رجال صنعوا التاريخ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد :
هذه بعض الشهادات قيلت في حق الشيخ العربي بن بلقلسم التبسي – رحمه الله - تبين بعض الجوانب المشرقة من حياته وتصف لنا مزايا وملامح شخصيته الفذة .
يقول صاحب رائعة " جزائرنا يا بلاد الجدود " الأديب الشاعر وملك البيان الباهر الشيخ محمد الشبوكي – رحمه الله – الذي كان عضوا في جمعية العلماء المسلمين و تلميذا للشيخ التبسي.:" إذا خطب العلامة العربي التبسي كان كالجواد المطهرم لا يشق له غبار فكلامه نور ونار محب لشعر المنبي حافظ لديوانه يستشهد من حكمه في يسر كأنه يغرف من بحر. درسنا الأصول للقرافي وهو كتاب صعب لا يرقى إلى تدريسه إلا من أوتي مقدرة علمية عالية ونزاعة فكرية ضالعة .يصول ويجول في كتاب " الأغاني " لأبي الفرج الأصفهاني وهو كتاب فريد ثري بشعر القدامى التليد كان إذا تكلم أنصت إليه الإبراهيمي العارف بالبيان والذي لا يمسك له فيه عنان وكان إبن باديس يشهد له بسعة العلم والتفقه في الدين والتشبع في الأصول ..."
يواصل الشيخ الشبوكي وهو يبدي بليغ التأثر :"...حضرت له محاضرة كان قد ألقاها بمركز جمعية العلماء بالعاصمة شارك بومباي عدد 12 فكان قد أبلى البلاء الحسن جعل المقاعد تغلي كالمرجل وجه وأرشد ووعظ وأعلى و اخفض ومد و أقصر ولما قطع الكلام وأنهى المحاضرات بالإفحام وكان الجميع يريد المزيد كيف لا و آراؤه تزخر بالجديد... و تعب الشيخ العربي التبسي لأنه كان يعاني من مرض مزمن في دمه فتصبب وجهه عرقا.فعرض على الطبيب بعد ذلك وكان الحضور يرتقب حضوره مساءا ليبلي في ذلك بلاء غير أن المقادير منعته بالحجة والتبرير وخطب الإبراهيمي قائلا فلنكن جميعا العربي التبسي وليكن العربي التبسي هو الشعب واضحا من جديد... "
قطب الشيخ الشبوكي وجهه ثم استرسل قائلا " قال الإمام الشيخ ذات مرة يجب أن نضغن على فرنسا ونكره فرنسا ما دمنا أحيان وإذا متنا فلنحمل كراهية فرنسا إلى قبورنا" .ليتحدث الشيخ الشبوكي عن تعذيب فرنسا للشيخ العربي التبسي خاصة حين لفقت له تهم زائفة و اراويج باطلة .كيف كان لها الإمام متصديا ولعذاب الزبانية متحديا.
تلك شهادات أوردها تلميذه ومحبه عايشها و ادرك معانيها وفهم فحواها وهي قطرة من فيض و الفيض غيض لكن البدا يقضي بالتوقف الذي يفتحه البداية وهي بداية الإجماع على حب الوطن مثل ما أحبه الشيخ العربي وتيم بوجوده
و إذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان
وقد قال سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين :" وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين " سورة سبأ الآية 39

قال فيه الشيخ حفناوى زاغر متحدثا عن ملامح شخصيته :" كان رحمه الله متكامل البنية متناسق الأعضاء مهيب الطلعة قوي الشخصية فولاذي الملامح يتسم بالجدية والصدق في القول والعمل .كان يتميز بعينين آسرتين و ابتسامة تشيع الطمأنينة في النفس .كان يمثل ظاهرة فريدة حتى إني كنت أتخليه لشدة ورعه وزهده في الحياة و التزامه ببساطة العيد والتواضع في المعشر و الإبتعاد عن الشبهات والصغائر إنه أحد أقطاب السلف الصالح جاءت في زيارة عجلى لهذا العصر لكي تثبت به الإنسانية قدرتها على صياغة الإنسان المتكامل المتوازن في زمن الندرة والعقم ليكون القدوة والمثل والنموذج خلال فترة محددة ثم يختفي فجأة لتبقى اللوعة والذكرى.. "
قال الشاعر محمد الأخضر السائحي الجزائري

وطار لأجواء البيـــان *** هناك التبسي بالبلاغة يسحـر
يصور للنشء الجديد قديمـــه *** ومن كالتبسي للقديم يصـــــور
يحقق ما ياتي عن الأصل غامظا ***وينطق عنه صادقا يـــزور
أورد محمد على دبوز في كتابه أعلام الجزائر يصف الشيخ العربي التبسي وهو يلقي دروسه وعظاته فيقول :" ....ثم يتسرب إلى الأمراض الإجتماعية فيشرحها ويبين أسبابها وعواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة وينقض في دروسه على بدع الطرقيين الضالين وإفسادها للعقيدة الإسلامية وسلبها لعقول الناس فيظهر بطلانها وفسادها ويري للناس أولئك المتصوفين الدجالين على حقيقتهم .
يشرح الشيخ في درسه الموبقات التي يرتكبها المسلمون و يغمسهم فيها الإستعمار . فيحدثهم عن الجهل والأنانية والعصبية و احتقار اللغة العربية وعلومها وهو ما يغرسه الإستعمار بكل وسائله في أبناء المدارس على وجه الخصوص ... هكذا الشيخ العربي التبسي يثير العزة في النفوس ويحرك فيها نخوة الإيمان وحب الإنتماء لهذا الوطن ولهذه الأمة فتتململ أرواحهم فيحسون بثقل الإستعمار
ولهذه الدعوة ومنهجها لاقى الشيخ العربي التبسي من الطريقيين و الإستعمار ما لاقى وأوذي شر الأذى ولكنه صبر و احتسب ولم ينثن له عزم حتى نال الشهادة في سبيل الله بإذنه ."



رجال صدقوا ماعهدو الله عليه

ما شاء الله .....
بوركت ام لفداء

وفيك بارك الله


نورت