ترانيم القدر

ألأني أحببتك يا قمري
وإلى عينيك وهبتك عمري
ألأني أعاقر كاس الحب
ونديمي عينيك ..ومر الصبر
ألأني أهواك منذ ميلادي
وهواك يلازمني.. حتى القبر
لم أكتب يوما حرفا لسواك
لم يخطط قلمي حتى السطر
قلبي يعرفـك منذ زمان
لم يعرف غـيرك أو ينتظر
يعرف أين يلاقيك
يعلم وقت بكاءك والضجر
يعرف أين الفرحة تختال
على تلك الوجـنات النضر
يعلم من أنت .. ومن هو
يعرف عنك.. يسير.. اليسر
كم كنا نحضن فرحتـنا
دون الشمـس ودون القمر
وعند بزوغ الفجر فراقاً
كم كانت دمعتنا تجــري
كم كنا نرجو بقاء الليل
وسماء أنتي فيــها الـبدر
لكن شياطين العالم لم ترحم
طفولتنا وربيــع العمـر
لم أعرف أن الموت سيخطفها
من بين يدي ومـا أدري
هل هذا من فعل الشيطان
أم الموت القادم من رحم القدر
كيف لهذا العالم أن يصحو
كـيف لأمة ماتت أن تجري
هيهات فما عاد لنا بيت
ولا سقـف يحمينا لظى الحر
هيهات فما عاد لنا بطل
ينجـينا من بغي الــقذر
هيهات فما عاد لنا عز
يحــمينا من غدر الغدر
نحن شعوب متآكلـة
ضـاعت هيبــتها ولا ندري
بهجتنا كأس وبــغي
همتنا رفع الرايات الحمـر
ملونة بدماء ضـحايانا
من الشيشان إلى جزر القمر
وصحائفنا تزداد سواداً
وموائدنا مازالت خـضر
ومخا زينا يعرفها القاصي
والداني من المهد إلى القبر
فهل يولد فينا بطـل
يعيد العذراء إلى الخـدر
ويعيد مهابة أمتنا
ويعيد كرامتنا من يدري
جسدي مثل قلعة سوف تغلق كل أبوابهاوجفونها وفمها وفتحات أذنيها ..
وسوف أرفع في داخلي كل السلالم التي منها أطل من أسواري على ما حولي ..
وسأهبط أدراجي إلى قبوي المعتم ، ومن هناك سأحفر في الجدار لصق التراب ..
سأحفر ثغرة صغيرة تتسع لخروجي وحدي ،وسأخرج وحدي متسللة من
ذاتي إلى الليل حيث الغابة تنتظرني .. !
الغابة بكل ما فيها من أسرار ستنفنح لي وحدي كالصدفة ..وتأخذني إلى أسرارها العجائبية ..
لن أخاف وسأمضي وحدة من دون يد جريجورى ..
فالثغرة التي فتحتها لا تتسع إلا لخروج شخص واحد !
وهي تنسد بعد خروجه تلقائيا ..
سأتدحرج بعيدا عن الورق والقلم
وأرحل من دون حتى علائم طريق ترشد إلى السبيل
التي سلكتها في دربي إلى الهاوية .. !!
لا أريد أن أبرر لأحد شيئاً ..
المهم أن أنهار بعيدا عن القلم والورق ..
لا أحب مشهد أضرحة الشهداء .. أحب الموت السري
قال لي طبيبي الجراح متحديا :
_ قارني بين المبضع والقلم !!
قلت بهدوء الواثق من مبادئ مهنته :
سيدي .. المبضع يعالج الأجساد .. والقلم يعالج الأرواح ..
وما أسهل علاج الأجساد المريضة ..
وما أصعب علاج الأرواح السقيمة .. !
يظل علاج الأجساد بالمباضع علمًا يلقن في الجامعات وفي بطون الكتب ..
أما علاج الأرواح بالقلم فهو هبة الخالق ..
مُحال أن يُلقن في جامعات .. أو يُشرح في كتب !!
وكم من طبيب تحول إلى أديب ..
لأنه أدرك أن علاج الروح أهم من علاج الجسد
" انتصار العقيل "
المجانين هم رواد الحقيقة المدفونة في أعماق النفس البشرية ..
هم " رواد " عالم الروح ..
ونحن بحاجة إليهم أكثر من رواد الفضاء ..
إنهم كهنة النفس البشرية .. ولذا ..
إذا استطعنا اقناعهم بالعودة إلى عالمنا ،وقبولهم بالحوار العتيق معنا ..
فقد يكون لديهم الكثير من الأسرار الي تهدينا إلى يقين ما
وهكذا ..
فالمجنون الذي يعود إلينا ليمنحنا تجربته ..
هو كنصف المبصر الذي يقود أعمى في مجاهل الحقيقة الإنسانية
" غادة السمان
الحب في خيمة الاكسجين .. في غرفة الإنعاش ..
شبح الموت يحوم حول الجسد المسجي على أرض الشك !!
في هذه المرحلة نادرا ما يتم إنقاذ هذا المحتضر ..
وإن أُنقذ ..
يظل بقية عمره عليلاً مهزوما مخنثا بالجراح ..
وشروخ صدعت جسده ..
معاناة نقص الأوكسجين تؤدي إلى
اختلال في خلايا دماغ العواطف ..
فتُسبب إعاقة مزمنة للمصاب ..
" انتصار العقيل "
كل يوم يمر بي ..
يزيدني يقيناً بأن الرحيل هوأسوأ طريقة للإبتعاد ..
وأسخف وسيلة للفراق ..
أي هرب ، ما دامت الأشياء تسكننا؟!
وما دمنا حين نرحل هربا منها.. نجد أنفسنا معها وجها لوجه !
الذي تسكنه الكتابة ،لا يستطيع أن يكسر قلمه ..
ويذهب في إجازة غير مكتوبة !
"غادة السمان "
في التنفس تحت الماء اكتشفت أني كما فوق اليابسة ..
لا أخفي رأسي بين أضلعي هروبا من مواجهة مع أي كان !!
ولا خوفا من مصادمة بسبب أية قضية أنا مؤمنة بها ..
إنما إخفائي رأسي بين أضلعي أو تحت الماء
هو رحيل إلى الأعماق ..
الرحيل إلى الأعماق ماهو إلا للإسترخاء المريح
والتفكير الهدائ المتزن ..
إنه عزل التفس عن كل المؤثرات الخارجية
بكل ما فيها من إحباط ومرارة وعذاب ..
وما أن ترفع رأسك لتخطف نفسا عميقا قويا ..
حتى تدرك أن مجرد إخراجك رأسك مرفوعا شامخا ..
هو إعلان لإستمرارك برغم كل الصعاب والعقبات !
ومع كل خبطة للماء بيدك أو بقدمك ، تشعر أنك تخبط الخوف ..
الخوف من الماء .. !!
الماء هذا المجهول الذي كان بالأمس يخيفك..
اليوم ما عاد يخيفك .. ليس فقط اعتدته .. بل أحببته !؟
"انتصار العقيل "
سواء كنا حقاًمن نسل أقوام ذكية تقطن كوكباً آخر أو لا ..
وسواء كانت مشاعر الغربة في قلوبنا
حنينا غامضاً للعودة إلى آبائنا الأصليين أو لا ..
وسواء كانت هذه النظرية حقيقة علمية أو لا ..
فإنها تظل حجراً ذهبياً يرمي به أصحابها
في مستنقعات الخيال الراكدة في قلوبنا ..
والتي تزيدها متطلبات الحياة اليومية وروتينها ركودا ً ..
وتظل قرائتها متعة ...
فإذا ما ضاقت بك الحياة ذات يوم ..
وحلمت بالهجرة إلى وطن آخر ..
فإنك تستطيع اليوم أن تحلم بهجرة إلى كوكب آخر تماماً ..
ولكن .. هل كل ما يبقى من هذه النظرية هو الحلم ؟!
"غادة السمان "
إن القيد والهوى توأمان لا يفترقان ..
والقيد في الهوى نعمة ورحمة ومتعة
إذا أردنا لهذا الحب أن يظل متقداً أزليا ..
لكن بشرط ..
أن يكون الإنسان هو ذات نفسه من يضع قيد الهوى في معصمه ..
وهو من يشده .. ويحرص ألا يُكسر !!
بل يحافظ عليه سليما قويا متيناً ..
قيد الهوى لا يضعه الأخر في معصمنا ، بل نحن من نفعل ذلك ..
بذلك القيد نُرقي أرواحنا ..
لأنه التزام مع أنفسنا .. وليس مع الأخر !!
إنه يُظهر احتراماً وحماية وتحصيناً لقراراتنا العاطفية والوجدانية !!
نحن فقط القادرون على حماية مشاعرنا
من أخطار تقلبات أهوائنا البشرية !!
يجعل في قلبنا حباً واحداً أزلياً ..
"انتصار العقيل "
حينما تصير أيامنا تلاً من الزجاج المكسر ..
علينا أن نزحف فوقه بصدورنا العارية ..
وحينما يستحيل وجودنا كله إلى شريان مقطوع ..
شريان ينبض بشراسة مستسلمة .. ولا يدري متى يطول نزفه !
لا يمكن أن نمنح الخلود لشئ غير موجود !!
" غادة السمان

شكرا لردودكم العطرة