المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ريانية العود | ||||
عادل لطفي | ||||
عذب الكلام | ||||
zineb | ||||
azzouzekadi | ||||
بريق الكلمة | ||||
TARKANO | ||||
ليليان عبد الصمد | ||||
ام الفداء | ||||
السنديانة |
بحـث
.ft11 {FONT-SIZE: 12px; COLOR: #ff0000; FONT-FAMILY: Tahoma,Verdana, Arial, Helvetica; BACKGROUND-COLOR: #eeffff}
.IslamicData
{ font-family: Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif;
font-size: 10pt; font-style: normal; line-height: normal; font-weight:
normal; font-variant: normal; color: #000000; text-decoration: none}
الساعة
عدد زوار المنتدى
ماذا قدمت لله؟ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ماذا قدمت لله؟ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
أيها الأخوة الكرام ؛ ورد أنه إذا أردت أن تحدِّث الله عز وجل فادعُه، وإذا أردت أن يحدثك الله عز وجل فاقرأ القرآن، بل إن أعلى قراءة أن تقرأه أو أن تستمع إليه في صلاة قائما في مسجد، نستمع في هذه الصلوات المباركة إلى كلام الله يتلى علينا، المطلوب من المؤمن أن يحدِّد موقفه من كل آية، بتعبير آخر التطبيق العملي، أي حينما قال الله عز وجل
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾
(سورة آل عمران)
أنت كمؤمن ماذا نذرت لله ؟ يمكن أن تقدم لله علمك، أو أن تقدم له خبرتك، أو أن تقدم له مالك، أو أن تقدم له وقتك، حينما نأتي يوم القيامة ما العمل الذي بين أيدينا يصلح للعرض على الله، ولا تنسوا أن العمل لا يُقبل عند الله إلا بشرطين ؛ إلا إذا كان خالصا، وكان صوابا ؛ خالصا ما ابتغي به وجه الله، وصوابا ما وافق السُّنة، فكلنا إلى طريق النهاية سائرون، شئنا أم أبينا، البطولة في هذه الساعة التي لا بد منها، لا ينجو منها حيٌّ على الإطلاق، أن يكون لك عمل يصلح للعرض على الله، أن تقدِّم شيئا، إنسان قدَّم ماله، هذا قدم علمه، هذا قدم خبرته، هذا قدم عضلاته، هذا قدم وقته، هذا قدم أولاد صالحين للمجتمع، هذا أخذ بيد زوجته إلى الله، هذا حل مشكلة للمسلمين، حجمك عند الله بحجم عملك، وما أراد الله أن يكون هذا الكتاب كتابَ تاريخ، هو كتاب هداية، فإذا قال الله عز وجل
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾
(سورة آل عمران)
يجب أن تقيس على هذه الآية أنت ماذا قدمت لله ؟ هل لك عمل تبتغي به وجه الله ؟ لا ترجو سمعة ولا شكرا ولا مديحا ولا ثناء، أبدا، تبتغي به وجه الله .
إخواننا الكرام ؛ من طبيعة النفس أن الخسارة تؤلمها ألما لا يوصف، الخسارة والندم، بعض العلماء قال:" عشرة أشياء ضائعة ؛ وهذه الضائعة تورث ألما لا حدود له، قصة لولا أنها وقعت لم تُصدَّق، إلا أنها وقعت، إنسان جمع وضرب وقسم وطرح، أخذ قرارا ببيع كل ممتلكاته، عنده معمل، وبيت في أرقى أحياء دمشق، ومركبات، وبيت بالمصيف، وحوَّل هذه المبالغ إلى العملة الأجنبية، وحوَّلها إلى بلد أوروبي، القصة مطوَّلة ملخَّصها ؛ حصل خطأ يحتاج إلى وثيقة معينة فوضع مبلغا باسم أحد أصدقائه المخُلَّص، ريثما يؤمِّن الوثيقة، في اليوم التالي قال له: ليس لك عندي شيء، فإنسان يخسر كل شيء في ثانية، ولا شيء معه، لذلك قال العلماء: "عشرة أشياء ضائعة، تتعب بها، تحصِّلها ن تجهد نفسك من أجلها، ثم عند الله هباء لا قيمة لها، ما هذه الأشياء ؟ قالوا: علم لم يُعمَل به، تعلم ما شئت، تعلموا ما شئتم، فو اللهِ لن تؤجروا حتى تعملوا بما عملتم، علم لم يُعمل به، فعد للمليون قبل أن تتعلم شيئا ثم لا تطبقه، المصداقية في التطبيق، حاسبْ نفسك، هل الذي تعلمه مترجم إلى عالم الواقع ؟ هل الذي تعلمه عن علاقات الأسرة مترجم في أسرتك ؟ هل الذي تعلمه عن علاقات البيع والشراء مترجم في بيعك وشرائك ؟ هل الذي تعلمه من سنة رسول الله مطبقة في حياتك اليومية ؟ العلم الذي لم يُعمل به ضائع لا قيمة له، وبالمناسبة قال تعالى:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23)﴾
(سورة الفرقان)
يؤتى يوم بأناس يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثورا، قيل يا رسول الله جلهم لنا، قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ...." إذًا كل أعمالهم لا قيمة لها عند الله، أول بند علم لم يُعمل به، اعمل مراجعات، هل الواقع الذي تعيشه يتوافق مع العلم الذي تعرفه ؟ هل ما بلغك من كلام الله عز وجل وأقوال النبي الكريم مطبَّق في حياتك ؟ هذه واحدة، الآن عمل لا إخلاص فيه، الدنيا مزينة، والعلم له مكانة في الدنيا، وقد ترتقي إلى درجة علمية عالية، وتبلغ سمعة رائعة، ونجمًا متألقا في المجتمع، فهل تريد بالذي تتعلمه وجه الله عز وجل، النبي عليه الصلاة و السلام يحدَّثنا أنه: من تعلّم العلم ليجادل به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو يصرف وجوه الناس إليه فليتجهَّز إلى النار، وقد ورد في الأحاديث الكثيرة أن رجلا مشهورا جدا يُرى يوم القيامة في جهنم، يقال: يا فلان ألست أنت فلانا، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر و آتيه ....." فعلم لا يُعمل به، و عمل لا إخلاص له، الثالثة، وعمل لا اقتداء فيه برسول الله عليه الصلاة و السلام، علم وعمل، العلم ينبغي أن يُعمل به، و العمل ينبغي أن يكون مخلصا وموافقا للسنة، مال لا ينفق منه شيء، هو يوم القيامة حسرة على لا صاحبه، جمّعه في الدنيا فلم ينتفع به، فخسره في لحظة واحدة حينما جاءته المنية، فهذا المال الذي جمَّعه الإنسان إن لم ينفق منه، من زبدته، من خيره، إلى الدار الآخرة فهو في خسارة شديدة، ومرة ثانية الإحساس بالخسارة والندم إحساس لا يوصف، يكاد يذوب المرءُ ألما حينما يضيع ماله، وهل من مصيبةٍ أكبر من أن يأتي الإنسان يوم القيامة صفر اليدين، وقد خلَّف لورثته أموالا طائلة، لذلك اندم الناس غني دخل ورثته بماله الحنة، ودخل هو بماله النار، وأندم الناس عالم دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار، من أدعية قرأتها أن: يا رب إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعدَ بما علَّمتني مني "، أي أنا أعلِّم وأبيِّن وأوضِّح، ويأتي إنسان طالب علم يتعلم، و ينتفع بهذا العلم والذي ألقى العلم لم ينتفع به، أندم الناس عالم دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار، " يا رب إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعدَ بما علَّمتني مني، وإني أعوذ بك أن أتزيَّن للناس بشيء يشينك عندك، وإني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك، وإني أعوذ بك أن أقول قولا فيه رضاك ألتمس به أحدا سواك "
رابعا مال لا يُنفق منه، هذا شيء ضائع ومؤلم، الآن قلب فارغ من محبة الله، تنتابه مشاعر كثيرة جدا، يحب زيدا، و يكره عبيدا، ويقدر فلانا ويسمّن فلانا ويحتقر فلانا، مليء بالمشاعر، إلا من محبة الله، قلب فارغ من محبة الله، وإذا أحببت الله أحبّك كلُّ شيء، إذا أحببت الله ألقى حبَّك في قلوب الخلائق، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾
(سورة طه)
ما أخلص عبد لله إلا جعل قلوب المؤمنين تهفو إليه بالمودة و الرحمة، فيجب أن تبحث عن وسائل المحبة لله .
بالمناسبة الله عز وجل رسم منهجا، هناك أشخاص - والعياذ بالله - ليس لهم قاعدة، لا تعلم ما الذي يجعلهم يحبونك، قد تحسن فلا يقبلون، وقد تحسن فلا يرحمونك، لكن الله عز وجل القرآن بين أيدينا،
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)﴾
(سورة البقرة)
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)﴾
(سورة التوبة)
﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾
(سورة البقرة)
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾
(سورة البقرة)
اثنا عشر آية، اجمعها، الله عز وجل أعلم في كتابه أنه يحب هؤلاء، يحب المنصف، ويحب الإنسان المتواضع، يحب الإنسان المحس، والإنسان الصادق، والإنسان المتقي، اقرأ القرآن وانظر، هل الآيات التي تشير إلى سبب محبة الله مطبَّقة فيك ؟ إذًا هو يحبك، وإذا أحبك لك عنده كرامة، لا يمكن أن يحبك دون أن يشعرك أنه يحبك، أحيانا بالتوفيق وبالتيسير، بنعمة تامة، بأولاد أبرار، بسمعة طيبة، براحة نفسية، تحس أنك مرتاح، الذنوب لها أعباء كبيرة جدا، الانحراف ضاغط على النفس، أما المستقيم فيحس براحة كبيرة.
الآن بدن، جسم قوي شديد عتيد، لكنه معطَّل عن طاعة الله، وعن خدمة خلقه، يتكاسل في الصلاة، أما لشيء غير الصلاة نشيط جدا، مروءة أحد الأشخاص بائع قدور، رآه يصلي قاعدا في الدكان، قال له: أريد ذاك القِدر، وضع السلم، أخطأت الذي جنبه، نزل وصعد مرة ثانية، صعد ونزل عشر مرات، تصلي قاعدا، ومن أجل أن تبيع هذه القدر صعدتَ عشر مرات إلى السلم، فالبدن يجب أن يكون في خدمة والخلق، وفي طاعة الله عز وجل، وكلما كانت همَّتك في طاعة الله أكبر كان الله قد رضي الله عنك أكثر .
الآن الدعاء محبة، لا تتقيّد برضا المحبوب:
تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه ذاك لعمري في المقال شنيعُ
لو كان حبُّك صادق لأطعتَـه إنّ المحب لمَن يحب مطيعُ
هذه محبة فارغة، بلا معنى لا تدَّعِها، لا يقبلها الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾
(سورة آل عمران)
علامة حبك لله الصادقة أن تتبع النبيَّ، ومن لم يتّبع النبي فهو كاذب في محبته، خاضوا بحار الهوى دعوى وما ابتلوا، محبة لا تتقيّد برضا المحبوب .
لآن وقت معطَّل عن استدراك ما فرَّط واغتنام برٍّ وتقوى، فرّط، جلسة فارغة، كلام لا معنى له، متابعة أعمال فنية ساقطة، حديث في الغيبة، إن لم تفعل خيرا فأنت آثم، فكيف إذا فعلت الإثم والشر والعدوان، هذا الوقت، أنت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، محسوبة، واحد له عند الله عز وجل فرضا اثنان وستون سنة و ثمانية أشهر وثلاثة أسابيع و ستة أيام وخمس ساعات وأرع دقائق وثلاث ثوان، امسك ساعة، كل ثانية قرَّبنا، هذا الوقت، أجمل ما قرأت في الوقت: الليل والنهار يعملان فيك - تتغيَّر معالمُ وجهه، تتغير صحته، طبعا الإنسان يصعد و يستقر ثم ينزل، كل واحد له خمسون علة، وكل هذه العلل إشارات لطيفة من الله أنْ: يا عبدي قد قرُب اللقاء فهل أنت مستعد له، فها الوقت ثمين جدا، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، و على عملك شهيد، تزوَّد مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة، ما الذي يمنع أن تفتح دفترًا تعمل الأعمال الصالحة، اليوم ماذا فعلت ؟ ماذا عملت من عمل نفع به المسلمين، وابتغيت به وجه رب العالمين، كل يوم، سجل لأن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، قال تعالى:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾
(سورة التوبة)
الآن فكْر، مستعد أنْ يقدم لك تحليلات في العلاقات الدولية مذهلة، يتابع، يجول في السياسة و في الاقتصاد، وفي أسعار العملات، وفي مستقبل الاقتصاد في البلد الفلاني، ومصير البشرية، وأسعار التفط، وأسعار القطن، فكر يجول في كل شيء، إلا في معرفة الله، هذا يتألّم، أرقى جهاز منحه الله إياه، يجب أن يجول في معرفة اله، في العمل للآخرة، فكر سيجول فيما لا ينفع .
الآن الوقت تخدم إنسانا لا تقرِّبك خدمته إلى الله أبدا، خدمة ضائعة، شخص ليس أهلا أن تكون في خدمته، أنت لله، أنت جيّرت نفسك لجهة أرضية، أنت احتقرت نفسك حينما جيرت نفسك لجهة أرضية محضتها حبَّك وودّك، وكنت في خدمتها ليلا و نهارا، هذه خدمة ضائعة، وخدمة من لا تقرِّبك خدمته إلى الله عز وجل .
هناك خوف ضائع و رجاء ضائع، أن تخاف من إنسان ليس بيده أمرك، وأنت تكبره و تظن أن بيده أن ينفعك أو يخفضك، وهو عبد مثلك ضعيف، فخوفك و رجاؤك من جهته لا تنفع ولا تضر، هذه الأشياء ضائعة، و يعقبها ألمٌ و خسارة وندم .
أرجو الله سبحانه و تعالى أن تكون هذه الآية:
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾
(سورة آل عمران)
فكل واحد ينوي، واللهِ اليوم، ما مضى فات، و المؤمل غيب، الغد قد لا نعيشه، و من عدَّ غدًا من أجله فقد أساء صحبة الموت، الآن انوِ أن تقتديَ بهذه السيدة الطاهرة، أنها نذرت لله ما في بطنها، وأنت انذر لله ما بيديك، اعمل عملا تبتغي وجه الله، واللهُ سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا .
والحمد لله رب العالمين
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾
(سورة آل عمران)
أنت كمؤمن ماذا نذرت لله ؟ يمكن أن تقدم لله علمك، أو أن تقدم له خبرتك، أو أن تقدم له مالك، أو أن تقدم له وقتك، حينما نأتي يوم القيامة ما العمل الذي بين أيدينا يصلح للعرض على الله، ولا تنسوا أن العمل لا يُقبل عند الله إلا بشرطين ؛ إلا إذا كان خالصا، وكان صوابا ؛ خالصا ما ابتغي به وجه الله، وصوابا ما وافق السُّنة، فكلنا إلى طريق النهاية سائرون، شئنا أم أبينا، البطولة في هذه الساعة التي لا بد منها، لا ينجو منها حيٌّ على الإطلاق، أن يكون لك عمل يصلح للعرض على الله، أن تقدِّم شيئا، إنسان قدَّم ماله، هذا قدم علمه، هذا قدم خبرته، هذا قدم عضلاته، هذا قدم وقته، هذا قدم أولاد صالحين للمجتمع، هذا أخذ بيد زوجته إلى الله، هذا حل مشكلة للمسلمين، حجمك عند الله بحجم عملك، وما أراد الله أن يكون هذا الكتاب كتابَ تاريخ، هو كتاب هداية، فإذا قال الله عز وجل
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾
(سورة آل عمران)
يجب أن تقيس على هذه الآية أنت ماذا قدمت لله ؟ هل لك عمل تبتغي به وجه الله ؟ لا ترجو سمعة ولا شكرا ولا مديحا ولا ثناء، أبدا، تبتغي به وجه الله .
إخواننا الكرام ؛ من طبيعة النفس أن الخسارة تؤلمها ألما لا يوصف، الخسارة والندم، بعض العلماء قال:" عشرة أشياء ضائعة ؛ وهذه الضائعة تورث ألما لا حدود له، قصة لولا أنها وقعت لم تُصدَّق، إلا أنها وقعت، إنسان جمع وضرب وقسم وطرح، أخذ قرارا ببيع كل ممتلكاته، عنده معمل، وبيت في أرقى أحياء دمشق، ومركبات، وبيت بالمصيف، وحوَّل هذه المبالغ إلى العملة الأجنبية، وحوَّلها إلى بلد أوروبي، القصة مطوَّلة ملخَّصها ؛ حصل خطأ يحتاج إلى وثيقة معينة فوضع مبلغا باسم أحد أصدقائه المخُلَّص، ريثما يؤمِّن الوثيقة، في اليوم التالي قال له: ليس لك عندي شيء، فإنسان يخسر كل شيء في ثانية، ولا شيء معه، لذلك قال العلماء: "عشرة أشياء ضائعة، تتعب بها، تحصِّلها ن تجهد نفسك من أجلها، ثم عند الله هباء لا قيمة لها، ما هذه الأشياء ؟ قالوا: علم لم يُعمَل به، تعلم ما شئت، تعلموا ما شئتم، فو اللهِ لن تؤجروا حتى تعملوا بما عملتم، علم لم يُعمل به، فعد للمليون قبل أن تتعلم شيئا ثم لا تطبقه، المصداقية في التطبيق، حاسبْ نفسك، هل الذي تعلمه مترجم إلى عالم الواقع ؟ هل الذي تعلمه عن علاقات الأسرة مترجم في أسرتك ؟ هل الذي تعلمه عن علاقات البيع والشراء مترجم في بيعك وشرائك ؟ هل الذي تعلمه من سنة رسول الله مطبقة في حياتك اليومية ؟ العلم الذي لم يُعمل به ضائع لا قيمة له، وبالمناسبة قال تعالى:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23)﴾
(سورة الفرقان)
يؤتى يوم بأناس يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثورا، قيل يا رسول الله جلهم لنا، قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ...." إذًا كل أعمالهم لا قيمة لها عند الله، أول بند علم لم يُعمل به، اعمل مراجعات، هل الواقع الذي تعيشه يتوافق مع العلم الذي تعرفه ؟ هل ما بلغك من كلام الله عز وجل وأقوال النبي الكريم مطبَّق في حياتك ؟ هذه واحدة، الآن عمل لا إخلاص فيه، الدنيا مزينة، والعلم له مكانة في الدنيا، وقد ترتقي إلى درجة علمية عالية، وتبلغ سمعة رائعة، ونجمًا متألقا في المجتمع، فهل تريد بالذي تتعلمه وجه الله عز وجل، النبي عليه الصلاة و السلام يحدَّثنا أنه: من تعلّم العلم ليجادل به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو يصرف وجوه الناس إليه فليتجهَّز إلى النار، وقد ورد في الأحاديث الكثيرة أن رجلا مشهورا جدا يُرى يوم القيامة في جهنم، يقال: يا فلان ألست أنت فلانا، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر و آتيه ....." فعلم لا يُعمل به، و عمل لا إخلاص له، الثالثة، وعمل لا اقتداء فيه برسول الله عليه الصلاة و السلام، علم وعمل، العلم ينبغي أن يُعمل به، و العمل ينبغي أن يكون مخلصا وموافقا للسنة، مال لا ينفق منه شيء، هو يوم القيامة حسرة على لا صاحبه، جمّعه في الدنيا فلم ينتفع به، فخسره في لحظة واحدة حينما جاءته المنية، فهذا المال الذي جمَّعه الإنسان إن لم ينفق منه، من زبدته، من خيره، إلى الدار الآخرة فهو في خسارة شديدة، ومرة ثانية الإحساس بالخسارة والندم إحساس لا يوصف، يكاد يذوب المرءُ ألما حينما يضيع ماله، وهل من مصيبةٍ أكبر من أن يأتي الإنسان يوم القيامة صفر اليدين، وقد خلَّف لورثته أموالا طائلة، لذلك اندم الناس غني دخل ورثته بماله الحنة، ودخل هو بماله النار، وأندم الناس عالم دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار، من أدعية قرأتها أن: يا رب إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعدَ بما علَّمتني مني "، أي أنا أعلِّم وأبيِّن وأوضِّح، ويأتي إنسان طالب علم يتعلم، و ينتفع بهذا العلم والذي ألقى العلم لم ينتفع به، أندم الناس عالم دخل الناس بعلمه الجنة، ودخل هو بعلمه النار، " يا رب إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعدَ بما علَّمتني مني، وإني أعوذ بك أن أتزيَّن للناس بشيء يشينك عندك، وإني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك، وإني أعوذ بك أن أقول قولا فيه رضاك ألتمس به أحدا سواك "
رابعا مال لا يُنفق منه، هذا شيء ضائع ومؤلم، الآن قلب فارغ من محبة الله، تنتابه مشاعر كثيرة جدا، يحب زيدا، و يكره عبيدا، ويقدر فلانا ويسمّن فلانا ويحتقر فلانا، مليء بالمشاعر، إلا من محبة الله، قلب فارغ من محبة الله، وإذا أحببت الله أحبّك كلُّ شيء، إذا أحببت الله ألقى حبَّك في قلوب الخلائق، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾
(سورة طه)
ما أخلص عبد لله إلا جعل قلوب المؤمنين تهفو إليه بالمودة و الرحمة، فيجب أن تبحث عن وسائل المحبة لله .
بالمناسبة الله عز وجل رسم منهجا، هناك أشخاص - والعياذ بالله - ليس لهم قاعدة، لا تعلم ما الذي يجعلهم يحبونك، قد تحسن فلا يقبلون، وقد تحسن فلا يرحمونك، لكن الله عز وجل القرآن بين أيدينا،
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)﴾
(سورة البقرة)
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)﴾
(سورة التوبة)
﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾
(سورة البقرة)
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾
(سورة البقرة)
اثنا عشر آية، اجمعها، الله عز وجل أعلم في كتابه أنه يحب هؤلاء، يحب المنصف، ويحب الإنسان المتواضع، يحب الإنسان المحس، والإنسان الصادق، والإنسان المتقي، اقرأ القرآن وانظر، هل الآيات التي تشير إلى سبب محبة الله مطبَّقة فيك ؟ إذًا هو يحبك، وإذا أحبك لك عنده كرامة، لا يمكن أن يحبك دون أن يشعرك أنه يحبك، أحيانا بالتوفيق وبالتيسير، بنعمة تامة، بأولاد أبرار، بسمعة طيبة، براحة نفسية، تحس أنك مرتاح، الذنوب لها أعباء كبيرة جدا، الانحراف ضاغط على النفس، أما المستقيم فيحس براحة كبيرة.
الآن بدن، جسم قوي شديد عتيد، لكنه معطَّل عن طاعة الله، وعن خدمة خلقه، يتكاسل في الصلاة، أما لشيء غير الصلاة نشيط جدا، مروءة أحد الأشخاص بائع قدور، رآه يصلي قاعدا في الدكان، قال له: أريد ذاك القِدر، وضع السلم، أخطأت الذي جنبه، نزل وصعد مرة ثانية، صعد ونزل عشر مرات، تصلي قاعدا، ومن أجل أن تبيع هذه القدر صعدتَ عشر مرات إلى السلم، فالبدن يجب أن يكون في خدمة والخلق، وفي طاعة الله عز وجل، وكلما كانت همَّتك في طاعة الله أكبر كان الله قد رضي الله عنك أكثر .
الآن الدعاء محبة، لا تتقيّد برضا المحبوب:
تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه ذاك لعمري في المقال شنيعُ
لو كان حبُّك صادق لأطعتَـه إنّ المحب لمَن يحب مطيعُ
هذه محبة فارغة، بلا معنى لا تدَّعِها، لا يقبلها الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)﴾
(سورة آل عمران)
علامة حبك لله الصادقة أن تتبع النبيَّ، ومن لم يتّبع النبي فهو كاذب في محبته، خاضوا بحار الهوى دعوى وما ابتلوا، محبة لا تتقيّد برضا المحبوب .
لآن وقت معطَّل عن استدراك ما فرَّط واغتنام برٍّ وتقوى، فرّط، جلسة فارغة، كلام لا معنى له، متابعة أعمال فنية ساقطة، حديث في الغيبة، إن لم تفعل خيرا فأنت آثم، فكيف إذا فعلت الإثم والشر والعدوان، هذا الوقت، أنت بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، محسوبة، واحد له عند الله عز وجل فرضا اثنان وستون سنة و ثمانية أشهر وثلاثة أسابيع و ستة أيام وخمس ساعات وأرع دقائق وثلاث ثوان، امسك ساعة، كل ثانية قرَّبنا، هذا الوقت، أجمل ما قرأت في الوقت: الليل والنهار يعملان فيك - تتغيَّر معالمُ وجهه، تتغير صحته، طبعا الإنسان يصعد و يستقر ثم ينزل، كل واحد له خمسون علة، وكل هذه العلل إشارات لطيفة من الله أنْ: يا عبدي قد قرُب اللقاء فهل أنت مستعد له، فها الوقت ثمين جدا، كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، و على عملك شهيد، تزوَّد مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة، ما الذي يمنع أن تفتح دفترًا تعمل الأعمال الصالحة، اليوم ماذا فعلت ؟ ماذا عملت من عمل نفع به المسلمين، وابتغيت به وجه رب العالمين، كل يوم، سجل لأن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، قال تعالى:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾
(سورة التوبة)
الآن فكْر، مستعد أنْ يقدم لك تحليلات في العلاقات الدولية مذهلة، يتابع، يجول في السياسة و في الاقتصاد، وفي أسعار العملات، وفي مستقبل الاقتصاد في البلد الفلاني، ومصير البشرية، وأسعار التفط، وأسعار القطن، فكر يجول في كل شيء، إلا في معرفة الله، هذا يتألّم، أرقى جهاز منحه الله إياه، يجب أن يجول في معرفة اله، في العمل للآخرة، فكر سيجول فيما لا ينفع .
الآن الوقت تخدم إنسانا لا تقرِّبك خدمته إلى الله أبدا، خدمة ضائعة، شخص ليس أهلا أن تكون في خدمته، أنت لله، أنت جيّرت نفسك لجهة أرضية، أنت احتقرت نفسك حينما جيرت نفسك لجهة أرضية محضتها حبَّك وودّك، وكنت في خدمتها ليلا و نهارا، هذه خدمة ضائعة، وخدمة من لا تقرِّبك خدمته إلى الله عز وجل .
هناك خوف ضائع و رجاء ضائع، أن تخاف من إنسان ليس بيده أمرك، وأنت تكبره و تظن أن بيده أن ينفعك أو يخفضك، وهو عبد مثلك ضعيف، فخوفك و رجاؤك من جهته لا تنفع ولا تضر، هذه الأشياء ضائعة، و يعقبها ألمٌ و خسارة وندم .
أرجو الله سبحانه و تعالى أن تكون هذه الآية:
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾
(سورة آل عمران)
فكل واحد ينوي، واللهِ اليوم، ما مضى فات، و المؤمل غيب، الغد قد لا نعيشه، و من عدَّ غدًا من أجله فقد أساء صحبة الموت، الآن انوِ أن تقتديَ بهذه السيدة الطاهرة، أنها نذرت لله ما في بطنها، وأنت انذر لله ما بيديك، اعمل عملا تبتغي وجه الله، واللهُ سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا .
والحمد لله رب العالمين
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: ماذا قدمت لله؟ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بارك الله فيك على الموضوع القيم
عذب الكلام- مشرف
- عدد المساهمات : 6185
تاريخ التسجيل : 17/01/2011
العمر : 45
مواضيع مماثلة
» ماذا قدمت لله؟ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
» الحفاظ على البيئة في ضوء الإسلام (خطبة الجمعة)لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
» من روائع محمد راتب النابلسي
» كلمة حول قيام الليل لفضيلة د.محمد العريفي
» ماذا قدمت لبلدك ماهو الشئ الذي قدمته لوطنك
» الحفاظ على البيئة في ضوء الإسلام (خطبة الجمعة)لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
» من روائع محمد راتب النابلسي
» كلمة حول قيام الليل لفضيلة د.محمد العريفي
» ماذا قدمت لبلدك ماهو الشئ الذي قدمته لوطنك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi
» لحدود ( المقدرة شرعاً )
الثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi
» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
الأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi
» لا اله الا الله
الأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi
» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
الثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi
» عيدكم مبارك
الإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi
» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
السبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi
» لاتغمض عينيك عند السجود
السبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi
» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
الخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi