المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ريانية العود | ||||
عادل لطفي | ||||
عذب الكلام | ||||
zineb | ||||
azzouzekadi | ||||
بريق الكلمة | ||||
TARKANO | ||||
ليليان عبد الصمد | ||||
ام الفداء | ||||
السنديانة |
بحـث
.ft11 {FONT-SIZE: 12px; COLOR: #ff0000; FONT-FAMILY: Tahoma,Verdana, Arial, Helvetica; BACKGROUND-COLOR: #eeffff}
.IslamicData
{ font-family: Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif;
font-size: 10pt; font-style: normal; line-height: normal; font-weight:
normal; font-variant: normal; color: #000000; text-decoration: none}
الساعة
عدد زوار المنتدى
الاندلسيون واثارهم بالجزائر
صفحة 1 من اصل 1
الاندلسيون واثارهم بالجزائر
بفحص الجزائر ومتيجة
بقلم الدكتور محمد الأمين بلغيث
رئيس قسم اللغة والحضارة/كلية العلوم الإسلامية
جامعة الجزائر
دراسة مُهداة إلى الأستاذ الدكتور موسى لقبال
مدخل عام :
أعالج
في هذه البحث دور الهجرة الأندلسية إلى فحص الجزائر ومتيجة، حيث تبدو
نصوص ووثائق استقرار الأندلسيين في سواحل المغرب الأوسط بجناحيه الشرقي
وحاضرته بجاية والغربي وحاضرته وهران ووسطه جزائر الثعالبة شحيحة، كما
تظهر خطوط المواصلات البرية والبحرية هي التي هيأت مرافئ استقرار الجاليات
الأندلسية بالمغرب الأوسط وبهذا الصدد يذكر العلاَّمة ابن خلدون"...وأما
أهل الأندلس، فافترقوا في الأقطار، عند تلاشي ملك العرب بها ومن خلفهم من
البربر، وتغلبت عليهم أمم النصرانية، فانتشروا في عدوة المغرب وإفريقية،
من لدن الدولة اللَّمتونية إلى هذا العهد، وشاركوا أهل العمران بما لديهم
من الصنائع، وتعلقوا بأذيال الدولة."(1).وأثرى هؤلاء بلاد المغرب بما
يملكون من مناهج تعليمية وقدرة في الزراعة والصناعة، والجهاد البحري.كما
ساهموا في تطوير ميناء بجاية وأسطول الدولة الحفصية أيام السلطان أبي العباس أحمد وتطوير فعاليته في مواجهة الأساطيل البحرية بغرب المتوسط، وكان أمير البحر آنذاك محمد بن أبي مهدي، فجعل من مدينة بجاية أكبر قاعدة لانطلاق الغارات على السواحل الأوروبية(2).
_____________________
(1)-ابنخلدون، المقدمة، بيروت، دار الفكر،1422هـ/2002م.ص:401.
(2)- عبد الناصر جبَّار، بنو حفص والقوى الصليبية في غرب البحر المتوسط ص:131.
لقد
كان الأندلسيون أركان دولة المستنصر الحفصي منذ منتصف القرن السابع
الهجري، يتبوءون معظم المراكز الهامة فيها(3). كان اتجاه الباحثين العرب
لفترة طويلة موجهًا بشكل مكثف إلى دراسة تاريخ الأندلسيين خلال قيام دولة
الإسلام بالأندلس نتيجة توافرهم على عدد من المصادر الأندلسية المتعاقبة
بتلك الفترة في حين اتجه عدد كبير من الباحثين الأوروبيين إلى دراسة تاريخ
الموريسكيين بأسبانيا بعد سقوط غرناطة، فدرسوا تاريخهم من خلال وثائق
محاكم التفتيش، ومن خلال المصادر المعاصرة واعتبروا موضوع الموريسكيين
موضوعًا مسيحيًّا قبل أن يكون موضوعًا إسلاميًّا، وكان نتيجة ذلك أن تنوعت
الدراسات الموريسكية(الأوروبية) إلى درجة أصبحنا نجد معها تخصصات جزئية
داخل التخصص العام.وفي الجانب المقابل نجد الباحث العربي-في أغلب الحالات-
لا تسمو المواضيع التي يتطرق إليها عن الإثارة العاطفية على اعتبار أنها "مأساة" (4)لحقت
بالتاريخ العربي الإسلامي دون أبعاد هذه المأساة حضاريًّا وسياسيا، سواء
على صعيد المجتمع الأسباني نفسه، أو على صعيد المناطق التي استقر بها
الموريسكيون، خاصة _____________________
(3)-ممدوح حسين، الحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري، ص:303.
(4)- وثيقة
أندلسية عن سقوط غرناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو، ترجمها
وعلق عليها الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي، القاهرة، دار الهداية،دون
تاريخ)، ص:17.
منطقة
المغرب العربي.هذه المداخلة المتواضعة لطرح الإشكالية الخاصة بمناطق
استقرار الموريسكيين والصعوبات التي عاشها الأندلسيون في مناطق"الشتات" ولو تجاوزا لأنهم بين أظهر إخوانهم وبدار الإسلام. ثم أشير إلى جهودهم وآثارهم في فحص"جزائر الثعالبة" والمتيجة عامة.
تشير الوثائق القليلة إلى هجرات أندلسية مبكرة قبل سقوط غرناطة عام 1492م، وقبل الطرد النهائي لبقايا المدجنين من كان بحي البيازين وثوار جبال البشارات عام 1610م، وتبدو أول هجرة أندلسية واضحة نحو الجزائر"جزائر الثعالبة" على إثر سقوط سرقسطة البيضاء عام 512هـ/1120-1121م واستقرارهم في أعالي الجزائر وموطن استقرارهم بحي أو حومة الثغريين ولا تزال الهضبة التي استوطنوها تحمل اسمهم إلى اليوم، ويعود لهم الفضل الأكبر في إحياء المنطقة والقضاء على أحراش بوزريعة واستصلاح غابات المنطقة كما سيأتي ذكره لاحقًا. لقد كان خط سير الثغريين من سرقسطة البيضاء أيام حكم أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين(537هـ/1143م)،
فقد حملهم الأسطول المرابطي العامل في السواحل والجزر المرابطية من ميناء
ألمرية إلى جزائر الثعالبة رأسًا وقد كانت الحاضرة المرابطية الشهيرة
بالمغرب الأوسط.
أما الهجرة الأندلسية الثانية في هذه المرحلة المبكرة في منتصف القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي حيث تمت أيام سقوط ألمرية نفسها على يد الصليبيين الفرنسيين من بروفانس وإمارة لانغدوك(Langue d’oc) جنوب ووسط فرنسا، وكانت محطة استقرارهم الأولى بجاية الناصرية ثم تحولوا في ظروف لا نعلم دواعيها إلى فحص الجزائر، وكان استقرارهم ببساتين ثامنتفوست لقرب سهول المنطقة من المرافئ البحرية للجزائر الشرقية(5). وصد الحملات الأسبانية التي تسعى للسيطرة على ضفتي المتوسط في إطار الإمبراطورية الجديدة(6).
_______________
(5)-تقع ثامنتفوست أو روسقونيا القديمة، على بعد 24
كلم شرق جزائر الثعالبة، وتحتل الجزء الشرقي من جوف الجزائر، ويقصد
بثامنتفوست الجانب الأيمن، واسمها قديمًا روسقونيا المتكون من كلمة روس
البونية الأصل وتعني قمة أو رأس، ومعناها: قمة أو رأس الأدغال:عمرها
الرومان، وآثارهم الباقية إلى اليوم، لا تزال شاهدة على تعميرهم لها،
وكانوا قد أزالوا الآثار الفينيقية، حيث كانت تمثل مرفأ السفن ومنطقة تخزين
السلع الفينيقية، ثم عمرها الأندلسيون وكونوا منها حصنًا وقلعة في عهد
الجزائر العثمانية، وكانت من ثامنتفوست تنطلق السفن لحماية الساحل الشرقي،
وقاموا بتعمير المنطقة الفلاحية، وهذا بما جلبوه من خبرات في الري، ومد
القنوات لسقي البساتين. انظر:تامنتفوسن(روسقونيا القديمة، الجزائر، الوكالة الوطنية للآثار وحماية المعالم والنصب التاريخية، 1998م.ص:3 .
(6)- فرنان برودويل، المتوسط والعالم المتوسطي، تعريب وإنجاز مروان أبي سمرا، بيروت، دار المنتخب، 1993م. ص:47.
هجرة أهل بلنسية الشهيرة، هجرة كثيفة نحو تونس الحفصية، وبجاية كما خرجت عائلات كثيرة من تونس واستقرت أولا: بمدينة القل وتادلس "دلس" حاليا ومنها إلى فحص الجزائر متيجة أيام اشتداد الحملات الصليبية الأسبانية على بجاية وبونة والقالة ودلس. هذه الهجرات كانت بطريقة
أو بأخرى تتم نحو جزائر الثعالبة منذ أيام المرابطين والموحدين ثم أسسوا مدينة القليعة فيما بعد.
ومن الأسباب الموضوعية التي أدت إلى استقرار هذه الجاليات الأندلسية من سرقسطة البيضاء وألمرية وبلنسية
خاصة إلى رغبة الثعالبة وهم فرع من عرب المعاقيل الذين ملكوا متيجة
وضواحي مدينة الجزائر العاصمة والفحص بصورة خاصة لحاجتهم إلى خبرة هؤلاء
الأندلسيين الزراعية خاصة والحرفية عامة.
تتميز
الهجرات الأندلسية الأولى كما ذهب إلى ذلك جل المؤرخين الجزائريين بأنها
هجرات أسر وجيهة وأعلام أندلسية بارزة كان لها الأثر الكبير في جميع
الميادين العلمية والاقتصادية وقد استقطبتهم بجاية الناصرية والحفصية بصورة بارزة(7).
____________________
(7)-سيدي موسى محمد الشريف، مدينة بجاية الناصرية،.(دراسة في الحياة الاجتماعية والفكرية)، تقديم الدكتور محمد الأمين بلغيث.الجزائر، دار هومة للنشر والتوزيع.2007م.
واستقرت
حوالي ثلاثمائة أسرة أندلسية هاجرت من قشتالة والأندلس ومن أهل الثغور من
مملكة بلنسية، واستوطنوا مدينة القل مدينة المهاجرين الأندلسيين كما يقول
مارمول كربخال(.
لذا
تطورت هذه المدينة العتيقة التي استوطنها الأندلسيون من شرق الأندلس
وحواضره الشهيرة بلنسية ومثاغري جزيرة شقر، والقل بلد غني بالفواكه ومنها
أشجار الليمون والبرتقال، كما كسبت المنطقة من خلال خبرة الأندلسيين درجة
عالية في تربية دودة القز، لهذا كانت من أطماع بيدرو الثالث الأراغوني، الذي سعى للسيطرة علها ثم الزحف على مدينة قسنطينة في مغامرة غير محمودة بتواطئ مع ابن الوزير الطامح في عرش تونس الحفصية بمساعدة مملكة أراغون الصليبية(9).
_____________________
(8)- مارمول كربخال، إفريقيا، الجزء الثاني، ص:362.
(9)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر
(المجلة العربية للثقافة)، السنة الرابعة عشرة، العدد السابع والعشرون،
عدد خاص بالتاريخ العربي في الأندلس، المنظمة العربية للتربية والثقافة
والعلوم، 1994م. ص:232. أفوقاي(أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي)، ناصر الدين على القوم الكافرين(مختصر رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب)، تحقيق محمد رزوق،الدارالبيضاء، مطبعة النجاح الجديدة،1407هـ/1987م.ص:5.د.ممدوح حسين، الحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري.ص:472.
ارتبطت نهاية الحكم الإسلامي بالأندلس بسقوط آخر معاقل الإسلام المحاصر بأقصى جنوب غرب أوروبا-غرناطة بني الأحمر(897هـ/1492م) وبانتهاج
الأسبان سياسة متابعة حركة الاسترداد ببلاد المغرب وتعقب المهاجرين
الأندلسيين بها، وذلك للحيلولة دون قيامهم بالجهاد البحري انتقامًا لما
تعرضوا له، وقد أسفرت هذه السياسة عن استيلاء الأسبان على العديد من
المراكز الساحلية بالسواحل الجزائرية، فقد فرضوا سيطرتهم على المرسى الكبير(1505) ووهران (1509م) ومستغانم (1511) وتلمسان(1512).
تطلبت
تصفية الوجود الإسلامي بأسبانيا ذاتها انتهاج سياسة التنصير الإجباري(10)
للمسلمين التي أشرفت عليها الكنيسة الكاثوليكية وتبنَّاها الكاردينال
خيمينيس (CinserosXiménés) ونفذها البغيض الأسباني فنقض فردناند وإيزابيلا العهد الذي أعطي للمسلمين مقابل تسليم غرناطة وحرمت الشعائر الإسلامية وأحرقت الكتب العربية وأغلقت المساجد (905هـ/1499م) واعتبر الدين الإسلامي خطرًا على أسبانيا ومنع وجود المسلمين بها(907هـ/1501م) وهذا ما أدى إلى انتفاضة المسلمين ____________________
(10)- وثيقة أندلسية: عن سقوط غرناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو،ص:19. الفيكونت شاتوبريان، الإسلام في الأندلس آخر بني سراج(ملحق أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر آخر بني سراج)، ترجمة الأمير شكيب أرسلان، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1985م.ص:129.
وقيامهم بثورة جبال البشارات(976هـ/1568-1570م)
وبعد سنتين فشلت الثورة فأرغموا على التهجير إلى السواحل المغربية،
وأعقبت هذه الانتكاسة زيادة الضغط على المسلمين، فاتخذت في حقهم إجراءات
قمعية رادعة مهدت إلى قرارات الطرد الجماعي التي أصدر قوانينها ومراسيمها
فيليب الثالث ما بين 1607-1614م
بإيعاز من الكنيسة وتشجيع من الإقطاعيين فخصصت لهم السفن لنقلهم إلى
السواحل المغربية، وقد تضمنت الوثائق الأسبانية قوائم السفن التي حملت
الأندلسيين المهجرين إلى وهران والمرسى الكبير باعتبارهما مركزين أسبانيين
يوجه إليهما المهجرون.فقد تم نقل ما بين شهري أكتوبر ونوفمبر من عام(1016هـ/1609م) 116022مسلمًا من مناطق شرق الأندلس، وتعرض المهجرون الأندلسيون إلى مأساة ثانية بالجزائر وفاس حيث أغارت عليهم قبائل المنطقة، قال المقري التلمساني:"فخرجت
ألوف بفاس وألوف بتلمسان من وهران...فسلط عليهم الأعراب ومن لا يخشى الله
تعالى في الطرقات ونهبوا أموالهم وهذا ببلاد تلمسان وفاس ونجا القليل من
هذه المعَرَّة"(11). ونتج عن هذا الوضع تجند المرابطين وشيوخ الزوايا بالمغرب الأوسط(الجزائر)لحمايتهم والدعوة إلى الجهاد، وطلب الفقهاء والوجهاءإلحاق البلاد الجزائرية بالدولة العثمانيةحاملة راية الإسلامــــــــــــــ
(11)-المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، بيروت، دار الثقافة.ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:213.
(918-924هـ/1512-1518م) وتحولت الجزائر بذلك إلى جبهة متقدمة في صد
الدولة العثمانية للنفوذ الأسباني، وارتبط هذا العصر في الجزائر تحول
أعداد كثيرة من الأندلسيين من أسبانيا للاستقرار بالمدن والأقاليم
الجزائرية الساحلية خاصة، فكانت أهم مراكز الاستقرار بالغرب الجزائري،
وهران ونواحيها ومستغانم وآرزيو وجهاتها وتلمسان وقلعة بني راشد ومازونة
وندرومة، وبالشرق الجزائري استقرت جاليات أندلسية ببجاية وجيجل والقل
وقسنطينة وبونة(عنابة) والقالة، أما الوسط فاختارته بعض الجاليات الثغرية
القادمة من وشقة وسرقسطة البيضاء وبطليوس بالغرب(البرتغال).وتجمع
الأندلسيون في مدن الجزائر والبليدة والقليعة وشرشال وتادلس ومليانة والمدية ومازونة وفي إقليمي متيجة والساحل القريب منها(12).
لقد تم نقل ما بين 1543-1569م حوالي 7700 أندلسي من أهالي بلنسية وأليكانت وهذا أيام البحارة المشهورين صالح رايس، إيدن رايس، درغوث رايس، حسن فينيزيانو،مراد رايس، كما شارك مئات المتطوعين الإنكشاريين ثوار جبال البشارات وهذا بإنزال بحري على شواطئ نواحي ألمرية ومربلة ما بين سنتي 1568-1569م، وأشار كتاب غزوات عروج____________________
(12)- ناصر الدين سعيدوني، الجالية الأندلسية بالجزائر، مساهمتها العمرانية ونشاطها الاقتصادي ووضعها الاجتماعي( مجلة أوراق) مدريد، العدد الرابع، المعهد الأسباني العربي للثقافة،1984م.ص ص:111-118.
وخير الدين" أنه قد أنقض ما لا يقل عن سبعين ألف أندلسي وحملهم خير الدين
إلى الجزائر، وما يلاحظ أن أغلب هؤلاء المرحلين الأندلسيين يشكلون
المرحلة الثانية للهجرة الأندلسية نحو الجزائر، كانوا من الطبقات المتوسطة
والفقيرة فجلهم من الفلاحين وأصحاب المهن والصنائع والتجار والقليل منهم
كان له حظ في العلم أو نصيب في الثقافة وهذا عكس المرحلة الأولى للهجرة
الأندلسية للجزائر التي سبقت الإشارة إليها(13).
_________________
(13)-جاء
في كتاب غزوات خير الدين وعروج، فكتب أهل الأندلس كتابًا إلى خير الدين
يعلمونه بما وقع من النصارى من هذه المحن ويتضرعون إليه في إنقاذهم بما هم
فيه فوصل إليه كتابهم فامتعض من أجلهم ودخلته حمية الإسلام، والغيرة للدين
المحمدي، فعند ذلك، حضر ستة وثلاثين جفنًا، فلما رآهم الأندلسيون خرجوا
إلى ذلك الجبل المتقدم، فتجرد في طلبهم النصارى فلما وصلوا إلى الجبل ،
نزل إليهم أهل الأجفان من المسلمين وأتوهم من ورائهم ووقع بينهم قتال
عظيم، قيض الله المسلمين عليهم فأخذ الكفار في الفرار وتبعهم المسلمون في
الأثر حتى أبعدوا
عن مكانهم، ثم إنهم رجعوا.لما رأى أهل الجبل من الأندلسيين ما منح الله
عكر خير الدين من النصر نزلوا إليهم من الجبل وسلموا عليهم واستبشروا
بقدومهم... ، فرفعوا نساءهم وأبناءهم وما قدروا عليه من أموالهم وأبناءهم
فأتوا بها إلى الأجفان ووسعوها بذلك، وركب فيها عدد كثير منهم ورجعوا إلى
الجزائر بعد ما خلفوا ألف مقاتل من العسكر يحرسون جماعة المسلمين الباقية
من
الأندلس خوفًا عليهم من غائلة النصارى لعنة الله عليهم، فلما وصلت الأجفان
بقلم الدكتور محمد الأمين بلغيث
رئيس قسم اللغة والحضارة/كلية العلوم الإسلامية
جامعة الجزائر
دراسة مُهداة إلى الأستاذ الدكتور موسى لقبال
مدخل عام :
في هذه البحث دور الهجرة الأندلسية إلى فحص الجزائر ومتيجة، حيث تبدو
نصوص ووثائق استقرار الأندلسيين في سواحل المغرب الأوسط بجناحيه الشرقي
وحاضرته بجاية والغربي وحاضرته وهران ووسطه جزائر الثعالبة شحيحة، كما
تظهر خطوط المواصلات البرية والبحرية هي التي هيأت مرافئ استقرار الجاليات
الأندلسية بالمغرب الأوسط وبهذا الصدد يذكر العلاَّمة ابن خلدون"...وأما
أهل الأندلس، فافترقوا في الأقطار، عند تلاشي ملك العرب بها ومن خلفهم من
البربر، وتغلبت عليهم أمم النصرانية، فانتشروا في عدوة المغرب وإفريقية،
من لدن الدولة اللَّمتونية إلى هذا العهد، وشاركوا أهل العمران بما لديهم
من الصنائع، وتعلقوا بأذيال الدولة."(1).وأثرى هؤلاء بلاد المغرب بما
يملكون من مناهج تعليمية وقدرة في الزراعة والصناعة، والجهاد البحري.كما
ساهموا في تطوير ميناء بجاية وأسطول الدولة الحفصية أيام السلطان أبي العباس أحمد وتطوير فعاليته في مواجهة الأساطيل البحرية بغرب المتوسط، وكان أمير البحر آنذاك محمد بن أبي مهدي، فجعل من مدينة بجاية أكبر قاعدة لانطلاق الغارات على السواحل الأوروبية(2).
_____________________
(1)-ابنخلدون، المقدمة، بيروت، دار الفكر،1422هـ/2002م.ص:401.
(2)- عبد الناصر جبَّار، بنو حفص والقوى الصليبية في غرب البحر المتوسط ص:131.
لقد
كان الأندلسيون أركان دولة المستنصر الحفصي منذ منتصف القرن السابع
الهجري، يتبوءون معظم المراكز الهامة فيها(3). كان اتجاه الباحثين العرب
لفترة طويلة موجهًا بشكل مكثف إلى دراسة تاريخ الأندلسيين خلال قيام دولة
الإسلام بالأندلس نتيجة توافرهم على عدد من المصادر الأندلسية المتعاقبة
بتلك الفترة في حين اتجه عدد كبير من الباحثين الأوروبيين إلى دراسة تاريخ
الموريسكيين بأسبانيا بعد سقوط غرناطة، فدرسوا تاريخهم من خلال وثائق
محاكم التفتيش، ومن خلال المصادر المعاصرة واعتبروا موضوع الموريسكيين
موضوعًا مسيحيًّا قبل أن يكون موضوعًا إسلاميًّا، وكان نتيجة ذلك أن تنوعت
الدراسات الموريسكية(الأوروبية) إلى درجة أصبحنا نجد معها تخصصات جزئية
داخل التخصص العام.وفي الجانب المقابل نجد الباحث العربي-في أغلب الحالات-
لا تسمو المواضيع التي يتطرق إليها عن الإثارة العاطفية على اعتبار أنها "مأساة" (4)لحقت
بالتاريخ العربي الإسلامي دون أبعاد هذه المأساة حضاريًّا وسياسيا، سواء
على صعيد المجتمع الأسباني نفسه، أو على صعيد المناطق التي استقر بها
الموريسكيون، خاصة _____________________
(3)-ممدوح حسين، الحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري، ص:303.
(4)- وثيقة
أندلسية عن سقوط غرناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو، ترجمها
وعلق عليها الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي، القاهرة، دار الهداية،دون
تاريخ)، ص:17.
منطقة
المغرب العربي.هذه المداخلة المتواضعة لطرح الإشكالية الخاصة بمناطق
استقرار الموريسكيين والصعوبات التي عاشها الأندلسيون في مناطق"الشتات" ولو تجاوزا لأنهم بين أظهر إخوانهم وبدار الإسلام. ثم أشير إلى جهودهم وآثارهم في فحص"جزائر الثعالبة" والمتيجة عامة.
الهجرات الأندلسية إلى الجزائر عامة ومتيجة خاصة
فقد حملهم الأسطول المرابطي العامل في السواحل والجزر المرابطية من ميناء
ألمرية إلى جزائر الثعالبة رأسًا وقد كانت الحاضرة المرابطية الشهيرة
بالمغرب الأوسط.
أما الهجرة الأندلسية الثانية في هذه المرحلة المبكرة في منتصف القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي حيث تمت أيام سقوط ألمرية نفسها على يد الصليبيين الفرنسيين من بروفانس وإمارة لانغدوك(Langue d’oc) جنوب ووسط فرنسا، وكانت محطة استقرارهم الأولى بجاية الناصرية ثم تحولوا في ظروف لا نعلم دواعيها إلى فحص الجزائر، وكان استقرارهم ببساتين ثامنتفوست لقرب سهول المنطقة من المرافئ البحرية للجزائر الشرقية(5). وصد الحملات الأسبانية التي تسعى للسيطرة على ضفتي المتوسط في إطار الإمبراطورية الجديدة(6).
_______________
(5)-تقع ثامنتفوست أو روسقونيا القديمة، على بعد 24
كلم شرق جزائر الثعالبة، وتحتل الجزء الشرقي من جوف الجزائر، ويقصد
بثامنتفوست الجانب الأيمن، واسمها قديمًا روسقونيا المتكون من كلمة روس
البونية الأصل وتعني قمة أو رأس، ومعناها: قمة أو رأس الأدغال:عمرها
الرومان، وآثارهم الباقية إلى اليوم، لا تزال شاهدة على تعميرهم لها،
وكانوا قد أزالوا الآثار الفينيقية، حيث كانت تمثل مرفأ السفن ومنطقة تخزين
السلع الفينيقية، ثم عمرها الأندلسيون وكونوا منها حصنًا وقلعة في عهد
الجزائر العثمانية، وكانت من ثامنتفوست تنطلق السفن لحماية الساحل الشرقي،
وقاموا بتعمير المنطقة الفلاحية، وهذا بما جلبوه من خبرات في الري، ومد
القنوات لسقي البساتين. انظر:تامنتفوسن(روسقونيا القديمة، الجزائر، الوكالة الوطنية للآثار وحماية المعالم والنصب التاريخية، 1998م.ص:3 .
(6)- فرنان برودويل، المتوسط والعالم المتوسطي، تعريب وإنجاز مروان أبي سمرا، بيروت، دار المنتخب، 1993م. ص:47.
الهجرة الأندلسية الثانية:
أو بأخرى تتم نحو جزائر الثعالبة منذ أيام المرابطين والموحدين ثم أسسوا مدينة القليعة فيما بعد.
ومن الأسباب الموضوعية التي أدت إلى استقرار هذه الجاليات الأندلسية من سرقسطة البيضاء وألمرية وبلنسية
خاصة إلى رغبة الثعالبة وهم فرع من عرب المعاقيل الذين ملكوا متيجة
وضواحي مدينة الجزائر العاصمة والفحص بصورة خاصة لحاجتهم إلى خبرة هؤلاء
الأندلسيين الزراعية خاصة والحرفية عامة.
تتميز
الهجرات الأندلسية الأولى كما ذهب إلى ذلك جل المؤرخين الجزائريين بأنها
هجرات أسر وجيهة وأعلام أندلسية بارزة كان لها الأثر الكبير في جميع
الميادين العلمية والاقتصادية وقد استقطبتهم بجاية الناصرية والحفصية بصورة بارزة(7).
____________________
(7)-سيدي موسى محمد الشريف، مدينة بجاية الناصرية،.(دراسة في الحياة الاجتماعية والفكرية)، تقديم الدكتور محمد الأمين بلغيث.الجزائر، دار هومة للنشر والتوزيع.2007م.
واستقرت
حوالي ثلاثمائة أسرة أندلسية هاجرت من قشتالة والأندلس ومن أهل الثغور من
مملكة بلنسية، واستوطنوا مدينة القل مدينة المهاجرين الأندلسيين كما يقول
مارمول كربخال(.
لذا
تطورت هذه المدينة العتيقة التي استوطنها الأندلسيون من شرق الأندلس
وحواضره الشهيرة بلنسية ومثاغري جزيرة شقر، والقل بلد غني بالفواكه ومنها
أشجار الليمون والبرتقال، كما كسبت المنطقة من خلال خبرة الأندلسيين درجة
عالية في تربية دودة القز، لهذا كانت من أطماع بيدرو الثالث الأراغوني، الذي سعى للسيطرة علها ثم الزحف على مدينة قسنطينة في مغامرة غير محمودة بتواطئ مع ابن الوزير الطامح في عرش تونس الحفصية بمساعدة مملكة أراغون الصليبية(9).
_____________________
(8)- مارمول كربخال، إفريقيا، الجزء الثاني، ص:362.
(9)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر
(المجلة العربية للثقافة)، السنة الرابعة عشرة، العدد السابع والعشرون،
عدد خاص بالتاريخ العربي في الأندلس، المنظمة العربية للتربية والثقافة
والعلوم، 1994م. ص:232. أفوقاي(أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي)، ناصر الدين على القوم الكافرين(مختصر رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب)، تحقيق محمد رزوق،الدارالبيضاء، مطبعة النجاح الجديدة،1407هـ/1987م.ص:5.د.ممدوح حسين، الحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري.ص:472.
المرحلة الثالثة للهجرة الأندلسية نحو الجزائر
الأسبان سياسة متابعة حركة الاسترداد ببلاد المغرب وتعقب المهاجرين
الأندلسيين بها، وذلك للحيلولة دون قيامهم بالجهاد البحري انتقامًا لما
تعرضوا له، وقد أسفرت هذه السياسة عن استيلاء الأسبان على العديد من
المراكز الساحلية بالسواحل الجزائرية، فقد فرضوا سيطرتهم على المرسى الكبير(1505) ووهران (1509م) ومستغانم (1511) وتلمسان(1512).
تطلبت
تصفية الوجود الإسلامي بأسبانيا ذاتها انتهاج سياسة التنصير الإجباري(10)
للمسلمين التي أشرفت عليها الكنيسة الكاثوليكية وتبنَّاها الكاردينال
خيمينيس (CinserosXiménés) ونفذها البغيض الأسباني فنقض فردناند وإيزابيلا العهد الذي أعطي للمسلمين مقابل تسليم غرناطة وحرمت الشعائر الإسلامية وأحرقت الكتب العربية وأغلقت المساجد (905هـ/1499م) واعتبر الدين الإسلامي خطرًا على أسبانيا ومنع وجود المسلمين بها(907هـ/1501م) وهذا ما أدى إلى انتفاضة المسلمين ____________________
(10)- وثيقة أندلسية: عن سقوط غرناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو،ص:19. الفيكونت شاتوبريان، الإسلام في الأندلس آخر بني سراج(ملحق أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر آخر بني سراج)، ترجمة الأمير شكيب أرسلان، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1985م.ص:129.
وقيامهم بثورة جبال البشارات(976هـ/1568-1570م)
وبعد سنتين فشلت الثورة فأرغموا على التهجير إلى السواحل المغربية،
وأعقبت هذه الانتكاسة زيادة الضغط على المسلمين، فاتخذت في حقهم إجراءات
قمعية رادعة مهدت إلى قرارات الطرد الجماعي التي أصدر قوانينها ومراسيمها
فيليب الثالث ما بين 1607-1614م
بإيعاز من الكنيسة وتشجيع من الإقطاعيين فخصصت لهم السفن لنقلهم إلى
السواحل المغربية، وقد تضمنت الوثائق الأسبانية قوائم السفن التي حملت
الأندلسيين المهجرين إلى وهران والمرسى الكبير باعتبارهما مركزين أسبانيين
يوجه إليهما المهجرون.فقد تم نقل ما بين شهري أكتوبر ونوفمبر من عام(1016هـ/1609م) 116022مسلمًا من مناطق شرق الأندلس، وتعرض المهجرون الأندلسيون إلى مأساة ثانية بالجزائر وفاس حيث أغارت عليهم قبائل المنطقة، قال المقري التلمساني:"فخرجت
ألوف بفاس وألوف بتلمسان من وهران...فسلط عليهم الأعراب ومن لا يخشى الله
تعالى في الطرقات ونهبوا أموالهم وهذا ببلاد تلمسان وفاس ونجا القليل من
هذه المعَرَّة"(11). ونتج عن هذا الوضع تجند المرابطين وشيوخ الزوايا بالمغرب الأوسط(الجزائر)لحمايتهم والدعوة إلى الجهاد، وطلب الفقهاء والوجهاءإلحاق البلاد الجزائرية بالدولة العثمانيةحاملة راية الإسلامــــــــــــــ
(11)-المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، بيروت، دار الثقافة.ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:213.
(918-924هـ/1512-1518م) وتحولت الجزائر بذلك إلى جبهة متقدمة في صد
الدولة العثمانية للنفوذ الأسباني، وارتبط هذا العصر في الجزائر تحول
أعداد كثيرة من الأندلسيين من أسبانيا للاستقرار بالمدن والأقاليم
الجزائرية الساحلية خاصة، فكانت أهم مراكز الاستقرار بالغرب الجزائري،
وهران ونواحيها ومستغانم وآرزيو وجهاتها وتلمسان وقلعة بني راشد ومازونة
وندرومة، وبالشرق الجزائري استقرت جاليات أندلسية ببجاية وجيجل والقل
وقسنطينة وبونة(عنابة) والقالة، أما الوسط فاختارته بعض الجاليات الثغرية
القادمة من وشقة وسرقسطة البيضاء وبطليوس بالغرب(البرتغال).وتجمع
الأندلسيون في مدن الجزائر والبليدة والقليعة وشرشال وتادلس ومليانة والمدية ومازونة وفي إقليمي متيجة والساحل القريب منها(12).
لقد تم نقل ما بين 1543-1569م حوالي 7700 أندلسي من أهالي بلنسية وأليكانت وهذا أيام البحارة المشهورين صالح رايس، إيدن رايس، درغوث رايس، حسن فينيزيانو،مراد رايس، كما شارك مئات المتطوعين الإنكشاريين ثوار جبال البشارات وهذا بإنزال بحري على شواطئ نواحي ألمرية ومربلة ما بين سنتي 1568-1569م، وأشار كتاب غزوات عروج____________________
(12)- ناصر الدين سعيدوني، الجالية الأندلسية بالجزائر، مساهمتها العمرانية ونشاطها الاقتصادي ووضعها الاجتماعي( مجلة أوراق) مدريد، العدد الرابع، المعهد الأسباني العربي للثقافة،1984م.ص ص:111-118.
وخير الدين" أنه قد أنقض ما لا يقل عن سبعين ألف أندلسي وحملهم خير الدين
إلى الجزائر، وما يلاحظ أن أغلب هؤلاء المرحلين الأندلسيين يشكلون
المرحلة الثانية للهجرة الأندلسية نحو الجزائر، كانوا من الطبقات المتوسطة
والفقيرة فجلهم من الفلاحين وأصحاب المهن والصنائع والتجار والقليل منهم
كان له حظ في العلم أو نصيب في الثقافة وهذا عكس المرحلة الأولى للهجرة
الأندلسية للجزائر التي سبقت الإشارة إليها(13).
_________________
(13)-جاء
في كتاب غزوات خير الدين وعروج، فكتب أهل الأندلس كتابًا إلى خير الدين
يعلمونه بما وقع من النصارى من هذه المحن ويتضرعون إليه في إنقاذهم بما هم
فيه فوصل إليه كتابهم فامتعض من أجلهم ودخلته حمية الإسلام، والغيرة للدين
المحمدي، فعند ذلك، حضر ستة وثلاثين جفنًا، فلما رآهم الأندلسيون خرجوا
إلى ذلك الجبل المتقدم، فتجرد في طلبهم النصارى فلما وصلوا إلى الجبل ،
نزل إليهم أهل الأجفان من المسلمين وأتوهم من ورائهم ووقع بينهم قتال
عظيم، قيض الله المسلمين عليهم فأخذ الكفار في الفرار وتبعهم المسلمون في
الأثر حتى أبعدوا
عن مكانهم، ثم إنهم رجعوا.لما رأى أهل الجبل من الأندلسيين ما منح الله
عكر خير الدين من النصر نزلوا إليهم من الجبل وسلموا عليهم واستبشروا
بقدومهم... ، فرفعوا نساءهم وأبناءهم وما قدروا عليه من أموالهم وأبناءهم
فأتوا بها إلى الأجفان ووسعوها بذلك، وركب فيها عدد كثير منهم ورجعوا إلى
الجزائر بعد ما خلفوا ألف مقاتل من العسكر يحرسون جماعة المسلمين الباقية
من
الأندلس خوفًا عليهم من غائلة النصارى لعنة الله عليهم، فلما وصلت الأجفان
الاشبيلي- مشرف عام
- عدد المساهمات : 528
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
رد: الاندلسيون واثارهم بالجزائر
<blockquote> أدَّت الهجرات الأندلسية المتتابعة نحو مدينة الجزائر إلى ارتفاع عدد السكان من 25 ألف(1518م) إلى 70 ألف (1580) ليرتفع إلى ما بين 100 ألف و120 ألف نسمة عام 1634م
حسبما يستنتج من المصادر المعاصرة، بحيث أصبح الأندلسيون يشكلون ربع سكان
مدينة الجزائر في بداية القرن الحادي عشر الهجري، مستهل القرن السابع عشر
الميلادي، فقد فقدرالراهب الأسباني هايدو(Haèdo) عددهم عام 1609م بما لا يقل عن 25000 نسمة وهذا ما اضطر حكام الجزائر إلى تحويل قسم منهم إلى الأرياف المجاورة كما حدث عام 1512م
الذي عانى فيه السكان المجاعة ونقص الأقوات فحمل متولي الشرطة بالمدينة
مسؤولية ذلك الموريسكيين وأمر بطردهم من المدينة في ظرف ثلاثة أيام، ولم
يتردد في قتل الأشخاص العاجزين على مغادرة المدينة في الوقت المحدد(14)،كما
انجرَّ عن تكاثر ــــــــــــ
= إلى الجزائر خلفوا ما حملوه من الأندلس... فكان جملة ما حملوه سبعين ألفًا انظر:مجهول، تاريخ خير الدين، مخطوط رقم:5754.نقلا عن د.جمال قنان، نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر الحديث(1500-1830م)، الجزائر، منشورات المؤسسة الوطنية للطباعة، 1987م.ص:41.
(14)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:232.محمد رزوق، الأندلسيون وهجرتهم إلى المغرب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، الدار البيضاء،1989م.ص:132.
الأندلسيين بمدينة الجزائر تخصيص أماكن أخرى لاستقرارهم غير بعيد عن الجزائر، فقد أقامت أسر أندلسية بزعامة سيدي أحمد الكبير في مدينة البليدة(942هـ/1535م) وأنشأت جماعات المدجنين القادمين من قشتالة وثغور بلنسية مدينة القليعة(957هـ/1550م)، وطوروا كما سلف مدينة القل، وساحل الجزائر الشرقي، وجعلوا من مرفأ ثامنتفوست حصنًا وقلعة لحماية الجزائر البيضاء المحروسة، انتقامًا من الأسبان الذين أذاقوهم الأمرين.
لم
يمانع حكام الجزائر تشجيع بعض الأندلسيين للعودة إلى وطنهم بهدف الجوسسة
أو إثارة إخوانهم المدجنين ضد الحكم الأسباني، وفي هذا الإطار من النشاط
السرِّي فسارع موريسكيو بلنسية إلى إخبار إخوانهم بالجزائر بالاستعداد الأسباني للقيام بحملة بحرية ضد الجزائر سنة 1601م فأرسلوا لهذا الغرض زورقًا على جناح السرعة وعندما نجحت مساعيهموفشل
الهجوم الأسباني لم يترددوا حسب الوثائق الأسبانية التي أوردت الخبر من
إقامة حفلات بهيجة جماعية تعبيرًا عن تضامنهم مع إخوانهم بالجزائر(15).
ساعد الأندلسيون في تدعيم الحكم العثماني بالجزائر،وقدموا يد المساعدة والعون للأخوين عرُّوج وخير الدين بربروسة في صراعهم مع_________________
(15)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:234.أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وأسبانيا(1492-1792م).الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1977م.
الأسبان حيث كانا الأخوان سببًا بعد الله في خلاص كثير من المسلمين من أيدي الكفرة المتمردين ونقلهم إلى أرض الإسلام.
اتخذ حكام الجزائر منذ عهد خير الدين من الأندلسيين جنودًا لحراسة أبراج
مدينة الجزائر وألَّفوا منهم فرقًا عسكرية شاركت في توطيد الحكم العثماني
في الأقاليم الداخلية للجزائر، فقد شارك 500 أندلسي من أهالي غرناطة وأراغون وبلنسية في الحملة التي شنها خير الدين للقضاء على حميدالعيد حليف الأسبان المستبد بمدينة تنسونواحيها عام 1517م كما كلفت جماعات الأندلسيين بحراسة مدينة المدية بعد أن تمكن خير الدين من تنحية محمد بن العابد وإلحاقها بالسلطة المركزية بالجزائر، كما قضت فرقة من الرماة(500) على حاكم مليانة المدعو حسن أيام حسن بن خير الدين.
تزايد عدد المدجنين الأندلسيين المدافعين عن الجزائر المحروسة وبلغ شهداؤهم أيام حملة الصليبي شارل كانت حوالي 5000شهيدًا وبلغ عدد الأندلسيين المجندين 6000 فرد من مجموع 15000 رجل المقدرين للجيش والقوة العسكرية الجزائرية(16).ولا
يمكن لعاقل إلا الاعتراف لهؤلاء الأندلسيين بالفضل الكبير في تحديث الجيش
الإسلامي بالجزائر في العهد العثماني نظرًا لخبرتهم الطويلة في الجهاد
وصد حملات القوات العسكرية الأسبانية التي أضاقتهم الأمرين.
___________
(16)- انظر رسالة فيليب الثاني ملك أسبانيا إلى فورك فو(Fourque Youls) سفير فرنسا بتاريخ 6 جويلية 1566م.ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:236.
اشتغل أندلسيو فحص الجزائر في الأعمال الزراعية والتجارية والحرفية
وتفوقوا في ضروب الصناعات التقليدية، وكان أغلبهم بباب الواد وباب عزُّون
من صناع أهل الأندلس، وأهم الصناعات التي عرف بها الأندلسيون صناعة النسيج
بمختلف أصنافها" أقمشة الكتان والقطن والحرير والمحمل (القطيفة)"،وقد كانت
معامل الأقمشة في الربع الأول من القرن السادس عشر تضم ما لا يقل عن 3000
عامل كما لا تقل هذه الصناعة أهمية عن بقية الصناعات والحرف الأخرى التي
أتقن صناعتها الأندلسيون وهي التطريز(الشبيكة) والقلانس(الشاشية) وصناعة
الحلي وتجهيز السفن وصناعة الأسلحة.
لم يقتصر النشاط الاقتصادي الخاص بالهجرة الأندلسية في متيجة وفحص الجزائر وبقية مدن وحواضر استقرارهم على الجانب الحرفي، فقدنشطوا
العمل الزراعي في الساحل الشرقي والغربي لمدينة الجزائر، حيث استصلحوا
الأراضي وأخرجوا الماء ونظموا الرعي بفحص باب الوادي بواسطة مياه المعامل
وفحوص باب عزون باستغلال مياه الحامة وواد خنيس ووادي الجر فبنوا الأحواض
والصهاريج والسواقي والقنوات والحنايا والنوريات(الناعورات) وحفروا آبار
الماء، وأنشأوا العيون، وكانت من أهمها عيون الحامة التي بناها أوسطى موسى، أحد الصناع الأندلسيين عـلى عهد قوصة مصطفى حاكم الجزائر(1610-1613م).
على أن أهم آثار الأندلسيين في مدينة الجزائر والبليدة والقليعة والمدية
يتمثل في تلك التقنيات الزراعية المتطورة التي أدخلوها إلى هذه المدن من
حيث آلات العمل الفلاحي وطرق التشذيب والتلقيح والغراسة واختيار التربة
ونوعية المياه(17)، مما أدَّى إلى تحسين أنواع عديدة من الأشجار المثمرة
كالعنب، والبرتقال والزيتون والتفاح والجوز واللوز والمشمش ،وإدخال أنواع
جديدة من الخضر والفواكه لم يألفها السكان قبلهم مثل:حب الملوك(الكرز)
والنارنج والقرنون والكراث والجلبان والملفوف والباذنجان والطماطم والبطاطس
والفلفل وأنواع الزهور والقرمز.
شكل
الأندلسيون أساس اقتصاد مدينة الجزائر بمثل الأعمال الحرفية والتجارية
والزراعية التي جلبوها معهم من موطنهم الأصلي الأندلس بمختلف أقاليمه. وكان الأندلسيون المهجرون نحو الجزائر نواة تطور مدينة البليدة حيث قاموا باستصلاح فحص متيجة
وأقاموا البساتين الغناء وأحواض الماء لسقي البساتين والحقول، فعرف سكان
المنطقة سعة الرزق ورخاء المعيشة أثناء القرنين السادس عشر والسابع عشر
وهذا ما جعل سيور دي لا كروى(Sieur de lacroix) يؤكد على أن 2000 موريسكي هم سببًا في جعل مدينة الجزائر مدينة غنية بمشاغل الحرير والقطيفة وغيرها من
ـــــــ
(17)-لمزيد من الإطلاع على مسائل الماء والتقنيات الفلاحية التي برع فيها الأندلسيون منذ عهد قديم انظر: محمد الأمين بلغيث، الحياة الفكرية بالأندلس في عصر المرابطين، المجلد الثاني،ص:529 وما بعدها.
الصناعات اليدوية المتطورة الدقيقة(18).
ظل الأندلسيون شريحة اجتماعية متماسكة، يحتكر أفرادها أغلب المناصب
الإدارية والوظائف الاجتماعية المهمة التي لم يشغلها الأتراك بمدينة
الجزائر، وقد كانت لهذه الجماعة حظوة ومكانة لدى الحكام وتعامل خاص مع
التجار الأوروبيين والمتعاملين اليهود الذين قدموا من الأندلس أو المدنالإيطالية وقد اشتهرت من هذه الطبقة الميسورة عدة أسر توارثت الثروة والنفوذ، واشتغل أفرادها بالتجارة والصناعة مثل ابن رامول، وابن هنِّي وابن النيقرو، وبرحال، وبوناتيرو، وبن تشيكو وبن الكبابطي، وبوضربة،
وابن الشاهد، وابن الأمين، وابن عمار، وخوجة، والزهار، والآبلي، وشلاسة، والعنجدون وغيرها(19).
ساهم الأندلسيون بقسط وافر في التعليم بالمدارس المشهورة منها مدرسة
الأندلس، مدرسة القشاش، كما كان لهم نصيب في فنون الأدب والثقافة لم يصل
إلى مستوى أسلافهم من علماء بجاية وتونس وفاس ولكنه_____________________
(18)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:237.أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة، ص:420.
(19)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:236.
مكَّن
من المحافظة على التقاليد التربوية والتعليمية الأندلسية كما ضمن استمرار
التقاليد العلمية والفقهية والأدبية، فأصبح للفتح بن خاقان ولسان الدين
بن الخطيب مثالا يحتذى به في فن الترسيل والنثر الفني، كما تؤكده أعمال
ابن عمار وابن حمادوش وابن ميمون،كما تولَّى الأندلسيون الوظائف الشرعية كالقضاء والإمامة والخطابة والنظر في الأحباس والأوقاف واشتهر منهم في مجال القضاء: ابن النيقرو وابن الأمين وابن عمار وابن الكبابطي، أما في ميدان الفن فكان اهتمامهم كبيرًا كادوا ينفردون بتنشيطالحياة
الفنية، فقد نقلوا إلى فحص الجزائر ومدنه الشهيرة الموشحات والأزجال
الأندلسية المعروفة عندنا(بالمالوف) وأدخلوا آلات موسيقية أندلسية، وحافظوا
عليها مثل العود والرباب، والكامنجة، والصنوج، والطبيلة والطارو
والدربوكة، وأحيوا المواليد والإخوانيات وقصائد المديحوالغزل
والتشبيب ووصف الطبيعة والرثاء، وشعر الحرب، ومن أشهر منظمي الموشحات أبو
العباس أحمد بن عمار الأندلسي الجزائري متولي إفتاء المالكية سنة 1180هـ/1766م(20) وصاحب الرحلة الشهيرة "نحلة اللبيب في
الرحلة إلى الحبيب" (21) و"لواء النصر".
_____________________
(20)- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزء الأول، بيروت، دار الغرب الإسلامي،1981م.ص:282.(21)-هذه
الأعمال من اهتمامات المؤرخ سعد الله ونشر نصوصها الهامة، كما نشر رسالة
الغريب إلى الحبيب تأليف أحمد أبو عصيدة البجائي، بدار الغرب الإسلامي عام
1993م.
ومحمد بن الشاهد الأندلسي الجزائري (ت.1207هـ/1793م).وعمر بن سيدي علي الأندلسي، متولي قضاء الحنفية سنة 1163هـ/1750م، وغيرهم من العلماء(22).
وفي
الختام نقول إن الهجرة الأندلسية الأولى قبل سقوط غرناطة والهجرة الثانية
بعد ثورة البشارات أعطت للجزائر عامة ومدنها الساحلية والداخلية خاصة
بُعْدًا أندلسيا واضحًا، وأصبحت الجزائر وطنهم فدافعوا عنه بالغالي
والنفيس طوال صراعها لمدة ثلاثة قرون مع أسبانيا النصرانية الكاثوليكية.
وخير ما نختم به هذه الحوصلة بتلخيص لما جاء في كتاب الدكتور مصطفى أحمد بن حموش حول المدينة والسلة والإسلام، حيث يلتفت إلى إنشاء المدن كإحدى صور تحقيقالمصلحة
العامة وفق ضوابط الشريعة، فيذكر إنشاء مدينة القليعة، مدينة المهاجرين
الأندلسيين، ويفسر اسمها بأنه تصغير كلمة (قلعة)، في دلالة على وظيفتها
العسكرية التي أرادها منها مؤسسها الباشا حسن، فقد كانت ركيزة في المنطقة
لمواجهة القبائل البربرية بجبال شنوة.
كما يستعرض نظرية في غاية الفطنة والانتباه إلى ما حدث في الضفة الشمالية يوم تهجير الأندلسيين أو القضاءعليهم في المنافي ومحاكم التفتيش فيستخلص بأنه مقابل اختفاء المدن والقرى الأندلسية في أسبانياـــــــــــــ
(22)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:239.
كانت تنشأ مدن وقرى في الضفة الأخرى من البحر حتى أن أغلب المدنفي
المغرب يعود الفضل في إنشائها إلى أهل الأندلس، فقد كان سكان المغرب
الأصليون آنذاك يفضلون الخيمة والريف على المدينة، ولعب العثمانيون دورًا
حاسما في توطين اللاجئين الأندلسيين وإعانتهم على الاندماج في الإقليم
الجديد، من منطلق ديني وإعمالا للمصلحة العامة في أعلى مستوياتها وهي حفظ
الدين ورعاية الأمة.
يقترب الجزء الثالث -من كتاب الباحث المذكور أعلاه- أكثر من مدينة الجزائر ونموها، ويلاحظ بعض تفاصيل هذه المدينة التي كانت صغيرة إلى حد أن الرحالة لم يذكروها إلا نادرًا،
وأصبحت في ما بعد في العهد العثماني إحدى المدن العربية الكبرى، حيث
ازداد عدد سكانها وكبرت مساحتها وتحولت إلى نموذج يمكن قراءة السياسة
العمرانية العثمانية فيها ولهذا كانت هذه المدينة إحدى المحاور الأساسية
في الكتاب بمجمله(23).
يقول المؤلف مصطفى أحمد بن حموش:
إن أغلب المشاريع التي اطلع عليها عبر الوثائق كانت عسكرية. ويضيف أنه في
بعض الحالات تكون المشاريع أشبه بالإعلان عن مناقصة، ومن أمثلة ذلك
"مشروع جلب الماء من عين الحامة حيث طلب علي باشا من أهل الخبرة إجراء
دراسات على ________________
(23)- مصطفى أحمد بن حموش، المدينة والسلطة في الإسلام، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، 1999م.(320صفحة). عرض/ شفيق شقير المصدر الجزيرة نت.
كيفية إيصالها للمدينة".
وأثر
على نوعية الطراز المعماري المهاجرون الأندلسيون الذين تدفقوا على شمال
أفريقيا بعد النكبة وكذلك الأسرى المسيحيون الذين استخدموا في المشاريع
العامة، فضلا عن الطراز المشرقي العثماني الذي فرضه حضورهم في أجهزة
السلطة.
وينتهي الباحث إلى خاتمة تؤكد
على تكفل السلطة بالمسائل الإستراتيجية الكبرى التي ترتبط بالمدينة ككل،
وأن المركزية في الإدارة ساعدت على التنسيق بين مختلف الخدمات، كما أن
حضور أهل الخبرة بجانب السلطة كان له أثر في تحديد المشاريع الضرورية
لاحتياجات السكان.
واندمج الأندلسيون مع "البلدية" من السكان "الحضر" والكراغلة وطبقة الأتراك، وشكلوا طبقة ميسورة. فتأثرت هذه الطبقة بلباس الأندلسيين ولهجاتهم، كما تأثر "البرانية"
من البدو بسلوك هذه الفئة المتحضرة في المعاملة والمظهر الأنيق .لهذا طبع
الأندلسيون المدينة بطبائعهم الاجتماعية وأثروا على حرف مدينة الجزائر،
كما أشار إلى ذلك أكثر من باحث في هذا العصر الذي كون مجتمعًا متماسكًا
لمدة قرون حتى غزاهم الاستعمار، فدمروا العمران الموريسكي، وحطموا المساجد
ومعاهد العلم وغيروا الشوارع بدعاوى توسيع المدينة، وهيمنوا على العقار،
وأرجعوا سكان المدينة إلى عصر ما قبل تحضر المدينة في القرن السادس عشر
والقرون التي جاءت بعده.
(1)- عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة،نسخة محققة، بيروت، دار الفكر،1422هـ/2002م.
(2)-
وثيقة أندلسية عن سقوط غر ناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو،
ترجمها وعلق عليها الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي، القاهرة، دار
الهداية،دون تاريخ).
(3)- الفيكونت شاتوبريان، الإسلام في الأندلس آخر بني سراج(ملحق أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر آخر بني سراج) ، ترجمة الأمير شكيب أرسلان، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1985م.
(4)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر
(المجلة العربية للثقافة)، السنة الرابعة عشرة، العدد السابع والعشرون،
عدد خاص بالتاريخ العربي في الأندلس، المنظمة العربية للتربية والثقافة
والعلوم، 1994م.
(5)- ناصر الدين سعيدوني، الجالية الأندلسية بالجزائر، مساهمتها العمرانية ونشاطها الاقتصادي ووضعها الاجتماعي(مجلة أوراق) مدريد، العدد الرابع، المعهد الأسباني العربي للثقافة.1984م.
(6)- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزء الأول، بيروت، دار الغرب الإسلامي،1981م.
(7)- محمد الأمين بلغيث، الحياة الفكرية بالأندلس في عصر المرابطين،
المجلد الثاني، أطروحة دكتوراه الدولة مخطوطة، إشراف أ.د.عبد الحميد
حاجيات، قسم التاريخ، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر، 1423-1424هـ/2002-2003م.نوقشت يوم 15 ماي 2003م.
(8)- محمد رزوق، الأندلسيون وهجرتهم إلى المغرب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، الدار البيضاء،1989م.
(9)- أفوقاي(أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي)، ناصر الدين على القوم الكافرين(مختصر رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب)، تحقيق محمد رزوق، الدارالبيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1407هـ/1987م.
(10)- مصطفى أحمد بن حموش، المدينة والسلطة في الإسلام، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، 1999م.(320صفحة). عرض/ شفيق شقير المصدر الجزيرة نت.
(11)- فرنان برودويل، المتوسط والعالم المتوسطي، تعريب وإنجاز مروان أبي سمرا، بيروت، دار المنتخب، 1993م. </blockquote>
أثار الأندلسيين بالجزائر العثمانية
حسبما يستنتج من المصادر المعاصرة، بحيث أصبح الأندلسيون يشكلون ربع سكان
مدينة الجزائر في بداية القرن الحادي عشر الهجري، مستهل القرن السابع عشر
الميلادي، فقد فقدرالراهب الأسباني هايدو(Haèdo) عددهم عام 1609م بما لا يقل عن 25000 نسمة وهذا ما اضطر حكام الجزائر إلى تحويل قسم منهم إلى الأرياف المجاورة كما حدث عام 1512م
الذي عانى فيه السكان المجاعة ونقص الأقوات فحمل متولي الشرطة بالمدينة
مسؤولية ذلك الموريسكيين وأمر بطردهم من المدينة في ظرف ثلاثة أيام، ولم
يتردد في قتل الأشخاص العاجزين على مغادرة المدينة في الوقت المحدد(14)،كما
انجرَّ عن تكاثر ــــــــــــ
= إلى الجزائر خلفوا ما حملوه من الأندلس... فكان جملة ما حملوه سبعين ألفًا انظر:مجهول، تاريخ خير الدين، مخطوط رقم:5754.نقلا عن د.جمال قنان، نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر الحديث(1500-1830م)، الجزائر، منشورات المؤسسة الوطنية للطباعة، 1987م.ص:41.
(14)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:232.محمد رزوق، الأندلسيون وهجرتهم إلى المغرب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، الدار البيضاء،1989م.ص:132.
الأندلسيين بمدينة الجزائر تخصيص أماكن أخرى لاستقرارهم غير بعيد عن الجزائر، فقد أقامت أسر أندلسية بزعامة سيدي أحمد الكبير في مدينة البليدة(942هـ/1535م) وأنشأت جماعات المدجنين القادمين من قشتالة وثغور بلنسية مدينة القليعة(957هـ/1550م)، وطوروا كما سلف مدينة القل، وساحل الجزائر الشرقي، وجعلوا من مرفأ ثامنتفوست حصنًا وقلعة لحماية الجزائر البيضاء المحروسة، انتقامًا من الأسبان الذين أذاقوهم الأمرين.
لم
يمانع حكام الجزائر تشجيع بعض الأندلسيين للعودة إلى وطنهم بهدف الجوسسة
أو إثارة إخوانهم المدجنين ضد الحكم الأسباني، وفي هذا الإطار من النشاط
السرِّي فسارع موريسكيو بلنسية إلى إخبار إخوانهم بالجزائر بالاستعداد الأسباني للقيام بحملة بحرية ضد الجزائر سنة 1601م فأرسلوا لهذا الغرض زورقًا على جناح السرعة وعندما نجحت مساعيهموفشل
الهجوم الأسباني لم يترددوا حسب الوثائق الأسبانية التي أوردت الخبر من
إقامة حفلات بهيجة جماعية تعبيرًا عن تضامنهم مع إخوانهم بالجزائر(15).
أولا: الدعم العسكري:
(15)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:234.أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وأسبانيا(1492-1792م).الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1977م.
الأسبان حيث كانا الأخوان سببًا بعد الله في خلاص كثير من المسلمين من أيدي الكفرة المتمردين ونقلهم إلى أرض الإسلام.
اتخذ حكام الجزائر منذ عهد خير الدين من الأندلسيين جنودًا لحراسة أبراج
مدينة الجزائر وألَّفوا منهم فرقًا عسكرية شاركت في توطيد الحكم العثماني
في الأقاليم الداخلية للجزائر، فقد شارك 500 أندلسي من أهالي غرناطة وأراغون وبلنسية في الحملة التي شنها خير الدين للقضاء على حميدالعيد حليف الأسبان المستبد بمدينة تنسونواحيها عام 1517م كما كلفت جماعات الأندلسيين بحراسة مدينة المدية بعد أن تمكن خير الدين من تنحية محمد بن العابد وإلحاقها بالسلطة المركزية بالجزائر، كما قضت فرقة من الرماة(500) على حاكم مليانة المدعو حسن أيام حسن بن خير الدين.
تزايد عدد المدجنين الأندلسيين المدافعين عن الجزائر المحروسة وبلغ شهداؤهم أيام حملة الصليبي شارل كانت حوالي 5000شهيدًا وبلغ عدد الأندلسيين المجندين 6000 فرد من مجموع 15000 رجل المقدرين للجيش والقوة العسكرية الجزائرية(16).ولا
يمكن لعاقل إلا الاعتراف لهؤلاء الأندلسيين بالفضل الكبير في تحديث الجيش
الإسلامي بالجزائر في العهد العثماني نظرًا لخبرتهم الطويلة في الجهاد
وصد حملات القوات العسكرية الأسبانية التي أضاقتهم الأمرين.
___________
(16)- انظر رسالة فيليب الثاني ملك أسبانيا إلى فورك فو(Fourque Youls) سفير فرنسا بتاريخ 6 جويلية 1566م.ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:236.
ثانيًّا: النشاط الاقتصادي
اشتغل أندلسيو فحص الجزائر في الأعمال الزراعية والتجارية والحرفية
وتفوقوا في ضروب الصناعات التقليدية، وكان أغلبهم بباب الواد وباب عزُّون
من صناع أهل الأندلس، وأهم الصناعات التي عرف بها الأندلسيون صناعة النسيج
بمختلف أصنافها" أقمشة الكتان والقطن والحرير والمحمل (القطيفة)"،وقد كانت
معامل الأقمشة في الربع الأول من القرن السادس عشر تضم ما لا يقل عن 3000
عامل كما لا تقل هذه الصناعة أهمية عن بقية الصناعات والحرف الأخرى التي
أتقن صناعتها الأندلسيون وهي التطريز(الشبيكة) والقلانس(الشاشية) وصناعة
الحلي وتجهيز السفن وصناعة الأسلحة.
لم يقتصر النشاط الاقتصادي الخاص بالهجرة الأندلسية في متيجة وفحص الجزائر وبقية مدن وحواضر استقرارهم على الجانب الحرفي، فقدنشطوا
العمل الزراعي في الساحل الشرقي والغربي لمدينة الجزائر، حيث استصلحوا
الأراضي وأخرجوا الماء ونظموا الرعي بفحص باب الوادي بواسطة مياه المعامل
وفحوص باب عزون باستغلال مياه الحامة وواد خنيس ووادي الجر فبنوا الأحواض
والصهاريج والسواقي والقنوات والحنايا والنوريات(الناعورات) وحفروا آبار
الماء، وأنشأوا العيون، وكانت من أهمها عيون الحامة التي بناها أوسطى موسى، أحد الصناع الأندلسيين عـلى عهد قوصة مصطفى حاكم الجزائر(1610-1613م).
على أن أهم آثار الأندلسيين في مدينة الجزائر والبليدة والقليعة والمدية
يتمثل في تلك التقنيات الزراعية المتطورة التي أدخلوها إلى هذه المدن من
حيث آلات العمل الفلاحي وطرق التشذيب والتلقيح والغراسة واختيار التربة
ونوعية المياه(17)، مما أدَّى إلى تحسين أنواع عديدة من الأشجار المثمرة
كالعنب، والبرتقال والزيتون والتفاح والجوز واللوز والمشمش ،وإدخال أنواع
جديدة من الخضر والفواكه لم يألفها السكان قبلهم مثل:حب الملوك(الكرز)
والنارنج والقرنون والكراث والجلبان والملفوف والباذنجان والطماطم والبطاطس
والفلفل وأنواع الزهور والقرمز.
شكل
الأندلسيون أساس اقتصاد مدينة الجزائر بمثل الأعمال الحرفية والتجارية
والزراعية التي جلبوها معهم من موطنهم الأصلي الأندلس بمختلف أقاليمه. وكان الأندلسيون المهجرون نحو الجزائر نواة تطور مدينة البليدة حيث قاموا باستصلاح فحص متيجة
وأقاموا البساتين الغناء وأحواض الماء لسقي البساتين والحقول، فعرف سكان
المنطقة سعة الرزق ورخاء المعيشة أثناء القرنين السادس عشر والسابع عشر
وهذا ما جعل سيور دي لا كروى(Sieur de lacroix) يؤكد على أن 2000 موريسكي هم سببًا في جعل مدينة الجزائر مدينة غنية بمشاغل الحرير والقطيفة وغيرها من
ـــــــ
(17)-لمزيد من الإطلاع على مسائل الماء والتقنيات الفلاحية التي برع فيها الأندلسيون منذ عهد قديم انظر: محمد الأمين بلغيث، الحياة الفكرية بالأندلس في عصر المرابطين، المجلد الثاني،ص:529 وما بعدها.
الصناعات اليدوية المتطورة الدقيقة(18).
التأثير على البنية الاجتماعية لفحص الجزائر ومتيجة
ظل الأندلسيون شريحة اجتماعية متماسكة، يحتكر أفرادها أغلب المناصب
الإدارية والوظائف الاجتماعية المهمة التي لم يشغلها الأتراك بمدينة
الجزائر، وقد كانت لهذه الجماعة حظوة ومكانة لدى الحكام وتعامل خاص مع
التجار الأوروبيين والمتعاملين اليهود الذين قدموا من الأندلس أو المدنالإيطالية وقد اشتهرت من هذه الطبقة الميسورة عدة أسر توارثت الثروة والنفوذ، واشتغل أفرادها بالتجارة والصناعة مثل ابن رامول، وابن هنِّي وابن النيقرو، وبرحال، وبوناتيرو، وبن تشيكو وبن الكبابطي، وبوضربة،
وابن الشاهد، وابن الأمين، وابن عمار، وخوجة، والزهار، والآبلي، وشلاسة، والعنجدون وغيرها(19).
ازدهار الحياة الفكرية والفنية بمدينة الجزائر
ساهم الأندلسيون بقسط وافر في التعليم بالمدارس المشهورة منها مدرسة
الأندلس، مدرسة القشاش، كما كان لهم نصيب في فنون الأدب والثقافة لم يصل
إلى مستوى أسلافهم من علماء بجاية وتونس وفاس ولكنه_____________________
(18)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:237.أحمد توفيق المدني، حرب الثلاثمائة سنة، ص:420.
(19)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر،ص:236.
مكَّن
من المحافظة على التقاليد التربوية والتعليمية الأندلسية كما ضمن استمرار
التقاليد العلمية والفقهية والأدبية، فأصبح للفتح بن خاقان ولسان الدين
بن الخطيب مثالا يحتذى به في فن الترسيل والنثر الفني، كما تؤكده أعمال
ابن عمار وابن حمادوش وابن ميمون،كما تولَّى الأندلسيون الوظائف الشرعية كالقضاء والإمامة والخطابة والنظر في الأحباس والأوقاف واشتهر منهم في مجال القضاء: ابن النيقرو وابن الأمين وابن عمار وابن الكبابطي، أما في ميدان الفن فكان اهتمامهم كبيرًا كادوا ينفردون بتنشيطالحياة
الفنية، فقد نقلوا إلى فحص الجزائر ومدنه الشهيرة الموشحات والأزجال
الأندلسية المعروفة عندنا(بالمالوف) وأدخلوا آلات موسيقية أندلسية، وحافظوا
عليها مثل العود والرباب، والكامنجة، والصنوج، والطبيلة والطارو
والدربوكة، وأحيوا المواليد والإخوانيات وقصائد المديحوالغزل
والتشبيب ووصف الطبيعة والرثاء، وشعر الحرب، ومن أشهر منظمي الموشحات أبو
العباس أحمد بن عمار الأندلسي الجزائري متولي إفتاء المالكية سنة 1180هـ/1766م(20) وصاحب الرحلة الشهيرة "نحلة اللبيب في
الرحلة إلى الحبيب" (21) و"لواء النصر".
_____________________
(20)- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزء الأول، بيروت، دار الغرب الإسلامي،1981م.ص:282.(21)-هذه
الأعمال من اهتمامات المؤرخ سعد الله ونشر نصوصها الهامة، كما نشر رسالة
الغريب إلى الحبيب تأليف أحمد أبو عصيدة البجائي، بدار الغرب الإسلامي عام
1993م.
ومحمد بن الشاهد الأندلسي الجزائري (ت.1207هـ/1793م).وعمر بن سيدي علي الأندلسي، متولي قضاء الحنفية سنة 1163هـ/1750م، وغيرهم من العلماء(22).
وفي
الختام نقول إن الهجرة الأندلسية الأولى قبل سقوط غرناطة والهجرة الثانية
بعد ثورة البشارات أعطت للجزائر عامة ومدنها الساحلية والداخلية خاصة
بُعْدًا أندلسيا واضحًا، وأصبحت الجزائر وطنهم فدافعوا عنه بالغالي
والنفيس طوال صراعها لمدة ثلاثة قرون مع أسبانيا النصرانية الكاثوليكية.
وخير ما نختم به هذه الحوصلة بتلخيص لما جاء في كتاب الدكتور مصطفى أحمد بن حموش حول المدينة والسلة والإسلام، حيث يلتفت إلى إنشاء المدن كإحدى صور تحقيقالمصلحة
العامة وفق ضوابط الشريعة، فيذكر إنشاء مدينة القليعة، مدينة المهاجرين
الأندلسيين، ويفسر اسمها بأنه تصغير كلمة (قلعة)، في دلالة على وظيفتها
العسكرية التي أرادها منها مؤسسها الباشا حسن، فقد كانت ركيزة في المنطقة
لمواجهة القبائل البربرية بجبال شنوة.
كما يستعرض نظرية في غاية الفطنة والانتباه إلى ما حدث في الضفة الشمالية يوم تهجير الأندلسيين أو القضاءعليهم في المنافي ومحاكم التفتيش فيستخلص بأنه مقابل اختفاء المدن والقرى الأندلسية في أسبانياـــــــــــــ
(22)- سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر، ص:239.
كانت تنشأ مدن وقرى في الضفة الأخرى من البحر حتى أن أغلب المدنفي
المغرب يعود الفضل في إنشائها إلى أهل الأندلس، فقد كان سكان المغرب
الأصليون آنذاك يفضلون الخيمة والريف على المدينة، ولعب العثمانيون دورًا
حاسما في توطين اللاجئين الأندلسيين وإعانتهم على الاندماج في الإقليم
الجديد، من منطلق ديني وإعمالا للمصلحة العامة في أعلى مستوياتها وهي حفظ
الدين ورعاية الأمة.
يقترب الجزء الثالث -من كتاب الباحث المذكور أعلاه- أكثر من مدينة الجزائر ونموها، ويلاحظ بعض تفاصيل هذه المدينة التي كانت صغيرة إلى حد أن الرحالة لم يذكروها إلا نادرًا،
وأصبحت في ما بعد في العهد العثماني إحدى المدن العربية الكبرى، حيث
ازداد عدد سكانها وكبرت مساحتها وتحولت إلى نموذج يمكن قراءة السياسة
العمرانية العثمانية فيها ولهذا كانت هذه المدينة إحدى المحاور الأساسية
في الكتاب بمجمله(23).
يقول المؤلف مصطفى أحمد بن حموش:
إن أغلب المشاريع التي اطلع عليها عبر الوثائق كانت عسكرية. ويضيف أنه في
بعض الحالات تكون المشاريع أشبه بالإعلان عن مناقصة، ومن أمثلة ذلك
"مشروع جلب الماء من عين الحامة حيث طلب علي باشا من أهل الخبرة إجراء
دراسات على ________________
(23)- مصطفى أحمد بن حموش، المدينة والسلطة في الإسلام، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، 1999م.(320صفحة). عرض/ شفيق شقير المصدر الجزيرة نت.
كيفية إيصالها للمدينة".
وأثر
على نوعية الطراز المعماري المهاجرون الأندلسيون الذين تدفقوا على شمال
أفريقيا بعد النكبة وكذلك الأسرى المسيحيون الذين استخدموا في المشاريع
العامة، فضلا عن الطراز المشرقي العثماني الذي فرضه حضورهم في أجهزة
السلطة.
وينتهي الباحث إلى خاتمة تؤكد
على تكفل السلطة بالمسائل الإستراتيجية الكبرى التي ترتبط بالمدينة ككل،
وأن المركزية في الإدارة ساعدت على التنسيق بين مختلف الخدمات، كما أن
حضور أهل الخبرة بجانب السلطة كان له أثر في تحديد المشاريع الضرورية
لاحتياجات السكان.
واندمج الأندلسيون مع "البلدية" من السكان "الحضر" والكراغلة وطبقة الأتراك، وشكلوا طبقة ميسورة. فتأثرت هذه الطبقة بلباس الأندلسيين ولهجاتهم، كما تأثر "البرانية"
من البدو بسلوك هذه الفئة المتحضرة في المعاملة والمظهر الأنيق .لهذا طبع
الأندلسيون المدينة بطبائعهم الاجتماعية وأثروا على حرف مدينة الجزائر،
كما أشار إلى ذلك أكثر من باحث في هذا العصر الذي كون مجتمعًا متماسكًا
لمدة قرون حتى غزاهم الاستعمار، فدمروا العمران الموريسكي، وحطموا المساجد
ومعاهد العلم وغيروا الشوارع بدعاوى توسيع المدينة، وهيمنوا على العقار،
وأرجعوا سكان المدينة إلى عصر ما قبل تحضر المدينة في القرن السادس عشر
والقرون التي جاءت بعده.
مراجع الدراسة
(2)-
وثيقة أندلسية عن سقوط غر ناطة مع دراسة تحليلية للمستشرق جيميس.ت.مونرو،
ترجمها وعلق عليها الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي، القاهرة، دار
الهداية،دون تاريخ).
(3)- الفيكونت شاتوبريان، الإسلام في الأندلس آخر بني سراج(ملحق أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر آخر بني سراج) ، ترجمة الأمير شكيب أرسلان، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1985م.
(4)- ناصر الدين سعيدوني، صور من الهجرة الأندلسية إلى الجزائر
(المجلة العربية للثقافة)، السنة الرابعة عشرة، العدد السابع والعشرون،
عدد خاص بالتاريخ العربي في الأندلس، المنظمة العربية للتربية والثقافة
والعلوم، 1994م.
(5)- ناصر الدين سعيدوني، الجالية الأندلسية بالجزائر، مساهمتها العمرانية ونشاطها الاقتصادي ووضعها الاجتماعي(مجلة أوراق) مدريد، العدد الرابع، المعهد الأسباني العربي للثقافة.1984م.
(6)- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، الجزء الأول، بيروت، دار الغرب الإسلامي،1981م.
(7)- محمد الأمين بلغيث، الحياة الفكرية بالأندلس في عصر المرابطين،
المجلد الثاني، أطروحة دكتوراه الدولة مخطوطة، إشراف أ.د.عبد الحميد
حاجيات، قسم التاريخ، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر، 1423-1424هـ/2002-2003م.نوقشت يوم 15 ماي 2003م.
(8)- محمد رزوق، الأندلسيون وهجرتهم إلى المغرب خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، الدار البيضاء،1989م.
(9)- أفوقاي(أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي)، ناصر الدين على القوم الكافرين(مختصر رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب)، تحقيق محمد رزوق، الدارالبيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1407هـ/1987م.
(10)- مصطفى أحمد بن حموش، المدينة والسلطة في الإسلام، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، 1999م.(320صفحة). عرض/ شفيق شقير المصدر الجزيرة نت.
(11)- فرنان برودويل، المتوسط والعالم المتوسطي، تعريب وإنجاز مروان أبي سمرا، بيروت، دار المنتخب، 1993م. </blockquote>
الاشبيلي- مشرف عام
- عدد المساهمات : 528
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
مواضيع مماثلة
» المديونية بالجزائر
» بيجو 508 سيارة سنة 2012 بالجزائر
» ألعاب شعبية من منطقة واد سوف بالجزائر
» إطلاق أول شبكة للعلاج عن بعد بالجزائر
» إنشاء مدرسة أمريكية بالجزائر...!
» بيجو 508 سيارة سنة 2012 بالجزائر
» ألعاب شعبية من منطقة واد سوف بالجزائر
» إطلاق أول شبكة للعلاج عن بعد بالجزائر
» إنشاء مدرسة أمريكية بالجزائر...!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi
» لحدود ( المقدرة شرعاً )
الثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi
» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
الأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi
» لا اله الا الله
الأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi
» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
الثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi
» عيدكم مبارك
الإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi
» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
السبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi
» لاتغمض عينيك عند السجود
السبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi
» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
الخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi