تأملات في سورة الكهف

تأملات في سورة الكهف: (7)

قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف:7].

هذه الآية جاءت بعد الحديث عن عدم إيمان الكفار في قوله سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف:6]، وقد ذكر سبحانه وتعالى السبب الذي صرفهم عن الإيمان، وهو الانشغال بهذه الزينة الدنيوية.

ويمكن أن نستخلص من هذه الآبة فوائد، نذكر بعضا منها:

أولاً: هؤلاء المعرضون إنما صرفهم عن الاستجابة للإيمان الانشغال بالدنيا وزينتها، والركون إليها، فاختاروا الدنيا الفانية، وتركوا الآخرة الباقية، فعلاقة هذه الآية بما قبلها واضح جدا، فالمعنى: لا تحزن يا محمد على عدم إيمانهم فإن هؤلاء قد اغتروا بالحياة الدنيا وزينتها، واكتفوا بهذه الملذات.

وهذا حال كل معرض عن الله تعالى فإنما يؤثر الدنيا على الآخرة، وينشغل بالزينة الفانية بدلا من الآخرة الباقية، وما علموا أن هذه الدنيا مهلكة لهم، وذلك بانشغالهم بها وركونهم إليها، والإعراض عن الآخرة.

ثانياً: سخر الله تعالى للإنسان ما في السموات وما في الأرض، وجعل شهواتها زينة محببة للإنسان: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران:14]، لكن هذه الشهوات ليست بباقية، وإنما هي متاع زائل: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران:14].

والزينة زخرف يتلألأ، وليس كل بريق ذهبا، والعاقل من ميز بين الأمرين فاختار الباقي على الفاني، واختار الآخرة على الدنيا.

ثالثاً: الهدف من هذه الزينة الابتلاء والامتحان: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [الكهف:7]، وهذه الزينة المتعددة من: نساء، وبنين، وذهب، وفضة، وخيل، وأنعام، وسلطان، وجاه، وغير ذلك، ابتلاء ينجح فيه المؤمنون المخلصون الراجون ثواب الله، فلا يستمتعون بهذه الزينة إلا وفق شرع الله تعالى، ويتساقط أتباع الشهوات فلا يهمهم إلا الحصول على هذه الزينة من أي وجه كان، فلا ينجحون في الامتحان.

أخي المسلم إنما بين الله عز وجل أنه جعل ما على الأرض زينة لها للابتلاء، من أجل أن يحذر الإنسان ويستعد لهذا الابتلاء، ويجتهد في اجتيازه والوصول إلى الجنة، ويدافع شهواته بقدر ما يستطيع فلا يكون أسيرا لشهواته وملذاته.

الشيخ/ صالح بن يحيى صواب

بارك الله فيك

سيف العرب كتب:بارك الله فيك

وفيك با رك الله