المسلمون في تايلاند (1)..عقيدة شامخة في طبيعة معطاء

الإسلام وصل إلى تايلاند منذ القرن الثاني عشر عن طريق تجار اليمن وفارس والهند
المسلمون تقلدوا مناصب رسمية مهمة وعملوا سفراء ومستشارين لدى الملك

:
رغم غزارة الدراسات التي تناولت وصول وانتشار الإسلام في دول شرق آسيا كماليزيا واندونيسيا وسنغافورة وحتى الصين، فإن الباحث يجد ندرة في الكتب والمراجع التي تتعرض لتاريخ الإسلام في تايلاند، لكن بعض الأبحاث تشير إلى أن الدين الحنيف وصل إلى جنوب تايلاند ما بين القرنين الثاني عشر إلى القرن الخامس عشر، وهي الفترة التي بدأت مملكة سيام (الاسم القديم لتايلاند) بإقامة علاقاتها التجارية والاقتصادية والسياسية مع بعض الدول والإمارات الإسلامية بآسيا،
وتذكر بعض المصادر أن الإسلام الذي ضرب بجذوره في المنطقة وصل إليها عن طريق التجار المسلمين والدعاة المهاجرين من جنوب الجزيرة العربية (اليمن) وبلاد فارس والهند وباكستان والصين، حيث لم يقتصر نشاط المسلمين المهاجرين إلى تايلاند على التجارة فقط، بل تولى كثير منهم وظائف عامة ومناصب مهمة في إدارة البلاد، وتم منح بعضهم إقطاعيات زراعية واسعة، بل وصل الكثير منهم إلى مراتب مهمة في العديد من المجالات الإدارية كالشؤون التجارية والعلاقات الخارجية والجيش، وتم تعيين البعض منهم سفراء، فكان أول سفير لتايلاند بإيران مسلم من أصل عربي يدعى "علي سالم"، كما عمل الكثير من المسلمين مستشارين لدى الملك، فقد عين احدهم واسمه "الشيخ أحمد" بوظيفة استشارية مهمة تعادل منصب رئيس الوزراء حاليا، حيث كان يشرف على ما يعرف الآن بوزارتي الخارجية والتجارة، بالإضافة إلى قيامه بمهمة المستشار الخاص للملك في ما يتعلق بالشؤون الإسلامية.
وخلال تلك الفترة، قام المسلمون بقيادة الشيخ أحمد بدور مهم في بناء مملكة سيام، واستبسلوا بالدفاع عنها عندما أغارت عليها بورما للمرة الأولى، وظهر تأثيرهم واضحا في الثقافة والفنون والآداب والأزياء واللغة والحرف التي لا تزال محل تقدير بالغ من الزوار المحليين والأجانب، وتوجد الآن في اللغة التايلاندية العديد من الكلمات من أصل عربي أو فارسي، حتى أن بعض الرحالة الأوروبيين صرح بعد إشادته بالمكانة المميزة التي حققها المسلمون في تايلاند ووجودهم الفعال في القطاعات التجارية والخارجية قائلا:" لو تأخر قدوم الأوروبيين إلى سيام خمسين عاما لتحولت إلى دولة إسلامية".
فطاني.. مركز الإشعاع الإسلامي
يوجد المسلمون في تايلاند حاليا في خمس محافظات جنوبية هي فطاني وناراثيوات وجالا وساتون وسونغكلا، بالإضافة إلى العاصمة بانكوك ومحافظة ايوتيا، وهم في غالبيتهم من أصول ملايوية ثم عربية وفارسية وهندية، وتشير بعض الإحصائيات إلى أن نسبة المسلمين في المنطقة الجنوبية 80.5 % وبانكوك 10،6 % والمنطقة الوسطى 8،2 % والمنطقة الشمالية 0،52 % أما منطقة الشمال الشرقي فتبلغ 0،16 %.
وكانت فطاني، قبل ضمها لمملكة تايلاند عام 1902، من أوائل المراكز الإسلامية في تلك المنطقة، إذ انتشر فيها الإسلام بشكل واسع بعد اعتناق احد ملوكها الدين الحنيف عام 1458 اثر شفائه من مرض جلدي على يد طبيب مسلم من سومطرة، ومنذ ذلك الوقت، برزت فطاني كإمبراطورية كبيرة متقدمة في جميع مناحي الحياة، وصارت مركزا اقتصاديا يستقطب تجار الشرق والغرب، وميناء للسفن التي تحمل البضائع والتجارة القادمين من والى البلاد العربية والهند والصين، بالإضافة إلى اعتبارها مركزا لانطلاق مراكب الحجّاج إلى مكة المكرمة والديار المقدسة.
كما أصبحت مركزا ثقافيا إسلاميا مهما في جنوب شرق آسيا، ظهر فيها الكثير من العلماء، وانتشرت فيها الثقافات المتميزة والأنشطة العلمية واللغوية، واستمرت في هذا التقدم والرقي والإشعاع، حتى عرفت كدولة إسلامية مستقلة ومتطورة يقصدها الجميع من كل الدول، ومركزا للتعليم والتأليف والترجمة في جنوب شرق آسيا، يتولى تخريج أفواج من العلماء والمؤلفين والمترجمين الذين عرفوا بمؤلفاتهم الإسلامية القيمة في أصول الدين والفقه.







منقول

ريانية