بريق الكلمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل Ehab فمرحبا به
خطب في مساجد رمضان Pl6sppqunumg
ادخل هنا
المواضيع الأخيرة
» عند الدخول والخروج من المنتدى
خطب في مساجد رمضان Emptyالخميس يونيو 20, 2024 12:29 pm من طرف azzouzekadi

» لحدود ( المقدرة شرعاً )
خطب في مساجد رمضان Emptyالثلاثاء يوليو 04, 2023 1:42 pm من طرف azzouzekadi

» يؤدي المصلون الوهرانيون الجمعة القادم صلاتهم في جامع عبد الحميد بن باديس
خطب في مساجد رمضان Emptyالأحد ديسمبر 15, 2019 10:06 pm من طرف azzouzekadi

» لا اله الا الله
خطب في مساجد رمضان Emptyالأحد يناير 28, 2018 7:51 pm من طرف azzouzekadi

» قصص للأطفال عن الثورة الجزائرية. بقلم داؤود محمد
خطب في مساجد رمضان Emptyالثلاثاء يناير 31, 2017 11:52 pm من طرف azzouzekadi

» عيدكم مبارك
خطب في مساجد رمضان Emptyالإثنين سبتمبر 12, 2016 11:14 pm من طرف azzouzekadi

» تويتر تساعد الجدد في اختياراتهم
خطب في مساجد رمضان Emptyالسبت فبراير 06, 2016 3:47 pm من طرف azzouzekadi

» لاتغمض عينيك عند السجود
خطب في مساجد رمضان Emptyالسبت يناير 30, 2016 10:52 pm من طرف azzouzekadi

» مباراة بين لاعبي ريال مدريد ضد 100 طفل صيني
خطب في مساجد رمضان Emptyالخميس يناير 14, 2016 11:18 pm من طرف azzouzekadi

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

خطب في مساجد رمضان 56303210
جرائد وطنية
أهم الصحف الوطنية
 
 
 
أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:
الساعة
Place holder for NS4 only
عدد زوار المنتدى

 


أكثر من 20.000  وثيقة
آلاف الكتب في جميع المجالات
أحدث الدراسات
و أروع البرامج المنتقاة


خطب في مساجد رمضان Image


خطب في مساجد رمضان

اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود السبت أغسطس 06, 2011 3:15 am

قدوم رمضان بم يذكرنا ؟
منصور بن محمد الصقعوب



إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

عباد الله: سنة الله في خلقه وتدبيره أن فاضل بين خلقه, فحين أمر العباد بالطاعة لم يجعل المسلمين كالمجرمين, ولم يسوِ بين المؤمنين والكفار, بل فاضل بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات وبين الذين اقترفوا السيئات

وحين قدّر الأعمال فاضل بين أجورها فليست الصلاة والجهاد كإماطة الأذى, ولا الفرض كالنفل, وهكذا في بقية الأعمال

وحين أنزل القرآن فاضل بين آياته, فكانت آية الكرسي أفضل من غيرها, لأنها تتكلم عن الله وصفته, وليست سورة الإخلاص كسورة الطلاق, والكل كلام الله له الشرف والفضل والقدر.

وحين خلق الخلق لم يجعلهم سواءً, فالأنبياء خير من أتباعهم, والصحابة خير ممن جاء بعدهم, وبعض الرسل أفضل من بعض.

وحين قدر الأيام والشهور فاضل بينها فرمضان سيد الشهور, وغرة العام وأفضل أيام الدهر, والموفق حينها من أدرك تلك الحقبة ومن أمهله الله حتى بلغه زمن النفحة

وهانحن أيها الكرام نتفيأ ظلال رمضان, ونشم ريحه, فقد دنت نسماته وهبت ريحه وأوشك هلاله على ظهور, وقد بات على قرب دخول وأوان وصول, فبشرى لمن أدركوه وهم في صحة بدن وسلامة دين.

وحين يأتي رمضان فبلوغه يعلن لنا بأننا بلغنا شهراً جمع الفضائل, وتنوعت فيه الأعمال, شهراً فيه يؤدى ركن الدين, وعن طريقه يدخل المرء الجنة من باب الريان, وفي رحابه يؤدي القيام ويرضي الرحمن.

هو شهر الغنائم قد أتى, وزمن مضاعفة الحسنات قد دنا, وهنا تعرف سبب فرحة الناس بمقدمه, فهو الغنيمة للصالحين والأمنية للعارفين والفرصة للمستعتبين, هو الزمن الذي تعمر فيه المصليات وتتلى الآيات, تقبل فيه القلوب على الخير والإحسان, وتصفد فيه مردة الشياطين من الجان, ويضعف سلطان الشيطان وتفتح أبواب الجنان, الناس فيه في تردد على المساجد وما بين صيام وقيام وتعبد للإله الواحد, وفرحة الناس برمضان تبين لك حاجة القلوب للطاعة واستبشارها بما يعينها على الخير ونفض الغبار الذي ران على القلوب .

أيها الكرام: وقدوم رمضان يذكرنا بسرعة مرور الأيام فبالأمس ودعناه وهانحن اليوم في استقباله, ومرّ عام كلمح البصر, وما ذاك إلا مصدّق لحديث المصطفى عليه السلام إذ قال " لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار"
وتذكرت وأنا أستقبل رمضان مشهد ذلك الشاب الذي


عدل سابقا من قبل ريانية العود في الإثنين أغسطس 15, 2011 2:56 pm عدل 1 مرات

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود السبت أغسطس 06, 2011 3:16 am

دمعت عينه حين أُعلن عن نهاية رمضان وطال بكائه, لأنه يخشى أن لا يكون من المدركين لغيره, وهو الآن في أطباق الثرى بعدما اعترضه الموت ولم يبلغ مناه.

وتذكرت وأنا على مقربة من رمضان أقواماً صاموا رمضان الماضي وهم اليوم قد حيل بينهم وبين الصيام لمرض اعترى وعذر طرى, وقوم يأتيهم رمضان هذه السنة وهم في حال خوف وفزع وقتل وقصف وهلع, ونحن اليوم ندركه أو نكاد ومع صحة بدن وأمن وطن وبقاء دين.

أيها الكرام: ها قد دنا الشهر وأوشك على الدخول فماذا نحن صانعون؟ ألم نحدث أنفسنا يوماً أننا سنتغير في رمضان, أولم نذق لذة الطاعة في رمضان قبله, فماذا نحن اليوم صانعون, إن رمضان هو الفرصة لطالب التجارة مع الله أن يسابق فيه مع المسابقين وأن يلج فيه أبواب الخيرات مع الطائعين, وأن ينظم نفسه في سلك العابدين.

إن من المهم أن يعزم المرء وهو عما قريب يستقبل شهره على المسابقة في الخيرات والمنافسة في الطاعات فالنية على الخير أجر ولو حيل بينك وبين العمل

أيها المبارك: في استقبال رمضان تذكر أن من المهم أن تصفي قلبك من الخصومات والشحناء, فذاك مما قد يحول بين عملك وبين السماء, فالله يؤخر المغفرة عن المتخاصمين, فصل الحبل الذي قطعت وصالح من خاصمت وصافِ من شاحنت, ولا تجعل بين الرحمة وبينك مانعاً

وتذكر أيها المبارك أن مما تستعد به لشهرك أن تذكر النفس بفضل الصوم, لتنشط معه وتتلذذ به, فمن ذا الذي يسمع قول المصطفى ج " من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفا" وقوله لأبي أمامه حين سأله عن عملٍ "عليك بالصوم فإنه لا عدل له" وقوله "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" وقوله "لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" وقوله "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه" وقوله " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " أي نفس تسمع هذا ثم لا تشتاق لرمضان وللصوم والطاعة فيه.

معشر الكرام: وإذا كان التعرف على فضل الصوم وأحكامه من تهيئة النفس لرمضان, فإن من التهيئة لذلك أيضاً تذكر قصر العمر واخترام الموت لأقوام ما بين رمضان ورمضان, وبعد هذا فالتقلل من الشواغل والتخفف من الصوارف وترويض النفس على العبادة والمكث في المسجد بعض وقته, أمور نتهيأ بها, ليقدم رمضان حين يقدم ونحن له مستعدون وبه فرحون.
ومما ينبغي تذكره في مقتبل رمضان أيضاً استشعار الاحتساب والنية في كل عمل تعمله, فما تحضره لبيتك من طعام وشراب احتسب فيه إطعام الصوام والإنفاق على الأهل وتلك صدقة إذا خلت من الإسراف والتبذير, ولا تنس في غمرة ذلك أن تساهم في سدّ حاجة فقير لا

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود السبت أغسطس 06, 2011 3:19 am

يجد من يعينه وينفق عليه.

ومن الجميل وأنت تستعد لرمضان أن تهيأ أهلك وأولادك له بذكر فضله وترغبهم في صومه ونيل غنائمه, وأن تشجعهم على التنافس في الطاعات بالقرآن والقيام وغيرها, وأن تحصنهم من قنوات الشر والبرامج التي تفسد على الناس جمال رمضان وتسرق منهم صفاءه, وتلك أمور لها في رمضان نشاط, واذكر أن أهل البيت أمانة وكون رمضان في إجازة يضاعف الحمل ويزيد وقت الفراغ فارع الأمانة أيها المبارك.




الخطبة الثانية

أيها الكرام: لقد كان المصطفى عليه السلام يهنئ أصحابه بحلول الشهر، ويعلن لهم عن فضائله شحذا للهمم ورفعاً للعزائم, وكان مما يقول لهم بين يدي رمضان " أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"

قال ابن رجب معلقاً على هذا الحديث: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، ثم قال: وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان، من أين يشبه هذا الزمان زمان.أ.هـ

وبعد أيها الكرام: فقد دنا الشهر فرحم الله امرءاً عاهد ربه أن يكون هذه السنة مختلفاً عن غيره, والمغبون السعيد من ملأ الصحائف بصالح الأعمال ونال في رمضان العتق من النار والفوز بالمغفرة والجنان.

أَهْلاً بَِشَهْرِ التُّقَى وَالْجُـوْدِ وَالْكَرَمِ *شَهْـرِ الصِّيَامِ رَفِيْعِ الْقَدْرِفِي الأُمَمِ

أَقْبَلْتَ فِيْ حُلَّـةٍ حَفَّ الْبَهَـاءُ بِهَا ** وَمِـنْ ضِيَائِكَ غَابَتْ بَصْمَـةُ الظُّلَمِ

أَهْلاً بِصَوْمَعَةِ الْعُبَّادِ مُـذْ بَزَغَتْ ** شَمْسٌ وَمَجْمَعِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْقِيَمِ

هَذِي الْمَـآذِنُ دَوَّى صَوْتُهَا طَرَبًا ** تِلْكَ الْجَـوَامِـعُ فِيْ أَثْوَابِ مُبْتَسِمِ

نُفُوْسُ أَهْلِ التُّقَى فِيْ حُبِّكُمْ غَرِقَتْ ** وَهَزَّهَا الشَّوْقُ شَوْقُ الْمُصْلِحِ الْعَلَمِ. اللهم صل وسلم









خطب في مساجد رمضان D12















منقول



ريانية

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الأحد أغسطس 07, 2011 2:22 pm

قدوم رمضان بم يذكرنا ؟
منصور بن محمد الصقعوب



إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

عباد الله: سنة الله في خلقه وتدبيره أن فاضل بين خلقه, فحين أمر العباد بالطاعة لم يجعل المسلمين كالمجرمين, ولم يسوِ بين المؤمنين والكفار, بل فاضل بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات وبين الذين اقترفوا السيئات

وحين قدّر الأعمال فاضل بين أجورها فليست الصلاة والجهاد كإماطة الأذى, ولا الفرض كالنفل, وهكذا في بقية الأعمال

وحين أنزل القرآن فاضل بين آياته, فكانت آية الكرسي أفضل من غيرها, لأنها تتكلم عن الله وصفته, وليست سورة الإخلاص كسورة الطلاق, والكل كلام الله له الشرف والفضل والقدر.

وحين خلق الخلق لم يجعلهم سواءً, فالأنبياء خير من أتباعهم, والصحابة خير ممن جاء بعدهم, وبعض الرسل أفضل من بعض.

وحين قدر الأيام والشهور فاضل بينها فرمضان سيد الشهور, وغرة العام وأفضل أيام الدهر, والموفق حينها من أدرك تلك الحقبة ومن أمهله الله حتى بلغه زمن النفحة

وهانحن أيها الكرام نتفيأ ظلال رمضان, ونشم ريحه, فقد دنت نسماته وهبت ريحه وأوشك هلاله على ظهور, وقد بات على قرب دخول وأوان وصول, فبشرى لمن أدركوه وهم في صحة بدن وسلامة دين.

وحين يأتي رمضان فبلوغه يعلن لنا بأننا بلغنا شهراً جمع الفضائل, وتنوعت فيه الأعمال, شهراً فيه يؤدى ركن الدين, وعن طريقه يدخل المرء الجنة من باب الريان, وفي رحابه يؤدي القيام ويرضي الرحمن.

هو شهر الغنائم قد أتى, وزمن مضاعفة الحسنات قد دنا, وهنا تعرف سبب فرحة الناس بمقدمه, فهو الغنيمة للصالحين والأمنية للعارفين والفرصة للمستعتبين, هو الزمن الذي تعمر فيه المصليات وتتلى الآيات, تقبل فيه القلوب على الخير والإحسان, وتصفد فيه مردة الشياطين من الجان, ويضعف سلطان الشيطان وتفتح أبواب الجنان, الناس فيه في تردد على المساجد وما بين صيام وقيام وتعبد للإله الواحد, وفرحة الناس برمضان تبين لك حاجة القلوب للطاعة واستبشارها بما يعينها على الخير ونفض الغبار الذي ران على القلوب .

أيها الكرام: وقدوم رمضان يذكرنا بسرعة مرور الأيام فبالأمس ودعناه وهانحن اليوم في استقباله, ومرّ عام كلمح البصر, وما ذاك إلا مصدّق لحديث المصطفى عليه السلام إذ قال " لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار"

وتذكرت وأنا أستقبل رمضان مشهد ذلك الشاب الذي دمعت عينه حين أُعلن عن نهاية رمضان وطال بكائه, لأنه يخشى أن لا يكون من المدركين لغيره, وهو الآن في أطباق الثرى بعدما اعترضه الموت ولم يبلغ مناه.

وتذكرت وأنا على مقربة من رمضان أقواماً صاموا رمضان الماضي وهم اليوم قد حيل بينهم وبين الصيام لمرض اعترى وعذر طرى, وقوم يأتيهم رمضان هذه السنة وهم في حال خوف وفزع وقتل وقصف وهلع, ونحن اليوم ندركه أو نكاد ومع صحة بدن وأمن وطن وبقاء دين.

أيها الكرام: ها قد دنا الشهر وأوشك على الدخول فماذا نحن صانعون؟ ألم نحدث أنفسنا يوماً أننا سنتغير في رمضان, أولم نذق لذة الطاعة في رمضان قبله, فماذا نحن اليوم صانعون, إن رمضان هو الفرصة لطالب التجارة مع الله أن يسابق فيه مع المسابقين وأن يلج فيه أبواب الخيرات مع الطائعين, وأن ينظم نفسه في سلك العابدين.

إن من المهم أن يعزم المرء وهو عما قريب يستقبل شهره على المسابقة في الخيرات والمنافسة في الطاعات فالنية على الخير أجر ولو حيل بينك وبين العمل

أيها المبارك: في استقبال رمضان تذكر أن من المهم أن تصفي قلبك من الخصومات والشحناء, فذاك مما قد يحول بين عملك وبين السماء, فالله يؤخر المغفرة عن المتخاصمين, فصل الحبل الذي قطعت وصالح من خاصمت وصافِ من شاحنت, ولا تجعل بين الرحمة وبينك مانعاً

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الأحد أغسطس 07, 2011 2:22 pm

وتذكر أيها المبارك أن مما تستعد به لشهرك أن تذكر النفس بفضل الصوم, لتنشط معه وتتلذذ به, فمن ذا الذي يسمع قول المصطفى ج " من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفا" وقوله لأبي أمامه حين سأله عن عملٍ "عليك بالصوم فإنه لا عدل له" وقوله "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" وقوله "لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" وقوله "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه" وقوله " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " أي نفس تسمع هذا ثم لا تشتاق لرمضان وللصوم والطاعة فيه.

معشر الكرام: وإذا كان التعرف على فضل الصوم وأحكامه من تهيئة النفس لرمضان, فإن من التهيئة لذلك أيضاً تذكر قصر العمر واخترام الموت لأقوام ما بين رمضان ورمضان, وبعد هذا فالتقلل من الشواغل والتخفف من الصوارف وترويض النفس على العبادة والمكث في المسجد بعض وقته, أمور نتهيأ بها, ليقدم رمضان حين يقدم ونحن له مستعدون وبه فرحون.

ومما ينبغي تذكره في مقتبل رمضان أيضاً استشعار الاحتساب والنية في كل عمل تعمله, فما تحضره لبيتك من طعام وشراب احتسب فيه إطعام الصوام والإنفاق على الأهل وتلك صدقة إذا خلت من الإسراف والتبذير, ولا تنس في غمرة ذلك أن تساهم في سدّ حاجة فقير لا يجد من يعينه وينفق عليه.

ومن الجميل وأنت تستعد لرمضان أن تهيأ أهلك وأولادك له بذكر فضله وترغبهم في صومه ونيل غنائمه, وأن تشجعهم على التنافس في الطاعات بالقرآن والقيام وغيرها, وأن تحصنهم من قنوات الشر والبرامج التي تفسد على الناس جمال رمضان وتسرق منهم صفاءه, وتلك أمور لها في رمضان نشاط, واذكر أن أهل البيت أمانة وكون رمضان في إجازة يضاعف الحمل ويزيد وقت الفراغ فارع الأمانة أيها المبارك.


ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الأحد أغسطس 07, 2011 2:23 pm



الخطبة الثانية

أيها الكرام: لقد كان المصطفى عليه السلام يهنئ أصحابه بحلول الشهر، ويعلن لهم عن فضائله شحذا للهمم ورفعاً للعزائم, وكان مما يقول لهم بين يدي رمضان " أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"

قال ابن رجب معلقاً على هذا الحديث: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، ثم قال: وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان، من أين يشبه هذا الزمان زمان.أ.هـ

وبعد أيها الكرام: فقد دنا الشهر فرحم الله امرءاً عاهد ربه أن يكون هذه السنة مختلفاً عن غيره, والمغبون السعيد من ملأ الصحائف بصالح الأعمال ونال في رمضان العتق من النار والفوز بالمغفرة والجنان.

أَهْلاً بَِشَهْرِ التُّقَى وَالْجُـوْدِ وَالْكَرَمِ *شَهْـرِ الصِّيَامِ رَفِيْعِ الْقَدْرِفِي الأُمَمِ

أَقْبَلْتَ فِيْ حُلَّـةٍ حَفَّ الْبَهَـاءُ بِهَا ** وَمِـنْ ضِيَائِكَ غَابَتْ بَصْمَـةُ الظُّلَمِ

أَهْلاً بِصَوْمَعَةِ الْعُبَّادِ مُـذْ بَزَغَتْ ** شَمْسٌ وَمَجْمَعِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْقِيَمِ

هَذِي الْمَـآذِنُ دَوَّى صَوْتُهَا طَرَبًا ** تِلْكَ الْجَـوَامِـعُ فِيْ أَثْوَابِ مُبْتَسِمِ

نُفُوْسُ أَهْلِ التُّقَى فِيْ حُبِّكُمْ غَرِقَتْ ** وَهَزَّهَا الشَّوْقُ شَوْقُ الْمُصْلِحِ الْعَلَمِ. اللهم صل وسلم

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الثلاثاء أغسطس 09, 2011 12:41 pm

خطبة : حرارة الصيف وظل عرش الرحمن

معاشر المؤمنين

اشتدت حرارة الاجواء هذه الايام ،وشعر الناس بحرارة القيظ ولهيب الشمس ، وسبحان مقلب الليل والنهار ، ومسير الشموس والاقمار، ومبدل الفصول والاقدار،"يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار"(النور 44) وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة تلك الحرارة التي تشتد في الصيف ،فعن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير". رواه البخاري ومسلم .فحريّ بالمؤمن أن يتذكر قدرة الله جلّ وعلا وحكمته في تقلّب الاحوال ، ويتذكّر الوقوف تحت لهيب الشمس يوم يقوم الناس لرب العالمين في يوم كان مقداره خمسين الف سنة ، يوم تدنى الشمس على رؤوس الخلائق قدر ميل عن المقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ ». قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا يَعْنِى بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الأَرْضِ أَمِ الْمِيلَ الَّذِى تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ. قَالَ « فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِى الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا ». قَالَ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. (أخرجه الإمام أحمد و مسلم والترمذي)



عندها يبحث المرء –عباد الله- عن ظل يقيه حرّ ذلك اللهيب ولو اشتراه بملء الارض ذهبا، ذاك ماينبغي أن يتقى ويعمل لأجل الوقاية منه ، أما حرّنا هذا فلله الحمد والمنة وسائل التبريد والتكيييف متوفرة ومتيسرة، أما في ذلك اليوم فلايستظل الا من أظله الله ولاظل الا ظل عرشه تبارك وتعالى

فهل تريد أن تكون في ظل عرش الرحمن ايها المسلم لتأمن من ذلك العذاب ؟ فاستمع بارك الله فيك لتلك الاعمال والاحوال التي هي طوق النجاة وسبب الوقاية وسبل الامن من فزع يوم القيامة

معاشر المؤمنين ..

- من أنظر معسراً أو وضع عنه فليبشر بمقام في ظل عرش الرحمن:

فعن أبي اليسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أنظر معسراَ أو وضع عنه, أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ). [حديث صحيح أخرجه أحمد. وقال الألباني حديث صحيح] .

وأنظار معسراً أمهاله في قضاء الدين وعدم التشديد عليه والتجاوز عن الدين أو بعضه، والجزاء من جنس العمل فكما يسّرت على المعسر يسّر الله لك عسرك يوم القيامة، وهذا يجازى به كلّ من يسّر على معسر ونفّس كربته فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه ). [ أخرجه مسلم] .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنَّا, فلقي الله فتجاوز عنه ). [ أخرجه مسلم] . وعن عبد الله بن سهل بن حنيف, عن أبيه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعان مجاهداً في سبيل الله أو غارماٍ في عسرته أو مكاتباً في رقبته أظله الله يوم لا ظل ألا ظله). [حديث صحيح أخرجه أحمد والطبراني ] .

ومن المنجيات من لهيب شمس يوم المحشر خصال سبع يجمعها باعث الخوف من الله جلّ وعلا ، فإن استطعت أن تتمثل احداها او بعضا منها فافعل ياعبدالله فهن المنجيات

فعن أبي هريرة وأبي سعيد –رضي الله عنهما –عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : أمام عادل, وشابُ نشأ في عبادة الله , ورجل قلبه معلق بالمساجد, إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال, فقال إني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة,فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه). [ متفق عليه] .

واذا اردت نداءا خاصا وكرامة وحفاوة من الرحمن جلّ في علاه لك ياعبدالله تنادى بها لتكرم وفادتك في خير مكان وأشرف مقام تحت ظل عرش الرحمن ، فكن من المتحابين في الله الذين يتحابّون لأجل مرضاة الله ويلتقون على طاعة الله ويسعون لنصرة دين الله واقامة شعائره ، لايجمعهم غرض دنيوى زائل ولامنافع شخصية فانية، بل كلما ازدادوا طاعة لله ازدادوا محبة فيما بينهم لاتتأثر مشاعرهم وعواطفهم بما يجرف الناس من أهواء واحقاد وعداوات وحسد وبغضاء لاعتبارات مادية اوشخصية او عرقية أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي ) .

سئل أبو حمزة النيسابوري عن المتحابين في الله عز وجل من هم ؟ فقال : " العاملون بطاعة الله ، المتعاونون على أمر الله ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم " . فالحب في الله رابطة من أعظم الروابط ، وآصرة من آكد الأواصر ، جعلها سبحانه أوثق عرى الإسلام والإيمان ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله ، والحب في الله والبغض في الله عز وجل ) (رواه الطبراني وصححه الألباني ) فما أحوجنا اليوم عبادالله في زمان طغت فيه الماديات وتنامت فيه العصبيات وغلبت فيه المصالح والاهواء والاطماع ، ان نجدد في نفوسنا تلك المعاني السامية والقيم الرفيعة.

وفقنا الله لرضاه وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأظلنا الله في ظل عرشه يوم لاظل الا ظله اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية

معاشر المؤمنين ..

للمتصدقين حظوة ومكانة عند الله جلّ وعلا ، فالمتصدق له ظل خاص يظله يوم القيامة جزاء تصدقه وتفريجه الكربة عن غيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
المُسلمُ أخو المُسلمِ لا يَظلمهُ ولا يُسلمهُ ، مَن كانَ في حاجَة أخيه كانَ اللّهُ في حاجَته ، ومَن فَرَّجَ عن مُسلم كُربَة فَرَّجَ اللّهُ عنهُ بها كُربَة من كُرَب يوم القيامَة ومَن سَتَرَ مُسلما سَتَرهُ اللّهُ يومَ القيامة ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور ، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته ) (الطبراني وصححه الألباني) وعلى قدر الصدقة والحاجة اليها واخلاص المتصدق لله تعالى بها يكون القبول لها وسعة ظلها .هذاوصلوا وسلموا على الرحمة الهداة والنعمة المسداة

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:26 am

رمضان والنصرة
بين نصرة الأمس وخذلان اليوم
إبراهيم بن محمد الحقيل
12/9/1432



الحمد لله القوي العزيز؛ ينصر أولياءه، ويكبت أعداءه [وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ] {الرُّوم:47} نحمده فهو أهل الحمد، ونشكره فنعمه تزيد بالشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل رمضان شهر المواساة والرحمة، والنصر والنصرة، وأوجب على المسلم نصرة أخيه المسلم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ جمع الله تعالى به القلوب بعد افتراقها، وهدى به من ضلالها، فأزال شركها، ورفع جهلها، وعلمها ما ينفعها [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ] {الجمعة:2} صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واغتنموا الأوقات الفاضلة فيما يرضيه، وحققوا من الصوم معانيه.. فصونوا أنفسكم عن المحرمات، وتسابقوا إلى الطاعات، وأكثروا من القربات؛ فليس العمل الصالح في رمضان كمثله في غيره، وجزاء العمل الصالح خلود في جنات النعيم [وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] {البقرة:82}.

أيها الناس: جعل الله تعالى رابطة الإيمان أقوى رابطة، فتُقطع كل الروابط بسببها، ولا تُقطع هي بسبب أي رابطة أخرى، وبرهان ذلك قول الله تعالى [لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ] {المجادلة:22} وقوله تعالى [وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ] {التوبة:71} وقوله تعالى [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ] {الحجرات:10}.

وإذا استضيم مسلم أو أهين وجب على جماعة المسلمين بذل النصرة له بما يستطيعون [وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ] {الأنفال:72} وفي إسلام المسلم لعدوه، والتخاذل عن نصرته قول النبي صلى الله عليه وسلم «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ» رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ».

وهذه النصرة حق للمسلم على أخيه المسلم إذا دهمه عدو فاستباح دمه أو عرضه أو ماله، وللمسلمين عدوان: عدو ظاهر وهم الكفار، وعدو باطن وهم المنافقون، وهم الأخطر والأشد على الإسلام؛ لأنهم يحاولون هدمه من داخله، ويكونون مع المؤمنين في الرخاء، وينقلبون عليهم في الشدائد؛ ولذا قال الله تعالى فيهم [هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ] {المنافقون:4} وأشد المنافقين خطرا على الإسلام والمسلمين: الفرق الباطنية التي أسسها اليهود وغذوها حتى قويت وتشظت إلى فرق وملل شتى يجمعها تبديل الدين، والكيد للمؤمنين..

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:27 am

ورمضان الكريم كان موضعا لحادثة عظيمة تجلت فيها النصرة في أجمل صورها، وأعظم تضحياتها، وذلك في أوليات القرن الثالث الهجري حين خرج الخليفة العباسي المعتصم بنفسه يقود جيشا عرمرما لنصرة قوم من المسلمين استضعفوا فأذلوا وأهينوا، حتى كتب شاعر منهم قصيدة يستنهض بها الهمم، ويحرك الأشجان، ويشكو الظلم والضيم، وينتخي المسلمين بإنقاذ كرامة دنست، وأعراض انتهكت، وأطفال ذبحت..

وبلغ تحريك القلوب غايته، ووصلت إثارة الغيرة إلى ذروتها بصريخ امرأة مسلمة مستباحة تستنجد بالخليفة نفسه، وتستصرخه على الذل الذي أصابها، والعلج الذي دنسها، فتحركت المروءة، ودبت الغيرة، واشتعلت الحمية الدينية في بيت الخلافة العباسية، فأمسك الخليفة المعتصم عن شئونه، وصار ما بلغه من ظلم ضعفة المسلمين يؤرقه، وتتردد أبيات المستغيثين به في أذنه، فتزيدها ألما وتحريضا صرخات العفيفة وهي تستنجده، فكتب وصيته، ورتب قادته، وجمع جنده، وودع أهله، ويمم شطره تجاه صرخات المستغيثين من المسلمين يروم إنقاذهم، في عمورية من بلاد الروم، وكانت تسمى القسطنطينة الصغرى من عظمتها عند أهلها، وشدة تحصينها، وكثرة بنيانها، وهي آنذاك أعظم من القسطنطينية.

وكان في طريقه إليها جمع من الباطنية قد استولوا على بعض الديار في آذربيجان وما حولها، وخفروا ذمة الإسلام، وأظهروا النفاق، واستباحوا الدماء والأعراض، ومالئوا البيزنطيين النصارى على المسلمين..

كان من أولئك الباطنيين بابك الخرمي زعيم الباطنية المحمرة الذي استباح وطائفته المسلمين ثنتين وعشرين سنة، فقتل منهم ما يقارب مئتين وستين ألف مسلم، وأسر الألوف منهم، واستحل وفرقته الخبيثة أكثر من سبعة آلاف امرأة عفيفة من حريم المسلمين، وفعلوا بهن الأفاعيل، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله تعالى تألم لذلك وأفتى بقنوت النوازل لما أصاب المسلمين منه، ودعا المسلمين للدعاء عليه في الصلوات المفروضة.

فبدأ المعتصم ببابك الخرمي الباطني وأتباعه؛ لأن أذاهم على المسلمين كان أشد من أذى النصارى؛ ولأنه كان يعلم أن الباطنيين كانوا حلفاء النصارى البيزنطيين على المسلمين، وأنه إن جاوزهم بجيشه طعنوه من خلفه، وأعانوا النصارى عليه.. فبدأ بهم قبل النصارى ووجه قادته لقتالهم والقضاء عليهم؛ نصرة للمستضعفين من المؤمنين، ففل المسلمون جيوشهم، وفرقوا جموعهم، وكان ذلك في رمضان المبارك عام اثنين وعشرين ومئتين للهجرة، ولكن كبيرهم بابك الخرمي هرب واختفى، حتى أمكن الله تعالى منه بعد سبعة أشهر، فقبض عليه المعتصم، وقطع أطرافه، ثم قتله وصلبه، وشفى صدور المؤمنين والمؤمنات منه.
وقضى أيضا على حركة الباطني بطبرستان مازيار الذي أحيا المجوسية، ودعا إلى شعائرها من خلال مذهبه الباطني، فقتله وصلبه بجانب بابك الخرمي

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:28 am

بقي من المحمرة الباطنية بجيوش النصارى، وصاروا من جندهم في قتال المسلمين، وحرضوهم على المسير إلى عاصمة الخلافة بغداد باعتبار أن الخليفة وجيوشه قد خرجوا منها لقتال الباطنيين ثم النصارى، وناوش النصارى ما حولهم من بلاد المسلمين فقتلوا فيها وسبوا بتحريض الباطنيين..

وهذا هو دأب الباطنيين على مر التاريخ يعينون الأعداء على المسلمين، ويكونون جندا لهم.. فإن ظفروا وظهر أمرهم فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا يفون لهم بعهد، ولا يرعون لهم حرمة، ولا يرحمون من انتسب للإيمان طفلا كان أم امرأة أم شيخا كبيرا..

وبعد أن قضى المعتصم على الباطنيين، واستولى على حصونهم، وهرب من بقي منهم إلى النصارى توجه إلى عمورية إجابة لصرخة العفيفة، وتلبية لندائها، وتأثرا بقصيدة المضطهدين من المسلمين فيها، فضرب الحصار عليها، ودكها بالنيران حتى هدم حصنها، ودخلها المسلمون في السادس من رمضان عام ثلاثة وعشرين ومئتين، ففتح الله تعالى عليهم فتحا مبينا، وكان هذا الفتح من أعظم فتوح المسلمين، فدخلها المعتصم وهو يقول: لبيك لبيك؛ إجابة للمرأة التي استنجدت به واستنصرته، وطلب صاحب الأسيرة الشريفة، فضرب عنقه، وفك قيود المرأة بنفسه.

لقد كانت هذه النصرة للمستضعفين في عمورية، وإجابة المرأة المستصرخة، ونجدتها وتخليصها من الأسر، وتسيير جيش جرار يقوده الخليفة بنفسه أعظم منقبة انفرد بها المعتصم من بين سائر خلفاء بني العباس، ولا يزال أهل التاريخ يذكرونه بها، ويثنون عليه بسببها منذ القرن الثالث إلى يومنا هذا..

وقعت هذه النصرة في رمضان، وكسر النصارى والباطنيون في رمضان، شهر النصر والنصرة.. وكم في رمضان الحاضر من مسلم مستصرخ ومسلمة مستصرخة لا يجدون من يسعفهم وينجدهم، فلله الأمر من قبل ومن بعد، نسأل الله تعالى أن يكشف الغمة، وأن ينصر الأمة، وأن يعز الملة، وأن يرفع الذلة، إنه سميع مجيب..

وأقول قولي هذا...


الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأكثروا في هذا الشهر الكريم من الدعاء لإخوانكم المستضعفين؛ فإن الدعاء لهم من النصرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو للمستضعفين من المؤمنين.

أيها المسلمون: قبل أن يسير المعتصم إلى عمورية لفتحها ونجدة المؤمنين فيها اجتهد في القضاء على الباطنيين، وهكذا فعل صلاح الدين في فتح بيت المقدس وتخليصه من الصليبيين؛ فإنه قضى على دولة العبيديين الباطنية في مصر، وهي التي كانت سببا في سقوط القدس في أيدي الصليبيين.. وما فعل قادة المسلمين ذلك إلا لعلمهم بغدر الباطنيين، وممالأتهم لأعداء المسلمين، وحينما كانت جيوش العثمانيين تدك أسوار فينا لتتوغل في قلب أوربا طعنهم من خلفهم إسماعيل الصفوي الباطني فاضطروا للتقهقر والتراجع، فأنقذ الباطنيون أوربا من السقوط في أيدي المسلمين..

وتعود أحداث التاريخ مرة أخرى، فالطائفة النصيرية -التي خانت المسلمين فسلمت الجولان لليهود في بلاد الشام المباركة- قد أتمت أربعة عقود وهي تذل المسلمين وتهينهم، وتستبيح دماءهم وأعراضهم، وفي شوارع مدن الشام وأزقتها مناظر مفجعة من تساقط الجثث، وتمزيق الأطفال، وهتك حرمات بيوت الحرائر العفيفات، ويستصرخن ولا صريخ لهن ولا منقذ، رغم أن مليار مسلم وزيادة يشاهدونهن عبر الشاشات، ويسمعون صريخهن، فما أعظم الذل! وما أشد الهوان! وما أقل الحيلة لأمة صارت غثاء كغثاء السيل إلا ما رحم الله تعالى.

وفي ليبيا بلد المختار، ورجاله الأبطال الذي مرغوا أنوف الطليان في التراب، جيء بطاغوتها العبيدي الباطني وهو شاب صغير ليقطف ثمرة الجهاد، وليتسلط على الرقاب والأعراض، فيحكمها بالحديد والنار أربعة عقود أيضا، ويعلن سعيه لإقامة الدولة العبيدية الباطنية التي ينتمي إليها، ويعمل بعمل حكامها..

وقد صدق الفقيه المحدث أبو بكر ابن النابلسي حين أوقفه المعز العبيدي الباطني فقال له: بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: لَوْ أَنَّ مَعِي عَشَرَةُ أَسْهُمٍ لَرَمَيْتُ الرُّومَ بِسَهْمٍ، وَرَمَيْتُ الْمُعِزِّيِّينَ بِتِسْعَةٍ، فَقَالَ: مَا قُلْتُ هَذَا، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ رَجَعَ، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَكُمْ بِتِسْعَةٍ، ثُمَّ يَرْمِيَكُمْ بِالْعَاشِرِ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكُمْ غَيَّرْتُمْ دِينَ الْأُمَّةِ، وَقَتَلْتُمُ الصَّالِحِينَ، وَادَّعَيْتُمْ نُورَ الْإِلَهِيَّةِ، فأمر المعز يهوديا بسلخه فسلخه وهو حي، وكان صابرا محتسبا إلى أن لقي الله سبحانه، رحمه الله تعالى رحمة واسعة..

ومن رأى أفعال الباطنيين بالمسلمين في سوريا وليبيا والعراق وإيران ولبنان علم ما تكنه قلوبهم من الضغينة والحقد على المسلمين، وأنهم لا يتورعون عن قتل أطفال المسلمين، وتمزيق أشلائهم، والتلذذ بعذابهم، واستباحة أعراضهم، كفى الله تعالى المسلمين شرهم، وكسر شوكتهم، وأذهب ريحهم، وخلص المستضعفين من براثنهم، إنه سميع مجيب..

وصلوا وسلموا على نبيكم..


ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:28 am

رَمَضَانُ وَالنُّصْرَةُ
بَيْنَ نُصْرَةِ الأَمْسِ وَخِذْلاَنِ الْيَوْمِ
إبراهيم بن محمد الحقيل
12/9/1432



الحَمْدُ للهِ الْقَوِيِّ العَزِيزِ؛ يَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ، وَيَكْبِتُ أَعْدَاءَهُ؛ [وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ] {الرُّوم:47}، نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الحَمْدِ، وَنَشْكُرُهُ فَنِعَمُهُ تَزِيدُ بِالشُّكْرِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ شَهْرَ المُوَاسَاةِ وَالرَّحْمَةِ، وَالنَّصْرِ وَالنُّصْرَةِ، وَأَوْجَبَ عَلَى المُسْلِمِ نُصْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَمَعَ اللهُ تَعَالَى بِهِ القُلُوبَ بَعْدَ افْتَرَاقِهَا، وَهَدَى بِهِ مِنْ ضَلاَلِهَا؛ فَأَزَالَ شِرْكَهَا، وَرَفَعَ جَهْلَهَا، وَعَلَّمَهَا مَا يَنْفَعُهَا؛ [هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّ‍ۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ] {الجمعة:2}، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاغْتَنِمُوا الأَوْقَاتَ الفَاضِلَةَ فِيمَا يُرْضِيهِ، وَحَقِّقُوا مِنَ الصَّوْمِ مَعَانِيَهُ، فَصُونُوا أَنْفُسَكُمْ عَنِ المُحَرَّمَاتِ، وَتَسَابَقُوا إِلَى الطَّاعَاتِ، وَأَكْثِرُوا مِنَ القُرُبَاتِ؛ فَلَيْسَ العَمَلُ الصَّالِحُ فِي رَمَضَانَ كَمِثْلِهِ فِي غَيْرِهِ، وَجَزَاءُ العَمَلِ الصَّالِحِ خُلُودٌ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ؛ [وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ] {البقرة:82}.

أيُّهَا النَّاسُ: جَعَلَ اللهُ تَعَالَى رَابِطَةَ الإِيمَانِ أَقْوَى رَابِطَةٍ؛ فَتُقْطَعُ كُلُّ الرَّوَابِطِ بِسَبَبِهَا، وَلاَ تُقْطَعُ هِيَ بِسَبَبِ أَيِّ رَابِطَةٍ أُخْرَى، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: [لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ] {المجادلة:22}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:[وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ] {التوبة:71}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: [إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ] {الحجرات:10}.

وَإِذَا اسْتُضِيمَ مُسْلِمٌ أَوْ أُهِينَ وَجَبَ عَلَى جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ بَذْلُ النُّصْرَةِ لَهُ بِمَا يَسْتَطِيعُونَ؛ [وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ] {الأنفال:72}، وَفِي إِسْلامِ المُسْلِمِ لِعَدُوِّهِ، وَالتَّخَاذُلِ عَنْ نُصْرَتِهِ قَوْلُ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - َضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ».

وَهَذِهِ النُّصْرَةُ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ المُسْلِمِ إِذَا دَهَمَهُ عَدُوٌّ فَاسْتَبَاحَ دَمَهُ أَوْ عِرْضَهُ أَوْ مَالَهُ، وَلِلْمُسْلِمِينَ عَدُوَّانِ: عَدُوٌّ ظَاهِرٌ، وَهُمُ الكُفَّارُ، وَعَدُوٌّ بَاطِنٌ وَهُمُ المُنَافِقُونَ، وَهُمُ الأَخْطَرُ وَالأَشَدُّ عَلَى الإِسْلامِ؛ لِأَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ هَدْمَهُ مِنْ دَاخِلِهِ، وَيَكُونُونَ مَعَ المُؤْمِنِينَ فِي الرَّخَاءِ، وَيَنْقَلِبُونَ عَلَيْهِمْ فِي الشَّدَائِدِ؛ وَلِذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ: [هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ] {المنافقون: 4}، وَأَشَدُّ المُنَافِقِينَ خَطَرًا عَلَى الإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ: الفِرَقُ البَاطِنِيَّةُ، الَّتِي أَسَّسَهَا الْيَهُودُ وَغَذُّوهَا حَتَّى قَوِيَتْ وَتَشَّظَتْ إِلَى فِرَقٍ وَمِلَلٍ شَتَّى، يَجْمَعُهَا تَبْدِيلُ الدِّينِ، وَالْكَيْدُ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وَرَمَضَانُ الْكَرِيمُ كَانَ مَوْضِعًا لِحَادِثَةٍ عَظِيمَةٍ تَجَلَّتْ فِيهَا النُّصْرَةُ فِي أَجْمَلِ صُوَرِهَا، وَأَعْظَمِ تَضْحِيَّاتِهَا، وَذَلِكَ في أُولَيَاتِ القَرْنِ الثَّالِثِ الْهِجْرِي، حِينَ خَرَجَ الخَلِيفَةُ العَبَّاسِيُّ المُعْتَصِمُ بِنَفْسِهِ يَقُودُ جَيْشًا عَرَمْرَمًا لِنُصْرَةِ قَوْمٍ مِنَ المُسْلِمِينَ اسْتُضْعِفُوا، فَأُذِلُّوا وَأُهِينُوا، حَتَّى كَتَبَ شَاعِرٌ مِنْهُمْ قَصِيدَةً يَسْتَنْهَضُ بِهَا الهِمَمَ، وَيُحَرِّكُ الأَشْجَانَ، وَيَشْكُو الظُّلْمَ وَالضَّيْمَ، وَيَنْتَخِي المُسْلِمِينَ بِإِنْقَاذِ كَرَامَةٍ دُنِّسَتْ، وَأَعْرَاضٍ انْتُهِكَتْ، وَأَطْفَالٍ ذُبِحَتْ.
وَبَلَغَ تَحْرِيكُ القُلُوبِ غَايَتَهُ، وَوَصَلَتْ إِثَارَةُ الغَيْرَةِ إِلَى ذِرْوَتِهَا بِصَرِيخِ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مُسْتَبَاحَةٍ، تَسْتَنْجِدُ بِالخَلِيفَةِ نَفْسِهِ، وَتَسْتَصْرِخُهُ عَلَى الذُّلِّ الَّذِي أَصَابَهَا، وَالعِلْجِ الَّذِي دَنَّسَهَا، فَتَحَرَّكَتِ المُرُوءَةُ، وَدَبَّتِ الغَيْرَةُ، وَاشْتَعَلَتِ الحَمِيَّةُ الدِّينِيَّةُ فِي بَيْتِ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّةِ، فَأَمْسَكَ الخَلِيفَةُ المُعْتَصِمُ عَنْ شُؤُونِهِ، وَصَارَ مَا بَلَغَهُ مِنْ ظُلْمِ ضَعَفَةِ المُسْلِمِينَ يُؤَرِّقُهُ، وَتَتَرَدَّدُ أَبْيَاتُ المُسْتَغِيثِينَ بِهِ فِي أُذُنِهِ، فَتَزَيدُهَا أَلَمًا وَتَحْرِيضًا صَرَخَاتُ العَفِيفَةُ وَهِيَ تَسْتَنْجِدُهُ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، وَرَتَّبَ قَادَتَهُ، وَجَمَعَ جُنْدَهُ، وَوَدَّعَ أَهْلَهُ، وَيَمَّمَ شَطْرَهُ تُجَاهَ صَرَخَاتِ المُسْتَغِيثِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَرُومُ إِنْقَاذَهُمْ، فِي عَمُّورِيَّةَ مِنْ بِلادِ الرُّومِ، وَكَانَتْ تُسَمَّى:

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:29 am

رَمَضَانُ وَالنُّصْرَةُ
بَيْنَ نُصْرَةِ الأَمْسِ وَخِذْلاَنِ الْيَوْمِ
إبراهيم بن محمد الحقيل
12/9/1432



الحَمْدُ للهِ الْقَوِيِّ العَزِيزِ؛ يَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ، وَيَكْبِتُ أَعْدَاءَهُ؛ [وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ] {الرُّوم:47}، نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الحَمْدِ، وَنَشْكُرُهُ فَنِعَمُهُ تَزِيدُ بِالشُّكْرِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ شَهْرَ المُوَاسَاةِ وَالرَّحْمَةِ، وَالنَّصْرِ وَالنُّصْرَةِ، وَأَوْجَبَ عَلَى المُسْلِمِ نُصْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَمَعَ اللهُ تَعَالَى بِهِ القُلُوبَ بَعْدَ افْتَرَاقِهَا، وَهَدَى بِهِ مِنْ ضَلاَلِهَا؛ فَأَزَالَ شِرْكَهَا، وَرَفَعَ جَهْلَهَا، وَعَلَّمَهَا مَا يَنْفَعُهَا؛ [هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّ‍ۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ] {الجمعة:2}، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاغْتَنِمُوا الأَوْقَاتَ الفَاضِلَةَ فِيمَا يُرْضِيهِ، وَحَقِّقُوا مِنَ الصَّوْمِ مَعَانِيَهُ، فَصُونُوا أَنْفُسَكُمْ عَنِ المُحَرَّمَاتِ، وَتَسَابَقُوا إِلَى الطَّاعَاتِ، وَأَكْثِرُوا مِنَ القُرُبَاتِ؛ فَلَيْسَ العَمَلُ الصَّالِحُ فِي رَمَضَانَ كَمِثْلِهِ فِي غَيْرِهِ، وَجَزَاءُ العَمَلِ الصَّالِحِ خُلُودٌ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ؛ [وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ] {البقرة:82}.

أيُّهَا النَّاسُ: جَعَلَ اللهُ تَعَالَى رَابِطَةَ الإِيمَانِ أَقْوَى رَابِطَةٍ؛ فَتُقْطَعُ كُلُّ الرَّوَابِطِ بِسَبَبِهَا، وَلاَ تُقْطَعُ هِيَ بِسَبَبِ أَيِّ رَابِطَةٍ أُخْرَى، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: [لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ] {المجادلة:22}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:[وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ] {التوبة:71}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: [إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ] {الحجرات:10}.

وَإِذَا اسْتُضِيمَ مُسْلِمٌ أَوْ أُهِينَ وَجَبَ عَلَى جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ بَذْلُ النُّصْرَةِ لَهُ بِمَا يَسْتَطِيعُونَ؛ [وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ] {الأنفال:72}، وَفِي إِسْلامِ المُسْلِمِ لِعَدُوِّهِ، وَالتَّخَاذُلِ عَنْ نُصْرَتِهِ قَوْلُ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - َضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ».

وَهَذِهِ النُّصْرَةُ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ المُسْلِمِ إِذَا دَهَمَهُ عَدُوٌّ فَاسْتَبَاحَ دَمَهُ أَوْ عِرْضَهُ أَوْ مَالَهُ، وَلِلْمُسْلِمِينَ عَدُوَّانِ: عَدُوٌّ ظَاهِرٌ، وَهُمُ الكُفَّارُ، وَعَدُوٌّ بَاطِنٌ وَهُمُ المُنَافِقُونَ، وَهُمُ الأَخْطَرُ وَالأَشَدُّ عَلَى الإِسْلامِ؛ لِأَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ هَدْمَهُ مِنْ دَاخِلِهِ، وَيَكُونُونَ مَعَ المُؤْمِنِينَ فِي الرَّخَاءِ، وَيَنْقَلِبُونَ عَلَيْهِمْ فِي الشَّدَائِدِ؛ وَلِذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ: [هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ] {المنافقون: 4}، وَأَشَدُّ المُنَافِقِينَ خَطَرًا عَلَى الإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ: الفِرَقُ البَاطِنِيَّةُ، الَّتِي أَسَّسَهَا الْيَهُودُ وَغَذُّوهَا حَتَّى قَوِيَتْ وَتَشَّظَتْ إِلَى فِرَقٍ وَمِلَلٍ شَتَّى، يَجْمَعُهَا تَبْدِيلُ الدِّينِ، وَالْكَيْدُ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وَرَمَضَانُ الْكَرِيمُ كَانَ مَوْضِعًا لِحَادِثَةٍ عَظِيمَةٍ تَجَلَّتْ فِيهَا النُّصْرَةُ فِي أَجْمَلِ صُوَرِهَا، وَأَعْظَمِ تَضْحِيَّاتِهَا، وَذَلِكَ في أُولَيَاتِ القَرْنِ الثَّالِثِ الْهِجْرِي، حِينَ خَرَجَ الخَلِيفَةُ العَبَّاسِيُّ المُعْتَصِمُ بِنَفْسِهِ يَقُودُ جَيْشًا عَرَمْرَمًا لِنُصْرَةِ قَوْمٍ مِنَ المُسْلِمِينَ اسْتُضْعِفُوا، فَأُذِلُّوا وَأُهِينُوا، حَتَّى كَتَبَ شَاعِرٌ مِنْهُمْ قَصِيدَةً يَسْتَنْهَضُ بِهَا الهِمَمَ، وَيُحَرِّكُ الأَشْجَانَ، وَيَشْكُو الظُّلْمَ وَالضَّيْمَ، وَيَنْتَخِي المُسْلِمِينَ بِإِنْقَاذِ كَرَامَةٍ دُنِّسَتْ، وَأَعْرَاضٍ انْتُهِكَتْ، وَأَطْفَالٍ ذُبِحَتْ.
وَبَلَغَ تَحْرِيكُ القُلُوبِ غَايَتَهُ، وَوَصَلَتْ إِثَارَةُ الغَيْرَةِ إِلَى ذِرْوَتِهَا بِصَرِيخِ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مُسْتَبَاحَةٍ، تَسْتَنْجِدُ بِالخَلِيفَةِ نَفْسِهِ، وَتَسْتَصْرِخُهُ عَلَى الذُّلِّ الَّذِي أَصَابَهَا، وَالعِلْجِ الَّذِي دَنَّسَهَا، فَتَحَرَّكَتِ المُرُوءَةُ، وَدَبَّتِ الغَيْرَةُ، وَاشْتَعَلَتِ الحَمِيَّةُ الدِّينِيَّةُ فِي بَيْتِ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّةِ، فَأَمْسَكَ الخَلِيفَةُ المُعْتَصِمُ عَنْ شُؤُونِهِ، وَصَارَ مَا بَلَغَهُ مِنْ ظُلْمِ ضَعَفَةِ المُسْلِمِينَ يُؤَرِّقُهُ، وَتَتَرَدَّدُ أَبْيَاتُ المُسْتَغِيثِينَ بِهِ فِي أُذُنِهِ، فَتَزَيدُهَا أَلَمًا وَتَحْرِيضًا صَرَخَاتُ العَفِيفَةُ وَهِيَ تَسْتَنْجِدُهُ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، وَرَتَّبَ قَادَتَهُ، وَجَمَعَ جُنْدَهُ، وَوَدَّعَ أَهْلَهُ، وَيَمَّمَ شَطْرَهُ تُجَاهَ صَرَخَاتِ المُسْتَغِيثِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَرُومُ إِنْقَاذَهُمْ، فِي عَمُّورِيَّةَ مِنْ بِلادِ الرُّومِ، وَكَانَتْ تُسَمَّى:

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:29 am

القُسْطَنْطِينيَّةَ الصُّغْرَى؛ مِنْ عَظَمَتِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَشِدَّةِ تَحْصِينِهَا، وَكَثْرَةِ بُنْيَانِهَا، وَهِيَ آنَذَاكَ أَعْظَمُ مِنَ القُسْطَنْطِينِيَّةِ.

وَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِلَيْهَا جَمْعٌ مِنَ البَاطِنِيَّةِ قَدِ اسْتَوْلَوْا عَلَى بَعْضِ الدِّيَارِ فِي آذْرَبِيجَانَ وَمَا حَوْلَهَا، وَخَفَرُوا ذِمَّةَ الإِسْلامِ، وَأَظْهَرُوا النِّفَاقَ، وَاسْتَبَاحُوا الدِّمَاءَ وَالأَعْرَاضَ، وَمَالَؤُوا البِيزَنْطِيِّينَ النَّصَارَى عَلَى المُسْلِمِينَ.

كَانَ مِنْ أُولَئِكَ البَاطِنِيِّينَ: بَابَكُ الخُرَّمِيُّ، زَعِيمُ البَاطِنِيَّةِ المُحَمِّرَةِ الَّذِي اسْتَبَاحَ وَطَائِفَتُهُ المُسْلِمِينَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَا يُقَارِبُ مِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ أَلْفَ مُسْلِمٍ، وَأَسَرَ الأُلُوفَ مِنْهُمْ، وَاسْتَحَلَّ وَفِرْقَتُهُ الخَبِيثَةُ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ آلاَفِ امْرَأَةٍ عَفِيفَةٍ مِنْ حَرِيمِ المُسْلِمِينَ، وَفَعَلُوا بِهِنَّ الأَفَاعِيلَ، حَتَّى إِنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- تَأَلَّمَ لِذَلِكَ، وَأَفْتَى بِقُنُوتِ النَّوَازِلِ؛ لِمَا أَصَابَ المُسْلِمِينَ مِنْهُ، وَدَعَا المُسْلِمِينَ لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضَةِ.

فَبَدَأَ المُعْتَصِمُ بِبَابَكِ الخُرَّمِيِّ البَاطِنِيِّ وَأَتْبَاعِهِ؛ لِأَنَّ أَذَاهُمْ عَلَى المُسْلِمِينَ كَانَ أَشَدَّ مِنْ أَذَى النَّصَارَى؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ البَاطِنِيِّينَ كَانُوا حُلَفَاءَ النَّصَارَى البِيزَنْطِيِّينَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ إِنْ جَاوَزَهُمْ بِجَيْشِهِ طَعَنُوهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَأَعَانُوا النَّصَارَى عَلَيْهِ؛ فَبَدَأَ بِهِمْ قَبْلَ النَّصَارَى، وَوَجَّهَ قَادَتَهُ لِقِتَالِهِمْ وَالقَضَاءِ عَلَيْهِمْ؛ نُصْرَةً لِلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ؛ فَفَلَّ المُسْلِمُونَ جُيُوشَهُمْ، وَفَرَّقُوا جُمُوعَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ المُبَارَكِ عَامَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِئَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ، وَلَكِنَّ كَبِيرَهُمْ بَابَكَ الخُرَّمِيَّ هَرَبَ وَاخْتَفَى، حَتَّى أَمْكَنَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ المُعْتَصِمُ، وَقَطَعَ أَطْرَافَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ وَصَلَبَهُ، وَشَفَى صُدُورَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ مِنْهُ.

وَقَضَى أَيْضًا عَلَى حَرَكَةِ البَاطِنِيِّ بِطَبَرِسْتَانَ مَازِيَارَ، الَّذِي أَحْيَا المَجُوسِيَّةَ، وَدَعَا إِلَى شَعَائِرِهَا مِنْ خِلالِ مَذْهَبِهِ البَاطِنِيِّ، فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ بِجَانِبِ بَابَكِ الخُرَّمِيِّ.

وَلَحِقَ مَنْ بَقِيَ مِنَ المُحَمِّرَةِ البَاطِنِيَّةِ بِجُيُوشِ النَّصَارَى، وَصَارُوا مِنْ جُنْدِهِمْ فِي قِتَالِ المُسْلِمِينَ، وَحَرَّضُوهُمْ عَلَى المَسِيرِ إِلَى عَاصِمَةِ الخِلاَفَةِ بَغْدَادَ؛ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الخَلِيفَةَ وَجُيُوشَهُ قَدْ خَرَجُوا مِنْهَا لِقِتَالِ البَاطِنِيِّينَ ثُمَّ النَّصَارَى، وَنَاوَشَ النَّصَارَى مَا حَوْلَهُمْ مِنْ بِلاَدِ المُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوا فِيهَا وَسَبَوْا بِتَحْرِيضِ البَاطِنِيِّينَ!

وَهَذَا هُوَ دَأْبُ البَاطِنِيِّينَ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ، يُعِينُونَ الأَعْدَاءَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَيَكُونُونَ جُنْدًا لَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرُوا وَظَهَر أَمْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً، وَلا يَفُونَ لَهُمْ بِعَهْدٍ، وَلا يَرْعُونَ لَهُمْ حُرْمَةً، وَلاَ يَرْحَمُونَ مَنِ انْتَسَبَ لِلْإِيمَانِ؛ طِفْلاً كَانَ، أَمِ امْرَأَةً، أَمْ شَيْخًا كَبِيرًا!

وَبَعْدَ أَنْ قَضَى المُعْتَصِمُ عَلَى البَاطِنِيِّينَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى حُصُونِهِمْ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَى النَّصَارَى، تَوَجَّهَ إِلَى عَمُّورِيَّةَ إِجَابَةً لِصَرْخَةِ العَفِيفَةِ، وَتَلْبِيَةً لِنِدَائِهَا، وَتَأَثُّرًا بِقَصِيدَةِ المُضْطَهَدِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ فِيهَا، فَضَرَبَ الحِصَارَ عَلَيْهَا، وَدَكَّهَا بِالنِّيرَانِ حَتَّى هَدَمَ حِصْنَهَا، وَدَخَلَهَا المُسْلِمُونَ فِي السَّادِسِ مِنْ رَمَضَانَ عَامَ ثَلاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِئَتَيْنِ؛ فَفَتَحَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَتْحًا مُبِينًا، وَكَانَ هَذَا الفَتْحُ مِنْ أَعْظَمِ فُتُوحِ المُسْلِمِينَ، فَدَخَلَهَا المُعْتَصِمُ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكِ لَبَّيْكِ؛ إِجَابَةً لِلْمَرْأَةِ الَّتِي اسْتَنْجَدَتْ بِهِ وَاسْتَنْصَرَتْهُ، وَطَلَبَ صَاحِبَ الأَسِيرَةِ الشَّرِيفَةِ، فَضَرَبَ عُنَقَهُ، وَفَكَّ قُيُودَ المَرْأَةِ بِنَفْسِهِ!

لَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ النُّصْرَةُ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ فِي عَمُّورِيَّةَ، وَإِجَابَةِ المَرْأَةِ المُسْتَصْرِخَةِ، وَنَجْدَتِهَا وَتَخْلِيصِهَا مِنَ الأَسْرِ، وَتَسْيِيرُ جَيْشٍ جَرَّارٍ يَقُودُهُ الخَلِيفَةُ بِنَفْسِهِ أَعْظَمَ مَنْقَبَةٍ انْفَرَدَ بِهَا المُعْتَصِمُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ خُلَفَاءِ بَنِي العَبَّاسِ، وَلاَ يَزَالُ أَهْلُ التَّارِيخِ يَذْكُرُونَهُ بِهَا، وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا مُنْذُ القَرْنِ الثَّالِثِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.

وَقَعَتْ هَذِهِ النُّصْرَةُ فِي رَمَضَانَ، وَكُسِرَ النَّصَارَى وَالبَاطِنِيُّونَ فِي رَمَضَانَ، شَهْرِ النَّصْرِ وَالنُّصْرَةِ، وَكَمْ فِي رَمَضَانَ الحَاضِرِ مِنْ مُسْلِمٍ مُسْتَصْرِخٍ وَمُسْلِمَةٍ مُسْتَصْرِخَةٍ لاَ يَجِدُونَ مَنْ يُسْعِفُهُمْ وَيُنْجِدُهُمْ، فَلِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْشِفَ الغُمَّةَ، وَأَنْ يَنْصُرَ الأُمَّةَ، وَأَنْ يُعِزَّ المِلَّةَ، وَأَنْ يَرْفَعَ الذِّلَّةَ، إِنَّه سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا...

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الجمعة أغسطس 12, 2011 3:30 am

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بُهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ مِنَ الدُّعَاءِ لِإِخْوَانِكُمُ المُسْتَضْعَفِينَ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ لَهُمْ مِنَ النُّصْرَةِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لِلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: قَبْلَ أَنْ يَسِيرَ المُعْتَصِمُ إِلَى عَمُّورِيَّةَ لِفَتْحِهَا وَنَجْدَةِ المُؤْمِنِينَ فِيهَا، اجْتَهَدَ فِي القَضَاءِ عَلَى البَاطِنِيِّينَ، وَهَكَذَا فَعَلَ صَلاحُ الدِّينِ فِي فَتْحِ بَيْتِ المَقْدِسِ وَتَخْلِيصِهِ مِنَ الصَّلِيبِيِّينَ؛ فَإِنَّهُ قَضَى عَلَى دَوْلَةِ العُبَيْدِيِّينَ البَاطِنِيَّةِ فِي مِصْرَ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا فِي سُقُوطِ القُدْسِ فِي أَيْدِي الصَّلِيبِيِّينَ، وَمَا فَعَلَ قَادَةُ المُسْلِمِينَ ذَلِكَ إِلاَّ لِعِلْمِهِمْ بِغَدْرِ البَاطِنِيِّينَ، وَمُمَالَأَتِهِمْ لِأَعْدَاءِ المُسْلِمِينَ، وَحِينَمَا كَانَتْ جُيُوشُ العُثْمَانِيِّينَ تَدُكُّ أَسْوَارَ فِييِنَّا لِتَتَوَغَّلَ فِي قَلْبِ أُورُبَّا، طَعَنَهُمْ مِنْ خَلْفِهِمْ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَوِيُّ البَاطِنِيُّ؛ فَاضْطُرُّوا لِلتَّقَهْقُرِ وَالتَّرَاجُعِ، فَأَنْقَذَ البَاطِنِيُّونَ أُورُبَّا مِنَ السُّقُوطِ فِي أَيْدِي المُسْلِمِينَ.

وَتَعُودُ أَحْدَاثُ التَّارِيخِ مَرَّةً أُخْرَى، فَالطَّائِفَةُ النُّصَيْرِيَّةُ -التِي خَانَتِ المُسْلِمِينَ فَسَلَّمَتِ الجُولاَن لِليَهودِ فِي بِلادِ الشَّامِ المُبَارَكَةِ- قَدْ أَتَمَّتْ أَرْبَعَةَ عُقُودٍ وَهِيَ تُذِلُّ المُسْلِمِينَ وَتُهِينُهُمْ، وَتَسْتَبِيحُ دِمَاءَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ، وَفِي شَوَارِعِ مُدُنِ الشَّامِ وَأَزِقَّتِهَا مَنَاظِرُ مُفْجعَةٌ مِنْ تَسَاقُطِ الجُثَثِ، وَتَمْزِيقِ الأَطْفَالِ، وَهَتْكِ حُرُمَاتِ بُيُوتِ الحَرَائِرِ العَفِيفَاتِ، وَيَسْتَصْرِخْنَ وَلاَ صَرِيخَ لَهُنَّ وَلاَ مُنْقِذَ، رَغْمَ أَنَّ مِلْيَارَ مُسْلِمٍ وَزِيَادَةً يُشَاهِدُونَهُنَّ عَبْرَ الشَّاشَاتِ، وَيَسْمَعُونَ صَرِيخَهُنَّ، فَمَا أَعْظَمَ الذُّلَّ! وَمَا أَشَدَّ الهَوَانَ! وَمَا أَقَلَّ الحِيلَةَ لِأُمَّةٍ صَارَتْ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ إِلاَّ مَا رَحِمَ اللهُ تَعَالَى!

وَفِي لِيبْيَا بَلَدِ المُخْتَارِ، وَرِجَالِهِ الأَبْطَالِ الَّذِينَ مَرَّغُوا أُنُوفَ الطَّلْيَانِ فِي التُّرَابِ، جِيءَ بِطَاغُوتِهَا العُبَيْدِيِّ البَاطِنِيِّ وَهُوَ شَابٌّ صَغِيرٌ لِيَقْطِفَ ثَمَرَةَ الجِهَادِ، وَلِيَتَسَلَّطَ عَلَى الرِّقَابِ وَالأَعْرَاضِ، فَيَحْكُمَهَا بِالحَدِيدِ وَالنَّارِ أَرْبَعَةَ عُقُودٍ أَيْضًا، وَيُعْلِنَ سَعْيَهُ لِإِقَامَةِ الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ البَاطِنِيَّةِ الَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْهَا، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ حُكَّامِهَا!

وَقَدْ صَدَقَ الفَقِيهُ المُحَدِّثُ أَبُو بَكْرِ ابْنُ النَّابُلْسِيُّ حِينَ أَوْقَفَهُ المُعِزُّ العُبَيْدِيُّ البَاطِنِيُّ فَقَالَ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: لَوْ أَنَّ مَعِي عَشَرَةَ أَسْهُمٍ لَرَمَيْتُ الرُّومَ بِسَهْمٍ، وَرَمَيْتُ الْمُعِزِّيِّينَ بِتِسْعَةٍ، فَقَالَ: مَا قُلْتُ هَذَا، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ رَجَعَ، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَكُمْ بِتِسْعَةٍ، ثُمَّ يَرْمِيَكُمْ بِالْعَاشِرِ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكُمْ غَيَّرْتُمْ دِينَ الْأُمَّةِ، وَقَتَلْتُمُ الصَّالِحِينَ، وَادَّعَيْتُمْ نُورَ الْإِلَهِيَّةِ، فَأَمَرَ المُعِزُّ يَهُودِيًّا بِسَلْخِهِ، فَسَلَخَهُ وَهُوَ حَيٌّ، وَكَانَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا إِلَى أَنْ لَقِيَ اللهَ سُبْحَانَهُ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً وَاسِعَةً.

وَمَنْ رَأَى أَفْعَالَ البَاطِنِيِّينَ بِالمُسْلِمِينَ فِي سُورْيَا، وَلِيبْيَا، وَالعِرَاقِ، وَإِيرَانَ، وَلُبْنَانَ عَلِمَ مَا تُكِنُّهُ قُلُوبُهُمْ مِنَ الضَّغِينَةِ وَالحِقْدِ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُمْ لاَ يَتَوَرَّعُونَ عَنْ قَتْلِ أَطْفَالِ المُسْلِمِينَ، وَتَمْزِيقِ أَشْلائِهِمْ، وَالتَّلَذُّذِ بِعَذَابِهِمْ، وَاسْتِبَاحَةِ أَعْرَاضِهِمْ، كَفَى اللهُ تَعَالَى المُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، وَكَسَرَ شَوْكَتَهُمْ، وَأَذْهَبَ رِيحَهُمْ، وَخَلَّصَ المُسْتَضْعَفِينَ مِنْ بَرَاثِنِهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين أغسطس 15, 2011 2:52 pm


البكاء من خشية الله تعالى


إعداد
زاهــر بن مــحــمــد الـشـهـري
إمام وخطيب جامع عائشة رضي الله عنها
بالخبر





أيها الناس، قال الله عز وجل في محكم التنزيل: وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ لّلْمُوقِنِينَ وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الذاريات:20، 21]، وقال تعالى:

سَنُرِيهِمْ ءايَـٰتِنَا فِى ٱلأَفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ [فصلت:53].

وقد أودع الله عز وجل في بني البشر نعمتين عظيمتين، ألا وهما نعمة الضحك والبكاء، ضحك وبكاء أودعهما الله النفس الإنسانية والأمة البشرية، وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ [النجم:42، 43]. ضحكٌ أودعه الله النفس البشرية، لتعبّر به عن فرحها المرغوب ورضاها به وأنسها بما يسّر، وبكاء أُودِعَتْه النفس لتعبر به عن الخشية والفَرَق والخوف والوجل، ولربما هجم السرور على النفس فكان من فرط ما قد سرّها أبكاها، فهي تبكي في الأفراح والأحزان.

إنّ الله عز وجل أنشأ للإنسان دواعي الضحك ودواعي البكاء، وجعلها وفق أسرار أودعها فيه، يضحك لهذا، ويبكي لذاك، وقد يضحك غدا مما أبكاه اليوم، ويبكي اليوم مما أضحكه بالأمس، في غير جنون ولا ذهول، إنما هي حالات جبلية خلقها الله فيه، وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ .

أيها المسلمون: إن الله عز وجل أنعم عليكم بنعمة البكاء لتشكروه عليها، إذ كيف يعيش من لا يبكي؟! كيف تتفاعل نفسه مع الأحداث والمواقف؟! بماذا يترجم عن الحزن والأسى؟! بماذا يعبر عن الخشية والخوف من الله جل وعلا ؟! قال رسول الله : ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن نفس لا تشبع، ومن عين لا تدمع، ومن دعوة لا يستَجاب لها))

البكاء قافلة ضخمة حطت ركائبها في سوق رحبة، ما ابتاع الناس منها فعلى ثلاثة أصناف:

صنف من الناس اشتروا بكاء العشاق والمشغوفين، أصحاب الهوى والتيم، أهل الصبابة والغرام، الذين هربوا من الرق الذي خُلِقوا له، وبَلَوا أنفسَهم برقِّ الهوى والشيطان.

أعاذنا الله وإياكم من هذه الحال ومن حال أهل النار.

وصنف من الناس ابتاعوا بكاء أهل الحزن على مصائبهم ورزاياهم، وعلى هذا الصنف جلّ الناس، فاقتصروا على سلعة وافقت جِبِلّتهم التي جبلهم الله عليها، فأصبحوا لا لهم ولا عليهم.

وصنف ثالث اشتَروا بكاء الخشية من الله عز وجل، تلكم البضاعة التي زهد فيها معظم القوم إلا من رحم الله. آيات تتلى، وأحاديث تروى، ومواعظ تلقى، ولكن تدخل من اليمنى وتخرج من اليسرى، لا يخشع لها قلب، ولا تهتزّ لها نفس، ولا يسيل على أثرها دمع. اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين أغسطس 15, 2011 2:52 pm

عباد الله، لقد أثنى الله جل وعلا في كتابه على البكّائين من خشية الله وفي طاعة الله، الأتقياء الأنقياء ذوي الحساسية المرهفة، الذين لا تسعفهم الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم من حب لله وتعظيم له، وخشية وإجلال، فتفيض عيونهم بالدموع، قربة إلى الله وزلفى لديه: إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء:107-109]،

وقال تعالى: أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّيْنَ مِن ذُرّيَّةِ ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْرٰهِيمَ وَإِسْرٰءيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّدًا وَبُكِيًّا [مريم:58]،

وقال تعالى: وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَق [المائدة:83]،

وقال تعالى: أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَـٰمِدُونَ فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ [النجم:59-62].

ثبت عن النبي أنه أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءه عصابة من أصحابه، فقالوا: يا رسول الله احملنا، فقال لهم: ((والله، لا أجد ما أحملكم عليه))، فتولوا وهم يبكون، وعزّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا، فأنزل الله عز وجل: لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاء وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:91، 92].

عباد الله، البكاء من خشية الله وصف شريف ومسعى حميد، به وصف الله أنبياءه والذين أوتوا العلم من عباده، وقد ذكر رسول الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ((رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) متفق عليه.

ويمتاز البكاء في الخلوة؛ لأن الخلوة مدعاة إلى قسوة القلب والجرأة على المعصية، فإذا ما جاهد الإنسان نفسه فيها واستشعر عظمة الله فاضت عيناه، فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.

قال رسول الله : ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)) رواه الترمذي. صدق رسول الله ، فلقد قال ذلك بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه، قال ذلك وهو أتقى الناس لله، وأخشى الناس لله، وأكثر الناس بكاء من خشية الله.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين أغسطس 15, 2011 2:55 pm

ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود أنّ النبي قال له: ((اقرأ عليّ القرآن))، فقال: أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري))، فقرأ من سورة النساء حتى بلغ قول الله: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيدًا [النساء:41]، فقال رسول الله : ((حسبك))، فإذا عيناه تذرفان.

وقد ثبت عنه أنه كان إذا صلى سمِع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، أي: كصوت القدر إذا اشتدّ غليانه. رواه أبو داود وأحمد والنسائي.

وثبت عنه أنه بكى على ابنه إبراهيم حينما رآه يجود بنفسه، فجعلت عيناه تذرفان الدموع، ثم قال: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) رواه البخاري ومسلم.

إن هذه الدموع الزكية التي سالت من عينه تمثل إحساسا نبيلا ومشاركة أسيفة للمحزونين والمكروبين، وهي لا تتعارض أبدا مع كونه مثلا للشجاعة ورباطة الجأش والرضا بقضاء الله وقدره، ولكنه بكاء المصطفى الكريم في مواطن الرحمة والإشفاق، ومن لا يرحم لا يُرحم، مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [الفتح:29].

عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ ما النجاة؟ قال: ((أمسِك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك)) رواه أحمد والنسائي.

أيها المسلمون، هذه حال النبي في بكائه من خشية الله، أخذها الصحابة رضوان الله عليهم، فقد روى الحاكم والبزار بسند حسن عن زيد بن أرقم قال: كنا مع أبي بكر بعد وفاة النبي فاستسقى، فقدم له قدح من عسل مشوب بماء، فلما قربه إلى فيه بكى وبكى، حتى أبكى من حوله، فما استطاعوا أن يسألوه عن سبب بكائه، فسكتوا وما سكت، ثم رفع القدح إلى فيه مرة أخرى، فلما قربه من فيه بكى وبكى، حتى أبكى من حوله، ثم سكتوا فسكت بعد ذلك، وبدأ يمسح الدموع من عينيه ، فقالوا: ما أبكاك يا خليفة رسول الله؟! قال: كنت مع رسول الله في مكان ليس معنا فيه أحد وهو يقول: ((إليكِ عني، إليك عني))، فقلت: يا رسول الله، من تخاطب وليس ها هنا أحد؟! قال : ((هذه الدنيا تمثّلت لي فقلت لها: إليكِ عني، فقالت: إن نجوتَ مني فلن ينجو مني من بعدك))، فخشيت من هذا.

أيها الأحبة، قام محمد بن المنكدر ذات ليلة فبكى، ثم اجتمع عليه أهله ليستعلموا عن سبب بكائه، فاستعجم لسانه، فدعوا أبا حازم، فلما دخل أبو حازم هدأ محمد بن المنكدر بعض الشيء، فسأله عن سبب بكائه فقال: تلوت قول الله جل وعلا: وَبَدَا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47]، فبكى أبو حازم، وعاد محمد بن المنكدر إلى البكاء، فقالوا: أتينا بك لتخفّف عنه فزدته بكاء. وَبَدَا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ .

كم قرأنا هذه الآية ولم تحرك فينا القلوب، ولم تدمع لهولها العيون.

كان الربيع بن خثيم يبكي بكاء شديدا، فلما رأت أمه ما يلقاه ولدها من البكاء والسهر نادته فقالت: يا بنيّ، لعلك قتلتَ قتيلا؟! فقال: نعم يا والدتي، قتلت قتيلا، فقالت: ومن هذا القتيل يا بني، نتحمل إلى أهله فيُعفوك؟ والله، لو علموا ما تلقى من البكاء والسهر لقد رحموك، فقال الربيع: يا والدتي هي نفسي، يا والدتي هي نفسي.

عباد الله، هذا بكاء السلف، وهذه دموع البكائين تسيل.

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنه لا بد من القلق والبكاء، إما في زاوية التعبّد والطاعة، أو في هاوية الطرد والإبعاد، فإما أن تحرق قلبك بنار الدمع على التقصير والشوق إلى لقاء العليّ القدير، وإلا فاعلم أن نار جهنم أشد حرا، فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [التوبة:82].

فانظر ـ يا عبد الله ـ إلى البكائين الخاشعين تراهم على شواطئ أنهار الدموع نزولاً، فلو سرت عن هواك خطوات لاحت لك الخيام.

اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطب في مساجد رمضان Empty رد: خطب في مساجد رمضان

مُساهمة من طرف ريانية العود الإثنين أغسطس 15, 2011 2:55 pm

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن هذا الدين وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، ولا يفهم من الحث على البكاء والتباكي خشيةً لله، لا يفهم منه الدعوة إلى الكدر، ولا إلى الرهبنة، ولا إلى ما يقوله أحدهم: "ما ضحكت منذ أربعين سنة"، فرسول الله إمام الأمة وقائد الملة كان يضحك، ولكنه لا يستجمع ضاحكا، ولا يفرط في الضحك، فقد ثبت عنه من حديث أبي هريرة أنه قال: ((لا تكثروا الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب)) رواه ابن ماجه والبخاري في الأدب المفرد بسند جيد.

ولا يضحك ويقهقه ويرفس الأرض برجله ويستلقي على قفاه إلا الذي قسا قلبه وغفل عن الموت ونسي ما بعده.

وقد يغرق البعض في الضحك حتى إنه لا يلين قلبه ولا تبكي عينه، ولا يتأثر بشيء ولو وعظه لقمان أو تليت عليه آيات القرآن، يطرب لأصوات المظلومين وأنات المنكوبين، قد نزع الله من قلبه الرحمة، وجرده من الخوف والرجاء، جفت مآقيه عن الدموع، فاعتاض عنها شرارا يقذفه من عينيه، يضحك للمصيبة تنال أخاه، يقهقه سخرية من كل صاحب سنة، إذا مرّ بذي صلاح غمز، وإن ذكر عنده ذو علم لمز: إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا ٱنقَلَبُواْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُواْ إِنَّ هَـؤُلاَء لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَـٰفِظِينَ فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى ٱلأَرَائِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون [المطففين:29-36]. فهؤلاء ضحكوا هنا فبكوا هناك، وهؤلاء بكوا هنا وسيضحكون هناك، هَلْ جَزَاء ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ [الرحمن:60].

هذا وصلوا ـ رحمكم الله ـ على خير البرية وأفضل البشرية، فقد قال : ((من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا)).

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله، اللهم ووفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين.

اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك، ونعوذ بك اللهم من كل شر خزائنه بيدك، وأن تجعل كلَّ قضاء قضيته لنا خيرًا، اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا وذرياتنا وأموالنا، واجعلنا مباركين أينما كنا، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.


ريانية العود
إدارة
إدارة

عدد المساهمات : 17871
تاريخ التسجيل : 15/01/2011
الموقع الموقع : قلب قطر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى