المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ريانية العود | ||||
عادل لطفي | ||||
عذب الكلام | ||||
zineb | ||||
azzouzekadi | ||||
بريق الكلمة | ||||
TARKANO | ||||
ليليان عبد الصمد | ||||
ام الفداء | ||||
السنديانة |
بحـث
.ft11 {FONT-SIZE: 12px; COLOR: #ff0000; FONT-FAMILY: Tahoma,Verdana, Arial, Helvetica; BACKGROUND-COLOR: #eeffff}
.IslamicData
{ font-family: Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif;
font-size: 10pt; font-style: normal; line-height: normal; font-weight:
normal; font-variant: normal; color: #000000; text-decoration: none}
الساعة
عدد زوار المنتدى
تاريخ منطقة واد ريغ
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ منطقة واد ريغ
قي الحقيقة لا يمكن التحدث عن مدينة تقرت لوحدها دون التحدث عن منطقة وادي ريغ بكاملها ، التي تقع في منخفض مستطيل الشكل ، يبتدئ من رأس الوادي بأعالي مدينة المغير وبالضبط بقرية عين الصفراء بلدية أم الطيور ولاية الوادي عند شط ملغيغ شمالا ، ويمتد في شكل مستطيل على نحو 160 كلم جنوبا إلى غاية قرية قوق التابعة لبلدية بلدة عمر التي يوجد بها ضريح الولي الصالح سيدي بوحنية .
وتبعا للوحدة التاريخية والعرقية لهذا الإقليم فإنه حظي بكتابات بعض المؤرخين العرب والعجم أمثال ياقوت الحموي الذي سماه ) الزاب الصغير ( في معجمه البلدان وابن خلدون ( بلاد ريغ أو أرض ريغ ) و هو الذي حدد جنس سكانه يقوله ( ريغة وسنجاس من بطون مغراوة وقد اختطوا قرى كثيرة في عدوة واد ينحدر من الغرب إلى الشرق ، ويشتمل على مصر الكبير والقرية المتوسطة ، والأطم ، وقد رف عليها الشجر ونضدت حوافيها النخيل ، وانسابت خلالها المياه
وزهت ينابيع الصحراء وكثر في قصورها العمران ، من ريغة هؤلاء ، وبهم تعرف إلى هذا العهد .
سكن هذا الإقليم عبر المراحل التاريخية العريقة قبائل وأجناس كثيرة ومتداخلة قي أنسابها وأصولها ، قسمها بن خلدون والدرجيني في كتاب الطبقات * إلى ثلاث عناصر أساسية نتج عنها عنصر رابع وهو المولدون بعد عملية التزاوج بين هذه الأجناس الثلاثة .
وتتمثل العناصر الثلاثة لسكان إقليم وادي ريغ بداية بالحشاشنة أو الرواغة ، نسبة إلى وادي ريغ ، وهم سلالة من قبيلة زناته البربرية تسمى بهم الإقليم لكونهم يشكلون أغلب سكانه ثم العرب ، وهم تلك الأجناس التي وفدت من مختلف الجهات خاصة الزيبان والجريد التونسي والمغرب الأقصى ، إضافة إلى الذين جاءوا مع اجتياح قبيلتي هلال وسليم ، منهم من تمدن ، ومنهم من حافظ على حياة الترحال ، وأخيراً الزنوج وهم العبيد الذين جيء بهم من أعماق إفريقيا في زمن تجارة الرق ، حيث كان سوق تقرت مثل ورقلة يشكل نقطة عبور هامة في هذه التجارة .
ومع تعاقب العصور التاريخية والتمازج هذه الأجناس البشرية الثلاثة نتج عنصر جديد سمي بالمولودين ، وهم خليط بشري بين الرواغة والعرب والزنوج ، إثر التزاوج والتصاهر فيما بينهم .ويقول الشيخ عبد الحميد قادري في كتابه * أنه بطول الزمن وتعاقب الأجيال اندمجت هذه العناصر الثلاثة في بوتقة واحدة ،
وأصبحت تشكل مجتمع واحدا متماسكا يعمر القصور والقرى على امتداد الوادي وانمحت سلسلة الأنساب ، ولم يعد هناك فوارق جوهرية بين هذه الأجناس*
وبسبب عدم وجود آثار لحياة علمية – قد يعود ذلك لانعدام التدوين والتأريخ خلال عدة عصور وأزمان – فأن التطور العلمي بالمنطقة يكاد يرتبط بالاباضيين ، الذين تشير بعض المصادر التاريخية إلى امتداد تزعمهم المنطقة إلى القرن الثامن الهجري ، حيث عم في فترتهم العمران ونمت غابات النخيل وتكاثر عددها وإنتاجياتها المختلفة ، كما ازدهرت العلوم ، واشتهر من علمائهم رجل العلم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المولود عام 340هجري ب ( تنسلي ) بلدة عمر أو تنعمر وهو الذي يعرفه بعض الكتاب بأنه هو الولي الصالح سيدي محمد السايح جد أولاد السايح و العالم عبد الرحمان بن معلي مؤسس طريقة الحلقة بالجامع الكبير تقرت.
ومع تقدم الزمن وتميز أهالي وادي ريغ بتبجيل العلماء ووضعهم موضع رفعة وإجلال ، برز علماء آخرون أمثال الداعية الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي ، الذي اعتكف بالمسجد الكبير بتقرت ، يدرس ويعلم ، وكذلك فعل سيدي الحاج سعيد المغراوي ، دفن بتقرت الذي قام بأعمال جليلة علما وعملا ، والحاج عبد الله مشيد مسجد تماسين المعروف باسمه مسجد سيدي الحاج عبد الله .
وإن كانت حركة التدوين وغيابها هي المتسبب الرئيسي في انعدام أي أثرا هذه الحركات العلمية فإن بعض الكتابات على قلتها لم تخل من بعض الإشارات ، حيث نجد الرحلة العربي العياشي في وصفه لمدينة تقرت ، يتحدث عن فقهائها ومكتبة الإمام بالمسجد الكبير ، العامرة بأنفس الكتب وأثمنها وأندرها ، كما خصص الشيخ إبراهيم العوامر بعض الصفحات من كتابه الصروف في تاريخ الصحراء وسوف للحديث عن مدينة تقرت حيث يقول * أن أهل تقرت ومنطقتها يمتازون بانتشار الثقافة الحديثة والأسلوب الحضاري في العيش ،وحبهم للعلم والعلماء فقد نشأت بهذه المنطقة منذ القديم حركات علمية وثقافية كانت نتيجة لوجود الروح الإسلامية العربية لدى أهاليها ، ثم تعددت هذه الروح بفضل الصلة الثقافية العميقة الجذور عبر التاريخ المشترك بين واحة تقرت وواحة وادي سوف من ناحية ، وبين واحة تقرت وواحة الجريد التونسي من ناحية أخرى.
ويضيف الشيخ إبراهيم العوامر أن علماء وادي سوف ونفطة وتوزر كانوا يفدون أفراداً وجماعات إلى تقرت وضواحيها ، ومنهم الشيخ مبارك المازقي وعثمان بن المكي من توزر بتونس والشيخ العربي العدواني ، الذين كانوا يحلون سنويا بتماسين ،ويجتمعوا بمحل الشيخ أحمد بوبكري الذي خصص بيتا للوافدين من طلبة العلم ، كما كان له الفضل الكبير في تدريس علوم النحو والصرف والفقه والحديث والفرائض والأصول هذا إضافة إلى أسر أخرى برزت في مجالات العلمية والفقهية أمثال أسرة الشيخ أحمد الزكيزكي ، صاحب دار لالة ماما التي خصصها هو الأخر لينزل بها العلماء وطلاب العلم ، وكذلك أسرة بالربح التي اشتغل كثير من أفرادها في القضاء والتدريس ومن هؤلاء كثيرا تركوا أثرهم في جميع قرى الوادي .
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى منطقة وادي ريغ قد تأثرت كغيرها من مختلف مناطق الجزائر بالصراعات المذهبية ، حيث كانت الوثنية ضاربة إطنابها بالمغير عل بعد 100كلم شمال مدينة تقرت في عصر الأمويين وقد مست مجموعة قبائل البربر بوادي سوف وريغ .
ومع التسلسل الزمني في حدود القرن العاشر انقسمت قصور المنطقة بين السنيين المتمثلين في الأغالبة و الأباضية ، ثم ارتبطت بالحماديين ببجاية .
وبسقوط هذه المملكة تزعمت قبيلة بني هاشم الهلالية قصور وادي ريغ ،وتجدرو بالمنطقة أسلوب المقايضة بين الأهالي ، بمنتجاتهم الفلاحية والزراعية ، والبدو الرحل باللحوم و الألبان الصالحين ، وكان من هذه القرى سيدي سليمان ، سيدي راشد ، سيدي عمران وسيدي خليل وغيرها وقد عبر عن ذلك ابن خلدون حين قال : أقام عدد كبير من ريغة في البلاد الواقعية بين الزاب وإقليم ورقلة ، وشيدوا عدة مدن وقرى ومداشر على حواف وادي يسير مجراه نحو الشرق ويحيط بهذه المنطقة الحضرية أشجار النخيل تجري في وسطها ينابيع المياه .وقد كان عدد سكان هذه القصور كبيرة جداً ، ولكن التناحر فيما بينهم لم يسمح باتحادهم ، بل أدى إلى انقسامهم ، وكل دشرة أو قرية تضم بداخلها مجموعة كبيرة من السكان متقاربين بالجوار والمصاهرة والنسب القريب ، لهم أملاكهم الخاصة من النخيل والحيوانات ، وأكبر هذه الأمصار يسمى تقرت ، مستبحر العمران ،بدوي الأحوال،كثير المياه و النخيل وبعد مدينة تقرت تماسين وهي دونها في العمران والخطة ،ومعظم سكان هذين القسمين اباضية ، عزابة ونكارية .
ويروى أن المنطقة عرفت فيما بعد تشرد وتشتت سكانها ،وتحطم مبانيها ومزروعاتها بفعل هجمات ابن غانية خلال محاربته الموحدين ،فغادر الاباضيون وعلماؤهم المنطقة ،التي عرفت فيما بعد حملات المايوركي ،وسيطرة الحفصيين،وغارات بني حماد ،واجتياح قبائل هلال وسليم ،وما خلف ذلك من محن وصعوبات ،اضطرت الأهالي إلى مغادرة الإقليم نحو الجريد التونسي وفزان الليبية ، وحتى إلى المشرق العربي واستوطن المنطقية وافدون جدد جاءوا مع هذه الحملات من عرب وأعراب وزنوج.
ونتيجة لهذه الصراعات استقل كل قصر وكل دشرة علي حدي تحت إشراف شيوخ وأمراء واعيان وإشراف . واصدق من عبر عن هذه الفترة العلامة عبد الرحمان ابن خلدون حين قال : " لما تفرقت جماعتهم للتنازع في الرئاسة _ استقلت كل منهم بقصور أو بواحة ولقد كانت فيما يقال اكثر من هذا العدد إضعافا وان ابن غانية حين كان يجلب علي إفريقيا والمغرب في فتنة مع الموحدين عام 597 هجري خراب عمرانها واجتث نخيلها وغور مياهها …"
وبقي الإقليم إلى غاية القرن الخامس عشر ميلادي يعيش التشرد والانفصال والفوضي العارمة إلي أن عاد إليه الاستقرار والتوحد تحت راية بني يوسف الدواودة باستثناء قصر تماسين الذي ظل منفصلا عن تقرت تحت حكم بني إبراهيم الريغيين .
ولكن الوضع لم يستمر علي هذا الحال إذ وبعد دفع الجزية ومحاولة الانفصال عن الدولة الحفصية بتونس سنة 1439م أبا عمر عثمان السلطان الحفصي مهاجمة عاصمة الإقليم في عهد يوسف بن الحسن وبذلك انتهي عهد الاستقرار وعادت الفوضى لتعم من جديد ولم يستقر الحال إلا مع مجيء رجل يدعي محمد بن يحي الريغي دفين تقرت من قبيلة ريغة من سطيف *1 وتزعمه إقليم وادي ريغ وسوف بعد القضاء علي الخلافات التي كانت قائمة بين الشيوخ واعيان القصور الذين تمكن استمالتهم إليه وأصبحوا يمثلونه في قصورهم بما اشتهروا به من صلاح ورجاحة الرأي منهم خليل بن سالم .عمران بن محمد .راشد بن حامد. مبارك الصايم ويحي بلقاسم وسليمان بالحاج واحمد السايح * وغيرهم ، وعم على إثر ذلك الأمن والهدوء بفعل تأسيس المسجد الذي حمل اسم مؤسسه سلطان وادي ريغ سيدي محمد بن يحي ، الذي هو عبارة عن دار للخلافة كما أسماه الشيخ عبد الحميد قادري ، يجتمع فيه الأعيان والقضاة للفصل في الخلافات وتدارس الأمور ، وبذلك انمحت الفوارق ،وأزدهر الإقليم بعد أن تمكن السلطان من عقد الصلح بين قبائل العرب التي كانت تجوب الإقليم بأكمله لحراسته وحمايته بما تميز به من فراسة وركوب الخيل ، منها السلمية والدراسية والرحمانية وأولاد مولات وسعيد أولاد عمر وشعانبة وداي سوف والفتايت وغيرهم حتى أصبحت المنطقة وجهة للقوافل التجارية ومحطة أساسية لعبور الحجيج القادمين ، سواء من الجنوب أو من الغرب والذين راق لكثير منهم الاستقرار بها وتعميرها .وبذلك عرف الإقليم توافد أعداد كبيرة من الناس لاسيما التجار القادمين من المغرب الأقصى وما كانوا يجلبونه من أصداف وجلود وأواني نحاسية واستبدالها بما تنتجه المنطقة من تمور وما إلى ذلك من المنتجات ، التي يحتاج إليها الحجاج في طريقهم إلى البقاع المقدسة والعودة منها.
وفي هذه الظروف ظهرت أسرة بني جلاب ذات العطاء السخي بما أنعم الله عليها من بسطة الرزق ، لقد كان أفرادها يتاجرون مثل غيرها من العائلات المغربية في الأصواف ، وزيت الزيتون و النحاس والجلود والزرابي ومختلف المواد المنتجة بالمغرب ، وكان يرأس هذه الأسرة رجل اتسم بالورع والعلم والكرم والتصدق من أملاكه في كل ذهاب أو عودة من البقاع المقدسة ، إنه الحاج سليمان المريني ،من أسرة بني مرين بمملكة فاس ،الذي أغدق على أهالي الإقليم بعطاياه وذلك كان يفعل اتباعه حتى انهم كانوا يقرضونهم دون أن يلحوا عليهم في طلب تسديد الديون المترتبة على ذلك ومع مرور الوقت كثرت الديون في آخر عهد السلطان سيدي محمد بن يحي الذي دله ورعه وتقواه إلى خطة محكمة تجنب الرعية خطر اليهود ،الذين بدؤوا يستغلون هذه الظروف لصالحهم بعرض أموالهم التي جنوها من تجارة الذهب للاستدانة و التحكم في رقاب الناس ،بفعل تنامي الديون والربى ،ومن ثم يحتمون عليهم التنازل لهم عن أملاكهم ،من نخيل ومنازل وحيوانات ويجردونهم من كل شي ،بما في ذلك حرياتهم الشخصية ،وللحيلولة دون ذلك ومع تنامي خطر الفقر والجفاف ،الذي يكون قد أصاب الإقليم في تلك الفترة – منتصف القرن الخامس عشر ميلادي –عمد السلطان سيدي محمد بن يحي ،بعد استشارة الأعيان وكبار المنطقة ،إلى التضحية بمقاليد المشيخة إلى سليمان المرني ،مقابل تنازل عشيرته ،الأسرة المرينية الفاسية ،عن مستحقاته من ديون لدى الأهالي ،ومواجهة جشع اليهود بتسديد ما على الناس من أموال تجاههم . وقد عبر عن ذلك شارل فيرو بقوله *1 كانت بوادي ريغ وسوف جماعة يرأسها محمد يجتمعون عند الرئيس محمد بن يحي فيقررون ما يهمهم –كل يدلي بما تحتاجه قريته ثم يفترقون ،و حين هلك رئيسهم المذكور ولم يستطع خلفاؤه ما كان يقوم به من مصالح وطنهم ،انسحبوا من الميدان وهاجروا إلى شمال البلاد ،وكان الولاء التام لهذه الآسرة تحت مشيخة سليمان المريني الجلابي منذ سنة 1445م ،وتولى من بعده أولاده وأحفاده طيلة قرابة أربعة قرون ونصف بدون انقطاع .
وتبعا للوحدة التاريخية والعرقية لهذا الإقليم فإنه حظي بكتابات بعض المؤرخين العرب والعجم أمثال ياقوت الحموي الذي سماه ) الزاب الصغير ( في معجمه البلدان وابن خلدون ( بلاد ريغ أو أرض ريغ ) و هو الذي حدد جنس سكانه يقوله ( ريغة وسنجاس من بطون مغراوة وقد اختطوا قرى كثيرة في عدوة واد ينحدر من الغرب إلى الشرق ، ويشتمل على مصر الكبير والقرية المتوسطة ، والأطم ، وقد رف عليها الشجر ونضدت حوافيها النخيل ، وانسابت خلالها المياه
وزهت ينابيع الصحراء وكثر في قصورها العمران ، من ريغة هؤلاء ، وبهم تعرف إلى هذا العهد .
سكن هذا الإقليم عبر المراحل التاريخية العريقة قبائل وأجناس كثيرة ومتداخلة قي أنسابها وأصولها ، قسمها بن خلدون والدرجيني في كتاب الطبقات * إلى ثلاث عناصر أساسية نتج عنها عنصر رابع وهو المولدون بعد عملية التزاوج بين هذه الأجناس الثلاثة .
وتتمثل العناصر الثلاثة لسكان إقليم وادي ريغ بداية بالحشاشنة أو الرواغة ، نسبة إلى وادي ريغ ، وهم سلالة من قبيلة زناته البربرية تسمى بهم الإقليم لكونهم يشكلون أغلب سكانه ثم العرب ، وهم تلك الأجناس التي وفدت من مختلف الجهات خاصة الزيبان والجريد التونسي والمغرب الأقصى ، إضافة إلى الذين جاءوا مع اجتياح قبيلتي هلال وسليم ، منهم من تمدن ، ومنهم من حافظ على حياة الترحال ، وأخيراً الزنوج وهم العبيد الذين جيء بهم من أعماق إفريقيا في زمن تجارة الرق ، حيث كان سوق تقرت مثل ورقلة يشكل نقطة عبور هامة في هذه التجارة .
ومع تعاقب العصور التاريخية والتمازج هذه الأجناس البشرية الثلاثة نتج عنصر جديد سمي بالمولودين ، وهم خليط بشري بين الرواغة والعرب والزنوج ، إثر التزاوج والتصاهر فيما بينهم .ويقول الشيخ عبد الحميد قادري في كتابه * أنه بطول الزمن وتعاقب الأجيال اندمجت هذه العناصر الثلاثة في بوتقة واحدة ،
وأصبحت تشكل مجتمع واحدا متماسكا يعمر القصور والقرى على امتداد الوادي وانمحت سلسلة الأنساب ، ولم يعد هناك فوارق جوهرية بين هذه الأجناس*
وبسبب عدم وجود آثار لحياة علمية – قد يعود ذلك لانعدام التدوين والتأريخ خلال عدة عصور وأزمان – فأن التطور العلمي بالمنطقة يكاد يرتبط بالاباضيين ، الذين تشير بعض المصادر التاريخية إلى امتداد تزعمهم المنطقة إلى القرن الثامن الهجري ، حيث عم في فترتهم العمران ونمت غابات النخيل وتكاثر عددها وإنتاجياتها المختلفة ، كما ازدهرت العلوم ، واشتهر من علمائهم رجل العلم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المولود عام 340هجري ب ( تنسلي ) بلدة عمر أو تنعمر وهو الذي يعرفه بعض الكتاب بأنه هو الولي الصالح سيدي محمد السايح جد أولاد السايح و العالم عبد الرحمان بن معلي مؤسس طريقة الحلقة بالجامع الكبير تقرت.
ومع تقدم الزمن وتميز أهالي وادي ريغ بتبجيل العلماء ووضعهم موضع رفعة وإجلال ، برز علماء آخرون أمثال الداعية الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي ، الذي اعتكف بالمسجد الكبير بتقرت ، يدرس ويعلم ، وكذلك فعل سيدي الحاج سعيد المغراوي ، دفن بتقرت الذي قام بأعمال جليلة علما وعملا ، والحاج عبد الله مشيد مسجد تماسين المعروف باسمه مسجد سيدي الحاج عبد الله .
وإن كانت حركة التدوين وغيابها هي المتسبب الرئيسي في انعدام أي أثرا هذه الحركات العلمية فإن بعض الكتابات على قلتها لم تخل من بعض الإشارات ، حيث نجد الرحلة العربي العياشي في وصفه لمدينة تقرت ، يتحدث عن فقهائها ومكتبة الإمام بالمسجد الكبير ، العامرة بأنفس الكتب وأثمنها وأندرها ، كما خصص الشيخ إبراهيم العوامر بعض الصفحات من كتابه الصروف في تاريخ الصحراء وسوف للحديث عن مدينة تقرت حيث يقول * أن أهل تقرت ومنطقتها يمتازون بانتشار الثقافة الحديثة والأسلوب الحضاري في العيش ،وحبهم للعلم والعلماء فقد نشأت بهذه المنطقة منذ القديم حركات علمية وثقافية كانت نتيجة لوجود الروح الإسلامية العربية لدى أهاليها ، ثم تعددت هذه الروح بفضل الصلة الثقافية العميقة الجذور عبر التاريخ المشترك بين واحة تقرت وواحة وادي سوف من ناحية ، وبين واحة تقرت وواحة الجريد التونسي من ناحية أخرى.
ويضيف الشيخ إبراهيم العوامر أن علماء وادي سوف ونفطة وتوزر كانوا يفدون أفراداً وجماعات إلى تقرت وضواحيها ، ومنهم الشيخ مبارك المازقي وعثمان بن المكي من توزر بتونس والشيخ العربي العدواني ، الذين كانوا يحلون سنويا بتماسين ،ويجتمعوا بمحل الشيخ أحمد بوبكري الذي خصص بيتا للوافدين من طلبة العلم ، كما كان له الفضل الكبير في تدريس علوم النحو والصرف والفقه والحديث والفرائض والأصول هذا إضافة إلى أسر أخرى برزت في مجالات العلمية والفقهية أمثال أسرة الشيخ أحمد الزكيزكي ، صاحب دار لالة ماما التي خصصها هو الأخر لينزل بها العلماء وطلاب العلم ، وكذلك أسرة بالربح التي اشتغل كثير من أفرادها في القضاء والتدريس ومن هؤلاء كثيرا تركوا أثرهم في جميع قرى الوادي .
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى منطقة وادي ريغ قد تأثرت كغيرها من مختلف مناطق الجزائر بالصراعات المذهبية ، حيث كانت الوثنية ضاربة إطنابها بالمغير عل بعد 100كلم شمال مدينة تقرت في عصر الأمويين وقد مست مجموعة قبائل البربر بوادي سوف وريغ .
ومع التسلسل الزمني في حدود القرن العاشر انقسمت قصور المنطقة بين السنيين المتمثلين في الأغالبة و الأباضية ، ثم ارتبطت بالحماديين ببجاية .
وبسقوط هذه المملكة تزعمت قبيلة بني هاشم الهلالية قصور وادي ريغ ،وتجدرو بالمنطقة أسلوب المقايضة بين الأهالي ، بمنتجاتهم الفلاحية والزراعية ، والبدو الرحل باللحوم و الألبان الصالحين ، وكان من هذه القرى سيدي سليمان ، سيدي راشد ، سيدي عمران وسيدي خليل وغيرها وقد عبر عن ذلك ابن خلدون حين قال : أقام عدد كبير من ريغة في البلاد الواقعية بين الزاب وإقليم ورقلة ، وشيدوا عدة مدن وقرى ومداشر على حواف وادي يسير مجراه نحو الشرق ويحيط بهذه المنطقة الحضرية أشجار النخيل تجري في وسطها ينابيع المياه .وقد كان عدد سكان هذه القصور كبيرة جداً ، ولكن التناحر فيما بينهم لم يسمح باتحادهم ، بل أدى إلى انقسامهم ، وكل دشرة أو قرية تضم بداخلها مجموعة كبيرة من السكان متقاربين بالجوار والمصاهرة والنسب القريب ، لهم أملاكهم الخاصة من النخيل والحيوانات ، وأكبر هذه الأمصار يسمى تقرت ، مستبحر العمران ،بدوي الأحوال،كثير المياه و النخيل وبعد مدينة تقرت تماسين وهي دونها في العمران والخطة ،ومعظم سكان هذين القسمين اباضية ، عزابة ونكارية .
ويروى أن المنطقة عرفت فيما بعد تشرد وتشتت سكانها ،وتحطم مبانيها ومزروعاتها بفعل هجمات ابن غانية خلال محاربته الموحدين ،فغادر الاباضيون وعلماؤهم المنطقة ،التي عرفت فيما بعد حملات المايوركي ،وسيطرة الحفصيين،وغارات بني حماد ،واجتياح قبائل هلال وسليم ،وما خلف ذلك من محن وصعوبات ،اضطرت الأهالي إلى مغادرة الإقليم نحو الجريد التونسي وفزان الليبية ، وحتى إلى المشرق العربي واستوطن المنطقية وافدون جدد جاءوا مع هذه الحملات من عرب وأعراب وزنوج.
ونتيجة لهذه الصراعات استقل كل قصر وكل دشرة علي حدي تحت إشراف شيوخ وأمراء واعيان وإشراف . واصدق من عبر عن هذه الفترة العلامة عبد الرحمان ابن خلدون حين قال : " لما تفرقت جماعتهم للتنازع في الرئاسة _ استقلت كل منهم بقصور أو بواحة ولقد كانت فيما يقال اكثر من هذا العدد إضعافا وان ابن غانية حين كان يجلب علي إفريقيا والمغرب في فتنة مع الموحدين عام 597 هجري خراب عمرانها واجتث نخيلها وغور مياهها …"
وبقي الإقليم إلى غاية القرن الخامس عشر ميلادي يعيش التشرد والانفصال والفوضي العارمة إلي أن عاد إليه الاستقرار والتوحد تحت راية بني يوسف الدواودة باستثناء قصر تماسين الذي ظل منفصلا عن تقرت تحت حكم بني إبراهيم الريغيين .
ولكن الوضع لم يستمر علي هذا الحال إذ وبعد دفع الجزية ومحاولة الانفصال عن الدولة الحفصية بتونس سنة 1439م أبا عمر عثمان السلطان الحفصي مهاجمة عاصمة الإقليم في عهد يوسف بن الحسن وبذلك انتهي عهد الاستقرار وعادت الفوضى لتعم من جديد ولم يستقر الحال إلا مع مجيء رجل يدعي محمد بن يحي الريغي دفين تقرت من قبيلة ريغة من سطيف *1 وتزعمه إقليم وادي ريغ وسوف بعد القضاء علي الخلافات التي كانت قائمة بين الشيوخ واعيان القصور الذين تمكن استمالتهم إليه وأصبحوا يمثلونه في قصورهم بما اشتهروا به من صلاح ورجاحة الرأي منهم خليل بن سالم .عمران بن محمد .راشد بن حامد. مبارك الصايم ويحي بلقاسم وسليمان بالحاج واحمد السايح * وغيرهم ، وعم على إثر ذلك الأمن والهدوء بفعل تأسيس المسجد الذي حمل اسم مؤسسه سلطان وادي ريغ سيدي محمد بن يحي ، الذي هو عبارة عن دار للخلافة كما أسماه الشيخ عبد الحميد قادري ، يجتمع فيه الأعيان والقضاة للفصل في الخلافات وتدارس الأمور ، وبذلك انمحت الفوارق ،وأزدهر الإقليم بعد أن تمكن السلطان من عقد الصلح بين قبائل العرب التي كانت تجوب الإقليم بأكمله لحراسته وحمايته بما تميز به من فراسة وركوب الخيل ، منها السلمية والدراسية والرحمانية وأولاد مولات وسعيد أولاد عمر وشعانبة وداي سوف والفتايت وغيرهم حتى أصبحت المنطقة وجهة للقوافل التجارية ومحطة أساسية لعبور الحجيج القادمين ، سواء من الجنوب أو من الغرب والذين راق لكثير منهم الاستقرار بها وتعميرها .وبذلك عرف الإقليم توافد أعداد كبيرة من الناس لاسيما التجار القادمين من المغرب الأقصى وما كانوا يجلبونه من أصداف وجلود وأواني نحاسية واستبدالها بما تنتجه المنطقة من تمور وما إلى ذلك من المنتجات ، التي يحتاج إليها الحجاج في طريقهم إلى البقاع المقدسة والعودة منها.
وفي هذه الظروف ظهرت أسرة بني جلاب ذات العطاء السخي بما أنعم الله عليها من بسطة الرزق ، لقد كان أفرادها يتاجرون مثل غيرها من العائلات المغربية في الأصواف ، وزيت الزيتون و النحاس والجلود والزرابي ومختلف المواد المنتجة بالمغرب ، وكان يرأس هذه الأسرة رجل اتسم بالورع والعلم والكرم والتصدق من أملاكه في كل ذهاب أو عودة من البقاع المقدسة ، إنه الحاج سليمان المريني ،من أسرة بني مرين بمملكة فاس ،الذي أغدق على أهالي الإقليم بعطاياه وذلك كان يفعل اتباعه حتى انهم كانوا يقرضونهم دون أن يلحوا عليهم في طلب تسديد الديون المترتبة على ذلك ومع مرور الوقت كثرت الديون في آخر عهد السلطان سيدي محمد بن يحي الذي دله ورعه وتقواه إلى خطة محكمة تجنب الرعية خطر اليهود ،الذين بدؤوا يستغلون هذه الظروف لصالحهم بعرض أموالهم التي جنوها من تجارة الذهب للاستدانة و التحكم في رقاب الناس ،بفعل تنامي الديون والربى ،ومن ثم يحتمون عليهم التنازل لهم عن أملاكهم ،من نخيل ومنازل وحيوانات ويجردونهم من كل شي ،بما في ذلك حرياتهم الشخصية ،وللحيلولة دون ذلك ومع تنامي خطر الفقر والجفاف ،الذي يكون قد أصاب الإقليم في تلك الفترة – منتصف القرن الخامس عشر ميلادي –عمد السلطان سيدي محمد بن يحي ،بعد استشارة الأعيان وكبار المنطقة ،إلى التضحية بمقاليد المشيخة إلى سليمان المرني ،مقابل تنازل عشيرته ،الأسرة المرينية الفاسية ،عن مستحقاته من ديون لدى الأهالي ،ومواجهة جشع اليهود بتسديد ما على الناس من أموال تجاههم . وقد عبر عن ذلك شارل فيرو بقوله *1 كانت بوادي ريغ وسوف جماعة يرأسها محمد يجتمعون عند الرئيس محمد بن يحي فيقررون ما يهمهم –كل يدلي بما تحتاجه قريته ثم يفترقون ،و حين هلك رئيسهم المذكور ولم يستطع خلفاؤه ما كان يقوم به من مصالح وطنهم ،انسحبوا من الميدان وهاجروا إلى شمال البلاد ،وكان الولاء التام لهذه الآسرة تحت مشيخة سليمان المريني الجلابي منذ سنة 1445م ،وتولى من بعده أولاده وأحفاده طيلة قرابة أربعة قرون ونصف بدون انقطاع .
azzouzekadi- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 4081
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
جميل بوركت عزوز
ننتظر اكثر اخي
ننتظر اكثر اخي
الاشبيلي- مشرف عام
- عدد المساهمات : 528
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
شكر اخي
موضوع مفيد
جزاك الله كل الخير
موضوع مفيد
جزاك الله كل الخير
الصحفي الصغير- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 1440
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
العمر : 25
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
شكر اخي
موضوع مفيد
جزاك الله كل الخير
موضوع مفيد
جزاك الله كل الخير
الصحفي الصغير- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 1440
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
العمر : 25
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
وبارك الله فيك ايها الصحفي
وجزاك الله خير الجزاء
وجزاك الله خير الجزاء
azzouzekadi- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 4081
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
[img:3f49][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/img]
يعطيك العافية
يعطيك العافية
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
اختيار رائع
جزاك الله خير
جزاك الله خير
العمري 070- صديق المنتدى
- عدد المساهمات : 68
تاريخ التسجيل : 29/01/2011
رد: تاريخ منطقة واد ريغ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ريانية العود- إدارة
- عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع : قلب قطر
مواضيع مماثلة
» منطقة أصحاب الاخدود
» ألعاب شعبية من منطقة واد سوف بالجزائر
» ممنوع الأقتراب من .......أدم ......منطقة محظورة
» بعض أعشاب ونباتات منطقة سيدي عمران :
» المواقع الاثرية في منطقة حائل مدينة فيد التاريخيه
» ألعاب شعبية من منطقة واد سوف بالجزائر
» ممنوع الأقتراب من .......أدم ......منطقة محظورة
» بعض أعشاب ونباتات منطقة سيدي عمران :
» المواقع الاثرية في منطقة حائل مدينة فيد التاريخيه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi
» لحدود ( المقدرة شرعاً )
الثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi
» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
الأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi
» لا اله الا الله
الأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi
» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
الثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi
» عيدكم مبارك
الإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi
» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
السبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi
» لاتغمض عينيك عند السجود
السبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi
» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
الخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi