إستعمال ورق الصحف فى تغليف الأطعمة يصيب الإنسان بالأنيميا والسرطان والفشل الكلوى

تهتم الدول المتقدمة بنشر وتعليم مفهوم التربية الغذائية أو التثقيف الغذائى بين أفراد شعوبها والذى يعرف على أنه ترجمة الحقائق الصحية فى مجال التغذية إلى أنماط سلوكية على مستوى الفرد والمجتمع بإستعمال كافة الأساليب التربوية لتعليم الفرد كيف يحمى نفسة من أمراض نقص وسوء التغذية وتغيير العادات الغذائية الخاطئة وتشجيع العادات الغذائية السليمة وكذلك تصحيح المفاهيم والعادات الغذائية المستخدمة... والتى سوف نبدأها اليوم بعادة تغليف الأغذية فى ورق الجرائد والمجلات .. والتى تعد بحق واحدة من الممارسات الغذائية الخاطئة والتى يقوم بها الكثير من الأفراد البائعين سواء فى المحلات مثل المطاعم والموائد أو الباعة الجائلين خاصة فى المناطق الشعبية بالحضر والقرى والكفور والنجوع وأيضا كثيرا من ربات الأسر الذين يستخدمون هذه الأوراق فى العديد من الأغراض الغذائية مثل تغليف الأغذية سواء أثناء البيع أو الشراء أو الإعداد أو التخزين أو الطهى وكذلك تغليف السندوتشات سواء للكبار أو الأطفال. ولعل خطورة هذا الأمر تكمن فى أمور عدة والتى من أهمها تعرض تلك الأغذية المغلفة بورق الجرائد للتلوث بأخطر المركبات الكيميائية مثل معدن الرصاص والمركبات الهيدروكربونية عديدة الحلقات والتى توجد فى الأحبار التى تطبع بها هذه الجرائد والتى تنتقل إلى الإنسان بمجرد تناولة لهذه الأغذية وتصيبه بأبشع الأمراض وأخطرها مثل السرطان والأنيميا والفشل الكلوى. وكذلك النقص الكبير الذى يحدث فى القيمة الغذائية لهذه الأغذية نتيجة تشرب الورق للماء الموجود بداخلها والذى يحتوي على العديد من المكونات الغذائية الكثيرة والهامة بالنسبة للجسم. ونظرا لخطورة هذه الأمورعلى صحة الإنسان فإننا سوف نقوم بإستعراضها بشئ من التفصيل:



أولا: تلوث الأغذية المغلفة بورق الجرائد والمجلات بالرصاص



أجريت دراسات عديدة بهدف تقدير مدى تلوث الأغذية بالرصاص نتيجة تلك الممارسات الغذائية السابقة تبين أن كمية الرصاص تقريبا التى يمكن أن يتناولها الفرد يوميا عند تناولة لبعض الأغذية التى تم لفها فى ورق الجرائد أثناء الشراء مثل الخبز البلدى والطعمية والجبن الأبيض كامل الدسم أوبغرض تجفيف الماء بعد الغسيل أثناء الإعداد مثل الخضروات الورقية كالسبانخ والملوخية أوأثناء الطهى بغرض إمتصاص الدهون من الأغذية مثل البطاطس والسمك كانت حوالى 255 ميكروجرام/الفرد/اليوم، وبمقارنة هذه الكمية بالكميات المسموح بها من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO لعام 1993) وهو 430 ميكروجرام /الفرد/اليوم نجد أن ما يتناولة الفرد من الرصاص يوميا من جراء هذه الممارسات الغذائية يعادل 60% من المسموح به تقريبا، ولا شك أن الإنسان قد يتعرض من خلال يومه إلى مصادر أخرى عديدة للتلوث بالرصاص غير التى تمت دراستها مثل ما ينتج عن تغطية الموائد المستخدمة فى إعداد وتناول الطعام بأوراق الجرائد وتناول الخضروات أو الفاكهة المزروعة بجوار الطرق السريعة والتى تكون ملوثة بالرصاص من جراء التعرض لعادم السيارات ،هذا إضافة إلى تلوث الهواء نفسة بعادم السيارات ...الخ، كل ذلك يؤدى إلى زيادة كمية الرصاص التى يتعرض لها الفرد يوميا والتى قد تزيد فى أغلب الأحيان عن الكميات المسموح بها.
التأثيرات البيولوجية الخطيرة على صحة الإنسان والتى من أهمها تثبيط نشاط بعض الإنزيمات المسئولة عن تكوين الهيموجلوبين مما يؤثر على تخليق كرات الدم الحمراء سواءا فى الدم أو فى نخاع العظام وبالتالى التعرض للإصابة بمرض الأنيميا. كما أن الرصاص كأحد المعادن الثقيلة له تأثير تراكمى سام يظهر تأثيرة على الجهاز العصبى والمركزى والكلى والكبد والقناة الهضمية علاوة على تأثيرة الضار على الأجنة. وتأكيدا لهذا ما أظهرته تلك الدراسة التى أجريت على تلاميذ المرحلة الإبتدائية ببعض مدارس محافظة الإسكندرية عام 1997م والتى أتضح من خلالها وجود علاقة بين ممارسات الأمهات المتعلقة بإستخدام أوراق الجرائد فى الأغراض الغذائية (خاصة لف السندوتشات للأطفال قبل الذهاب إلى المدرسة) وزيادة نسبة الرصاص فى دم أطفالهن مع إنخفاض نسبة هيموجلوبين الدم مما يعرضهم للأنيميا، كذلك أدت هذه الممارسات الخاطئة إلى عدم إستقرار الحالة المزاجية وضعف التحصيل الدراسى وقلة الأنشطة الترفيهية لهؤلاء الأطفال مع إحتمال تعرضهم للإصابة بالإسهال كعرض من أعراض التسمم.

- إضافة إلى ما سبق فإن زيادة تناول الرصاص فى الغذاء يؤدى إلى حدوث هدم فى الكلى بوجه عام هذا الهدم يشمل الأنابيب الكلوية التى تعمل على ترشيح الدم وكذلك حدوث تآكل فى الأوعية الدموية المتفرعة داخل الكلى .. وكل هذه الأعراض يكون مؤداها فى النهاية حدوث فشل كلوى.



ثانيا: تلوث الأغذية المغلفة بورق الجرائد والمجلات بالمركبات الهيدروكربونية العطرية عديدة الحلقات



إضافة إلى تلوث الأغذية المغلفة بورق الجرائد والمجلات بالرصاص فإن تلك الأغذية تكون معرضة أيضا للتلوث ببعض المركبات الكيميائية السامة التى توجد فى أحبار الطباعة الخاصة بالجرائد والمجلات وما شابهها والتى تعرف بالمركبات الهيدروكربونية العطرية عديدة الحلقات (PAH) والتى تنتقل بدورها إلى المواد الغذائية التى تغلف بواسطة هذه الأوراق. والخطورة تكمن فيما هومعروف عن تلك المركبات بأنها ذات علاقة مباشرة بتهيئة الجو لتكون الخلية السرطانية بداخل الجسم وبالذات فى الكبد. لذلك قام الأستاذ الدكتور/ يوسف عبد العزيز الحسانين أستاذ التغذية وعميد كلية الاقتصاد المنزلى بجامعة المنوفية بالمشاركة مع فريق من العلماء الأمريكيين باجراء بعض الدراسات فى هذا المجال والتى تشمل الكشف عن سمية وخطورة تلك المجموعة من المركبات ومدى تأثيرها ومقدرتها علىاحداث السرطان فى خلايا الكبد وأتضح من خلال الدراسة أن لهذه المركبات القدرة على إحداث تأثيرات سامة على خلايا الكبد والتى كان من أهمها فشل بعض عضيات الخلية عن أداء وظائفها المنوطة بها مثل الميتوكوندريا (بيت الطاقة فى الخلية) والليسوسومات (مخزن الإنزيمات بالخلية)، وكذلك القدرة على الإلتحام بدستورأو شفرة الوراثة الـDNA داخل خلايا الكبد والتى قد تعد الخطوة الأساسية فى ميكانيكية إحداث السرطان بواسطة تلك المركبات.



ثالثا: لف الأغذية بورق الجرائد والمجلات يحدث نقصا فى قيمتها الغذائية



إضافة إلى ما سبق من أخطار فإن نقصا كبيرا فى القيمة الغذائية قد يحدث للأغذية المختلفة نتيجة لفها فى ورق الجرائد خاصة تلك الأغذية التى تحتوى على نسبة عالية من الرطوبة مثل الجبن وخلافة، حيث يحدث من جراء ذلك تشرب أوراق الجرائد لنسبة كبيرة من الرطوبة الموجودة بالمادة الغذائية، وفى الواقع ليست هذه المادة المتشربة بورق الجرائد عبارة عن ماء فقط بل إنها تحتوى أيضا على العديد من المكونات الغذائية الهامة مثل الفيتامينات والبروتينات الذائبة فى الماء والسكريات والمعادن الغذائية الهامةالخ، وفقد كل هذه المكونات يؤدى إلى نقص كبير بالقيمة الغذائية للمادة المغلفة.



طرق الوقاية من التسمم بالرصاص

وفى النهاية، وبعد كل ما سبق الحديث عنه فيما يتعلق بخطورة تلوث الأغذية بمعدن الرصاص وأثرة على صحة الإنسان فإن الأمر يتطلب بعض النصائح التى يجب أن تؤخذ فى الإعتبار لتفادى هذا المشكلة والتى تتمثل فى الآتى:

- ضرورة تجنب شراء الخضراوات الورقية مثل الخس والجرجير والفجل ووالسبانخ وغير الورقية مثل الطماطم والفلفل والفاكهة ولاسيما تلك التي نتناولها من دون تقشير مثل التفاح والخوخ والمشمش والتى تزرع بجانب الطرق السريعة وتكون معرضة لتراكم عوادم السيارات عليها وإرتفاع تركيز معدن الرصاص بداخلها.
يجب غسل كافة الخضراوات والفاكهة في إناء مليء بالماء مع إضافة ملعقة كبيرة من الخل الى الماء، حيث يساعد الخل على زيادة درجة حموضة الماء والتى تساعد الى حد كبير على إزالة المعادن الثقيلة ومنها الرصا.

- تساعد التغذية على بعض الأطعمة على تجنب أو الإقلال من الإصابة بمعدلات الرصاص العالية التي تمتص في الدم أى تعد مضادة للمعادن الثقيلة ومنها فيتامين جـ والكالسيوم والزنك.

- ضرورة الحرص على تناول الوجبات الرئيسية الثلاث، الأمر الذي يسهم في تجنب الإصابة بتسمم الرصاص ، حيث يصعب عمليا إمتصاص الرصاص بالمعدة الممتلئة.

- ضرورة الحرص على تناول الأطعمة الغنية بالبكتين مثل التفاح والموز والجزر والتى يكون لها التأثير الفعال فى ربط الرصاص والإمساك به بالخاصية المخلبية مما يقلل من درجة إمتصاصة داخل الدم.

مشكورة حبيبتي على المرور