتايلند من الجنوب الشرقي، وخليج البنغال غربًا، وكانت تُعْرَف بهذا الاسم حتى عام 1989م، وبعده سُمِّيَت: "ميانمار", وتبلغ نسبة المسلمين 20%[12].
وقد وصل الإسلام إلى "بورما" أيضًا عن طريق التجارة، إذ كان بعض العرب المسلمين يحطُّون رحالهم على الشواطئ، ولكن يبدو أن انتشار الإسلام عن هذه الطريق كان قليلاً؛ لأن شواطئ بورما لم تكن محطَّات للسفن؛ لأن السفن كثيرًا ما كانت تختصر الطريق بالتجارة نحو مالاقا وجنوب شرقي آسيا؛ لذا فإن انتشار الإسلام عن طريق التجارة كان واسعًا في جنوب بورما وفي بلاد فطاني والملايو[13].
وغزاالتتار المسلمين بورما عن طريق الصين عام 686هـ، فانتشر الإسلام، وقد خلع المسلمون الملكَ الطاغيةَ، ونصبوا مكانه آخر أقل منه ظلمًا. وكذلك وصل الإسلام عن طريق الهند، ففي القرن الحاديَ عشرَ الهجري حكم الهند "أورنكزيب" واختلف مع أخيه "سوجا"، فانتقل الأخير إلى بورما مع عدد من أتباعه المسلمين، وتوغَّلوا في الداخل، وتعايشوا مع السكان، ونشروا دينهم هناك، كما وصل إلى بورما عدد من مسلمي الصين والهند، وعاشوا فيها.
وقد لقي المسلمون في بورما اضطهادًا من الاستعمار الإنجليزي فكان حائلاً بينهم وبين المناصب والوظائف، بل والأعمال، وقد زاد هذا الاضطهاد بعد الاستقلال، وقد تعرَّضوا في الآونة الأخيرة لحرب إبادة ذهب ضحيتها الكثير، وأُجبر الكثير على مغادرة البلاد، فانتقلت أعداد كبيرة منهم إلى البُلدان المجاورة وخاصَّة بنجلاديش[14].
ويتجمَّع غالبية المسلمين في منطقة واحدة هي منطقة أراكان، التي تقع في الشمال الغربي من بورما[15]، وكان قد وصلها الإسلام في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد (170 – 193هـ) أيضًا عن طريق تُجَّار العرب، حتى أصبحت دولة مستقلة حَكَمَها 48 ملكًا مسلمًا على التوالي، أولهم السلطان سليمان شاه، واستمرَّت كذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي (834 هـ= 1430م) – (1198هـ= 1784م)[16].
وفي عام 1784م وبعدما ضعفت سيطرة المسلمين على السلطة، احتلت بورما البوذية أراكان الإسلامية، وامتدَّ احتلالها إلى أن استعمرها البريطانيون في عام 1822م، وعند رحيل البريطانيين عام 1948م ومَنْحِهم بورما الاستقلال التامَّ ألحقوا بها"أراكان" ضد رغبة شعبها المسلم "الروهنجيا"، ومنذ ذلك اليوم يقوم البورميون بحملات تطهير عرقي ضدَّ المسلمين الروهنجيا شبيهة بتلك التي تُنَفَّذ في البوسنة، وكشمير، والشيشان، والأماكن الأخرى من العالم، من أجل تفريغ الأرض من سكانها المسلمين، وخَلْقِ ولاية بوذية تخلو من المسلمين تمامًا[17].
وبعد الاحتلال البورمي لأراكان تم تهجير أكثر من مليوني مسلم بسبب الممارسات القمعية التي قامت بها السلطات البورمية، حيث يوجد معظم لاجئي أراكان الآن في بنجلاديش وباكستان، وكذا المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، إضافة إلى مجموعات قليلة في دول جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا، وتمت عمليات التهجير الجماعي عبر أربع مراحل، كانت الأولى عام 1938م إبان الاحتلال البريطاني، والثانية عام 1948م مع بَدْءِ الاحتلال البورمي، والثالثة عام 1978م حيث اشتدَّ الصراع بين الحكومة البوذية والمسلمين، ونتج عن ذلك فرار حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش وباكستان، وأما عملية التهجير الأخيرة فكانت عام 1991م[18].
أما التطهير العرقي والديني والإبادة الجماعية للمسلمين فهي مستمرَّة ولم تنقطع، في ظلِّ عُزلة الإقليم عن العالم بالإضافة إلى أن جميع حُكَّام المناطق التابعة للإقليم من البوذيين، أما مَن تبقى من المسلمين فإنه يُتَّبَع ضِدَّهم سياسة الاستئصال عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل فيما بين المسلمين.
هذا إضافةً إلى عمليات الاغتصاب وهتك العرض في صفوف المسلمات اللاتي يموت بعضهن بسبب الاغتصاب، كما يتمُّ إجبار المسلمين على العمل بنظام السخرة في معسكرات الاحتلال، وتمَّ نقل مئات المسلمين من وظائفهم، ويُمْنَع أي مسلم من دخول الجامعات والكليات.
كما أصدرت السلطات قرارًا بحظر تأسيس مساجد جديدة، وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تمَّ بناؤها أو إصلاحها خلال عشر سنوات منصرمة في الإقليم، وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت إلى الآن أكثر من 72 مسجدًا، و4 مراكز دينية، واعتقلت 210 من علماء الدين وطلبة العلم، وقتلت 220 مسلمًا.
وفي ظلِّ عدم وجود دولة إسلامية مجاورة قويَّة تتبنَّى قضية مسلمي أراكان يستغل النظام البورمي الفرصة بين الحين والآخر لتشريد المسلمين، ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم في أراكان، مما يضطرهم للهجرة[19].
قصة الإسلام في سنغافورة
أما سنغافورة؛ فهي إحدى جزر الملايو، وتقع جنوب ماليزيا، فتتكوَّن من حوالي أربعين جزيرة متقاربة، وتتراوح نسبة المسلمين فيها من 14% إلى 15% من إجمالي عدد السكان، وسنغافورة ميناء بحري وجوي عظيم، ويقال: إن ميناءها البحري رابع موانئ العالم الكبرى. ومدينة سنغافورة العاصمة مدينة مفتوحة لها تجارة رابحة عظيمة[20].
وسكان سنغافورة خليط من عناصر بشرية مختلفة، يمثِّل الصينيون 75%، بينما الماليزيون 14%، و9% هنود وباكستانيون، ثم إندونيسيون.
وقد وصل الإسلام إلى سنغافورة في الوقت الذي وصل فيه إلى جُزُر الهند الشرقية، فانتشر الإسلام عن طريق التجارة بعد انتشاره في مالاقا، وكما ذكرنا كان التاجر المسلم بسلوكه الإسلامي المتَّصف بالصدق، والأمانة، والسماحة، خير وسيلة للدعوة الإسلامية وانتشار الإسلام[21].
وقد بلغت الأجيال السابقة من المسلمين حظًّا كبيرًا من النجاح في التجارة، وكوَّن بعضهم ثروات واسعة، ولا أَدَلُّ على ذلك مِن أن عددًا من الشوارع المهمَّة في سنغافورة سُمِّيَ باسم شخصيات عربية إسلامية.
كما أن هناك شارعًا تِجاريًّا كبيرًا ومهمًّا في سنغافورة يسمى "شارع العرب"، وقد أضفى الملايويون على العرب المسلمين قدرًا كبيرًا من الاحترام والتمجيد فيما مضى، وعدُّوهم طبقة فوق أنفسهم، وقد تجلَّى ذلك في الأسلوب الذي كانوا يخاطبونهم به، وكان من مظاهر تميُّزهم الترحيب بهم في الزواج، فيتزوج العربي المسلم من أشرف الأسر وأمجدها[22].
ويُعَدُّ تاريخ سنغافورة جزءًا من تاريخ شبه جزيرة الملايو (ماليزيا)، ولكنها غَدَت إثر الحرب العالمية الثانية مستعْمَرَة بريطانية منفصلة عن بقية ولايات الملايو، وعند قيام اتحاد الملايو عام (1383هـ= 1963م) كانت سنغافورة إحدى ولاياته، ثم عادت فانفصلت منه بعد عامين من قيامه[23].
وقد حدث صراع دموي قبل الانفصال في سنغافورة بين المسلمين الملايويين وبين الصينيين من سكان سنغافورة، والذي تمَّ على أثره الاتفاق على خروج سنغافورة من الاتحاد، وقد نتج عن الانفصال أن المسلمين أصبحوا أقلِّيَّة وَسَطَ الصينيين في قُطْر غير إسلامي[24].
ومِن بعدها لم يستطع المسلمون الاحتفاظ بما كان لهم من مميِّزات طبقيَّة اجتماعيَّة، وتبدَّل هذا التبجيل بنوع من المشاعر العنصريَّة، ومِن ثَمَّ ترى الكثير من المسلمين العرب يحاولون أن يندمجوا في الشعب، وأن ينتحلوا شخصية الملايوي كاملة؛ حتى لا يُنْظَرَ إليهم على أنهم دخلت[25].
وبالنسبة لنشاطهم في الدعوة إلى الله فقد حاول المسلمون – نظرًا لوجود نشاط تَبْشِيرِيٍّ كثيف – إنشاء توازنٍ في مجال الدعوة إلى الإسلام حتى يواجهوا جهود المُنَصِّرِين، فأنشئوا "الجمعية الخيريَّة الإسلامية"، كما تمَّ إنشاء "دار الأرقم" للتمرين على الوعظ والإرشاد، والجمعية الخيريَّة الإسلامية الآن صَرْحٌ مَشِيدٌ يلفت نظر الزائرين للملايو وسنغافورة[26].
[1] فايز صالح أبو جابر: الاستعمار في جنوب شرقي آسيا ص199، ومحمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص63.
[2] محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 7/260.
[3] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/360.
[4] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا 1/360، 361.
[5] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/361.
[6] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا صـ14.
[7] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/362.
[8] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا صـ14.
[9] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/363.
[10] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/364، 365.
[11] طالع الرابط التالي من موقع إسلام أون لاين:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[12] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا، ص80.
[13] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/342.
[14] المصدر السابق: الصفحة نفسها.
[15] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص81، 82.
[16] المصدر السابق، الصفحة نفسها، وانظر أيضًا محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص139.
[17] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص 82.
[18] انظر إبراهيم عبد الفتاح: العالم الإسلامي في مطلع القرن الخامس عشر الهجري 1/69.
[19] انظر مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص80 وما بعدها، ومحمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا: ص138 وما بعدها، وانظر الرابط:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[20] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا، ص58.
[21] المصدر السابق، ص59، وانظر أيضًا: إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/355.
[22] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا، ص60.
[23] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/355.
[24] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص62.
[25] السابق:ص60 بتصرف.
[26] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص61
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أما الفلبين؛ التي تقع إلى الجنوب الشرقي من شواطئ الصين الجنوبية، وتمتدُّ من جزيرة تايوان الصينية حتى تصل تقريبًا إلى جزر الملوكا الإندونيسية؛ فهي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من قارة آسيا، حيث يحدُّها شمالاً جزيرة "فرموزا"، وجنوبًا جزيرة"بورنيو" إحدى جزر إندونيسيا، وغربًا بحر الصين، وشرقًا المحيط الهادي[1]، وكان اسم الفلبين في الماضي "مانبولاس"، حتى غزاها الإسبان وأطلقوا عليها الاسم الحالي، نسبة إلى فيليب الثاني ملك إسبانيا، وتتكوَّن الفلبين من حوالي 7107 جزيرة، بل إن عدد هذه الجزر يَزيد وينقص حسب حركة المدِّ والجَزْر، وهو ما يجعل عددًا كبيرًا من هذه الجُزُر غيرَ مأْهُولٍ بالسكان, وتبلغ نسبة المسلمين25% أما نسبتهم في جزيرتي مندناو وصولو فتبلغ 85%.
وقد وصل الإسلام إلى الفلبين عن طريق التجارة التي كانت تتمُّ عن طريق الملايو وإندونيسيا، وربما كان وصول أوائل المسلمين إلى تلك الجهات يعود إلى عام 270 هـ، ولمَّا وَجَدوا الأرض بكرًا وصالحة للدعوة بدأ الدعاة يَفِدون إليها، ثم انتقلوا إلى الجُزُر الوسطى في القرن الخامس، وبُني أوَّل مسجد في جُزُر صولو عام 679، وازداد إقبال الناس على الإسلام، ورافق ذلك زيادة في قدوم الدعاة، وكان الدعاة والتجار عربًا وهنودًا وماليزيين وإندونيسيين، ولم يأتِ القرن العاشر حتى كانت الجُزُر كلها تحت سيطرة إمارات مسلمة، أشهرها في الشمال إمارة "رجا سليمان"، التي كانت قاعدتها في مانيلا عاصمة البلاد الحالية، وهذا رغم قلَّة أعداد المسلمين في الشمال، أما في الجنوب فكان الحُكَّام المحلِّيُّون من المسلمين أيضًا، ويَتْبَعون سلطنة "صولو"[2].
الصليبيون أعداء الإسلام
وفي عام (927 هـ= 1521م) وصلت طلائع الصليبيين إلى تلك الجُزُر قادمة من الشرق بإمرة"ماجلان"، في محاولة لتطويق العالم الإسلامي[3].
فما أن وصل ماجلان حتى بدأ يعمل للنصرانية متَّخذًا طريق القوَّة أحيانًا بما يملك من أسلحة غير معروفة هناك، ومستعْمِلاً طريق الإغراء أحيانًا أخرى، وقد توصَّل إلى اتِّفاق مع "هومابون" حاكم جزيرة "سيبو" على أن يدخل هذا الحاكم في الديانة النصرانية الكاثوليكية مقابل أن يكون ملكًا على جميع الجُزُر تحت سلطة التاج الإسباني، ثم أخذ يتنقَّل إلى بقية الجزر للتمكين لصديقه أهومابون، وللدعوة للنصرانية.
فوصل إلى جزيرة صغيرة، هي جزيرة ماكتنان التي يحكمها حاكم مسلم يُدعى "لابو لابو"، فاستعمل الإسبان طريق الإرهاب؛ إذ أضرجوا النار في أكواخ السكان، وسطَوْا على الأرزاق والأموال، وطاردوا النساء.. فقاوم "لابو لابو" هذه الأعمال، وأخذته الحميَّة فرفض الاستسلام لماجلان، وحرَّض بقية الجُزُر على الغزاة، فهجم عليه "لابو لابو" وقَتَله، ورفض تسليم جثته للإسبان[4].
وبعد مقتل "ماجلان" أرسلت إسبانيا أربع حملات متتابعة باءت كلها بالفشل.
الاحتلال الإسباني للفلبين
وبعد إبادة هذه الحملات المتكرِّرة بدأ الغزو الإسباني (973هـ 1565م) فكانت حملة كبيرة استقرَّت في جزيرة "سيو"، حيث شُيِّدت قلعة حصينة لحماية الجند، وكانت تلك الجزيرة قاعدة لغزو بقية الجُزُر الأخرى، حتى استطاع أن يستولي على مملكة(راجا سليمان)، بعد قتل مرير عام (979هـ= 1571م)، وتهدَّمت مدينة مانيلا فأعاد الإسبان بناءها على أُسُس نصرانية[5].
وقد توالت الحملات الإسبانية على الجزر الشمالية والوسطى، فتساقطت الجُزُر واحدة تلو الأخرى بفعل الأسلحة الحديثة، التي لم تكن في يَدِ سكان هذه الجُزُر، واستمرَّت الحروب إلى آخر يوم انتهى فيها الحكم الإسباني عام 1898م للجزر الفلبينية، باستثناء منطقة "مورو"، التي أبت أن يحكمها التاج الإسباني ولو يومًا واحدًا طَوَال هذه الحِقبة الطويلة من الزمن، حوالي 333 عامًا قضاها هذا الشعب البطل في الدفاع عن سيادته وحُرِّيَّته وعقيدته[6].
الاحتلال الأمريكي للفلبين
وبعد أن دُمِّر الأسطول الإسباني في خليج "مانيلا" جرى اتِّفاق سرِّيٌّ بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يَقْضِي بانسحاب إسبانيا من تلك الجُزُر مقابل خمسة ملايين دولار تدفعها الولايات المتحدة لها، وانسحبت إسبانيا من الجُزُر بعد معارك تمثيلية، وعاد الحاكم العامُّ الإسباني من "هونغ كونغ"، وهو الجنرال" غويثالدو" ليعلن استقلال الفلبين عن إسبانيا، وقد تمَّت هذه الاتِّفاقية في باريس، ولما رفضها السكان، ورفضوا حُكْم الولايات المتحدة من خلال ثورة قاموا بها (1319 هـ= 1901م)، قضت أمريكا على الثورة، وعَدَّت البلاد إحدى ولاياتها[7].
واستمرَّت الحروب بين شعب المورو المسلم وبين أمريكا أربعين عامًا، ابتداءً من عام 1899م، ولم تنتهِ هذه الحروب حتى حقَّقت لأمريكا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها توقَّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية[8].
استقلال الفلبين
في أثناء الحرب العالمية الثانية احتَلَّت اليابان الفلبين عام (1360هـ= 1941م)، وطَرَدَت القوات الأمريكية منها، وتشكَّلت في البلاد فِرَق لحرب العصابات، وتَمكَّن الجنرال ( مالك أرثر) من العودة إلى الفلبين عام (1363هـ= 1944م)، وقاتل معه أبناءُ البلاد، واستطاعوا طَرْدَ اليابانيين عام (1364هـ= 1945م)، وهُزِمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقاتل المسلمون اليابانيُّون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال[9].
حصلت الفلبين على الاستقلال عام (1365هـ= 1946م)، وأصبح الحُكم فيها رئاسيًّا، يشبه الحكم في الولايات المتحدة، وكان مجلس النواب يضم 102 عضوًا، يُنتخَبون حسب نظام المناطق، ويضمُّ هذا المجلس عضوين مسلمين فقط، وهم بذلك لا يحصلون إلا على خُمس حقِّهم؛ إذ يجب أن يكون لهم أحدَ عشرَ عضوًا حسب نسبتهم المئوية.
حقد صليبي يتجدد
وقد شهدت البلاد بعد الاستقلال نهضة إسلامية، يرعاها اتِّحاد مسلمي الفلبين، وقد نظَّم ثلاثة مؤتمرات لبحث شئون المسلمين في الفلبين، وحضرها ممثلون عن أكثر الدول الإسلامية، وبدأت هذه النهضة تثمر، فحرَّكت الحقد الصليبي، فبدأ العمل ضدَّ المسلمين، واتَّخذ وسيلة شقِّ الصفوف، والاستيلاء على الأراضي، وتشكَّلت عصابة نصرانية أُطلق عليها اسم الفئران، أسسها رئيس الجمهورية، ومهمَّتها الهجوم على المسلمين والتنكيل بهم، وقَتْل مَن تستطيع منهم، لكي يُغادِروا أرضهم؛ ليستولوا عليها، وكذلك وُجِدَت منظمة أخرى تُسمَّى الأخطبوط لها نفس المهمَّة.
وقد أوجد النصارى أسبابًا للهجوم على المسلمين، إذ طالبوا بتطبيق القانون المدني على المسلمين؛ إذ به يُمْكِن للنصارى أن يتزوَّجوا من المسلمات، وقد رفض المسلمون تطبيق هذا القانون، وهذا ما دعا إلى مصادرة أراضيهم والاستيلاء عليها، وبالتالي جرَّ المسلمين إلى قتالٍ وهُمْ غيرُ مستعدين له.
وقد بدأ الزحف النصراني من الشمال، وبدأ الاستيلاء على الأراضي بمساحات محدَّدة ومنتقاة، وبدأت الدولة تسجيل هذه الأراضي المستولَّى عليها بأسماء مغتصبيها، على حين رفضت من قبلها تسجيلها المسلمين، وبدأ الإرهاب مع الاستيلاء على الأراضي:اغتيالات، حرق مزارع، اختطاف، إلقاء السم بآبار مياه الشرب، قتل الحيوانات، هتك أعراض، وبذا شُرِّد ستُّون ألف أسرة مسلمة، التجأت إلى الغابات والجبال.
وبدأت حرب الإبادة تارة بجمع الشباب في معسكرات باسم التدريب ثم إبادتهم، وتارة من المساجد أثناء تأدية صلاة الجمعة، وثالثة بالإغارة على المدن والعمل بإبادة الموجودين في الأسواق وأماكن تجمُّع السكان.
مسلمو الفلبين الآن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وتسلَّح المسلمون أمام هذه الحوادث؛ للدفاع عن النفس، فعَدَّ الحكم هذا تمرُّدًا، وهذا حُجَّة للقضاء على المسلمين، وتحرَّك الجيش النظامي نحو الجنوب.
رفع المسلمون شعار الوَحدة الإسلامية، وطالبوا بفصل المناطق الإسلامية، كما طالبوا العالم الإسلامي والأمم المتحدة بالدفاع عنهم وحمايتهم، وبدأت المعارك بين الطرفين، وتمكَّن المسلمون من الصمود والمقاومة، واضطرت الحكومة للتفاوض، وتقرَّر في هذه المفاوضات إعطاء المسلمين الحكم الذاتي في جنوب الفلبين، وكان ذلك في مطلع عام (1397هـ= 1977م)، إلا أن هذه المفاوضات والاتفاقية لم تكن إلا لتُتِيح الفرصة أمام (ماركوس) لتنظيم قوَّاته من جديد، والاستعداد للدخول ثانية في معركة حاسمة تقضي على المسلمين، إضافة إلى استغلال الدول للحصول على النفط والدعم المادي، وقد تمَّ هذا، وبعد أربعة أشهر من توقيع الاتِّفاقية أعلنت حكومة (ماركوس) عن تخلِّيها عن جميع التزاماتها السابقة، وعادت العمليات العسكرية من جديد، بل لم تتوقَّف من الأصل إلا عدَّة أيام[10].
والآن يعيش المسلمون في الفلبين ظروفًا صعبة للغاية؛ فهم يُعانون من عدم استقرار في جميع الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والثقافية، والتعليمية، فضلاً عن أنهم لا يتمتَّعون بأي حقٍّ من الحقوق الإنسانية المشروعة لأي إنسان، فالتخلُّف في التعليم سمة موجودة في جميع المستويات، كما أن الوضع الاقتصادي متأزِّم، وهم يعانون من تمييع هُوِيَّتهم الإسلامية؛ بسبب التيارات التغريبية المؤثِّرة داخليًّا وخارجيًّا[11].
قصة الإسلام في بورما
أما بورما؛ فإنها تقع في الجزء الشمالي الغربي من منطقة الهند الصينية، تحدُّها الصين من الشرق، وبنجلاديش من الشمال الغربي، ولاوس وتايلند من الجنوب الشرقي، وخليج البنغال غربًا، وكانت تُعْرَف بهذا الاسم حتى عام 1989م، وبعده سُمِّيَت: "ميانمار", وتبلغ نسبة المسلمين 20%[12].
وقد وصل الإسلام إلى "بورما" أيضًا عن طريق التجارة، إذ كان بعض العرب المسلمين يحطُّون رحالهم على الشواطئ، ولكن يبدو أن انتشار الإسلام عن هذه الطريق كان قليلاً؛ لأن شواطئ بورما لم تكن محطَّات للسفن؛ لأن السفن كثيرًا ما كانت تختصر الطريق بالتجارة نحو مالاقا وجنوب شرقي آسيا؛ لذا فإن انتشار الإسلام عن طريق التجارة كان واسعًا في جنوب بورما وفي بلاد فطاني والملايو[13].
وغزاالتتار المسلمين بورما عن طريق الصين عام 686هـ، فانتشر الإسلام، وقد خلع المسلمون الملكَ الطاغيةَ، ونصبوا مكانه آخر أقل منه ظلمًا. وكذلك وصل الإسلام عن طريق الهند، ففي القرن الحاديَ عشرَ الهجري حكم الهند "أورنكزيب" واختلف مع أخيه "سوجا"، فانتقل الأخير إلى بورما مع عدد من أتباعه المسلمين، وتوغَّلوا في الداخل، وتعايشوا مع السكان، ونشروا دينهم هناك، كما وصل إلى بورما عدد من مسلمي الصين والهند، وعاشوا فيها.
وقد لقي المسلمون في بورما اضطهادًا من الاستعمار الإنجليزي فكان حائلاً بينهم وبين المناصب والوظائف، بل والأعمال، وقد زاد هذا الاضطهاد بعد الاستقلال، وقد تعرَّضوا في الآونة الأخيرة لحرب إبادة ذهب ضحيتها الكثير، وأُجبر الكثير على مغادرة البلاد، فانتقلت أعداد كبيرة منهم إلى البُلدان المجاورة وخاصَّة بنجلاديش[14].
ويتجمَّع غالبية المسلمين في منطقة واحدة هي منطقة أراكان، التي تقع في الشمال الغربي من بورما[15]، وكان قد وصلها الإسلام في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد (170 – 193هـ) أيضًا عن طريق تُجَّار العرب، حتى أصبحت دولة مستقلة حَكَمَها 48 ملكًا مسلمًا على التوالي، أولهم السلطان سليمان شاه، واستمرَّت كذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي (834 هـ= 1430م) – (1198هـ= 1784م)[16].
وفي عام 1784م وبعدما ضعفت سيطرة المسلمين على السلطة، احتلت بورما البوذية أراكان الإسلامية، وامتدَّ احتلالها إلى أن استعمرها البريطانيون في عام 1822م، وعند رحيل البريطانيين عام 1948م ومَنْحِهم بورما الاستقلال التامَّ ألحقوا بها"أراكان" ضد رغبة شعبها المسلم "الروهنجيا"، ومنذ ذلك اليوم يقوم البورميون بحملات تطهير عرقي ضدَّ المسلمين الروهنجيا شبيهة بتلك التي تُنَفَّذ في البوسنة، وكشمير، والشيشان، والأماكن الأخرى من العالم، من أجل تفريغ الأرض من سكانها المسلمين، وخَلْقِ ولاية بوذية تخلو من المسلمين تمامًا[17].
وبعد الاحتلال البورمي لأراكان تم تهجير أكثر من مليوني مسلم بسبب الممارسات القمعية التي قامت بها السلطات البورمية، حيث يوجد معظم لاجئي أراكان الآن في بنجلاديش وباكستان، وكذا المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، إضافة إلى مجموعات قليلة في دول جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا، وتمت عمليات التهجير الجماعي عبر أربع مراحل، كانت الأولى عام 1938م إبان الاحتلال البريطاني، والثانية عام 1948م مع بَدْءِ الاحتلال البورمي، والثالثة عام 1978م حيث اشتدَّ الصراع بين الحكومة البوذية والمسلمين، ونتج عن ذلك فرار حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش وباكستان، وأما عملية التهجير الأخيرة فكانت عام 1991م[18].
أما التطهير العرقي والديني والإبادة الجماعية للمسلمين فهي مستمرَّة ولم تنقطع، في ظلِّ عُزلة الإقليم عن العالم بالإضافة إلى أن جميع حُكَّام المناطق التابعة للإقليم من البوذيين، أما مَن تبقى من المسلمين فإنه يُتَّبَع ضِدَّهم سياسة الاستئصال عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل فيما بين المسلمين.
هذا إضافةً إلى عمليات الاغتصاب وهتك العرض في صفوف المسلمات اللاتي يموت بعضهن بسبب الاغتصاب، كما يتمُّ إجبار المسلمين على العمل بنظام السخرة في معسكرات الاحتلال، وتمَّ نقل مئات المسلمين من وظائفهم، ويُمْنَع أي مسلم من دخول الجامعات والكليات.
كما أصدرت السلطات قرارًا بحظر تأسيس مساجد جديدة، وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تمَّ بناؤها أو إصلاحها خلال عشر سنوات منصرمة في الإقليم، وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت إلى الآن أكثر من 72 مسجدًا، و4 مراكز دينية، واعتقلت 210 من علماء الدين وطلبة العلم، وقتلت 220 مسلمًا.
وفي ظلِّ عدم وجود دولة إسلامية مجاورة قويَّة تتبنَّى قضية مسلمي أراكان يستغل النظام البورمي الفرصة بين الحين والآخر لتشريد المسلمين، ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم في أراكان، مما يضطرهم للهجرة[19].
قصة الإسلام في سنغافورة
أما سنغافورة؛ فهي إحدى جزر الملايو، وتقع جنوب ماليزيا، فتتكوَّن من حوالي أربعين جزيرة متقاربة، وتتراوح نسبة المسلمين فيها من 14% إلى 15% من إجمالي عدد السكان، وسنغافورة ميناء بحري وجوي عظيم، ويقال: إن ميناءها البحري رابع موانئ العالم الكبرى. ومدينة سنغافورة العاصمة مدينة مفتوحة لها تجارة رابحة عظيمة[20].
وسكان سنغافورة خليط من عناصر بشرية مختلفة، يمثِّل الصينيون 75%، بينما الماليزيون 14%، و9% هنود وباكستانيون، ثم إندونيسيون.
وقد وصل الإسلام إلى سنغافورة في الوقت الذي وصل فيه إلى جُزُر الهند الشرقية، فانتشر الإسلام عن طريق التجارة بعد انتشاره في مالاقا، وكما ذكرنا كان التاجر المسلم بسلوكه الإسلامي المتَّصف بالصدق، والأمانة، والسماحة، خير وسيلة للدعوة الإسلامية وانتشار الإسلام[21].
وقد بلغت الأجيال السابقة من المسلمين حظًّا كبيرًا من النجاح في التجارة، وكوَّن بعضهم ثروات واسعة، ولا أَدَلُّ على ذلك مِن أن عددًا من الشوارع المهمَّة في سنغافورة سُمِّيَ باسم شخصيات عربية إسلامية.
كما أن هناك شارعًا تِجاريًّا كبيرًا ومهمًّا في سنغافورة يسمى "شارع العرب"، وقد أضفى الملايويون على العرب المسلمين قدرًا كبيرًا من الاحترام والتمجيد فيما مضى، وعدُّوهم طبقة فوق أنفسهم، وقد تجلَّى ذلك في الأسلوب الذي كانوا يخاطبونهم به، وكان من مظاهر تميُّزهم الترحيب بهم في الزواج، فيتزوج العربي المسلم من أشرف الأسر وأمجدها[22].
ويُعَدُّ تاريخ سنغافورة جزءًا من تاريخ شبه جزيرة الملايو (ماليزيا)، ولكنها غَدَت إثر الحرب العالمية الثانية مستعْمَرَة بريطانية منفصلة عن بقية ولايات الملايو، وعند قيام اتحاد الملايو عام (1383هـ= 1963م) كانت سنغافورة إحدى ولاياته، ثم عادت فانفصلت منه بعد عامين من قيامه[23].
وقد حدث صراع دموي قبل الانفصال في سنغافورة بين المسلمين الملايويين وبين الصينيين من سكان سنغافورة، والذي تمَّ على أثره الاتفاق على خروج سنغافورة من الاتحاد، وقد نتج عن الانفصال أن المسلمين أصبحوا أقلِّيَّة وَسَطَ الصينيين في قُطْر غير إسلامي[24].
ومِن بعدها لم يستطع المسلمون الاحتفاظ بما كان لهم من مميِّزات طبقيَّة اجتماعيَّة، وتبدَّل هذا التبجيل بنوع من المشاعر العنصريَّة، ومِن ثَمَّ ترى الكثير من المسلمين العرب يحاولون أن يندمجوا في الشعب، وأن ينتحلوا شخصية الملايوي كاملة؛ حتى لا يُنْظَرَ إليهم على أنهم دخلت[25].
وبالنسبة لنشاطهم في الدعوة إلى الله فقد حاول المسلمون – نظرًا لوجود نشاط تَبْشِيرِيٍّ كثيف – إنشاء توازنٍ في مجال الدعوة إلى الإسلام حتى يواجهوا جهود المُنَصِّرِين، فأنشئوا "الجمعية الخيريَّة الإسلامية"، كما تمَّ إنشاء "دار الأرقم" للتمرين على الوعظ والإرشاد، والجمعية الخيريَّة الإسلامية الآن صَرْحٌ مَشِيدٌ يلفت نظر الزائرين للملايو وسنغافورة[26].
[1] فايز صالح أبو جابر: الاستعمار في جنوب شرقي آسيا ص199، ومحمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص63.
[2] محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 7/260.
[3] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/360.
[4] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا 1/360، 361.
[5] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/361.
[6] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا صـ14.
[7] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/362.
[8] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا صـ14.
[9] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/363.
[10] العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/364، 365.
[11] طالع الرابط التالي من موقع إسلام أون لاين:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[12] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا، ص80.
[13] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/342.
[14] المصدر السابق: الصفحة نفسها.
[15] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص81، 82.
[16] المصدر السابق، الصفحة نفسها، وانظر أيضًا محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص139.
[17] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص 82.
[18] انظر إبراهيم عبد الفتاح: العالم الإسلامي في مطلع القرن الخامس عشر الهجري 1/69.
[19] انظر مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص80 وما بعدها، ومحمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا: ص138 وما بعدها، وانظر الرابط:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[20] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا، ص58.
[21] المصدر السابق، ص59، وانظر أيضًا: إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/355.
[22] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا، ص60.
[23] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/355.
[24] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص62.
[25] السابق:ص60 بتصرف.
[26] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص61
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: قصة الإسلام في الفلبين وبورما وسنغافورة
بحث وافي رحم الله اجدادنا
وبارك الله فيك
وبارك الله فيك
الاشبيلي- مشرف عام
- عدد المساهمات : 528
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
مواضيع مماثلة
» رمضان في الفلبين
» الإسلام في تايلاند وفطاني
» انتشار الإسلام في غرب أفريقيا
» قصة الإسلام في الهند
» بحث بعنوان الحرية في الإسلام
» الإسلام في تايلاند وفطاني
» انتشار الإسلام في غرب أفريقيا
» قصة الإسلام في الهند
» بحث بعنوان الحرية في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi
» لحدود ( المقدرة شرعاً )
الثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi
» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
الأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi
» لا اله الا الله
الأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi
» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
الثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi
» عيدكم مبارك
الإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi
» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
السبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi
» لاتغمض عينيك عند السجود
السبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi
» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
الخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi