المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ريانية العود | ||||
عادل لطفي | ||||
عذب الكلام | ||||
zineb | ||||
azzouzekadi | ||||
بريق الكلمة | ||||
TARKANO | ||||
ليليان عبد الصمد | ||||
ام الفداء | ||||
السنديانة |
بحـث
.ft11 {FONT-SIZE: 12px; COLOR: #ff0000; FONT-FAMILY: Tahoma,Verdana, Arial, Helvetica; BACKGROUND-COLOR: #eeffff}
.IslamicData
{ font-family: Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif;
font-size: 10pt; font-style: normal; line-height: normal; font-weight:
normal; font-variant: normal; color: #000000; text-decoration: none}
الساعة
عدد زوار المنتدى
النزعة الأنسانية في القرأن
صفحة 1 من اصل 1
النزعة الأنسانية في القرأن
النزعة الإنسانيّة في القرآن
القرآن كتاب عربي، نزل بلغة العرب، وصِيغَ بلهجة أوسط القبائل العربية: قريش.
وكتابٌ هذا شأنه، كان ينبغي –لو أنه ظهر في الأرض ولم ينزل من السماء- أن يتأثر تأثراً ما، من حيث مبادئه وأفكاره، بنزعة البيئة أو الإقليم أو القوم الذين ظهر بينهم وجاء بلغتهم، كما هو الشأن لعامّة الكتب والمؤلفات الأخرى.
ولكنك لا تبصر من ورائه إلا السمة الإنسانية المطلقة، فهو في كل ما يصدر عنه من عقيدة وأخلاق وتشريع وصفات، إنما يقدم من ذلك كله ثوباً قد فصِّل على قدر الحقيقة الإنسانية كلها أينما وجدت وكيفما تنوعت.
ومهما نظرت في هذا الثوب، فلن تجد فيه أي مظهر لطابع البيئة أو القبيلة، سواء في شكله أو جوهره.
وهذا ما نعنيه عندما نصف القرآن بأنه: إنساني النزعة في كلٍّ من موضوعه وأسلوبه. فلنشرح هذا الوصف بالقدر الذي يفي بغرضنا من هذا الكتاب.
وكتابٌ هذا شأنه، كان ينبغي –لو أنه ظهر في الأرض ولم ينزل من السماء- أن يتأثر تأثراً ما، من حيث مبادئه وأفكاره، بنزعة البيئة أو الإقليم أو القوم الذين ظهر بينهم وجاء بلغتهم، كما هو الشأن لعامّة الكتب والمؤلفات الأخرى.
ولكنك لا تبصر من ورائه إلا السمة الإنسانية المطلقة، فهو في كل ما يصدر عنه من عقيدة وأخلاق وتشريع وصفات، إنما يقدم من ذلك كله ثوباً قد فصِّل على قدر الحقيقة الإنسانية كلها أينما وجدت وكيفما تنوعت.
ومهما نظرت في هذا الثوب، فلن تجد فيه أي مظهر لطابع البيئة أو القبيلة، سواء في شكله أو جوهره.
وهذا ما نعنيه عندما نصف القرآن بأنه: إنساني النزعة في كلٍّ من موضوعه وأسلوبه. فلنشرح هذا الوصف بالقدر الذي يفي بغرضنا من هذا الكتاب.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: النزعة الأنسانية في القرأن
أولاً- النزعة الإنسانية في القرآن من حيث الموضوع:
تتجلى النزعة الإنسانية في عامة موضوعات القرآن، فلنتلمسها في كل موضوع على حدة:
أ- العقيدة: أوضح القرآن وحدانية الله جل جلاله ومالكيته للعالم كله، دون تمييز بين رقعة وأخرى منه، ودون أن يخصّ بخطابه في هذا البيان فئة معينة. فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وقال: ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الجاثية: 36].
وأوضح بعثة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام إلى البشر كلهم في بقاع الأرض، وفي كل الأزمنة التالية، دون أي نظرة خاصة في ذلك إلى الذين بعث من بينهم أو البيئة التي ظهر فيها فقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 108] وقال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1] وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: 88].
وقرر عبودية الإنسان لله عز وجل، لا فرق بين عرق وآخر أو بيئة وأخرى ولم يلحظ في ذلك أي خصوصية أو امتياز بين العرب الذين كان الرسول منهم وبين أي جماعة أخرى من الناس. فقال: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا93/لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ [مريم: 93و94] وقال: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 18].
ولفت أنظار الناس إلى أدلة وجود الله ووحدانيته، فلم يقدم أي دليل يخصّ بيئة معينة، أو يوجد لدى قوم بخصوصهم، أو تفهمه طبقة دون سواها. وإنما عرض من ذلك ما يفهمه ويألفه كل إنسان وفي كل زمان ومكان. والآيات التي تتضمن الأدلة المختلفة على وجود الله ووحدانيته كثيرة ومشهورة، لا داعي إلى الإطالة بذكرها. فتأملها تجدها متجهة إلى الفكر الإنساني العام المتمثل في سائر الفئات والجماعات.
ب- التشريع: إذا أمعنت النظر، وجدت قانون كل أمة أو دولة أو جماعة من الناس، إنما يعكس طبيعتها وأعرافها ويتجاوب مع ظروفها فشريعة كل أمة إذاً تعبير عن حاجتها ومتطلباتها فقط دون أي نظر إلى ما وراء حدودها.
غير أن التشريع القرآني لا تجد فيه أي منزع إلى عرق أو طائفة أو جماعة.. وإنما هو ينبثق عن أسس ومبادئ إنسانية مطلقة، بحيث تأتي عامة فروعه متطابقة معها في دقة واطّراد.
تتجلى النزعة الإنسانية في عامة موضوعات القرآن، فلنتلمسها في كل موضوع على حدة:
أ- العقيدة: أوضح القرآن وحدانية الله جل جلاله ومالكيته للعالم كله، دون تمييز بين رقعة وأخرى منه، ودون أن يخصّ بخطابه في هذا البيان فئة معينة. فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وقال: ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الجاثية: 36].
وأوضح بعثة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام إلى البشر كلهم في بقاع الأرض، وفي كل الأزمنة التالية، دون أي نظرة خاصة في ذلك إلى الذين بعث من بينهم أو البيئة التي ظهر فيها فقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 108] وقال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1] وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: 88].
وقرر عبودية الإنسان لله عز وجل، لا فرق بين عرق وآخر أو بيئة وأخرى ولم يلحظ في ذلك أي خصوصية أو امتياز بين العرب الذين كان الرسول منهم وبين أي جماعة أخرى من الناس. فقال: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا93/لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ [مريم: 93و94] وقال: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 18].
ولفت أنظار الناس إلى أدلة وجود الله ووحدانيته، فلم يقدم أي دليل يخصّ بيئة معينة، أو يوجد لدى قوم بخصوصهم، أو تفهمه طبقة دون سواها. وإنما عرض من ذلك ما يفهمه ويألفه كل إنسان وفي كل زمان ومكان. والآيات التي تتضمن الأدلة المختلفة على وجود الله ووحدانيته كثيرة ومشهورة، لا داعي إلى الإطالة بذكرها. فتأملها تجدها متجهة إلى الفكر الإنساني العام المتمثل في سائر الفئات والجماعات.
ب- التشريع: إذا أمعنت النظر، وجدت قانون كل أمة أو دولة أو جماعة من الناس، إنما يعكس طبيعتها وأعرافها ويتجاوب مع ظروفها فشريعة كل أمة إذاً تعبير عن حاجتها ومتطلباتها فقط دون أي نظر إلى ما وراء حدودها.
غير أن التشريع القرآني لا تجد فيه أي منزع إلى عرق أو طائفة أو جماعة.. وإنما هو ينبثق عن أسس ومبادئ إنسانية مطلقة، بحيث تأتي عامة فروعه متطابقة معها في دقة واطّراد.
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: النزعة الأنسانية في القرأن
ولنضرب أمثلة لإيضاح هذه الحقيقة:
سورة النساء، من السور التي تفيض بالأحكام التشريعية المتعلقة بتنظيم الأسرة وحقوق المرأة، ونظام الحكم، وتقويم العدالة وضبط حقيقتها. فانظر كيف بدأت هذه السورة بوضع الركيزة الأساسية لتلك الأحكام كلها، وكيف لفتت أنظار الذين سينصتون إلى هذه الأحكام التالية، إلى أن المنطلق إلى تقريرها ووجوب الأخذ بها إنما هو النظر إلى مصلحة الأسرة الإنسانية المطلقة دون أي التفات إلى الظروف المتنوعة والمختلفة للبيئات والجماعات. وهذه هي الركيزة الأساسية:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].
فالمنطلق لتقرير كل الأحكام والتشريعات إنما هو الرحم الإنسانية العامة. ففي سبيلها ستتلى الأحكام التالية، وعلى ضوئها ينبغي أن تفهم حقيقة المقررات التشريعية التي تفيض بها السورة.
وتمضي في قراءة السورة، فتجد سلطان هذا المنطلق الأول ممتداً إلى سلسلة الأحكام والتنظيمات التالية كلها: حقوق اليتامى، وحقوق النساء، فرائض الميراث، أحكام النكاح ومقوِّمات الأسرة، نظام الحكم وسلطان الحاكم، والعدالة الاجتماعية وميزانها. وليس في فرع من فروعها أو أي جانب من جوانبها انعكاس ما لنظرة إقليمية أو عرقية أو امتيازات طائفية، بحيث تضيق من النظرة الإنسانية الشاملة التي كانت المنطلق والأساس.
ولنجسد هذه الحقيقة بمثال للميزان القرآني الذي وضع لمعنى العدالة أساساً للتشريع:
رجل من أهل المدينة اسمه: طعمة بن أبيرق، سرق درعاً من جار له، يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في كيس فيه دقيق فخبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين، وكان الدقيق ينتثر من الجراب في الطريق فاتّهم قتادة طعمة بالسرقة، والتمس الدرع عنده فلم توجد، وحلف لهم: والله ما أخذها وما له بها من علم. ثم اتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى اليهودي فأخذوه فقال لهم: لقد دفعها إليّ طعمة بن أبيرق، فلم يصدقه أحد. وجاء بنو ظفر –وهم قوم طعمة- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يدافع عن صاحبهم تجاه اتهام اليهودي له بالسرقة واتهامه بأنه هو الذي أعطاه الدرع. وكان قوم طعمة قد تواطئوا مع صاحبهم أن يستميلوا النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، كي لا يجد اليهودي أُذناً صاغية له. واقتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بذلك وهمَّ بأن يدافع عنه ويحكم على اليهودي بالسرقة. فنزلت هذه الآيات المتتالية من سورة النساء، توضح للنبي الحقيقة وتفضح ما بيّته المنافقون فيما بينهم، وتكشف للنبي صلى الله عليه وسلم سبيل الحكم العادل المتجرد.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا105/وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا106/وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا107/يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا108/هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً109/وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا110/وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا111/وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا112/وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [النساء: 106- 113].
سورة النساء، من السور التي تفيض بالأحكام التشريعية المتعلقة بتنظيم الأسرة وحقوق المرأة، ونظام الحكم، وتقويم العدالة وضبط حقيقتها. فانظر كيف بدأت هذه السورة بوضع الركيزة الأساسية لتلك الأحكام كلها، وكيف لفتت أنظار الذين سينصتون إلى هذه الأحكام التالية، إلى أن المنطلق إلى تقريرها ووجوب الأخذ بها إنما هو النظر إلى مصلحة الأسرة الإنسانية المطلقة دون أي التفات إلى الظروف المتنوعة والمختلفة للبيئات والجماعات. وهذه هي الركيزة الأساسية:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1].
فالمنطلق لتقرير كل الأحكام والتشريعات إنما هو الرحم الإنسانية العامة. ففي سبيلها ستتلى الأحكام التالية، وعلى ضوئها ينبغي أن تفهم حقيقة المقررات التشريعية التي تفيض بها السورة.
وتمضي في قراءة السورة، فتجد سلطان هذا المنطلق الأول ممتداً إلى سلسلة الأحكام والتنظيمات التالية كلها: حقوق اليتامى، وحقوق النساء، فرائض الميراث، أحكام النكاح ومقوِّمات الأسرة، نظام الحكم وسلطان الحاكم، والعدالة الاجتماعية وميزانها. وليس في فرع من فروعها أو أي جانب من جوانبها انعكاس ما لنظرة إقليمية أو عرقية أو امتيازات طائفية، بحيث تضيق من النظرة الإنسانية الشاملة التي كانت المنطلق والأساس.
ولنجسد هذه الحقيقة بمثال للميزان القرآني الذي وضع لمعنى العدالة أساساً للتشريع:
رجل من أهل المدينة اسمه: طعمة بن أبيرق، سرق درعاً من جار له، يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في كيس فيه دقيق فخبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين، وكان الدقيق ينتثر من الجراب في الطريق فاتّهم قتادة طعمة بالسرقة، والتمس الدرع عنده فلم توجد، وحلف لهم: والله ما أخذها وما له بها من علم. ثم اتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى اليهودي فأخذوه فقال لهم: لقد دفعها إليّ طعمة بن أبيرق، فلم يصدقه أحد. وجاء بنو ظفر –وهم قوم طعمة- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يدافع عن صاحبهم تجاه اتهام اليهودي له بالسرقة واتهامه بأنه هو الذي أعطاه الدرع. وكان قوم طعمة قد تواطئوا مع صاحبهم أن يستميلوا النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، كي لا يجد اليهودي أُذناً صاغية له. واقتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بذلك وهمَّ بأن يدافع عنه ويحكم على اليهودي بالسرقة. فنزلت هذه الآيات المتتالية من سورة النساء، توضح للنبي الحقيقة وتفضح ما بيّته المنافقون فيما بينهم، وتكشف للنبي صلى الله عليه وسلم سبيل الحكم العادل المتجرد.
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا105/وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا106/وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا107/يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا108/هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً109/وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا110/وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا111/وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا112/وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ [النساء: 106- 113].
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: النزعة الأنسانية في القرأن
فقد ذاب في ميزان العدالة في التشريع الإسلامي، العرق والقرابة والطائفية والتبعية، ولم يبق فيه إلا اعتبار واحد: هو الحقيقة الإنسانية المطلقة.
ج- الأخلاق والمبادئ: ليس الخلق النبيل في القرآن، عبارة عن السلوك الذي ينسجم مع ما تواضعت عليه البيئة أو الجماعة المعينة من المعايير السلوكية والخلقية المستحسنة، كما هي النظرة لدى عامة الذين بحثوا من عند أنفسهم في مقوِّمات الفضيلة والأخلاق.
وإنما الأخلاق والفضيلة في القرآن، مجموعة الاعتبارات والمناهج السلوكية التي تتلاءم مع الفطرة الإنسانية الصافية من جانب، وتساعد في إرساء قواعد السعادة الإنسانية للفرد والجماعة من جانب آخر. ومن ثم فأنت لا تجد في هذه المناهج السلوكية قابلية للاختلاف والتغيّر ما بين بيئة وأخرى، لأنها لم تنشأ من أعراف بيئة، ولكنها انبثقت عن الفطرة الإنسانية الشاملة.
فمن المبادئ الخلقية في القرآن، اعتبار الناس كلهم، مهما اختلفت أعراقهم وأنسابهم وبيئاتهم، في مستوى واحد من الكرامة والحرية الإنسانية، ولا يتفاضلون بعد ذلك إلا بما يحرزه كلٌّ منهم من السبق بسعيه الخاص في ميدان الجهد الإنساني المفيد المشرف. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].
ومن المبادئ الخلقية في القرآن، إلزام الأبناء بحسن معاملة الآباء وخفض جناح اللطف والرحمة لهم، مهما كان بين الطرفين من تباعد في الرأي أو اختلاف في المذهب. وهو مبدأ إنساني غير ناظر إلى طبيعة خاصة أو عُرْف معين، يقتضيه ضمان سلامة الأسرة الإنسانية التي تتدرج صعداً من الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة. يقول الله عز وجل: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ14/وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [لقمان: 13و15].
ومن المبادئ القرآنية العامة ما أثبته القرآن من أن الإنسان لا يلاحق أو يؤاخذ إلا بما اجترحه بنفسه، وأنه لا يؤخذ بعمل غيره أو بشيء من مظاهر الطبيعة وأحداثها فيقول: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾ [الإسراء: 13] ويقول: ﴿مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: 15]. وتأمل في كل ما وصّى به القرآن من المبادئ الأخلاقية، تجد المعنى الإنساني وحده هو المتمثل فيها وهو الأساس في
ج- الأخلاق والمبادئ: ليس الخلق النبيل في القرآن، عبارة عن السلوك الذي ينسجم مع ما تواضعت عليه البيئة أو الجماعة المعينة من المعايير السلوكية والخلقية المستحسنة، كما هي النظرة لدى عامة الذين بحثوا من عند أنفسهم في مقوِّمات الفضيلة والأخلاق.
وإنما الأخلاق والفضيلة في القرآن، مجموعة الاعتبارات والمناهج السلوكية التي تتلاءم مع الفطرة الإنسانية الصافية من جانب، وتساعد في إرساء قواعد السعادة الإنسانية للفرد والجماعة من جانب آخر. ومن ثم فأنت لا تجد في هذه المناهج السلوكية قابلية للاختلاف والتغيّر ما بين بيئة وأخرى، لأنها لم تنشأ من أعراف بيئة، ولكنها انبثقت عن الفطرة الإنسانية الشاملة.
فمن المبادئ الخلقية في القرآن، اعتبار الناس كلهم، مهما اختلفت أعراقهم وأنسابهم وبيئاتهم، في مستوى واحد من الكرامة والحرية الإنسانية، ولا يتفاضلون بعد ذلك إلا بما يحرزه كلٌّ منهم من السبق بسعيه الخاص في ميدان الجهد الإنساني المفيد المشرف. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].
ومن المبادئ الخلقية في القرآن، إلزام الأبناء بحسن معاملة الآباء وخفض جناح اللطف والرحمة لهم، مهما كان بين الطرفين من تباعد في الرأي أو اختلاف في المذهب. وهو مبدأ إنساني غير ناظر إلى طبيعة خاصة أو عُرْف معين، يقتضيه ضمان سلامة الأسرة الإنسانية التي تتدرج صعداً من الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة. يقول الله عز وجل: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ14/وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [لقمان: 13و15].
ومن المبادئ القرآنية العامة ما أثبته القرآن من أن الإنسان لا يلاحق أو يؤاخذ إلا بما اجترحه بنفسه، وأنه لا يؤخذ بعمل غيره أو بشيء من مظاهر الطبيعة وأحداثها فيقول: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾ [الإسراء: 13] ويقول: ﴿مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: 15]. وتأمل في كل ما وصّى به القرآن من المبادئ الأخلاقية، تجد المعنى الإنساني وحده هو المتمثل فيها وهو الأساس في
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: النزعة الأنسانية في القرأن
المعنى الإنساني وحده هو المتمثل فيها وهو الأساس في الدعوة إليها والأمر بها.
ثانياً- النزعة الإنسانية في القرآن من حيث الأسلوب:
يركِّز الأسلوب القرآني، فيما يعبّر عنه من الموضوعات والمعاني، على السمة الإنسانية الشاملة؛ ويحاذر أن يأتي في خطابه للناس أو في شيء من تعليقاته على الأحداث، بما ينبّه فكر القارئ إلى خصوص بيئة أو عرق أو إقليم أو جماعة معينة من الناس.
فأنت ترى الخطاب القرآني يتجه إلى المخاطبين، مستعملاً كلمة: الناس، أو بني آدم أو المؤمنين. ولم ترد ولو مرة كلمة العرب أو قريش، أو أهل كذا، أو ما يشابه ذلك من صيغ الخطاب الخاصة بفئة معينة من الناس. وإليك نموذجاً من النداءات القرآنية:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: 1].
﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: 26].
﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ [يس: 60].
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158].
ثم إن القرآن، رغم نزوله كما علمت، متدرجاً، ومع مناسبات الوقائع وجواباً على الأسئلة والمشكلات، فإنه لم يربط أحكامه وبياناته بشيء من تلك الوقائع والمشكلات، ولم يسجل أي اسم من أسماء أولئك الذين نزلت في حقهم آيات وأحكام، وإنما نزلت الآيات موضوعية عامة، دون أن تذكر اسم شخص أو تنزل إلى مستوى مشكلة بخصوصها. وذلك كي يبقى القرآن في كلٍّ من أسلوبه وموضوعه كتاباً إنسانياً يضع المبادئ والمناهج للبشر كلهم، ويشرّع الأحكام والأنظمة للإنسانية جمعاء.
ولقد مرّت بك في أسباب النزول نماذج كثيرة من الآيات التي نزلت بمناسبات معينة ذمّاً أو مدحاً لأشخاص بأعيانهم؛ ولكنها جاءت بصيغ العموم وبأسلوب موضوعي دون ذكر اسم لأحد.
ومن أجل هذا كان من القواعد الفقهية المتفق عليها قولهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
أي إن خصوصية السبب لا تؤثر على عموم الصيغة ولا تضيق شيئاً من عمومها لأن منهج القرآن أنه يبني على الوقائع الخاصة أحكاماً ومبادئ عامة.
ثانياً- النزعة الإنسانية في القرآن من حيث الأسلوب:
يركِّز الأسلوب القرآني، فيما يعبّر عنه من الموضوعات والمعاني، على السمة الإنسانية الشاملة؛ ويحاذر أن يأتي في خطابه للناس أو في شيء من تعليقاته على الأحداث، بما ينبّه فكر القارئ إلى خصوص بيئة أو عرق أو إقليم أو جماعة معينة من الناس.
فأنت ترى الخطاب القرآني يتجه إلى المخاطبين، مستعملاً كلمة: الناس، أو بني آدم أو المؤمنين. ولم ترد ولو مرة كلمة العرب أو قريش، أو أهل كذا، أو ما يشابه ذلك من صيغ الخطاب الخاصة بفئة معينة من الناس. وإليك نموذجاً من النداءات القرآنية:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: 1].
﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: 26].
﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ [يس: 60].
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158].
ثم إن القرآن، رغم نزوله كما علمت، متدرجاً، ومع مناسبات الوقائع وجواباً على الأسئلة والمشكلات، فإنه لم يربط أحكامه وبياناته بشيء من تلك الوقائع والمشكلات، ولم يسجل أي اسم من أسماء أولئك الذين نزلت في حقهم آيات وأحكام، وإنما نزلت الآيات موضوعية عامة، دون أن تذكر اسم شخص أو تنزل إلى مستوى مشكلة بخصوصها. وذلك كي يبقى القرآن في كلٍّ من أسلوبه وموضوعه كتاباً إنسانياً يضع المبادئ والمناهج للبشر كلهم، ويشرّع الأحكام والأنظمة للإنسانية جمعاء.
ولقد مرّت بك في أسباب النزول نماذج كثيرة من الآيات التي نزلت بمناسبات معينة ذمّاً أو مدحاً لأشخاص بأعيانهم؛ ولكنها جاءت بصيغ العموم وبأسلوب موضوعي دون ذكر اسم لأحد.
ومن أجل هذا كان من القواعد الفقهية المتفق عليها قولهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
أي إن خصوصية السبب لا تؤثر على عموم الصيغة ولا تضيق شيئاً من عمومها لأن منهج القرآن أنه يبني على الوقائع الخاصة أحكاماً ومبادئ عامة.
- المصدر:
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi
» لحدود ( المقدرة شرعاً )
الثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi
» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
الأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi
» لا اله الا الله
الأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi
» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
الثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi
» عيدكم مبارك
الإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi
» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
السبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi
» لاتغمض عينيك عند السجود
السبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi
» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
الخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi